شعر للمتنبي يتناول موضوع العتاب

أشعار المتنبي في العتاب

استعار المتنبي العديد من أبيات العتاب في قصائده، ومن بينها ما يلي:

قصيدة “واحْر قلباه”

يبدأ في قصيدته الشهيرة “واحْر قلباه” بقوله:

واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ

وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

مالي أُكّتِمُ حُبًّا قَد بَرَى جَسَدي

وتَدَّعي حُبَّ سيفِ الدّولةِ الأمَمُ

إن كانَ يَجمعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ

فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ

قَد زُرتُهُ وسُيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ

وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ

فَكانَ أحْسَنَ خَلق الله كُلِّهِمُ

وكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشِّيَمُ

فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ

في طيّه أسفٌ وفي طيّه نِعَمُ

قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ

لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ

ألزَمتَ نفسَكَ شيئًا ليس يَلزَمُها

أن لا يوارِيَهمْ أَرضٌ ولا عَلَمُ

أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانثَنى هَرَبًا

تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ

عليكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتركٍ

وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا

أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر

تَصافَحَتْ فيه بيضُ الهندِ واللَّمَمُ

يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي

فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ

أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً

أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ

وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ

إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ

قصيدة “عدت يا عيد”

يقول في قصيدته المعروفة “عدت يا عيد”:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بِمَا مَضَى أَم بِأَمْرٍ فِيكَ تَجْديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ

فَليتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ

لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها

وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ

وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً

أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ

لَم يَترُكِ الدّهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي

شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ

يا ساقِيَيَّ أَخمرٌ في كُؤوسِكُما

أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ

أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني

هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ

إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً

وَجَدتُها وَحَبِيبُ النَفسِ مَفقودُ

ماذا لَقيتُ مِنَ الدُّنيا وَأَعجَبُهُ

أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ

أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً

أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ

إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ

عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ

جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ

مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ

ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ

إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ

مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ

لا في الرِحالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ

أَكُلَّما اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ

أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصْرَ تَمهيدُ

صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها

فَالحُرُّ مُستَعْبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ

قصيدة “كفى بك داء”

يقول المتنبي في قصيدته “كفى بك داء”:

كَفى بِكَ داءً أَنْ تَرى المَوتَ شافِيًا

وَحَسْبُ المَنايا أَنْ يَكُنَّ أَمانِيَا

تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَنْ تَرى

صَديقًا فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيًا

إِذا كُنتَ تَرضى أَنْ تَعيشَ بِذِلَّةٍ

فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيَا

وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ

وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيَا

فَمَا يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى

وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا

حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى

وَقَد كانَ غَدّارًا فَكُن أَنتَ وافِيًا

وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ

فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيًا

فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها

إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا

إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصًا مِنَ الأَذى

فَلا الحَمدُ مَكسوبًا وَلا المالُ باقِيًا

وَلِلنَّفْسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى

أَكانَ سَخاءً ما أَتَى أَم تَساخِيًا

أَقِلَّ اِشتِياقًا أَيُّها القَلبُ رُبَّما

رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا

خُلِقْتُ أَلوفًا لَو رَحَلتُ إِلَى الصِبا

لَفَارَقْتُ شَيبي مَوْجَعَ القَلبِ باكِيًا

وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحْرًا أَزَرْتُهُ

حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيَا

وَجُردًا مَدَدْنا بَينَ آذانِها القَنا

فَبِتنَا خِفافًا يَتَّبِعْنَ العَوالِيَا