الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام

الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام

الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام هي مسألة شائكة اجتهد فيها العلماء للبت في شأنها، حيث تعددت الآراء والفتاوى بين محلل ومحرِم، فالموت بيد الله لكن تدخل الأطباء في الأمر والتعامل مع الحالات بشكل إنساني أكثر منه بالشكل الديني جعل الأمر مغاير، لذا يُبين موقع سوبر بابا الفرق بين الموت الإكلينيكي والدماغي.

الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام

الموت في الإسلام هو عودة الروح لفاطرها وخالقها.. هو فناء الجسد وبقاء الروح، يبت في أمر الحياة والموت حين يرى الإنسان جسده بلا حراك توقف قلبه ونفسه ولفظ الشهادتين موحدًا بالله أيًا كانت طريقة الوفاة.

أما في حالة الموت الدماغي فيلتبس الأمر بين مسألتين أهو قضاء الله وتعطل العقل وموته يعني وفاة الإنسان؟ أم أن العقل لا يُغني عن الروح؟ أتعد إزالة الأجهزة المنعشة موتًا رحيمًا يقره أهل المريض؟ أم هو فضله يجب التخلي عنها فور موت الدماغ؟ تلك هي مسألة الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام.

لكن أساس الدين هو المعرفة والفهم، فلقد أجاز الدين تصرف الأطباء في حالات وحرمها في حالات.. فالموت الإكلينيكي في الإسلامي يُعرف بالموت الدماغي، وهو أن يفقد الدماغ قدرته على القيام بالوظائف الحيوية بشكل طبيعي.

ذلك ما يؤدي إلى لجوء المريض لأجهزة الإنعاش، لذا جاء الإسلام بحكم الموت الإكلينيكي والدماغي، بشرط أن يكون في ثلاث حالات لا تنقصها واحدة.

  • توقف القلب والتنفس تمامًا بلا رجعة بتأكيد من ثلاثة أطباء.
  • تعطل جميع وظائف المخ تعطل نهائيًا بلا رجعة.
  • بدء تحلل المخ بسبب موته وتوقفه عن أداء نشاطه الطبيعي.

يجب التنويه أن بموت المخ والمخيخ يستطع أن يحيا الإنسان ولكن بصعوبة بالغة، فهو يخرج من إطار الإدراك والحس إلى اللا إدراك واختلال التوازن التام، ولكن إذا توقف جذع المخ تمام التوقف يصبح الإنسان ميتاً بالفعل فلا حركة قلب ولا سيلان دماء، فقط جثة هامدة تدير شؤونها بعض الأجهزة.

اقرأ أيضًا: كيفية دفن الميت في القبر

قول مجتمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم

أقر متبني هذا الرأي بعدم شرعية موت شخص ميت إكلينيكيًا، وحجتهم هي عدم توقف القلب عن النبض، فكل من كان في قلبه نبض يخفق به فهو حي مما لا يجيز وفاة الميت دماغيًا.

كما يستندون في رأيهم إلى حقيقة مفارقة الروح البدن في الإسلام، وهي أن تترك كل عضو من أعضاء الجسم هامدًا بلا حياة أو حراك، فيصبح الجسد فارغ تمامًا من الحياة وأثرها، أما توقف الدماغ دون القلب يسمي موتًا نباتيًا أو ما يعرف بالغيبوبة.

في جميع حالات وتشخيصات العقل بين موت نباتي وموت مُحقق تكن هناك مرحلة الإنعاش في محاولة لإنقاذ المريض، ولكن إن باءت المحاولات بالفشل يصبح للدين رأياً في رفع الأجهزة المنعشة عن المريض أم لا.

حكم الدين في رفع الأجهزة المنعشة

حتى وإن كان الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام بيّن ومُتعارف عليه من قِبل الكثير، إلا أن لعلماء الدين أقوال مُغايرة في رفع الأجهزة المُنعشة التي تبقيه على قيد الحياة بتلك الحالة.

