أنواع الزكاة
تعتبر الزكاة واجبة على خمسة أصناف من المال، والتي سيتم توضيحها فيما يلي:
زكاة النقود
لقد اتفق الفقهاء على ضرورة إخراج الزكاة من النقود، سواء كانت نقوداً مسكوكة، مضروبة، أو حتى على شكل أواني. يُحدد نصاب الذهب بعشرين مثقالًا، ما يعادل 91 غراماً وفقاً لرأي الجمهور، بينما نصاب الفضة هو مئتا درهم، والذي يعادل 642 غراماً عند نفس الجمهور. وقد أقر الجمهور إمكانية إضافة أحد النقدين للآخر لتحقيق النصاب، حيث يكون مقدار الزكاة في النقدين هو ربع العشر (2.50%). ولا تخرج الزكاة عن النقود في حال عدم بلوغ النصاب، وفي حال بلوغ النصاب، يتم إخراج الزكاة عن الذهب ذهبًا، وعن الفضة فضة. وقد أباح الجمهور، على خلاف الشافعية، إخراج الزكاة بالقيمة. كما اشترط الحنفية أن يكون الذهب والفضة غالبين في المالية، وفي حال وجود أشياء أخرى فإنها تُعتبر كالعروض التجارية. والمالكية يرون ضرورة إخراج الزكاة كاملة من صنفها الأصلي، بينما الشافعية والحنابلة لا يرون الوجوب إلا إذا كانت صافية من الذهب أو الفضة. وبالنسبة لزكاة حلي المرأة، فيعتبرها الجمهور غير واجبة، على خلاف الحنفية.
زكاة الزروع والثمار
تجب زكاة الزروع والثمار عند بلوغها النصاب، والذي يُحدد بخمسة أوسُق، وذلك استناداً إلى قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ). ويعادل الخمسة أوسق ستين صاعاً نبويّاً، حيث يُساوي الصاع 2600 غرام، ويذهب بعض العلماء إلى أنه يعادل ثلاثة كيلو غرامات. ومن جهة أخرى، يُعتبر الصاع مكوناً من أربعة أمداد، مما يجعل النصاب عند الأوزان المعاصرة 611 كيلو غراماً. وقد استند العلماء في وجوب زكاة الزروع والثمار إلى نصوص من القرآن والسُنّة، مثل قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ)، وأيضًا قوله: (وَهُوَ الَّذي أَنشَأَ جَنّاتٍ مَعروشاتٍ وَغَيرَ مَعروشاتٍ وَالنَّخلَ وَالزَّرعَ مُختَلِفًا أُكُلُهُ).
لا يُشترط أن يحول الحول على الزروع والثمار لتجميع الزكاة، بل تجب الزكاة عند حصادها. أما شروط الوجوب، فهي أن تصل الزروع والثمار إلى نصاب خمسة أوسق. وقد رأى الإمام أبو حنيفة عدم اشتراط النصاب، ويُعتبر أن الزكاة واجبة حتى في الكميات القليلة ما لم تقل عن نصف صاع. والأصناف ذات النوع الواحد تُجمع معًا، مثل أنواع التمر. والمقدار الواجب إخراجه عند بلوغ النصاب هو العُشر في حالة الري بالمطر، ونصف العُشر عند الري بالآلات.
زكاة العروض
يُعرف مفهوم العروض بأنها كل ما عدا الذهب والفضة، مثل الأمتعة، والحيوانات، والعقار، والملابس، وغيرها مما يُعد للتجارة وليس للاحتفاظ به. ويُضاف إلى ذلك الحلي المعدة للتجارة وفقًا للمالكية. أما شروط وجوب زكاة العروض، فهي كما يلي:
- بلوغ النصاب: أي أن تصل قيمة أموال عروض التجارة إلى نصاب الذهب أو الفضة.
- الحول: يُحدد الحول بوجود طرفين، هما وقت تملك العروض ونهايته؛ فإذا بلغ النصاب في بداية الحول ثم نقص، وعاد في النهاية إلى النصاب، فتعتبر الزكاة واجبة. ويرى الشافعية ضرورة بلوغ النصاب في نهاية الحول، بينما يشترط الحنابلة أن يكون النصاب مكتملاً طوال فترة الحول.
