تعريف الفن التجريدي

تعريف الفن التجريدي اختلف حولها العديد من الفنانين والخبراء منذ ظهور هذا النوع من التعبير الفني، فهو أحد اتجاهات الفن التشكيلي، ولكنه يختلف اختلافَا كبيرًا عن باقي الفنون الأخرى من حيث الشكل والمضمون، ومن خلال موقع سوبر بابا نتناول جميع مفاهيم الفن التجريدي ومظاهر أهميته.

تعريف الفن التجريدي

من المعروف أن التعبير الفني هو الاختيار الدقيق والترتيب الواعي للعناصر، بحيث يستطيع الفنان أن ينتج عمل إبداعي يؤثر على حاسة الجمال عند المتلقي، ولكن في حالة الاتجاه التجريدي يختلف هذا التعريف قليلًا، فقد لا يكون هناك اختيار ولا ترتيب ولا عناصر من الأساس وهناك أكثر من تعريف للفن التجريدي.

كل ما يحتاجه الفنان التجريدي هو بعض الخطوط والألوان التي تعبر عن المشاعر أو الحالة فقط دون شكل محدد.
يعتمد الفن التجريدي على التحرر من المرجعية البصرية المتواجدة في الواقع.
يُطلق البعض على هذا الاتجاه الفني فن اللاموضوعية أو الفن غير التشخيصي.
لا يهتم الفنان التجريدي بالشكل وإنما يهتم بما وراءه من مشاعر وإيحاءات.
يترك الفنان للمتلقي إمكانية التأويل وحرية التلاقي من خلال الخيال وحالته النفسية وتأثير العمل الفني عليها.
يمثل الفن التجريدي اختزالًا للمعاني الحسيّة والقيم الإنسانية دون اللجوء إلى مرجعيات شكلية للتأثير على عقل وروح المتلقي.
يشبه هذا النوع من الفن سماع الموسيقى؛ لأنها لا تُحول المتلقي إلى أي مرجعية ولا تتشابه مع أي شيء آخر، وقد لا يستطيع السامع فك رموزها لكنه يتأثر بها جيدًا.
يحول الفنان بشكل تصويري أن ينقل المتلقي إلى عوالم حسية أخرى.
يتعلم الإنسان الفن التشكيلي عندما يتعلم أن يحلم كذلك يجب على الناظر أن يكون حالمًا لكي يتواصل مع اللوحة.
التعبير إنساني ينفصل عن أي تشخيص طامحًا في خلق مساحة خيالية مستقلة عن الطبيعية.
يمكن الحصول على هذه الحالة التجريدية بواسطة الأشكال الهندسية المتباينة أو الخطوط الانسيابية والألوان النقية.\

اقرأ أيضًا: دراسة الفنون في كوريا الجنوبية

خصائص الفن التجريدي

يتميز هذا الاتجاه الفني عن غيره بعدة مميزات وخصائص يجب أن ندركها؛ لكي نتمكن من تمييز اللوحة التجريدية بسهولة.

التحرر في تجسيد العناصر وتصميم اللوحة دون التقيد بالأشكال الحقيقة والعوامل الفيزيائية الواقعية.
لا يلتزم الفنان التجريدي بتناسق درجات الألوان والموازنة بين الألوان الساخنة والباردة مثل الاتجاهات الفنية الأخرى.
لا يشترط في هذا الفن أن تكون لمسات الفرشاة ناعمة وانسيابية، بل يمكن توزيع الألوان بضربات تتفاوت في النسب والأشكال حسب الحالة الشعورية للوحة.
يعبر الفنان فيه بطريقة عفوية فهو ليس من الفنون الواقعية التي تكون مُخلصة للمعطيات، وإنما هو أقرب للاتجاه التعبير الذي يعتمد على مكنون الفنان.
عدم الالتزام بالواقع يجعل الفن التجريدي من الفنون الغامضة، التي ليس لها دليل ولا مفتاح لفك رموزها وعلى المتلقي أن يفسرها حسب مرجعيته.
إنشاء واقع مبتكر أصلي مستقل عن الواقع الذي نعيشه ليكون بمثابة متنفس للمتلقي.
التعبير عن الحالة النفسية والمشاعر دون تمثيلها أو تشخيصها، بشكل متحرر من الطبيعة والمنطق.
لا يوجد في التجريد نقطة اتصال مع الفن التمثيلي المتعارف عليه.
يوجد مسافة كبيرة بين التجريد والواقع ولكن لا يعني هذا نفي العلاقة، بل تقترح معارضة بينهم.

أول لوحة تجريدية

يرجع أصل هذا الاتجاه الفني إلى القرن التاسع عشر الميلادي، حيث ازدهرت العديد من الاتجاهات الفنية الحديثة التي تخطت الكلاسيكية التقليدية، وتأثر التعبير الفني بشكل كبير بعلوم الفلسفة والتقنيات الحديثة التي طرأت على الحياة، مما فتح الأبواب أما الفن التجريدي ليكون الأسلوب التعبيري الحداثي.

