تاريخ النفط في السعودية

تاريخ النفط في السعودية

إن تاريخ النفط في السعودية قد أخذ منحنى تحولي في الاقتصاد، حيث كانت المملكة في سابق عهدها تعتمد على الزراعة وقليل من الصناعات، وكان موردها الاقتصادي الأول نابع من الحج والعمرة، إلا أنها فيما بعد أصبحت من أهم الدول القائمة على النفط في المقام الأول، الأمر الذي جعل اقتصادها يشهد رواجًا، وعبر سوبر بابا يسعنا الاستفاضة في الحديث عن النفط في السعودي.

تاريخ النفط في السعودية

كانت بداية الاعتماد على مورد النفط في السعودية منذ أن بدأ الملك عبد العزيز التفكير في كيفية تطوير ربوع المملكة، فلا يُعول على تربية المواشي والتجارة البسيطة في المُضي قدمًا في التطوير والإنجاز، لذا عمل على منح امتياز للتنقيب عن البترول في أراضي المملكة، وكان مصدرًا للنقابة الشرقية العامة 1923.

من الجدير بالذكر أن ذلك الامتياز كان قبل توحيد البلاد، كما أنه انتهى من عمله في عام 1928 دون العمل على إجراء أي تنقيب، لذا لم يصل إلى هدفه المنشود.. إلا أن تاريخ النفط في السعودية كان حافلًا بالكثير من الإنجازات لتستمر في التطور المحقق وحتى وقتنا الحالي فقد أدت السعودية دورًا محوريًا لا يُستهان به، لتصبح أكبر مصدر عالمي للنفط، كما أنه في عام 2020 شهد أعلى مستوى من الإنتاج اليومي للبترول في السعودية حيث وصل إلى 11.6 مليون برميل.. ومن هنا لجأ نوافيكم بذكر تاريخها النفطي المجيد في الفقرات القادمة.

اقرأ أيضًا: كم إنتاج الإمارات من النفط

استكشاف النفط في السعودية

قد اتجه الملك عبد العزيز إلى أكبر قوى عظمى في ذلك التوقيت، لمساعدته على اكتشاف الموارد، ومن هنا لم يجد إلا بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن الجدير بالذكر أنه في ذلك التوقيت كان العالم في حروب ومنازعات، وكانت الموارد الطبيعية تمثل عاملًا هامًا في استثارة طمع الدول الكبرى وتسليط اهتمامها على دول العالم النامي.. وفيما يلي نذكر تاريخ النفط في السعودي من حيث بدء استكشافه:

أولًا: التعامل البريطاني السعودي

نجم عن إدراك الملك عبد العزيز بأن بلاده غنية بالموارد ولكن يحتاج إلى الدعم المالي، أنه طلب من حكومة بريطانيا مبلغًا يصل إلى خمسمائة ألف إسترليني، وهو ليس بالقليل في تلك الحقبة، حتى يتسنى له تمويل العمليات الاستكشافية لمكامن النفط في أراضي المملكة سعيًا في تنميتها الاقتصادية.

بناءً على الموارد في الأحساء والحجاز كان التفضيل في التعامل في بادئ الأمر مع البريطانيين، من خلال تلقي مساعدات من شركات النفط البريطانية، إلا أن السير البريطاني رفض ذلك الاقتراح على اعتبار أنه غير مستعد لأي مغامرة مالية، حتى لا تُهدر أموالًا في دولة غير مضمونة بالنسبة لها.

ثانيًا: التعامل السعودي الأمريكي

كان العالم على مشارف الحرب العالمية الثانية، وقد أضحت الولايات المتحدة الأمريكية قوة لا يستهان بها، فقد فاجئت العالم بقدراتها الهائلة رغم تخفيها في بادئ الأمر وعدم ظهورها على الساحة، ويُمكننا هنا أن نذكر أن تاريخ النفط في السعودية بدأ منذ تلك الحقبة حيث تم استكشافه بالفعل.

فعلى الرغم من أن المحاولة مع الدولة البريطانية باءت بالفشل إلا أن الحليف الأمريكي لم يخلف ظن الملك عبد العزيز، وقد وقع في 29 مايو 1933 اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول في أراضي المملكة، وكانت تلك الاتفاقية بينه وبين شركة ستاتدرد أويل أوف كاليفورنيا، كذلك في نوفمبر في العام ذاته تم إنشاء شركة تابعة، وهي كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل، على أن يقع على عاتقها إدارة الامتياز، وتتابعت عمليات المسح والتنقيب بإعداد خارطة هيكلية محكمة.