  • الرأي الأول: جواز إزالة أجهزة الإنعاش عن المريض إذا ما تحسنت حالته وأصبح جسده قادرًا على القيام بالعمليات الحيوية كاملة دون مساعدة.
  • الرأي الثاني: جواز بقاء أجهزة الإنعاش إذا ما كانت حالة المريض مازالت بحاجة إلى أجهزة الإنعاش، وتبقى حتى عدم حاجته لها فيقع تحت حالة وجوب إزالتها.
  • الرأي الثالث: وجوب بقاء أجهزة الإنعاش في حالة المريض الميؤوس منها الذي لا يستطيع المقاومة أو العيش بدونها.
  • الرأي الرابع: (وهي حالة الميت دماغيًا) اتفق العلماء على أنه في حالة تعطل وظائف العقل نهائيًا بلا رجعة بحكم وتشخيص من الأطباء المتخصصين، بالتزامن مع عمل القلب والتنفس بطريقة آلية لا شائبة طبيعية فيها، فهي حالة جائزة لرفع أجهزة الإنعاش عن المريض.
  • الرأي الخامس: في حال تعطل جميع الأجهزة الحياتية للمريض وتوقف تنفسه فهي حالة موت مُحقق وترفع عنه أجهزة الإنعاش.

اقرأ أيضًا: أين دفن سيدنا يوسف ولماذا

الموت الإكلينيكي في ضوء القرآن الكريم

ذكر الله تعالى الكثير من القصص في القرآن للعبرة والعظة والتعلم، فلم يغادر القرآن الكريم صغيرة أو كبيرة إلا واشتمل عليها وأعدها للأمة الإسلامية، حتى بعض الأمور الشائكة التي بقت مُحيرة حقبة زمنية طويلة.

  • قال تعالى:” فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا“.
  • قوله تعالى:” وتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ”
  • قوله تعالى:” وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ”.

آيات الذكر الحكيم من سورة الكهف تبين جزء مهم وهو أن انقطاع الحس والإدراك لا يعني موت الإنسان، لكن ذلك يشير إلى موت المخ كما أكد كبار الأطباء، فالأصل في الموت ليس فقد الإدراك بل فقد كينونة الحياة الأصلية، وهي عمل وظائف الجسم كلها أو بعضها بعد الإصابة ببعض الضمور.

كما أوضحت الآية أن في تلك الحالة يستطيع الإنسان وجسده المقاومة لأمد بعيد وطويل؛ مما يجعل هذه الحالة تحت طائلة الحالات التي لا يجوز فيها رفع أجهزة الإنعاش؛ ويمكن أن يستمر ذلك حتى تحسن حالته أو قدرته على العيش بدونها حتى وإن كان في ذلك صعوبة.

الرأي السائد في مسألة الموت الإكلينيكي في الإسلام

اتفق علماء الفقه من المعاصرين والقدماء أن الموت الدماغي لا يشترط موت الإنسان، فالموت في الدين أصله مغادرة الروح الجسد وتوقف القلب عن عمله وبالتالي توقف سائر العمليات الحيوية في الجسم.

فإن قام بها الجسد جميعها بشكل آلي فهو ميت شرعًا وترفع أجهزة الإنعاش عنه، وإن توقفت وظيفة وبقي هناك إثر للروح والحياة فالإنسان حي يُرزق ولا يجوز رفع الإنعاش عنه.

اقرأ أيضًا: ثلاث علامات يرسلها الله قبل الموت

أعراض الموت الإكلينيكي في الإسلام

أثناء بيان الموت الإكلينيكي والدماغي في الإسلام ينبغي معرفة ماهية العلامات التي تظهر على المريض وتُشير إلى إمكانية رفع الأجهزة عنه أم لا.

  • عدم وجود أي ردة فعل تجاه الألم.
  • تثبط أي نشاط للدماغ خلال أشعة الرسم الكهربي.
  • توقف حركة العين مع حركة الرأس.
  • اختفاء ومضة العين.

للموت أوجه عدى لن ينجوا منها أحد؛ لذلك قبل التفكير في شرعية حالات الموت يجب العيش بصلاح نفس وبميزان مُثقل من الأعمال الصالحة.