آثار الأنبياء
مقام إبراهيم
مقام إبراهيم -عليه السّلام- هو الحِجر المتواجد في المسجد الحرام، والذي يتوجه الأئمة للصلاة نحوه. يُعرف هذا الحِجر بأنه المكان الذي وقف عليه نبي الله إبراهيم -عليه السلام- أثناء بناء البيت، وسُمّي تيمناً باسمه. قال -تعالى-: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى). يُقال إنه كانت توجد آثار أصابع قدميه على الحجر، إلا أن هذه الآثار تلاشت نتيجة لمس الناس المتكرر له. وقد قام إبراهيم -عليه السلام- بالوقوف عليه عندما بدأ البناء يرتفع فوق طوله، وبقيت آثار قدميه حتى بداية الإسلام. كما يُروى أنه كان ملتصقاً بالكعبة حتى زمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي قام بابعاده قليلاً لتوفير مساحة أكبر للطائفين والمصلين. ومن الحكم المستفادة من اتخاذ مقام إبراهيم -عليه السّلام- مكاناً للصلاة ما يلي:
- تخفيف الحرج الذي شعر به الصحابة الكرام عند الصلاة خلف المقام، إذ أن الصلاة خلفه تعني وجود الحِجر بينهم وبين الكعبة، وهو ما كان يثير حرجهم. ولذلك، أشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للنبي -عليه الصلاة والسلام- باتخاذه مصلى، فأنزل الله قوله -تعالى-: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).
- الاقتداء بالسلف الصالح وتعزيز شعور الاحترام تجاه أعمالهم.
- الحفاظ على ذكر إبراهيم -عليه السلام-.
حِجر إسماعيل
حِجر إسماعيل هو الجزء الخارجي من جدار الكعبة، ويأخذ شكل نصف دائرة، ويُشار له أيضاً بالحَطيم. يُروى عن ابن إسحاق أن إبراهيم -عليه السلام- جعله بجانب البيت عريشاً من شجر الأراك، ودُعي بذلك لأنه كان مكاناً لقطيع غنم إسماعيل -عليه السلام-. يقع الحِجر في الجهة الشمالية من الكعبة، ويكون على يسار الطائفين حولها.
قبر النبي محمد
يقع قبر النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة المنورة، التي سُمّيت بهذا الاسم لوجود قبره فيها. يقع القبر في المسجد النبوي، تحديداً في وسط المدينة ضمن المقصورة الشريفة في الجهة الجنوبية الشرقية. تم في العصر الحديث إضافة سقف للمسجد، وتؤطره قبة من الرصاص.
المسجد الحرام
يعتبر المسجد الحرام أول المساجد التي وُضعت على الأرض، ويقع في مكة المكرمة. قال -تعالى-: (إِنَّ أَوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًَا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ). ووفقاً لما رواه ابن الجوزي، فقد كان المسجد في البداية صغيراً وغير محاط بجدار، وكانت المنازل تحيط به، وكان الناس يدخلون منه. في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قام بشراء بعض هذه المنازل وبناء جدار صغير حول المسجد. وفي زمن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، تم توسيع المسجد. ووفقاً للحنفية، يُعتبر المسجد الحرام أعظم المساجد حرمة، وهو من المساجد الثلاثة التي تُشد الرحال إليها، مما يدل على فضيلته ومميزاته.
وقد صرح النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن الصلاة في هذا المسجد تعادل مئة ألف صلاة، حيث قال: (صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه). تم بناء هذا المسجد على يد أنبياء الله إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام-، ويمثل قبلة المسلمين. كما بارك الله -تعالى- هذه البناية وجعلها هدىً للعالمين. وقد أشار السيوطي في مؤلفاته إلى أن أول من بناه كان آدم -عليه السلام-، وجعل طوله خمسةً وعشرين ذراعاً وعرضه عشرين.
