تجربتي مع العصب الوركي تُذكرني ببعض المشاهد المريرة التي لا أرغب في أن تعود مرة أخرى، فإن تلك المشكلة الصحية كانت مؤرقة بشكل كبير، وبالفعل ألمها لا يمكن أن يضاهيه أي ألم مشكلة أخرى مررت بها في حياتي، فالدموع والصراخ كانا رفيقيّ إلى أن وجدت العلاج المناسب، وفيما يلي أشارككم تلك التجربة عبر موقعنا سوبر بابا علّها تفيدكم.
عطسة تسببت في الالتهاب
أثناء قيامي بترتيب المنزل في يوم من الأيام المشمسة بإجازة المدرسة، كان الجو الجميل ولم أكن أدري أنني من بعدها سوف ترتبط ذكرى ذلك اليوم لديّ بالألم، فقد عشت أكثر من شهرين في ألم متواصل لا ينضب أو يهدأ، بالفعل كانت تجربتي مع التهاب العصب الوركي مؤرقة وصعبة.
منذ تلك العطسة التي راودتني أثناء قيامي بترتيب المنزل قد شعرت كأن شيء ما ينفك في المنطقة التي تقع ما بين فخذي وظهري، وكأي طفلة لا زالت في المرحلة الإعدادية قد ذهبت إلى والدتي على الفور لأخبرها أن ذلك ما شعرت به، ولكنها قد أخبرتني أنني قد أكون “جُزعت” ولا داعٍ للقلق.
إلى أن جاء اليوم التالي وقد شعرت بألم لا تقوى الحروف على وصف مدى شدته، والذي أثر على حركتي أثناء المشي داخل شقتنا في المنزل، وأعطاني أبي ـ رحمه الله ـ دواء مسكن لكي أقوى على الحراك ويزول من تلقاء نفسه ولكن خُيّب أملنا..
فإن الحرقة والتنميل الذي كنت أشعر به في ساقي كان مثير للقلق، فقد كان يمتد من بداية فخذي إلى أصابع القدم، مع عدم قدرتي على ثني الأصابع أو القدم ذاتها للأعلى، وحتى التمارين الرياضية لم أكن قادرة على أداء ذلك الذي يستدعي رفع القدم بنسبة عن الجسد للأمام.
اقرأ أيضًا: التهاب أعصاب القدم اليسرى
التهاب العصب الوركي “عرق النسا”
أكثر من طبيب قمت بزيارته من تلك اللحظة لأجد واحد منهم يقول لأبويّ أن لديّ ما يسمى بالانزلاق الغضروفي، وأن علاجه لا يكون سوى بتناول الأدوية المسكنة للآلام وعملية جراحية ولكن الأمر كان واضح أنه ليس كذلك، فوالدتي لديها تجربة مع الإصابة بمشكلة الغضروف ولم تعاني من تلك الأعراض بالضبط التي أشعر بها.
أثناء تناولي للعقاقير الطبية المعالجة لالتهاب الغضروف والأعصاب تلك كان الألم يزداد سوءًا، إلى أن وصلت ذات يوم أنني لا أقوى على الحراك بالأساس، ولا أن أطأ بقدماي على الأرض.. وهنا كانت بداية الخوف والاضطراب في المنزل.
أصبح الأمر غاية في الصعوبة حينما يحاول أي من أخواتي أو والداي أن يمسكا بيدي لكي أبدأ في الحركة ولا أستطع القيام بذلك دون أن أصرخ صرخة مدوية تسمع الجيران، لأن الألم كان يمسك من آخر جانب ظهري الأيمن إلى قدمي اليمنى بأكملها.
من هنا بدأت رحلتي في تشخيص حالتي وقد ذهبت إلى عدة أطباء لكي يخبرونني أن لديّ ما يسمى بعرق النسا، وكانت الكلمة غريبة على مسمعي ولكن أبواي قد تفهما الأمر وبدأت رحلة تجربتي معه.
تشخيص عرق النسا
في تجربتي مع العصب الوركي قد خضعت إلى إجراء أشعة للظهر على فقراته، وغيره من التشخيص السريري من خلال جعلي أقف على أطراف أصابعي وهو ما لم أكن قادرة عليه بالمرة، أو أن يقوم الطبيب بثني قدمي إلى ركبتي ليعلم موضع الألم، وغيرها من الحركات الأخرى التي تساعد في التشخيص البدني.
أوضح الطبيب أن العطاس الذي ظننته هو العامل في إصابتي بتلك المشكلة هو المساعد في الكشف عنها لا السبب الرئيسي، فالسعال أو العطس وغيره من الأمور التي تساعد في ظهور الألم فجأة أو تدريجيًا.
