حوار بين الأم وابنتها عن الحجاب

حوار بين الأم وابنتها عن الحجاب

الحوار بين الأم وابنتها عن الحجاب يُمكن أن يكون مدعاة لالتزام الابنة بالحجاب الشرعيّ ومواصفاته التي أمرها الله بها، وتتخذ من والدتها مثالًا تحتذي به.. فيكون الحوار بنّاءً بحق، ومن خلال موقع سوبر بابا يسعنا أن نذكر ما يجب أن تتحدث فيه الأم مع ابنتها في مثل هذا الشأن.

حوار بين الأم وابنتها عن الحجاب

عادةً ما يأتي الحوار البنّاء بنتائجه المُثمرة إن كان مُستهدفًا إيصال المعاني الصائبة من خلاله، كنوع من النقاش في موضوع ما لإقناع الطرف الآخر به بالأدلة والبراهين.

فما إن كان الحوار بين الأم وابنتها، على الأم أن تكون الطرف الأكثر تفاعلًا مع مُجريات الحوار.. فتُجيب على تساؤلات ابنتها المحتملة، بصدر رحب وحكمة دون تعنيف أو سُخرية.

فمن الجميل أن يكون هناك أسلوبًا حواريًا يجمع بين الأم وأبنائها، لتُعودهم على تلك الصفة الإيجابية، فيُحبون أن يتحاوروا، ويجدون في النقاش متعتهم.. كالحوار بين الأم وابنتها عن الحجاب.

الأم: أريد أن أحدثك في موضوع هام يا ابنتي، فها أنت قد وصلتِ إلى سن التكليف، وهناك من الأحكام في الشريعة الإسلامية ما وضعت من أجلك عليكِ أن تعلمينها.

الابنة: كلّي آذان صاغية أمّاه.

الأم: أتعلمين يا فتاتي أن المرأة المُسلمة فرض عليها الاحتشام، حتى تستتر من أعين الرجال الأجانب عنها، فلا تكون فتنة لهم، فهي حلالٌ لزوجها فقط، ولا يجوز أن تتسبب في فتنة غيره، سواء كان ذلك بزينتها أو ما ترتديه.

الابنة: أعلمُ ذلك يا أمي، ولهذا أحرص في ملابسي أن تكون بقدر من الحشمة، فأنا الآن أبلغ من العمر أربعة عشر عامًا.

الأم: سنُ التكليف يا ابنتي هو السن الذي ترى فيه الفتاة حيضها، فتكون بالغة يُطبق عليها أحكام في الشرع، فلا تُخالفها، أريد أن أستهل في حديثي معك بما ذُكر في كتاب الله تعالى في سورة الأحزاب:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)“.

كما ذكر الله تعالى في سورة النور: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)”.

فالمُراد من الخمار غطاء الرأس، وهذا أيضًا ما أكد عليه رسول الله في غير موضع من الأحاديث الشريفة، وقد أجمع العلماء والفقهاء أن الحجاب واجب كل امرأة مسلمة، من قُبيل الفروض الواجبة.

الابنة: أتعلمين يا أمّاه.. في الحجاب جمالٌ لا يُضاهيه جمال آخر، عادةً ما كنتُ أرى في وجوه الفتيات المُحجبات الملتزمات نورًا صريحًا بإيمانهنّ.

الأم: بارك الله فيكِ يا ابنتي.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين بالإنجليزي عن الإنترنت

مواصفات الحجاب الشرعي

لا يخلو الحوار بين الأم وابنتها عن الحجاب من صميم الحكم وتفصيلها، فلا يجب أن تنصحها بالحجاب دونما التطرق إلى شروطه وآدابه.

الأم: أتعلمين يا ابنتي أن المقصود من الحجاب كما في الشرع ينأى عن تلك الصورة المشوّهة الممسوخة لدى بعض الفتيات؟

الابنة: قرأتُ يا أمي في كتاب أن هناك تزامن بين التستر في الظاهر وتقوى القلوب، فالتقوى كذلك سترًا لعورات القلب كما يكون اللباس سترًا لعورات البدن.. وكلاهما معًا يساعد في النقاء والوصول إلى ما أمر به الخالق.

الأم: تمامًا يا ابنتي.. فالله سبحانه وتعالى أعلى من شأن المرأة، وجعل لها كل الحق بعدما كانت تُهان وتُباع وتُشترى في الجاهلية الأولى.. وما الأحكام الإلهية إلا حمايةً لها فتزيدها شرفًا وطُهرًا.

الابنة: أخبريني يا أمي عن مواصفات الحجاب الشرعي.

الأم: إنّه يجمع بين مجموعة من الشروط والآداب.

