تشجيع على تقديم الصدقات وأثرها الإيجابي

تشجيع على الصدقة وبيان فضلها

تشجيع على الصدقة

حث النبي -عليه الصلاة والسلام- المسلمين في العديد من الأحاديث على الالتزام بالطاعة؛ تحذيراً لهم من الفتن وتقلبات الأحوال التي قد تضعفهم عن طاعة الله -تعالى- أو تبعدهم عنها. كما ورد في قوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بَعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا). وقد سُئل -عليه الصلاة والسلام- عما هو أعظم صدقةً أجرًا، فقال: (أَنْ تَصَدَّقَ وأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وتَأْمُلُ الغِنَى، ولا تُمْهِلُ حتّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، ولِفُلَانٍ كَذَا وقدْ كانَ لِفُلَانٍ). يوضح ذلك أهمية المسارعة إلى الخير والصدقة، وأفضل أوقاتها عندما يكون الشخص في صحة جيدة وحاجة ملحة للمال، مما يمكّنه من التغلب على وساوس الشيطان، والتوكل على الله بثقة. وقد وردت الكثير من الآيات والأحاديث التي تبين فضل الصدقة والمُتصدّقين، حيث ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- أعظم الأمثلة في الاستجابة لهذه التوجيهات الربانية.

وقد أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أن كل مسلم عليه صدقة، فقال: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ). فقال الصحابة: يا نَبِيَّ الله، فما العمل لمن لا يجد شيئًا؟ قال: يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ. فقالوا: فإن لم يجد؟ قال: فَلْيَعْمَلْ بالمَعروفِ، ولْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فإنَّها له صَدَقَةٌ.

فضل الصدقة

تتميز الصدقة بالكثير من الفضائل المذكورة في عدة آيات وأحاديث، ومنها:

  • تساهم الصدقة في تعويض نقص الزكاة الواجبة، حيث قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أوَّلُ ما يُحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ صلاتُهُ، فإن كان أتَمَّها، كُتِبَتْ له تامَّةً، وإن لم يكن أتَمَّها، قال اللهُ لملائكتِه: انظُروا هل تجدونَ لعبدي مِنْ تَطَوُّعٍ فتُكْمِلُونَ بها فريضتَهُ؟ ثُمَّ الزكاةُ كذلِكَ).
  • تعمل الصدقة على تكفير الخطايا وطمسها، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (والصَدقةُ تُطفِئ الخطيئةَ كما يذهبُ الجليدُ على الصفاءِ).
  • تعد الصدقة سبباً لدخول الجنة والنجاة من النار، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (كلُّ امرئٍ في ظلِ صدقتِه حتّى يُقضَى بينَ الناسِ).
  • تساعد الصدقة على إظهار العطف والرحمة على الفقراء، وفيها تعويد للمسلم على السخاء وتجنب البخل، حيث قال -تعالى-: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). كما أنّها سبب من أسباب البركة والزيادة، حيث قال -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
  • تشير الصدقة إلى رحمة الله -تعالى- ومحبة لعباده، كما قال -تعالى-: (وَأَحْسِنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وتترتب عليها أجر كبير.
  • تعتبر الصدقة دليلاً على الإيمان، حيث ذكر الله -تعالى- أنّها من صفات المتقين فقال -تعالى-: (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، حيث يقوم المؤمنون بإخراج الصدقة ابتغاء مرضاة الله.
  • تعمل الصدقة على نشر السعادة وإنشراح الصدر، كما قال -تعالى-: (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، وتبعد ميتة السوء وغضب الله -تعالى-، حيث قال -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
  • تمثّل الصدقة طهارة للنفس والمال، حيث قال -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهُمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
  • تعتبر الصدقة سبباً لزيادة المال ونمائه، حيث قال -عليه السلام-: (ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ).
  • تساعد الصدقة على دفع الأمراض عن صاحبها؛ حيث قال -عليه السلام-: (دَاوُوا مَرضَاكُمْ بِالصَّدقةِ).

آداب الصدقة

توجد العديد من الآداب المتعلقة بالصدقة، وهي كالتالي:

  • الإخلاص في النية لله -تعالى- وحده، بعيداً عن الرياء؛ حيث قال النبي -عليه السلام-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). ويجب أن تكون الصدقة من الكسب الطيب الحلال حيث قال -تعالى-: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم)، فلا ينبغي إنفاق ما هو غير طيب.
  • اختيار الجيد من المال والمحبب منه، كما ورد في قوله -تعالى-: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)، مع الابتعاد عن التعجرف وما ينقص من أجر الصدقة كالمِنِّ والأذى.
  • تفضيل إخفاء الصدقة إلا لمصلحة ذكرها، حيث قال -تعالى-: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم). ينبغي إعطاؤها بوجهٍ بشوش وبطيب نفس، والمُسارعة إليها في الحياة، ويُفضل أن تكون للأقرباء المحتاجين.
  • الاحتساب في كل ما يبذله الشخص؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها، كانت له صدقة).
  • الإنفاق بدون التقليل من أهمية أي شيء من الصدقات، حتى ولو كان نصف تمرة؛ كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة).