يعتبر العديد من الناس إعراب قصيدة “إذا غامرت في شرف مروم” موضوعًا مثيرًا للاهتمام. هذه القصيدة لا تقتصر على جذب انتباه طلاب العلم فحسب، بل أصبحت أيضًا مضرب مثل وحكمة يتداولها الناس. ويرجع ذلك إلى ما تطرحه من معانٍ تصلح لكل زمان ومكان. من خلال موقعنا، ستتعرف على مؤلف هذه القصيدة، بالإضافة إلى إعرابها وشرح لبعض أبياتها.
مؤلف قصيدة إذا غامرت في شرف مروم
مؤلف القصيدة هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفري الكندي الكوفي، المعروف بالمتنبي. هو شاعر عباسي نال شعره إعجابًا كبيرًا في عصره واستمر أثره إلى العصر الحديث.
بدأ المتنبي كتابة الشعر في سن مبكرة، حيث كان في التاسعة من عمره، وتنوعت أغراض شعره بين الحكمة والمدح والرثاء.
امتاز المتنبي بشجاعته وكبريائه، وقد اعتز بعروبته وتفاخر بها. كان شعره معروفًا بقوة بنائه وجمال صوره وعباراته، مما جعله يُلقب بشاعر العرب.
مناسبة قصيدة إذا غامرت
يُقال إن أبا الطيب المتنبي قد غادر إلى الرملة في طريقه إلى أنطاكية، وأثناء توجهه هناك توقف في بعلبك حيث نزل عند ابن عسكر ومدحه، ثم استمر في رحلته إلى أنطاكية. بينما كان هناك، هاجمت الإخشيديون أنطاكية، فاُضطر إلى القتال حتى وصل إلى حلب. ومن هنا برزت هذه القصيدة الفنية (قصيدة إذا غامرت).
إعراب قصيدة إذا غامرت في شرف مروم
تتجلى معاني هذه القصيدة الجميلة بوضوح من خلال إعراب أبياتها، وسنوضح إعراب وشرح كل بيت على حدة.
1ـ البيت الأول من قصيدة إذا غامرت:
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
- إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه بجوابه.
- غامرت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء المخاطب، وتاء المخاطب في محل رفع فاعل.
- في: حرف جر.
- شرف: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
- مروم: نعت “شرف” مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
- فلا: الفاء رابطة، لا ناهية جازمة.
- تقنع: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون لأنه صحيح الآخر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.
- بما: الباء حرف جر، ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بحرف الجر.
- دون: ظرف منصوب وهو مضاف.
- النجوم: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة، شبه الجملة متعلق بمحذوف خبر.
- وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
هنا يُنبه المتنبي الإنسان أنه إذا دخل في مخاطر أو أمور عظيمة، فلا يخرج إلا بعد أن يصل للقمة، ولا يقتنع بالنتائج الضعيفة.
2ـ البيت الثاني من القصيدة:
فَطَعْمُ المَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِير
كَطَعْمِ المَوْتِ في أَمْرٍ عَظِيمِ
- فطعم: الفاء استئنافية، طعم: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مضاف.
- الموت: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- في أمر: في حرف جر، أمر: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة أو حال.
- حقير: نعت “أمر” مجرور وعلامة جره الكسرة.
- كطعم: ك: حرف جر للتشبيه، طعم: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره. وهو مضاف.
- الموت: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- في أمر: جار ومجرور، وإعرابها سبق ذكره.
- عظيم: نعت مجرورة وإعرابها سبق ذكره.
لا فرق في الموت، فهو الموت في الأمر الهين، وفي الأمر الصعب.
3ـ البيت الثالث من قصيدة إذا غامرت:
سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري
صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ
- ستبكي: السين تفيد الاستقبال، تبكي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر.
- شجوها: مفعول به مقدم مرفوع وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
- فرسي: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة.
- ومهري: الواو حرف عطف، مهري: معطوف مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للثقل.
- صفائح: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- دمعها: مبتدأ ثاني مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة.
- ماء: خبر المبتدأ الثاني مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
- الجسوم: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
يقول الشاعر إنه يحمل فرسه ومهره إلى المعركة، وهو لا يخشى موته بل يأمل أن تُبكي عليه العيون.
إن المتأمل في الشعر العربي عبر العصور يكتشف جماله وروعة تعبيره، وليس ذلك من صنيعة الشعراء فحسب، بل لأن اللغة العربية تمنح ناطقيها القدرة على التعبير عن مشاعرهم بكلمات دقيقة وجميلة.