قام الفنان التجريدي بالتعبير عن المعضلات الفلسفية والاجتماعية السائدة وقتها بحرية فنية عالية.
جاء الفن التجريدي نتيجة تطور الأعمال السابقة مثل التكعيبية والتبسيطية، ولكن لوحة ليلة بالأبيض والأسود ظهرت عام 1874، وكانت إشارة البدء في الفصل بين تمثيل الكائنات الحقيقية والإدراك البصري للألوان التي تحتويها اللوحة.
هذا العمل من إبداعات الفنان جيمس ماكنيل ويسلر ويعرف باسم الصاروخ المتساقط.
من خلال تلك اللوحة يمكن للرائي تذوق باقة من الألوان الداكنة ومناقضتها، ولا تحتوي اللوحة على الأشكال الطبيعية أو الصناعية المباشرة.
ضربات الفرشاة الخفيفة إلى جانب النقاط الذهبية التي قد تمثل النجوم أو الألعاب النارية.

اقرأ أيضًا: أول عملة إسلامية

أهم الفنانين التجريديين

لا يمكننا التطرق إلى تعريف الفن التجريدي دون تناول أشهر فناني التجريد وأعمالهم لتكتمل الصورة الذهنية، علاوةً على إمكانية تميز هذا الفن الرائع عن باقي الاتجاهات الفنية الأخرى.

1- أمبرتو بوتشيني

هو فنان إيطالي من مواليد مدينة ريدجو كالابريا سنة 1882.
التحق بالكلية التقنية في مدينة كاتانيا في صقلية.
رسم العديد من اللوحات التي عكست الديناميكية الحديثة للحياة.
له العديد من المنحوتات كما أنّه نقل الحالة العبثية للحياة الحديثة بشكل مقالي وله العديد من المؤلفات.
من أعظم أعمال بوتشيني لوحة بعنوان The City Rises رسمها عام 1910.
له سلسلةً لوحات ثلاثيّةً شهيرة تحت عنوان States of Mind، والتي رسمها عام 1911 وتُوفّي عام 1916.

2- كارلو كارا

وُلد كارا في عام 1881 ويعتبر من أهم فناني إيطاليا الذين اشتهروا أوائل القرن العشرين.
اهتم بالفنّ التّجريديّ، وأكد هذا المبدع على أهمية الطاقة والتكنولوجيا في رسم لوحاته.
تميزت لوحاته بالطابع المُستقبلي للأحداث والواقعيّة في التجسيد.
اعتمد أيضًا في أعماله على الفنّ التّكعيبيّ الذي كان بابلو بيكاسو رائدًا فيه.
من أهم أعماله التي لاقت صدى واسع عند أصحاب الفن التجريدي، لوحة Painting of Sounds, Noises and Smells، والتي رسمها عام 1913م.
ما ميز مسيرة كارا الفنية أنه اهتم بتناغم اللوحة وتناسق حواسها.

3- جاكسون بولوك

هو رسّام أمريكيّ الجنسية ولد عام 1912م، اشتهر بولوك خلال فترة الأربعينيّات حتّى أوائل الخمسينيّات.
أثارت لوحات بولوك الكثير من الجدل بين الرسامين الآخرين في هذا الاتجاه، كما أثار إعجاب النقاد فله دور كبير في تطوير الفن الحديث.
يُعدّ هذا الفنان الرائع رمزًا للتكامل في الفن التجريدي.
تُعتبر لوحات بولوك التجريدية من أهم الإنجازات الفنيّة في القرن الماضي.
تميّز أسلوب بولوك بالإيمائيّة وتبني إيقاع فني غير نمطي ومُتحرر.
فنان مجدد تمرد على الواقع في عصره فنيًا وتقنيًا واستخدم أدوات وطُرق غير تقليديّة للتشكيل والتجريد.
تأثر بشكل كبير بأساليب من سبقوه من الفنانين الذين سبقوه، مثل بابلو بيكاسو، وجوان ميرو حتى تمكن من تغيير تعريف الفن التجريدي.
أعظم أعماله على الإطلاق There Were Seven in Eight لأنها تتميّز بمساحتها الضخمة؛ ليصل عرضها إلى 2.4م وقد أطلقها بولوك عام 1945
استخدم حركة جسمه الطبيعية في سكب الطلاء على اللوحات الخشبية بطريقة تعبيرية عشوائية.
الكثير من الفنانين حاولوا محاكاته وبيعت لوحاته بملايين الدولارات بعد وفاته.

اقرأ أيضًا: نقد فني للوحة الموناليزا

4- كازيمير ماليفيتش

هو رسّام روسيّ ولد عام 1878
عرف بأنه أحد أشهر روّاد الاتجاه التجريدي الهندسي.
لقي الكثير من الإشادة والتقدير عند النقاد التاريخيين للفن التشكيلي.
من أهم لوحاته (المربع الأسود) التي أطلقها عام 1915.
قيل عن هذا العمل الفني أنه الأول من نوعه الذي لا يتناول شيء ما وقد توفّي عام 1935م