إن معرفة حكم المرأة التي تمتنع عن معاشرة زوجها بكل تأكيد يعالج الكثير من تلك الحالات التي لا تُدرك كم الحرمانية في ذلك الأمر، فإن اللجوء إلى الدين وما جاء في القرآن الكريم هو خير هداية في تلك الحالات، ونظرًا لانتشار تلك الظاهرة بين فئة كبيرة من السيدات لعدة أسباب سوف نوضح الحكم به وبعض الأمور السائرة في ذلك المحور عبر موقع سوبر بابا.
حكم الشرع في امتناع المرأة عن زوجها
قد يظهر هذا الأمر بشكل شائع بين الكثير من الأزواج لأسباب مُتعددة وتختلف كلًا منها عن الأخرى، ولكن بالتأكيد اختلاف الأسباب لا يعني التبرير لهذا الفعل.
فقد ورد إلى دار الإفتاء الكثير من تلك الحالات، منهم من كان يتحدث عن رفض الزوجة بسبب عذر، ومنهم من كان يتحدث عن الرفض بسبب كراهية الزوجة وأخرى بسبب الإجبار على الزواج.
لكن وعلى الرغم من تعدد تلك الأسباب إلا أن الدكتور أحمد ممدوح مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء أطلق إجابة واضحة وصريحة للجميع يتبين من خلالها حكم المرأة التي تمتنع عن معاشرة زوجها، وقال:
المرأة لا يجوز لها الامتناع عن الزوج إلا في حال وجود عذر قهري أو مرض، وفي غير ذلك يجب عليها تمكينه من معاشرتها وإلا وقع عليها عقاب وزر عظيم، لأن ما تفعله حرام شرعًا.
من واجبات المرأة على زوجها السمع والطاعة، وطاعته فيما يريد ما دام في حدود ما أباحه الله سبحانه وتعالى، ولإظهار مدى أحقية الزوج في ذلك ومدى الذنب الذي تفعله المرأة ضُرب مثلًا بموت القريب، فإن مات قريبها لا يحق لها أيضًا الامتناع عن الفراش سواءً كان أخيها أو أبيها أو عمها أو خالها.
أما عن الحالة التي يجب أن تكون عليها الزوجة في وقت وفاة القريب فليس لها أحقية الامتناع وإنما لها أن تبقى على حالها دون تزين أو ما غير ذلك لمدة 3 أيام، واستندوا في ذلك القول على الحديث النبوي الشريف:
عن أم عطية نسبية بنت كعب قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا تُحِدُّ امْرَأَةٌ علَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا علَى زَوْجٍ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا، ولا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، ولا تَكْتَحِلُ، ولا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا إذا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِن قُسْطٍ، أوْ أظْفارٍ. [وفي رواية]: وقالا: عِنْدَ أدْنَى طُهْرِها نُبْذَةً مِن قُسْطٍ وأَظْفارٍ“.
أما عن عصيان الزوج فلا حق لها في ذلك وإلا تنتظر العذاب عقاب ما ارتكبته من ذنب في ذلك، فالتقوى غير مُقتصرة على الزوج تجاه الزوجة فقط، وإنما يجب على الزوجة أن تتقي الله في زوجها أيضًا.
اقرأ أيضًا: حكم رفض الزوجة للجماع بسبب الحمل
حالات يحق للزوجة الامتناع فيها عن الفراش
من أجل أن يتم التوضيح بشكل أكبر ومن أجل عدم الخلط بين هذا وذاك من الأمور المباحة والغير مباحة، فعلى الزوجة أن تُدرك جيدًا تلك الحالات التي يحق لها بها الامتناع عن زوجها، ويجب على الزوج أيضًا معرفة الوقت الذي يجب أن يقبل بها بامتناع الزوجة عن الفراش، وهي:
- حائض أو في النفاس.
- إذا كانت مريضة ولديها عذر.
- في حال كان الزوج مقصرًا بحقوق زوجته.
- بغي وفساد الزوج وتكون المرأة خائفة على نفسها من المرض.
- إذا لحقها أذى جسدي تابع للجماع.
أسباب تهرب الزوجة من ممارسة العلاقة الحميمة
نعلم جيدًا أن الرجال يبحثون عن حكم المراة التي تمتنع عن زوجها في الفراش فقط من أجل إرضاء الجانب الشهواني لديهم، وأنهم يريدون التأكيد على مدى الإثم المرتكب منها لكي يحق لهم أخذ حقوقهم كيفما يشاؤون.
لكن! لمَ لا يبحثون عن السبب وراء عدم رغبة الزوجة في الجماع! لا يبحثن عن أسباب تتيح لهم فكرة التبرير لما تفعله المرأة، وما لا يعلمونه إن معرفة السبب بها علاج هذا الداء على الفور بتجنبها، فهناك بعض الأسباب التي تؤدي بالزوجة إلى تلك الحالة، وفي معرفتها راحة للأذهان والعقول، ومنها ما يلي:
- حدوث زيادة في معدل الهرمونات في الجسم مما يؤثر على الحالة النفسية والعاطفية والرغبة الجنسية.
