أعلام الكتاب في العصر العباسي الثاني
شهد العصر العباسي الثاني، الذي يبدأ فعلياً مع انتهاء خلافة المتوكل، بروز عدد من الكتاب البارزين في فن النثر، ومن بين هؤلاء الأعلام:
إبراهيم بن العباس الصولي
إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول المعروف بكنيته أبو إسحاق، هو مولى يزيد بن المهلب، وكان جده جزءًا من revolt ضد الدولة الأموية وقتل في تلك الحرب. بعد استيلاء العباسيين على الحكم، أُدخل إبراهيم في دائرة المقربين منهم. عُرف ككاتب وشاعر بارع، وهو وأخوه عبد الله كانا من أبرز الكتاب في الدواوين العباسية. على الرغم من قربه من ابن الزيات، واجه إبراهيم الكثير من المحن من أصدقائه. وُصف بأنه من أشعر المحدثين، وفقاً لقول أحمد بن يحيى.
عندما تولى المتوكل الحكم، اكتسب إبراهيم مكانة خاصةً لديه حيث أسند إليه رئاسة ديوان الرسائل، وكان يقوم بكتابة مختلف الرسائل مثل المنشورات والعهود والفتوحات والتعازي.
كان إبراهيم يمتنع عن كتابة الأفكار المتدفقة فور ورودها، بل كان يعود إليها ليُنقّحها ويبرزها بشكلٍ مميز، مركزاً على اختيار ألفاظ دقيقة وتجنب السجع. اعتمد في أسلوبه على الازدواج والجمل القصيرة، وضمّن كتاباته ملامح بلاغية مثل الطباق والجناس والتصاوير الفنية.
الجاحظ
أبو عثمان عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ، يقال إنه ينتمي إلى كنانة، وقد أُطلق عليه هذا اللقب بسبب جحوظ عينيه. اتسمت كتاباته بخصائص فريدة جعلته رمزاً من رموز الأدب في عصره، حيث كتب في مجالات ومجالات متعددة من الفنون النثرية.
ابن قتيبة
أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري وُلِد في العام 213 للهجرة، ببغداد وفق بعض الروايات، أو الكوفة حسب المصادر الأخرى. نشأ في بيئة علمية حيث حفظ القرآن والأحاديث النبوية وشيئاً من الشعر، وتردد على حلقات العلم للدراسة في علوم الشريعة الإسلامية. اعتُبر كاتبًا بارعًا حتى قيل فيه “الجاحظ خطيب المعتزلة وابن قتيبة خطيب أهل السنة”.
له مؤلفات شهيرة تشمل:
- معاني الشعر.
- عيون الشعر.
- عيون الأخبار، الذي اعتبره ابن خلدون أحد الأصول الأربعة للأدب.
- التفقيه.
- الحكاية والمحكى.
- الشعر والشعراء.
- أدب الكاتب وغيرها، حيث بلغت كتبه نحو ثلاثة وثلاثين كتابًا.
قرأ جميع مؤلفات الجاحظ، تعرض لمجموعة من المواضيع الثقافية الأجنبية وصاغها بأسلوب عربي بمهارة كبيرة، ونجح في الوصول إلى مستويات لم يستطع الجاحظ تحقيقها. كما خاض معارك أدبية لمواجهة تيارات شعوبية مُقللة من شأن العرب.
كتّاب بارزين آخرين في العصر العباسي الثاني
برز العديد من الكتاب أيضاً في هذه الفترة، ومن بين أبرزهم:
- سعيد بن حميد، الذي ارتقى في الدواوين حتى تولى ديوان الرسائل، مع التركيز على تدقيق ألفاظه واعتماد أساليب فكرية مُعالجة في إطار موسيقي.
- أبو العباس بن ثوابة، الذي كان من أبرز رؤساء الدواوين، واشتهر بدقة أسلوبه في كتابة الرسائل.