أول حقل نفطي في السعودية

في تاريخ النفط في السعودية لا نغفل عن أول حقل نفطي وهو ما كان في الدمام، تحديدًا في الظهران عند قبة الدمام في تاريخ  1935 م، وهنا قد اعتمد علماء الجيولوجيا الأمريكان على البدور لإرشادهم الطريق، وعندما تم حفر البئر لم يأتِ بالنتائج المتوقعة إلا أنه كان خطوة إنجاز لا يُستهان بها بأي حال.

فعلى الرغم من أن الدلائل حينئذ كانت تدل على أن هناك بترول، إلا أن الحفر لم يكن مثمرًا بعد، وبعد سنوات، تحديدًا في 1938 في 4 مارس، بدأ بئر البترول أن يُلقي ثماره، حيث تم إنتاج ما يقرب من 10585 برميل في اليوم، وكان على عمق 1.5 كيلومتر على وجه التقريب.

لكن ما زاد من صعوبة الأمر أنه كان وقت الحرب، جنبًا إلى جنب مع محدودية القوى العاملة على أعمال التنقيب، كما أن المعدات كانت تُستهلك في الحرب، وكانت النتيجة أن أعمال رسم الخرائط في الحقل توقفت في عام 1942، إلا أنه تمت الاستعانة بالإبل لتزويد مخيم الجوف بالإمدادات اللازمة.

ثم في تاريخ 1944 31 يناير تم تغيير اسم “كاسوك” وهو ما كان يُطلق على الشركة السعودية الأمريكية المعنية بالبترول، وأصبحت اختصارًا لشركة “أرامكو السعودية”، ومن هنا كانت بداية تلك الشركة العملاقة، التي تمثل تاريخ النفط في السعودية.

أطول خط أنابيب في العالم

في عام 1950 م تم الانتهاء من خط الأنابيب المار عبر البلاد العربية وهو “التابلاين” والذي امتد على طول 1.212 كيلومتر، ليكون بذلك أطول خطوط الأنابيب في العالم، والذي كان يعمل على ربط البحر الأبيض المتوسط بشرق السعودية، وكان له دور لا يُستهان به في اختصار الوقت والمجهود والتكاليف المستهلكة في تصدير النفط من السعودية إلى بلدان أوروبا، ومن هنا اعتمد رواج التجارة عليه في المقام الأول.. على أنه ظل في عمله حتى عام 1983 م.

اقرأ أيضًا: في أي عام تم تصدير أول شحنة بترول من السعودية

دور الحكومة السعودية في حركة النفط

لا ننسى أهمية المبادرات الحكومية في تاريخ النفط في السعودية، حيث كان التنظيم المتبع جزء لا يتجزأ من حركة التطور، فعلاوة على تأسيس شركة أرامكو التي أصبحت فيما بعد أكبر شركة إنتاج بترول في العالم قد تم إنشاء وزارة للبترول، هذا بالإضافة إلى منظمة أوبك بالتعاون الخليجي مع بعض الدول الأخرى.. وعلينا الاستفاضة في ذكر كلًا منها على حدا فيما يلي:

أولًا: أرامكو السعودية تتبوأ مركز الصدارة

ذكرنا آنفًا أن ذلك المُسمى أطلق على الشركة العربية الأمريكية التي كانت نقطة البداية في الانطلاقة في حركة التنقيب واستكشاف البترول في ربوع المملكة، وفي عام 1952 تم نقل مقر الشركة من نيويورك إلى مدينة الظهران السعودية، وبعد ما يقرب من 80 عام على نشأتها أصبحت تحتل مركز الصدارة في الصناعات البترولية.

كان ذلك وفقًا للدلائل والإحصائيات، حيث تجاوز إنتاج البترول ما يصل إلى 10 مليون برميل يوميًا، كما أن الاحتياطي التقليدي قد وصل بدوره إلى 260 مليون برميل، ونذكر أنه تم اكتشاف المزيد من حقول البترول والغاز في المملكة.

كما أمر الملك عبد العزيز آل سعود بتغيير اسم بئر الدمام وهو أول حقل نفطي، إلى بئر الخير، نظرًا لأنه بداية الخير الذي عم على المملكة، وكان سببًا في تطورها المحقق من الناحية الاقتصادية.. علاوة على أنه تم إنشاء حقل الغوار وهو بدوره أكبر حقل بترول في العالم.

