ثقافة الحوار في الإسلام

ثقافة الحوار في الإسلام

ثقافة الحوار في الإسلام من أهم ما يحثنا عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، فالإسلام دين حوار، وهو يُشجّع على المشورة والتفاهم في مختلف شئون الحياة، ويقوم على أسس الاحترام والانفتاح وبناء جسور السلام بين مُختلف الثقافات، وهو ما سنتناوله بالتفصيل عبر موقع سوبر بابا.

ثقافة الحوار في الإسلام

الإسلام يقوم على دعائم قوية من بينها ثقافة التحاور، ويعتبر الوصول إلى تفاهم وسلام بين جميع الناس من أهم ما يدعو إليه، وفي ذلك الكثير من الأدلة من القرآن والسنة النبوية.

1- حوار الله تعالى مع الملائكة

قدم لنا القرآن الكريم أمثلة عن أهمية الحوار منها ما دار بين الله عزوجل وبين الملائكة، لمّا خلق آدم -عليه السلام- في قوله تعالى:” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)” (سورة البقرة).

2- كلام الله لسيدنا إبراهيم

منها ما دار بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وبين الملك الذي أتاه يجادله في الله، إذ يقول سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم.

“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)” (البقرة).

هذه الآية تحكي حوارًا بين إبراهيم عليه السلام والملك “نمرود”، وكان يُحاجّ إبراهيم عليه السلام في مسألة عقائدية وقد ذكرها الله في القرآن كمشهد حوار يُعبّر عن ثقافة الحوار في الإسلام.

3- ثقافة الحوار لدى النبي

اشتهر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بانفتاحه عندما تعلق الأمر بالدخول في محادثات مع من هم خارج الإيمان، وكان يدعو دائمًا إلى حفظ اللسان ومراقبة النفس وقال في هذا الشأن: “إنَّ العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ، ما يتبيَّنُ فيها، يَزِلُّ بها إلى النارِ أبعدَ ما بينَ المشرقِ والمغرب” (صحيح الجامع).

هذا يدعو الإنسان إلى أن يحرص على كل قول أو فعل يخرج منه، لأنه سيُحاسب عليه.

اقرأ أيضًا: السماحة في الإسلام

أهداف الحوار في الإسلام

الإسلام دين مودة ورحم وتسامح، ومن غير المستبعد أن يكون من أهم ما يدعو إليه هو الحوار العاقل الذي ينشد ويسعى إلى أهداف سامية.

  • المساهمة في تبسيط الأزمات التي يعيشها مع غياب منهجيات التفكير الصحيحة.
  • تباين الآراء والتصرفات، فيمكننا رؤية الأمور من زوايا مُختلفة.
  • التحلي بالأخلاق النبيلة من الرفق والتسامح والمعاملة الحسنة وإخلاص النية لله وطلب الاهتداء إلى الحق والصواب.
  • أن يكون وسيلة مهمة للتعلم من بعضنا البعض، وتعزيز التفاهم المُتبادل.
  • تقريب وجهات النظر المختلفة والوصول إلى رأي مُشترك أقرب إلى الصواب وصقل الأفكار.
  • النقاش هو حل أمثل للخلافات التي تنتشر في العالم مع اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد بين الناس.
  • اكتساب المعرفة وتلقي العلم، وتقوية التواصل بين الناس ومحاولة فهمهم.
  • الحوار في القرآن يدل على أن الإسلام يعتمد على لغة حوار في جلاء الحقائق، وتوضيح المواقف.

اقرأ أيضًا: الحياء في الإسلام وخصائصها

أخلاقيات وآداب الحوار في الإسلام

أرسى الإسلام أسس الحوار البناء، ووضع تعاليم وآداب للحوار، وجعل منه آداة فعالة في تحقيق غايات سامية.

  • نَبذ الصراع وإقصاء الرأي الآخر واستبعاده.
  • من آداب الحوار في الإسلام عدم التعالي على المختلفين في الرأي، وعدم التقليل من شأن الآخر.
  • دعا الإسلام إلى احترام وتقدير الناس، والتعايش في ود وسلام.
  • يعمل على بناء الجسور بين الثقافات، والآراء المتباينة عبر ثقافة التحول البناءة.
  • الاتفاق على أخلاقيات مشتركة في محاولة مواجهة التخلف المجتمعي والأخلاقي.
  • يدعو إلى نبذ العنف والاضطهاد الفكري والعقائدي من خلال وضع أسس أخلاقية للحوار.
  • تبادل الخبرات الثقافية والفكرية والمعرفية، والاستفادة من الآخرين.
  • إيجاد أرضية مشتركة والتفاعل مع الأخرين باستخدام الكلمات اللطيفة والمهذبة.
  • الإستماع بعناية للمختلفين، ومحاولة التعلم منهم الأشياء الإيجابية التي يتميّزون بها.
  • اعتناق الحوارات الصعبة كفرص للنمو والتعلم.
  • التواضع في ردود الأفعال، وإعطاء ملاحظات صادقة حتى لو كانت غير مريحة.
  • الابتعاد عن التجريح أو توجيه الإهانات الشخصية أثناء الحوار.
  • إظهار الاحترام للآراء المختلفة حتى وإن كانت عكس عقائدك وتوجهاتك.
  • عدم التسرع في الكلام، والحرص على ترك مساحة ليعبر الآخر عما يريد.
  • الإقبال والانتباه للمتكلم، وعدم مقاطعته أثناء الحديث.
  • البدء بالسلام والتحية.
  • البعد عن الأحاديث الجانبية في وجود طرف ثالث، وعدم التحدث بلغة لا يعرفها الطرف الثالث، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً، فلا يَتَناجَى رَجُلانِ دُونَ الآخَرِ حتَّى تَخْتَلِطُوا بالنَّاسِ، أجْلَ أنْ يُحْزِنَهُ” صحيح.
  • خفض الصوت والابتعاد عن الصوت العالي والانفعال أثناء الحديث فمن وصايا لقمان لابنه الله أن يخفض من صوته فقد قال:(وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) (لقمان: 19).

إذا كنا نريد أن نتخلق بأخلاق الدين الإسلامي، علينا أن نراعي أخلاقيات الحوار والإختلاف في الرأي، ونتجنب ما نَهي عنه الإسلام.