صلاة التطوع: أنواعها وأهميتها

أنواع صلوات التطوع

تُعرف صلاة التطوع بأنها تلك الصلوات التي يؤديها المسلم بخلاف الصلوات الخمس المفروضة، مما يُعبر عن زيادة في الخير وطلبًا للأجر. تُقسم صلاة التطوع إلى نوعين:

  • التطوع المطلق

ويقصد به الصلوات التي لا تحدد بنص شرعي معين من حيث عدد الركعات أو أوقات الصلاة، مثل قيام الليل، حيث يمكن أن تُصلى ركعتين، أو أكثر، في أي وقت من الليل سواء في بدايته أو منتصفه أو نهايته.

  • التطوع المقيد

وهو الذي يُحدد بشروط وأحكام نص عليها الشرع، مثل سنة الفجر، التي لها وقت محدد وشروط معينة لتحقق صحتها.

صلاة السّنن الراتبة

تُعتبر هذه الصلاة متعلقة بالصلوات الفرائض، وقد رتبها الشرع للصلاة قبلها أو بعدها، مشجعًا على أدائها. وقد ثبت أنها تتكون من عشر ركعات: ركعتان قبل الفجر، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء. وقد أضاف بعض العلماء ركعتين قبل الظهر، مما يجعل الإجمالي 12 ركعة، تحصيلًا لفضل الحديث النبوي: (ما من عبدٍ مسلمٍ يصلي لله يوميًا 12 ركعة تطوعًا، غير الفريضة، إلا بَنَى الله له بيتًا في الجنة).

تتميز سنة الفجر بالخصوصية؛ فهي سنة مؤكدة لم يتركها النبي -صلى الله عليه وسلم- أبدًا حتى في السفر، وإذا فاتته قضاها، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللهَ عز وجل زادَكم صلاةً إلى صلاتِكم، هي خيرٌ من حُمْرِ النَّعَمِ، وهي الركعتان قبل صلاة الفجر).

صلاة الضحى

تُصلى هذه الصلاة بعد شروق الشمس بمدة قصيرة، وتمتد حتى قبل صلاة الظهر بعشرين دقيقة تقريبًا. وغالبًا ما يكون هذا الوقت وقت انشغال الناس بالأعمال، مما يجعل القليل منهم يحافظ على أدائها، ولذلك سمّاها النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الأوابين، حيث قال تعالى: (فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا). وهي من السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

وقد ورد في الحديث: (يصبح على كل سلامى- مفصل- من الناس في كل يوم تطلع فيه الشمس صدقة، فبكل تسبيحة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ويجزئ عن ذلك ركعتا الضحى)، فهي صلاة تُعبر عن شكرنا لله -عز وجل- على نعمه العديدة، بما في ذلك نعمة الصحة والعافية.

صلاة الوتر

تُعتبر صلاة الوتر سنة مؤكدة لم يتركها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتبدأ بعد صلاة العشاء وتنتهي عند طلوع الفجر. وقد ورد في الحديث النبوي (الوِترُ حقٌّ على كلِّ مسلمٍ، فمن أحبَّ أن يوترَ بخمسٍ فليفعل، ومن أحبَّ أن يوترَ بثلاثٍ، فليفعل، ومن أحبَّ أن يوترَ بواحدةٍ فليفعَلْ).

في هذا الحديث توجيهٌ لحثِّ المسلمين على الحرص على تأدية الوتر، فهو حق لا ينبغي التفريط فيه. الحد الأدنى لعدد ركعات صلاة الوتر هو ركعة واحدة، أما الكمال فيكون بحد أدنى ثلاث ركعات. إذا صلّى المسلم الوتر في أول الليل، فلا مانع له من أداء قيام الليل، لكن لا يُعيد صلاة الوتر، لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا وِترَانِ في لَيْلَةٍ).

صلاة الليل

تُعرف أيضًا بصلاة التهجد، حيث تُصلى بعد صلاة العشاء بخلاف الوتر وركعتي السنة الراتبة. كانت هذه الصلاة تُعتبر فرضًا في حق النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم أصبحت مؤكدة، حيث قالت عائشة أم المؤمنين: (كان لا يدعُ قيامَ الليلِ)، وهي صلاة غير محدد عددها، وقد وردت آيات في القرآن تحث عليها مثل:

  • (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ).
  • (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).
  • (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ).
  • (أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا).