- اقتراب موعد الدورة الشهرية وبالتالي تكون المرأة في حال من إجهاد والتعب الذي قد يبدو غير واضح لزوجها وضوح الشمس ولكن في الواقع تمر بحرب داخلها بين رغبتها في قضاء وقت ممتع والشعور بالنفور من هذا الوقت.
- كثرة المسؤوليات على المرأة وضغوطات الحياة والتفكير الدائم بالمستقبل وما ينتظرها مع زوجها وأبنائها يأخذ حيذًا ليس بقليل من حياتها مما يؤثر على صفاء الذهن.
- المراحل الأولى من الحمل والتي تكون بها المرأة غير قادرة على الاعتناء بالنفس بالشكل المرغوب به وبالتالي تشعر بالإحراج من ممارسة العلاقة الحميمة.
- إهمال الزوج لنظافته الشخصية يؤدي إلى شعور الزوجة بالنفور منه، كما أنه يؤثر على الحالة النفسية لها كلما تذكرت تلك الحالة السيئة التي يبدو عليها.
- كثرة المشكلات الزوجية التي لا تشعرها بكونها تلك الزوجة المشاركة لزوجها وإنما هي تلك الإنسانة التي خُلقت من أجل إخراج الطاقة السلبية ناتج يوم عمل شاق للزوج والمعاشرة الجنسية فقط لا غير.
- قسوة الزوج على زوجته بوجه عام أثناء الجماع.
- رغبة الزوج فقط في إشباع رغبته الجنسية من العلاقة لا من أجل أن يُشعر زوجته بكونها أنثى مرغوب بها.
- عدم اهتمام الزوج بمراحل المقدمات في الجماع.
- وجود مشكلة جنسية لدى الزوج كضعف الانتصاب.
- مشاكل نفسية تواجهها المرأة في حال كانت تعاني من السمنة والتي تقتصر فقط على شكل جسدها التي تشعر بعدم الرضا عنه.
- معاناة المرأة من الفتور العاطفي.
- الروتين المعتاد في طريقة ممارسة الجنس.
لم تكن تلك الأسباب هي السائدة على مختلف النساء وإنما قد تظهر بعض الأسباب المختلفة لكل امرأة على حدا بحسب حالتها وظروفها الحياتية وحالة زوجها وطريقة تعامله معها.
اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في البيت مع الزوجة
علاج رفض الزوجة للجماع
ماذا قررت في ذهنك الآن بعد أن علمت بحكم الشرع على المرأة الممتنعة عن الزوج؟ إذا كان قرارك الذهاب إليها والحديث معها بالحسنى من أجل أن تعظها لخطورة ما تفعله وتُقدم لها النصح بالدين فقد كان القرار الصائب وعليك فعل.
ولكن، انتظر قليلًا قد لا تخشع لك زوجتك بتلك الكلمات فحسب، فما الفائدة ما دمت ليس على علم بسبب تلك المشكلة، عليك قبل النطق بالحكم سؤالها عن السبب وراء ذلك، والتزم الهدوء عند سؤالها، واترك لها مساحة التبريرات
الفتور العاطفي والجنسي أحيانًا يكون السبب الرئيسي وراء رفض الزوجة معاشرة زوجها، وفي تلك الحالة يكون الاتجاه إلى طبيب مُتخصص هو خير وسيلة للتخلص من هذه المشكلة ومعالجتها.
بعد أن تُدرك السبب عليك حله، فلا تصنع من نفسك شخص سميع فقط، وإنما اسعى إلى تغيير تلك الأسباب، وبناءً على الأسباب اختر من الحلول الآتية ما يتناسب معك:
- تغيير سلوكك مع زوجتك إلى الأفضل.
- أخبرها دومًا أنها أجمل النساء على الأرض، وأنك تحبها حب جنوني، بل وترغب بها دائمًا لأنك لم ترى في النساء من هم أجمل منها.
- حسِّن من مظهرك وشكلك واعتني بنفسك ونظافتك الشخصية، وإذا كان هذا السبب فعليك تقبله بصدر رحب والاعتذار عنه بقول إنك قد انشغلت عن نفسك بأعباء الحياة.
- حاول أن تُحقق لها الاستمتاع في العلاقة واجعلها تشعر بالسعادة معك.
- غير من روتين حياتكم وروتين الجماع وابتكر أشياء جديدة تساعدكم على كسر ذلك الروتين.
- لا تعطيها ظهرك بعد العلاقة، بل قدم لها الحب والحنان والمشاعر الطيبة الجميلة التي تشعرها أنها لست جارية بل هي زوجتك التي تحبها وتعاشرها بالمعروف.
- تجنب الأشياء التي تتسبب لها في الإيذاء النفسي.
- إذا كنت غير قادر على معالجة المشكلة فعليك الاستعانة بطبيبة مختصة تساعدك وتساعدها أيضًا على التخلص من تلك المشاعر السلبية.
لا تجعل معرفة حكم الامتناع عن الزوج شغلك الشاغل، ابحث عن كيفية علاج تلك المشكلة أيضًا واجتهد في حلها فالأمر بيدك وأنت فقط من يستطيع السيطرة عليه.