ففي عام 1961 قامت أرامكو بمعالجة غاز البترول المسال للمرة الأولى في معامل تكرير البترول برأس تنورة، كما أن هناك إنجاز آخر شهده عام 1966 وهو ما يخص رسو الناقلات النفطية في الجزيرة الاصطناعية التي تعمل على تحميل البترول الخام عبر الخليج.

نذكر هنا أن الحصة السعودية في أرامكو الأمريكية ارتفعت لتصل إلى 60% في وقت حرب أكتوبر 1973، لأن الولايات المتحدة في ذلك الوقت كانت مهتمة بدعم إسرائيل، بيد أن تلك الحصة وصلت إلى 100% في عام 1980 وهو ما يمثل السيطرة الكاملة من السعودية على أرامكو الأمريكية.. وهناك إنجازات أخرى كللت هذا النجاح نذكرها تباعًا فيما يلي:

  • 1981: أنشأت خط أنابيب يربط بين الشرق والغرب، ينقل الزيت الخام والغاز الطبيعي، ويصل إلى ساحل البحر الأحمر.
  • 1982: افتتح مركز التنقيب وهندسة البترول في الظهران.
  • 1984: امتلكت أرامكو السعودية أربع ناقلات عملاقة.
  • 1987: تم توسيع خط أنابيب الزيت الخام، لتصل طاقته إلى 3.2 مليون برميل يوميًا.
  • 1988: عُدل اسم “أرامكو الأمريكية” إلى “شركة الزيت الأمريكية العربية السعودية” أو ما يُطلق عليها أرامكو السعودية اختصارًا، مما استتبع أن تكون الإدارة والسيطرة تابعة للحكومة السعودية.
  • 1989: أول اكتشاف للنفط والغاز حارج الأعمال الأصلية للشركة، في جنوب الرياض.
  • 1991: كافحت أرامكو مشكلة انسكاب الزيت الخام في مياه الخليج العربي.
  • 1992: وصلت طاقة خط أنابيب شرق غرب إلى 5 مليون برميل بشكل يومي.
  • 1993: دمج شركة أرامكو السعودية مع شركة سمارك الوطنية لتكرير البترول.

ثانيًا: وزارة البترول السعودية

في بادئ الأمر كانت الشؤون الخاصة بالمعادن والبترول تتبع وزارة المالية، حتى قام الملك عبد العزيز آل سعود بإصدار مرسوم ليفصل تلك الشؤون عن مهام وزارة المالية، ويحولها تحت إدارة وزارة خاصة بها، وهي وزارة البترول، وكان ذلك في عام 1960 م.

كما أنها عنيت منذ نشأتها بتطوير صناعة البترول في المملكة، حتى تعم الفائدة من تلك الصناعة المميزة على الاقتصاد الوطني السعودي، علاوة على أن القائمين على إدارتها سعوا إلى تحسين العلاقات مع المستهلكين والمنتجين في كافة دول العامل، تنميةً للاقتصاد.

اقرأ أيضًا: متى ينتهي مخزون النفط في العالم

ثالثًا: منظمة أوبك

في تاريخ النفط في السعودية نذكر أنها كانت واحدة من ضمن خمس دول مؤسسة لمنظمة أوبك المعنية بتصدير البترول وتم تأسيسها في 1960، حيث تعمل على توحيد السياسات البترولية بين الدول الأعضاء، من أجل إدرار عائد ربحي مميز، لكل منتج أو مستثمر، شريطة أن تكون بأسعار عادلة.

في عام 1967 قدمت السعودية اقتراحًا مفاده إنشاء منظمة أخرى، وهي “أوباك” لتجمع بين الدول العربية المصدرة للبترول، وكانت في بادئ الأمر تجمع بين (السعودية، ليبيا، الكويت)، وقد قاموا بالتوقيع على اتفاقية الإنشاء في بيروت 1968، لتكون الكويت مقرًا رئيسيًا، وفي إطار تطوير الصناعات البترولية والوصول إلى أوجّها، زاد أعضاء المنظمة ليصل إلى 10 دول عربية في عام 1973م.

شهدت الإيرادات السعودية قفزات من بيع النفط وتصديره إلى مختلف دول العالم، والذي أدر عليها بمبالغ طائلة، ليجعل اقتصادها في رواج مستمر.