أسباب ألم العصب الوركي
أوضح الطبيب أن الأسباب العلمية التي قد تتسبب في ظهور العصب الوركي هو أن هناك انضغاط حادث على أحد أو كل الأعصاب الشوكية السفلى، وهو ما قد يكون ناتج عن العوامل التالية:
- حدوث انفتاق أو انزلاق القرص: وهو انزلاق يحدث على جذر العصب ويكون أكثر الأسباب شيوعًا.
- الانزلاق الفقاري: وهو في حالة خروج إحدى الفقرات عن نسق الفقرة التي تتواجد فوقها، فتضيق الفتحة التي يخرج منها العصب.
- متلازمة العضلة الكمثرية: عبارة عن عضلة صغيرة مقرها داخل الردفين، ويضغط انقباضها أو تشنجها على العصب الوركي.
- التضيق الشوكي: واحد من العوامل التي تُحدث ضغط على العصب نتيجة تضيق القناة الشوكية.
اقرأ أيضًا: أسباب آلام المفاصل عند الاستيقاظ من النوم
مضاعفات إصابتي بالعصب الوركي
اليوم الذي حان فيه خضوعي لإجراء اختبارات المرحلة الثانوية وأنا لا زلت في بداية كورس العلاج من مشكلة العصب الوركي لا يزال محفور في ذاكرتي حتى الآن، وذلك لأنني ذهبت إلى المدرسة بواسطة عربة ومحمولة على كرسيّ لعدم قدرتي على المشي أو الوقوف.
كما أن إجرائي للاختبار قد طلبت والدتي أن يُنقل إلى الدور السفلي لأنني غير قادرة على صعود السُلم، لكن الأمر باء بالفشل نتيجة لضرورة تواجد نظام في اللجان، وبالفعل قد صعدت السُلم وأنا في حالة مُذرية، وكذلك جلوسي لأداء الاختبار لم يكن أفضل شيء.. نتيجة الشعور بالألم طيلة المكوث على الكرسي لكتابة الإجابات مختلطة بالدموع.
كانت تلك أكثر أشكال مضاعفات العصب الوركي بالنسبة لي التي عانيت منها، بجانب الشعور بالألم بشكل متواصل طيلة اليوم، وعدم القدرة على الجلوس أو الوقوف، وحتى الذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة قد كان مؤرق وأشبه بالمستحيل.
أما عن المضاعفات التي سمعت عنها من الأطباء في حالة عدم الخضوع للعلاج المناسب فقد كانت أن هناك بعض الحالات الأخرى التي قد تتعرض إلى مشكلة خطيرة وهي الضعف العضلي وتدلي القدم نتيجة العصب المنضغط الخطير، وحمدًا لله لم أصل إلى تلك المرحلة.
علاج العصب الوركي
تجربتي مع علاج العصب الوركي قد كانت طويلة المدى وإلى الآن أتناول بعض منها حين الحاجة، فإن العامل الأول في الامتثال للشفاء هو الراحة وعدم بذل المجهود، حيث إن ألم التهاب العصب الوركي عن تجربة دائمًا ما يزداد في حالة القيام بأي من التمارين الشاقة، أو المجهودات اليومية الصعبة، ومن الممكن في حالة كان يومي طويل خارج المنزل أن أعود إليه شاعرة ببعض الآلام.
أما عن طرق العلاج الطبية التي خضعتها فسوف أسرد لكم نبذة عن كل منها فيما يلي، ومن الجدير بالذكر أن جميعها لا تهدف إلى علاج المشكلة بشكل نهائي وذلك ما يفسر حديثي في الفقرة السابقة، وهو ما قد جعل هناك حالة من الغضب والسخط على الأطباء مني في تلك الفترة:
1- عقاقير طبية
العلاج الخاص بمشكلة التهاب العصب الوركي بتجربتي كانت بدايته مجموعة كبيرة ومختلفة من العقاقير المسكنة للآلام، والتي لم تجدي نفعًا في بداية الأمر بشكل سريع بل إن الأمر كان أشبه بأنني لم أتناولها بالأساس.
من ثم مع مرور بضعة أيام قد كانت تلك الأدوية المسكنة للآلام قادرة على جعلي أتوقف عن الصريخ لبضع ساعات، فهي مختصة في تخفيف الآلام والتيبس، وتتواجد في عدة أسماء تجارية يمكن للطبيب وصفها حسب حالتك الصحية وتسمى بمضادات الالتهابات اللاسيترويدية.
أما النوع الآخر من الأدوية المسكنة للآلام قد كانت المرخية للعضلات كالسيكلوبنزابرين حاليًا، وهو ما يخفف من الآلام والتوعك المصاحب للتشنج العضلي، ولكنها قد تسبب بعض من التشوش للمسنين.
الطريف في تجربتي مع العصب الوركي وشدة ألمه التي كانت لا تجعلني أقوى على الحراك أو النوم، أن الأطباء من كثرة وصف الأدوية المسكنة التي لم تُجدي نفعًا معي قد اضطروا إلى نصح أبي بإعطائي إحدى الأدوية المخدرة، ولكنه رفض ذلك رفضًا قاطعًا واستمررت على تناول المسكنات.