  • أن يكون فضفاضًا واسعًا، فلا يُعتد باللباس الضيق، الذي يُبرز ملامح الجسم أو يُحدد أجزائه.
  • الستر في لباس الحجاب الشرعي معناه أن يُغطي سائر البدن عدا الوجه والكفين، فما ترينه يا ابنتي اليوم على بعض الفتيات ليس بحجاب من قريب أو من بعيد.
  • لا يصف ما تحته ولا يشف، فيكون لباس الحجاب سميكًا لا خفيفًا.
  • كما أنه يجب أن يبعد عن ملابس الرجال، كالبنطال وغيره من مواصفات ما يرتديه الرجل، فقد منع الله النساء التشبه بالرجال والعكس.
  • لا يكون الحجاب زينة في نفسه، بمعنى ألا يحتوي لباسها على ما يلفت أنظار الرجال، ويثير فتنتهم، فيبطل المقصود من الحجاب والحكمة من فرضه.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن التعاون المدرسي

الجانب النفسي في الحجاب

يصل الحوار بين الأم وابنتها عن الحجاب أوجّه والغرض المطلوب منه إن ناقشت ابنتها عمّا وراء الفرض من حكمة بالغة، وكللّت حديثها بالتعمق فيما يدور برأس ابنتها حول فرض الحجاب.. فكأنها تدخل إلى أغوار نفسها لتجعلها على قناعة.

الأم: أتعلمين يا فتاتي، أن لكل فعل إنساني ظاهر وباطن، وإن كان ظاهر الحجاب مُكلل بالمواصفات والشروط كالملابس الفضفاضة، فإن جانبه النفسي ينم عن أن الالتزام به أمر محمود، يحتاج إلى مجاهدة كبيرة، حتى تصل الفتاة المسلمة إلى الإيمان به.

الابنة: أعلمُ يا أمي.. فالحجاب يجعل المرأة تحيد عن كثير مما تهوى، فلا أدوات للزينة، ولا ألوان لامعة، ولا ملابس فاتنة.. فتُحجم نفسها، وتكبت شهواتها، وتحد من فتنتها الظاهرة، فتخرج للعالم كإنسانة لا كأنثى.

الأم: كذلك يا ابنتي إن تجاوزنا المواصفات الشكلية للمحجبة، يبقى لنا أمر هام، وهو سلوكها الدال على إسلامها وعفتها، فكثيرًا ما ترين مُحجبات أبعد ما يكون عن الالتزام، فكيف تكون مُحجبة وهي الأعلى صوتًا والأكثر مزاحًا مع هذا وذلك؟

الابنة: بالطبع يا أمي، يجب أن يدل الحجاب على طمأنينة في نفس صاحبته، ليس بانغلاق أو تزمّت كما ينعتونها، ولا تخلّف أو رجعية كما يصفها العلمانيون.. بل تتمسك بالهدى ظاهرًا وباطنًا، سرًا وعلانية، وتُطبق الحجاب بمعناه الحقيقي.. الذي يتجلى في رقيّ السلوك والهدى.

فقد قال الله تعالى في مُحكم التنزيل: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) سورة النحل.

كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ (صحيح البخاري).

الأم: سعيدةٌ أنا من صميم قلبي أنني أستمع إلى تلك الكلمات منكِ.. بارك لي الله فيكِ.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الاحترام سؤال و جواب

لماذا الحجاب؟

يُكلل الحوار بين الأم وابنتها عن الحجاب ببعض النصائح الطيّبة، التي تُعرب من خلالها الأم عن احتوائها لابنتها بحنوّ بالغ، حيث تُمهد لها الطريق الصائب وتتركها تذهب إليه بمحض إرادتها.

الأم: دعيني أخبركِ في نهاية الأمر يا ابنتي أن الحجاب من الستر، وهو لا يقتصر على غطاء الرأس بل هو غطاء للبدن، لكن ما يجعلكِ دومًا مُتمسكة بحجابك أن تعلمي الحكمة من فرضه.

الابنة: إنّه أمر من الله -عز وجل- يا أمي كما ذكرتِ لي في الآيات المحكمات.

الأم: علاوةً على ذلك، فإنه فرضٌ من الله منعًا لأذى المرأة، فلا تتعرض إلى انتهاكات أو مضايقات، فيكون الحجاب حمايةً لها حفظًا لجسدها مِن كل مَن كانت أخلاقه دنيئة أو نيته من السوء أو في قلبه مرض.. حتى لا تقع المرأة فريسة للنيل منها لأنها مطمع، ومن هنا كان في مخالفة الحجاب إثم بالغ.

كما أن الطبيعة التي فطرنا الله عليها تدعو المرأة أن تتمنع وتترفع عن الرجال، فتقيم بينها وبينهم حجابًا ساترًا لها، حتى تكون مطلوبة بعفة ونقاء، فالحريص على خطبتها يُحاول بالطرق الشرعية الوصول إليها، ولا يستحل النظر إليها ومفاتنها وهي لا تحلّ له.

الابنة: أراد الله تكريمنا ففرض علينا الحجاب، جميلٌ حديثك يا أمي، وأعدك أنني سأحاول جاهدة أن أبدأ في ارتداءه عن قناعة منّي، وأجعل ملابسي تتناسب مع الحجاب الشرعي.

يجب أن ينطوي الحوار بين الأم وابنتها عن الحجاب على أنها تؤجر عليه، فهو يقترن بالطهر والعفاف، وهو انتصارٌ لدين الله.