التوبة
تُعرّف التوبة بأنها العودة عن الذنب وتركه، وتتطلب تحقيق شروط وأحكام معينة لضمان صدقها وكونها توبة نصوحاً. ومن أبرز تلك الشروط: الإخلاص في النية لله، والشعور بالندم على ما ارتكب من معاصٍ، والابتعاد الجاد عن تلك المعاصي. كما يتوجب على الشخص التحلّل من مظالم العباد عن طريق إعادة الحقوق إليهم. بالإضافة إلى ذلك، عليه أن يعاهد الله على عدم العودة لتلك المعصية، ويستبدلها بأعمال صالحة تقربه إلى الله وتنيل له رضاه وتؤهله لدخول جنته. في هذا المقال، سنستعرض آثار الذنوب والمعاصي.
آثار الذنوب والمعاصي
حرمان العلم الشرعي
يُعتبر اكتساب العلوم الشرعية من العبادات التي يُسهّل الله بها طريق العبد إلى الجنة، إذ يمنح الله العلم نوراً يُضيء قلب الطامح له. ولا يُطفئ هذا النور سوى المعصية. ومن الأمثلة على ذلك ما قاله الإمام الشافعي للإمام مالك، الذي بدت عليه علامات الذكاء والفطنة: “إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية”.
حرمان الرزق
أراد الله أن تكون التقوى والابتعاد عن المعاصي سبباً لجلب الرزق والبركة، سواء في الأموال أو الأبناء. فالرزق المقصود هنا هو ما يعين ويكفي، وليس ما يكثر ويشقي. فثمة عباد يمتلكون ثروات كبيرة ولكنها لا تُسعدهم، بينما يمر آخرون بحياة بسيطة مليئة بالسعادة، لا يخافون إلا من الله تعالى. وقد قال النبي “صلى الله عليه وسلم”: “إنَّ الرجل ليُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ الَّذي يُصيبُه” [صحيح ابن حبان].
تعسير أمور العبد وحوائجه
إن الله يُيسر أمور عباده الصالحين الذين يتجنبون نواهيه ويتبعون أوامره، كما قال تعالى: “ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً” [الطلاق:4]. في الجهة المقابلة، يُعسر الأمور على من يعصيه، مما يجعله يشعر بالثقل في أبسط جوانب حياته، ويدخله في دوامة من الهموم ويحرمه من السعادة والتوفيق.
المعاصي تنتج المزيد من المعاصي
تتوالى المعاصي على العبد، حيث تنتج كل معصية أخرى، حتى يصبح من الصعب عليه التخلص منها. عند توقف العاصي عن المعصية، يشعر بشيء من الضيق، ما لم يتب إلى الله بتوبة نصوح تعيده إلى الصواب وتطهر قلبه.
المعصية تؤدي إلى الذل
يُعزّز الله مكانة العبد الصالح في قلوب الناس، بينما يُحط من قدر العبد المُعَصٍي، مما يجعله ضعيفاً وذليلاً. أما العبد التقِي، فينال منزلة عالية في عيون العباد، حيث تُظهر لهم مودة واحترام. قال تعالى: “مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً” [فاطر:10].
الحرمان من دعوة رسول الله ودعوات الملائكة
أمر الله رسوله “صلى الله عليه وسلم” بأن يستغفر للمؤمنين في آيات عديدة من القرآن، حيث قال تعالى: “فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ۗ والله يعلم متقلبكم ومثواكم” [محمد: 19]. وقد جعل تارك المعصية مشمولاً بهذا الاستغفار، ولكن استمراره في المعصية يحرم من هذا الاستغفار ودعوات الملائكة.
الخوف والجزع
يبقى المُعَصِي في حالة من الخوف والجزع من اكتشاف معاصيه من قبل الآخرين، فتجد السارق يعيش في قلق دائم، وكذلك الزاني. بينما يتسم الأشخاص الصالحون بالاستقرار والأمان، خائفين من الله وحده عز وجل.