2- العلاج الطبيعي
تلك المرحلة في تجربتي مع علاج العصب الوركي كانت هي المجدية نفعًا، في البداية قد كنت خائفة من الفكرة ومن الذي سوف أخضع له، ولا أخفيكم سرًا إن الجلسة الأولى في علاجي الطبيعي لم أرغب في تكرارها مرة أخرى.
حيث إنه عبارة عن بعض الحركات الرياضية التي تقوم بها الاختصاصية لكي تخفف من ألم العصب الوركي كذلك هناك بعض الأجهزة التي يتم تسليطها على الظهر لكي تخفف من الضغط وتعزز من مرونة العضلات المشدودة.
بالجلسة الأولى قد نزلت من مركز العلاج المتخصص وأنا شاعرة بالندم على تجربته، وذلك لأن قدمي كان ألمها متزايد ولم أقوى على الحراك كذلك، ولكن أمي أخبرتني أن تلك من آثار العلاج وهي طبيعية وسوف تزول.
بالفعل بدايةً من اليوم التالي للجلسة الأولى قد شعرت بتحسن بسيط في الألم الطبيعي للعصب الوركي، وهو ما غيّر رأيي كما ذكرت لكم فيما بعد وذهبت لأكمل جلسات العلاج التي وصفها لي الطبيب، وبالفعل كان هو المساعد في قدرتي على الحراك مرة أخرى بعد معاناة دامت لشهور بجانب تناول المسكنات.
العصب الوركي واستئصال القرص
من ضمن الوسائل التي عرضها الأطباء على والديّ إن لم يُجدي العلاج الطبيعي والمسكنات نفعًا معي هو الاستئصال لجزء من القرص وهو ما يساعد في التخفيف من تلك المشكلة بشكل كبير، ولكن حمدًا لله لم أصل لتلك المرحلة.
كذلك كان هناك حقن للعمود الفقري تساعد في إعطاء الجسم فاعلية كمضادات التهابات وهو أشبه بالكورتيزون ولكن نظرًا لصغر سني وخوفي الذي كان سيعرقل من ذلك العلاج قد حاول كل من الأطباء ووالديّ أن يكون هناك نتيجة من العلاج الطبيعي والعقاقير الطبية.
أعشاب تخفف الألم
ببحثي والقراءة عن عرق النسا حتى وقتنا هذا وجدت أن هناك بعض الطرق المتواجدة من سنوات ولكنني لم أجربها، ولا أتذكر فقد يكون الاختصاصيون في العلاج الطبيعي قد وضعوها لي، تتمثل تلك الطرق في استخدام بعض أنواع الأعشاب لكي يتم تدليك منطقة الألم بها، ويقال إنها تساهم بشكل فعّال في تخفيفه، ومنها:
- خلط ملعقتين من باودر الزنجبيل مع ملعقة عصير ليمون وثلاث ملاعق من زيت السمسم، ومن ثم تدليك المنطقة المصابة برفق.
- ملعقة من نبات الصفصاف مع كوب ماء وتُغلى على النار لعشرين دقيقة ومن ثم يتم تصفيتها، ويتم تناولها مرتين في اليوم.
اقرأ أيضًا: الرقية الشرعية لعلاج العصب السابع
هل هناك وقاية من ألم العصب الوركي
دائمًا ما كنت أتساءل حتى لحظات قريبة بعد تجربتي المريرة مع العصب الوركي هل كان بإمكاني وقاية نفسي من الإصابة بتلك المشكلة، ولكن بتجربتي مع العصب الوركي قد وجدت أن الأمر لا يتواجد له وقاية سابقة قبل ظهوره، ولكن من الممكن اتباع بعض الإرشادات للتقليل من حدة الألم أو أن يظهر مرة أخرى بعد العلاج، ومنها:
- التقاط الأشياء من الأرض بوضع الظهر المستقيم دون ثني.
- عدم الضغط على الظهر برفع أي من الأشياء الثقيلة الوزن، حيث إن ذلك يتسبب بدوره في الضغط على العصب الوركي ويُشعر بالألم الحاد.
- ممارسة بعض التمارين الرياضية بإشراف مُدرب متخصص لكي يتم التخفيف من الألم وتقوية عضلات الظهر.
- تجنب الجلوس لفترات طويلة خاصةً إن كان المقعد غير مريح.
- عدم الوقوف بشكل خاطئ أو لمدة طويلة كذلك.
- استخدام وضعية جيدة في حالة الجلوس أو النوم بشكل لا يضغط على العصب الوركي.
تجربتي مع العصب الوركي مع أنها مؤلمة وتسبب لي الوهم بعودة الألم، إلا أنها علمتني كيفية الصبر على الأزمات، واتباع نصائح الأطباء لكي أتمتع بهدوء الألم والسكينة.