المرأة الصحابية
لقد كان للصحابيات -رضي الله عنهن- تأثير كبير في حفظ الدين ونشر الدعوة الإسلامية. فإن التاريخ قد وثّق العديد من المواقف التي تُظهر دورهن الفعّال في نصرة الإسلام وخدمة رسالته. تُعتبر السيدة خديجة -رضي الله عنها- هي الأولى التي أسلمت، بينما قام عدد من الصحابيات -رضي الله عنهن- بتقديم الرعاية للجرحى في المعارك، وشارك بعضهن في القتال، وبرزت أخريات في المعرفة وحفظ الحديث النبوي. وقد نزل بسبب بعضهن آيات قرآنية تتلى إلى يوم الدين.
خمس من أبرز الصحابيات وخصائصهن
فيما يلي نستعرض أسماء خمس من الصحابيات الجليلات ونتحدث عن أبرز خِصالهن ودورهن في خدمة الدين الإسلامي ونشر دعوته.
خديجة بنت خويلد
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشيّة الأسديّة، هي زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأم أولاده، وقد كانت أول من دخل في الإسلام من النساء والرجال جميعًا. عُرفت -رضي الله عنها- بنقاء قلبها ومكانتها العالية، حيث لُقّبت بالطاهرة قبل الإسلام. تتميز بقوة عقلها وصبرها على إيمانها، وبدعمها القوي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في بداية الدعوة. وقد روى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فضلها، فقال: (أفضلُ نساءِ أهلِ الجنةِ خديجةُ بنتُ خويلدٍ…). توفيت بعد وفاة عم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبي طالب، حيث تركت حزناً عميقاً في قلبه، وقد بلغ عمرها حوالي خمسة وستين عاماً عند وفاتها.
خولة بنت ثعلبة
خولة بنت ثعلبة، المعروفة أيضاً بأسماء أخرى مثل خويلة أو خولة بنت مالك، هي صحابية عظيمة شهدت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ذُكرت في القرآن الكريم بتفاصيل قصتها مع زوجها أوس بن الصامت، حيث سمع الله -تعالى- شكواها، وأنزل آيات تتعلق بالظهار في سورة المجادلة. كانت خولة -رضي الله عنها- ذكية وحريصة على حكم الله، وقد كانت جريئة في قول الحق، وعظت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خلال فترة خلافته. عُرفت بتفانيها تجاه أسرتها ورعايتها لهم في جميع الظروف.
نسيبة بنت كعب
تعتبر نسيبة بنت كعب، المعروفة أيضاً بأم عمارة، من النساء اللاتي بايعن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة الثانية. كانت حاضرة في الغزوات والقتالات، تُعالج جرحى المسلمين وتُظهر شجاعة بارزة، حيث دافعت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في معركة أحد رغم الظروف الصعبة، وتحملت جروحاً كثيرة في سبيل ذلك. تميزت كذلك بالحكمة والرؤية الثاقبة، وكانت تسعى دائماً في تعزيز الدعوة الإسلامية وتعليم أبنائها حبّ الإسلام.
أسماء بنت أبي بكر الصديق
أسماء بنت أبي بكر الصديق، زوجة الزبير بن العوام، كانت من أوائل من أسلم. عُرفت بلقب ذات النطاقين بسبب شق نطاقها لتربط به طعام النبي -صلى الله عليه وسلم- ووالدها عند هجرتهما. برعت في الفصاحة والشجاعة، وشاركت في معارك مثل معركة اليرموك. وقفت بجانب ابنها عبد الله بن الزبير في محنته ضد الظلم، وحثّته على عدم الاستسلام، وعندما قُتل صبرت واحتسبت. توفيت عن عمر يناهز المائة عامًا.
الخنساء بنت عمرو
تماضر بنت عمرو بن الحارث السلميّة، المعروفة بالخنساء، قدمت مع قومها حين أعلنوا إسلامهم. كانت شاعرة متميزة وعُرفت بفصاحة لسانها في الجاهلية والإسلام. بدأت قصتها الملحمية عندما ضحت بأبنائها الأربعة في القادسية، حيث شجّعتهم على الجهاد ومواجهة الأعداء حتى استشهدوا، وقامت بصبر ولياقة أمام هذه المحنة. توفيت -رضي الله عنها- في الصحراء زمن خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، في السنة الرابعة والعشرين للهجرة.