أثر التفاعلات الكيميائية على البيئة
تعتبر التفاعلات الكيميائية موضوعًا ذا جوانب متعددة، حيث تلعب دورًا حيويًا في حياتنا اليومية، بينما تحمل في نفس الوقت آثارًا سلبية على الإنسان والبيئة.
على سبيل المثال، يُعد غاز أول أكسيد الكربون من الغازات الضارة، حيث يسبب الصداع والإغماء وقد يؤدي إلى الوفاة، لكنه ضروري في صناعات معينة كوقود. بالمثل، فإن حرق الفحم وألياف السليلوز يتسبب في تلوث الهواء وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة.
فيما يلي أبرز الآثار الإيجابية والسلبية للتفاعلات الكيميائية على البيئة:
الأثر الإيجابي للتفاعلات الكيميائية على البيئة
تلعب التفاعلات الكيميائية دورًا هامًا في الحفاظ على الحياة وتحقيق التوازن البيئي على كوكب الأرض. بعض هذه التفاعلات تساهم في تكوين الماء والهواء والتربة الصالحة للزراعة، كما تعزز توليد الطاقة اللازمة. وفيما يأتي بعض الأمثلة على الآثار الإيجابية لهذه التفاعلات:
- تنتج بعض التفاعلات الكيميائية مواد غير ضارة بل تفيد البيئة مثل المبيدات الحشرية والأسمدة التي تحافظ على توازن النظام الغذائي.
- يمكن التخفيف من الأضرار الناتجة عن التفاعلات الكيميائية الضارة بفضل تفاعلات أخرى تعكس التأثير السلبي على الكائنات الحية.
- تُستخدم التفاعلات الكيميائية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري.
- تساهم في تقليل الانبعاثات الناتجة عن مكبات النفايات.
قد يتساءل البعض عن الفوائد العامة الأخرى للتفاعلات الكيميائية، وإليكم بعضًا منها:
- توفير الطاقة الكهربائية والحرارية المستخدمة في بعض المصنع.
- الحصول على المزيد من المواد النافعة من المواد التي تقل الاستفادة منها.
- تحضير العديد من المركبات التي تُستخدم في الصناعات المختلفة مثل الأدوية، والأسمدة، وصناعة الوقود، والصناعات الغذائية، وتصنيع بطاريات السيارات.
تعريف الكيمياء الخضراء
تشير الكيمياء الخضراء (بالإنجليزية: Green Chemistry) إلى تصميم المنتجات والعمليات الكيميائية بطرق تقلل أو تلغي استخدام أو توليد المواد الضارة. يتم تطبيق هذه الفلسفة عبر دورة حياة المنتج الكيميائي بالكامل، بدءًا من تصميمه وتصنيعه، وصولًا إلى استخدامه والتخلص منه.
تُعرف الكيمياء الخضراء أيضًا بالكيمياء المستدامة، ويمتاز هذا المجال بتركيزه على تقليل التلوث على مستوى الجزيئات وليس فقط التخلص من نواتج التفاعلات الضارة.
وفيما يلي بعض النقاط لتوضيح الكيمياء الخضراء:
- تعمل على منع التلوث على المستوى الجزيئي.
- يمكن تطبيق هذه الفلسفة في جميع مجالات الكيمياء، وليس فرع واحد فقط.
- تقدم حلول علمية مبتكرة لمشكلات بيئية يعاني منها العالم.
- تساهم في تقليل مصادر التلوث وإنهاء توليدها.
- تحرص على تقليل الآثار السلبية للمنتجات والعمليات الكيميائية على صحة الإنسان والبيئة.
- تعمل في بعض الأحيان على القضاء على المخاطر المرتبطة بالمنتجات والعمليات الكيميائية الحالية.
- تصمم المنتجات والعمليات الكيميائية لتقليل مخاطرها الجوهرية.
الأثر السلبي للتفاعلات الكيميائية على البيئة
تعرض البشر والحيوانات لمخاطر التفاعلات الكيميائية وتبعاتها السلبية على البيئة، حيث تشمل هذه المخاطر المنتجات الطبيعية في الأطعمة، والدخان الناتج عن الحرائق، ومياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى المبيدات الحشرية المستخدمة على النباتات.
لقد أدى الازدياد الكبير في عمليات التصنيع على مدى القرون الثلاثة الماضية إلى تغيرات كبيرة في نوعية وكمية التعرض للمواد الكيميائية الطبيعية والاصطناعية على حد سواء.
توجد العديد من النتائج السلبية للتفاعلات الكيميائية مثل: دخان السجائر والغازات الضارة المنبعثة منها، وإنتاج الكحول، والرصاص، ونواتج الأوزون على المدى البعيد، كما تشمل أيضًا أبخرة البنزين، وسوائل التنظيف، والمبيدات الحشرية، والمعادن الثقيلة.