- النية في التجارة: يُشترط أن يُعتَزم التجارة في العروض المُراد شراؤها. ويشترط الحنفية أن تكون تلك العروض صالحة للتجارة.
- الملك بمعاوضة: هذا الشرط مُعتبر عند الجمهور مالم يُعتبر بحوزة الحنفية، حيث يُعتبر الملك من الشراء أو الإجارة، ولا تُعتبر الأموال التي تُكتسب من دون معاوضة زكوية.
- ألا يصير مال التجارة نقدًا خلال الحول: في حال تحوّل المال كله إلى نقد وكان أقل من النصاب، ينقطع الحول، وهذا الشرط يُعتبر عند الشافعية فقط.
- ألا تكون من الأعيان التي تجب فيها الزكاة: وهذا شرط عند المالكية، حيث يجب إخراج الزكاة في الأموال الزكوية.
ويتم إخراج زكاة العروض التجارية عبر تقويم العروض والبضائع في نهاية الحول، وليس بسعر الشراء، حيث يُخرج ربع العشر من قيمة العروض، والقراءة على وجوب التجارة ينص عليها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ).
زكاة المعادن والركاز
تُعرف المعادن بأنها ما يُستخرج من الأرض، فإن كانت من الذهب أو الفضة، فإن زكاتها تُحسب كربع العشر كما أشير سابقًا. أما المعادن الأخرى كالحديد والنحاس، ففي حال بلغا قيمة نصاب الذهب أو الفضة، فيجب إخراج زكاة تُحتسب برُبع العشر. يجب أن تؤخذ مصلحة الفقير في الاعتبار عند إخراج زكاة المعادن، حيث يمكن أن تُخرج بالقيمة أو بالعين، ووقت الزكاة يكون عند الاستخراج والحصول، ولا يُشترط فيها مرور حول. بالنسبة للركاز، فهي دفائن الحقبة الجاهلية، وزكاتها محددة بخمسٍ، سواء كانت الوفرة كثيرة أم قليلة، ولا تُشترط لها أي شروط مثل النصاب أو الحول.
زكاة الأنعام
تجب الزكاة في الأنعام السَّائمة، وتشمل الإبل، والبقر، والغنم. وفيما يلي الشروط المقررة للزكاة في الأنعام:
- بلوغ النصاب.
- بلوغ الحول.
- الأكل من المرعى لأغلب أيام السنة وتُعبر بالسائمة.
وبالنسبة للإبل، تجب الزكاة على كل خمس منها بشاة، وهذا مرتبط بعددها حيث تُظهر مثل هذه الممارسة ما يظهر من الزكاة حتى العشرين. مثلاً، إذا كانت هناك عشرة من الإبل تُخرج زكاتها بإثنتين، وفي حال كان المجموع خمس عشرة، تُخرج ثلاث شياه. إذا بلغ العدد إلى عشرين، فإنها تُخرج أربع شياه. وبالنسبة للبقر، الحد الأدنى للنصاب هو أربعون بقرة، يُخرج عنها تبيع أو تبيعة، ويُفضل عند الجمهور أن تكون المُسنّة. عندما تصل إلى العدد أربعين، فتكون في دانها مُسنّة. وفي حال زادت، فإن كل ثلاثين بقرة تُحتسب بتبيع أو تبيعة، وكل أربعين مُسنّة. أما الغنم، فإن نصابها هو أربعون، حيث تُخرج عند هذا العدد شاة واحدة، ثم ترتفع الكمية بشكل تدريجي في حال الزيادة.
حكم الزكاة وأهميتها
تُعتبر الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد فرضها الله سبحانه وتعالى في شهر شوال من السنة الثانية للهجرة. وهي واجبة على الناس، ولا تُعتبر واجبة على الأنبياء الذين تنزهوا عن الخطأ. وهناك أدلة واضحة تدل على وجوب الزكاة، منها قوله سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وكذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام- (بُنِيَ الإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ…. وإيتَاءِ الزَّكَاةِ). وتُعتبر الزكاة فرضاً مُجمعًا عليه من قبل المسلمين جميعاً. وقد ذُكرت الزكاة وقرنت بالصلاة في 82 آية، وحذّر الله من أكل أموال الناس بالباطل بقوله: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ).