تشريعات الزنا في الإسلام

حكم الزنا

تُعتبر قضية الزنا من المسائل التي حرمتها الشريعة الإسلامية، وتُصنف كواحدة من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله وقتل النفس بغير حق. وقد وردت الأدلة على تحريمه في القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع العلماء. فقد قال الله تعالى في القرآن: (وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا).

أما بخصوص السنة النبوية، فقد رُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي الذنب أعظم عند الله؟) فقال: (أن تجعل لله نداً وهو خَلَقَكَ). فسأله: (ثم أي؟) فأجاب: (ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك)، ثم سأل: (ثم أي؟) فقال: (ثم أن تزاني حليلة جارك). وقد أجمع المسلمون على حرمة الزنا دون خلاف.

وتتفاوت درجات الزنا في خطورتها وتحريمها، كما أن لها آثار سلبية كبيرة على الفرد والمجتمع؛ إذ تؤدي إلى اختلاط الأنساب وخصوصيات الميراث، بالإضافة إلى كونها سبباً رئيساً في تدهور العلاقات الأسرية وما يترتب على ذلك من ضياع الأطفال وتفكك المجتمعات.

حد الزنا

تختلف عقوبة الزنا بحسب حالة الفاعل إن كان محصناً أم غير محصن. وفيما يلي توضيحات لكل حالة:

حد الزاني البكر غير المحصن

عقوبة الزاني البكر غير المحصن -أي الذي لم يتزوج من قبل- هي الجلد، بناءً على قول الله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ). ويعتبر هذا الحكم إجماعياً بين العلماء.

حد الزاني المحصن

أما بالنسبة للزاني المحصن -الذي سبق له الزواج- فإن عقوبته هي الرجم بالإجماع. والدليل على ذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه بأن رجلاً من أسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بأنه قد زنا، وشهد على نفسه أربع شهادات، فأمره رسول الله أن يُرجم حتى الموت.

من المهم التنويه إلى أنه يُفضّل للأشخاص الذين ارتكبوا محرمات تؤدي إلى العقوبة أن يستروا على أنفسهم ويتوبوا إلى الله تعالى توبة نصوحة. ولا يحق لأحد التعدي عليهم أو التجسس على حالاتهم، ولا تُنفذ العقوبات الشرعية إلا بعد وصول الأمر إلى الحاكم أو من ينوب عنه، سواء من خلال إقرار الشخص نفسه أو من خلال الشهود إذا كان الأمر قد تم علانية.

شروط حد الزنا

تتطلب إقامة حد الزنا مجموعة من الشروط، بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه. وهي كما يلي:

شروط متفق عليها

من بين الشروط التي تم الاتفاق عليها لإقامة حد الزنا:

  • بلوغ الزاني سن النضج، حيث أنه لا يُفرض الحد على الصبي.
  • أن يكون الزاني عاقلاً، فالمجنون لا يُعاقب بالحد المتفق عليه؛ وإذا كان أحدهما مجنونًا والآخر عاقلًا، فإن العقوبة تُفرض على العاقل.
  • حدوث الاتصال الجنسي كما يُحدد في الشريعة.
  • معرفة الزاني بتحريم الزنا.
  • وجود دليل قاطع على الزنا، ويتحقق إما عن طريق إقرار الشخص أو عن طريق شهادة أربعة شهود مؤهلين.
  • يجب أن يكون الفعل المرتكب بين إنسانين، حيث لا يُعاقب الزاني إذا كان يتعلق بالحيوانات.

شروط مختلف فيها

أما الشروط التي تختلف فيها الآراء فهي:

  • اشتراط المالكية أن يكون الزاني مسلماً، بينما ترى أغلب العلماء أن الحد مفروض حتى على الكافر.
  • الرأي حول الاختيار في الزنا؛ فحسب بعض الآراء، لا تعتبر العقوبة على الزنا إذا كان الفعل مكرهاً.
  • عقوبة الزاني اللائط موضع خلاف لدى الفقهاء؛ فبعضهم يرون تطبيق حد الرجم سواء كان الزاني محصناً أو غير محصن.
  • تأثير كون الزنا قد تم مع ميت، حيث يختلف بعض العلماء في تطبيق الحد في هذه الحالة.

تجدر الإشارة إلى أن عقوبة الزنا تهدف إلى حماية الأفراد من الوقوع في المحرمات، وهي تعكس التوجيهات الأخلاقية في الإسلام. كما يُبادر الإسلام إلى تشجيع الزواج كبديل مشروع يُشبع الرغبات ويمنع الانزلاق إلى الأعمال المحرمة.