حوادث كبرى ناجمة عن التفاعلات الكيميائية
عندما ننظر إلى المواد والعمليات التي قد تكون خطرة في مجال الكيمياء، نجد أن معظم المنتجين يفتخرون بسجلاتهم في مجال الصحة والسلامة، إلا أن الأخطاء أحيانًا تؤدي إلى كوارث شديدة.
بالإضافة إلى الأثر الفوري لحوادث كبيرة ناتجة عن تفاعلات كيميائية، مثل فقد الأرواح، وتهديد البيئة، وتدمير المنشآت، فإن الضرر الذي يلحق بسمعة الصناعة يبقى ماثلًا ولا يُنسى، مما يؤدي غالبًا إلى إدخال تشريعات أكثر صرامة في مجالات الصحة والسلامة والبيئة.
إليكم بعض من أسوأ حوادث الكوارث النادرة في القطاع الكيميائي:
انفجار أوباو (OPPAU)
في 21 سبتمبر 1921، قرر العمال في موقع (Oppau) التابع لشركة (BASF) في ألمانيا، استخدام الديناميت لتحرير 4500 طن من نترات الأمونيوم وكبريتات الأمونيوم التي كانت قد تصلبت. ومع ذلك، أدى استخدام هذه الطريقة المحفوفة بالمخاطر إلى انفجار مروع أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص وتدمير حوالي 80% من المنازل في المنطقة.
انفجار مصنع تولوز
شهدت فرنسا في 21 سبتمبر 2001 انفجار مصنع لارتي وفينا (Grande Paroisse) نتيجة انفجار حوالي 300 طن من نترات الأمونيوم، مما أسفر عن تدمير المباني على بُعد 3 كيلومترات، ومقتل 30 شخصًا وإصابة حوالي 10,000 آخرين.
استراتيجيات التقليل من التأثير السلبي للتفاعلات الكيميائية على البيئة
يؤثر التلوث الكيميائي سلبًا على الإنسان والحيوان والبيئة، ويمكن تقليل هذا الضرر من خلال اتخاذ خطوات فعالة من قِبل الأفراد والحكومات، مثل التقليل من الأمطار الحمضية واستنفاد طبقة الأوزون.
يحتاج منع التلوث الكيميائي إلى تثقيف عام وتعديل في أسلوب التفكير والإجراءات المتبعة، وهنا بعض الطرق لتقليل التأثير السلبي للتفاعلات الكيميائية:
استراتيجيات على مستوى الأفراد
- استخدام المنتجات التي تم إنتاجها بطرق تقلل من النفايات والمواد الضارة.
- شراء المنتجات المعاد تدويرها.
- اختيار المنتجات ذات العمر الطويل والتي تقلل من عمليات التعبئة والتغليف.
- شراء المواد الكيميائية وفق الحاجة فقط.
- استخدام المواد الكيميائية في المنازل قبل انتهاء صلاحيتها.
- التخلص أو التبرع بالمواد الكيميائية غير المطلوبة لمن يستطيع استخدامها.
- إعادة تدوير زيوت السيارات والسوائل الأخرى بدلاً من التخلص منها في المجاري.
- تقليل الاعتماد على السيارات واستخدام وسائل النقل العام أو الدراجات.
- تحسين العزل في المنازل لتقليل استهلاك الطاقة.
- ضمان صيانة خزانات الصرف والتأكد من عدم تسربها.
- استخدام المخلفات العضوية كسماد بدلاً من المواد الكيميائية.
- تجربة المبيدات الطبيعية لمكافحة الآفات في الحديقة.
استراتيجيات على مستوى الحكومات
تسعى الحكومات عالميًا إلى حل مشكلة التلوث البيئي، ويشمل ذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة الخاصة بالأمم المتحدة. وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن للحكومات اعتمادها:
- إدخال قوانين وإجراءات أكثر صرامة لمكافحة التلوث.
- وضع خطط معيارية لتنظيم استهلاك الأراضي.
- تطبيق التكنولوجيا الحديثة لحماية البيئة.
- تثقيف المجتمع حول أهمية حماية البيئة.
- الانضمام إلى المعاهدات الدولية المعنية بالبيئة وتغير المناخ.
إن التفاعلات الكيميائية تحمل جوانب إيجابية وسلبية في حياتنا وتؤثر بشكل مباشر على الإنسان والبيئة. ولذلك، من الضروري وضع ضوابط مناسبة لحماية البيئة من مخاطر هذه التفاعلات.
من المهم أن يتعاون الأفراد والحكومات على حد سواء للتقليل من الأضرار الناتجة عن التفاعلات الكيميائية والحرص على فرض قوانين تضمن سلامة البيئة وصحة الإنسان.