المسجد الأقصى
يُعتبر المسجد الأقصى موجوداً في مدينة القدس، وقد بُني على سفح جبل، ويُسمى أيضاً بالبيت المقدس، أي المكان المطهر الذي يتطهر فيه من الذنوب. يُعد أحد المساجد التي تُشد الرحال إليها، ويضاعف الأجر في الصلاة فيه، وهو ثاني مسجد بُني على الأرض بعد المسجد الحرام، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبي -عليه الصلاة والسلام-. وقد ذُكر المسجد في القرآن الكريم بقوله -تعالى-: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ).
قيل إن الذي بنى المسجد الأقصى هو آدم -عليه السلام-، ثم قام إبراهيم -عليه السلام- بتجديده. وعُرف أيضاً أن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد مر بتجديده وترميمه. بقي المسجد تحت الاحتلال لسُنة قريبة من التسعين حتى استعاد صلاح الدين الأيوبي المسجد عام 583 هجريًا. قيل إن يعقوب -عليه السلام- هو من قام ببنائه، وهو أولى قبلتي المسلمين.
كما يُروى أن النبي إبراهيم -عليه السلام- هو الذي أنشأ المسجد الأقصى، وكان بين بناء المسجد الأقصى وبناء المسجد الحرام أربعون سنة. لذا يُعتبر المسجد الأقصى ثاني مسجد بُني في الإسلام. عن أبي ذر -رضي الله عنه- أنه قال: (قُلتُ يا رَسولَ اللهِ: أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلُ؟ فقالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ. قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى. قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً). تم إعادة بناء المسجد في عهد سليمان بن داود -عليهما السلام-، وفي ليلة الإسراء والمعراج كان المسجد مُتهدمًا، ولم يتبق منه إلا بعض المعالم والأطلال. ربط جبريل -عليه السلام- البراق في حلقة بابه، وعندما فتح المسلمون المسجد كانت الأطلال موجودة. وبدأ عمر -رضي الله عنه- بتنظيفه، ثم تم إعادة بنائه مجددًا في عهد الوليد بن عبد الملك.
المسجد النبوي
أسس النبي -عليه الصلاة والسلام- المسجد النبوي في المدينة المنورة بعد هجرته إليها، وجعله قائمًا على أسس التقوى. يعتبر المسجد النبوي ثاني الحرمين الشريفين، وهو من المساجد المميزة التي تُشد الرحال إليها، ويُضاعف فيه أجر الصلوات، ويحتوي أيضاً على قبر النبي -عليه الصلاة والسلام-.
جبل الطور
جبل الطور هو الجبل الذي كلّم الله -تعالى- عنده نبيه موسى -عليه السلام-، وقد ذُكر في عدد من آيات القرآن الكريم، مثل قوله -تعالى-: (آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا). يُطلق عليه أيضاً أسماء مثل طور سيناء وطور سينين. تم هذا التحدث الإلهي على جبل الطور في الجانب الأيمن منه، والذي يقع في وادي طُوى المُبارك بشبه جزيرة سيناء، ويُعرف هذا الوادي بأنه وادٍ مقدس. قال -تعالى-: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)، وهو الوادي الذي أوحى الله -تعالى- به إلى نبيّه موسى -عليه السلام-، حيث يُقال إنه وادٍ في الجبل، وقيل إنه جبل في الشام.
أثر قدم آدم عليه السلام
أشار المؤرخون إلى وجود أثر قدم آدم -عليه السلام- على جبل من جبال سرنديب الذي هبط عليه. يُعرف هذا الجبل باسم برد، ويُرى من البحر على مسافة ثلاثة أيام. وقد قيل إن طول قدمه يبلغ سبعة أذرع، وقيل أيضاً إن طوله يصل إلى سبعين ذراعاً، ويُحيط به العديد من أنواع الياقوت. كما يُعتقد أن سرنديب هي جزيرة عظيمة في بحر هركند في الهند، وتحتوي على الجبل الذي هبط عليه آدم -عليه السلام-. يقال إن هذه النقطة التي وُجدت فيها قدمه هي خطوة واحدة مغموسة في الحجر، ويُقال بأنه قام بالخطوة الثانية في البحر، حيث تقدر المسافة بين الخطوتين بيوم وليلة.