صلاة التراويح

تُصلى صلاة التراويح في شهر رمضان بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، وهي سنة مؤكدة للرجال والنساء. يُستحب أداؤها في جماعة مع إطالة القراءة والاستراحة بين كل أربع ركعات. وقد سأل الصحابة عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فأجابت: (ما كان يَزيدُ في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن).

تحية المسجد

تحية المسجد هي صلاة ركعتين بنيّة تحية المسجد، ويُنصح المسلم بأدائها عند دخول المسجد. وقد روى أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه-: (دخلتُ المسجدَ فإذَا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ وحدَهُ فقال: يا أبا ذرٍّ إنَّ للمسجِدِ تحيةً وإن تحيَّتَهُ ركعتانِ، فَقُمْ فاركعْهُمَا. قال: فركعتُهُما ثمَّ عدتُّ).

تحية المسجد لها شروط خاصة، منها:

  • عدم كونها في أوقات النهي عن الصلاة، مثل وقت شروق الشمس وبعد صلاة العصر.
  • دخول المسجد في حالة وضوء.
  • أن لا تصادف إقامة صلاة الجماعة، أو خروج الخطيب للخطبة يوم الجمعة والعيدين.

صلاة الكسوف

صلاة الكسوف والخسوف تُعتبر سنة مؤكدة عند اختفاء ضوء الشمس أو القمر، حيث يُصلي المسلم ركعتين، وفي كل ركعة هناك قيامان وقراءتان وركوعان وسجدتان. يمكن أن تُصلى ركعتين كصلاة التطوع، وتكون في جماعة في المسجد، حيث تتواجد النساء خلف الرجال. يُفضل أن يطيل الخطيب في القراءة، وقد يقرأ من سورتي البقرة وآل عمران.

صلاة الاستسقاء

تُعتبر صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة للرجال والنساء والأطفال عندما يكون هناك حاجة للغيث وانقطاع المطر. يُفضل أن تُقام هذه الصلاة جماعة في الصحراء، كما يمكن أن تُصلى منفردة أو في المسجد، ويُستحب أن تُقام مع خطبة ودعاء والدعاء فيها يكون بتذلل دون تزيّن. وقد جاء في الحديث الصحيح: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ إلى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي، وَأنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ، اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ).

سجود التلاوة والشكر

عند قراءة المسلم لآيات السجدة، يُستحب له أن يسجد ممتثلًا لأمر الله وخاضعًا له، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعن عبد الله بن عمر: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ ونَسْجُدُ معهُ، حتَّى ما يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ).

كما اشترط بعض العلماء الوضوء عند السجود لاعتبارها صلاة. ليس هناك شرط للتسليم، ويُفضل قول العبارة: “سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين”، وهذا يشمل سجود الشكر عند وقوع أمور سارة أو لدفع سوء.

صلاة ركعتين بعد الوضوء

تعتبر ركعتا الوضوء سنة مؤكدة ترتبط بسبب الوضوء. إذا توضأ المسلم ليلًا أو نهارًا، أو في أوقات النهي، يُستحب له الصلاة، كما جاء في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إلا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ).

صلاة التوبة

جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ من أركان التوبة والاستغفار، صلاة ركعتين أو أربع يكثر فيها المصلي من الذكر والخشوع، مع الندم على ما قام به، كما روى الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن رَجُلٍ يُذنِبُ ذَنبًا ثمَّ يقومُ فيتطهرُ ثمَّ يُصَلِّي ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ إلا غَفَرَ اللَّهُ له).

صلاة الاستخارة

تُعتبر صلاة الاستخارة ركعتين يؤديها المسلم عندما يحتاج إلى الهداية في اتخاذ قرار مصيري. وفيها يسأل الله -عز وجل- أن يختار له الخير. يمكن تكرار صلاة الاستخارة حتى ينشرح صدر الشخص تجاه القرار الذي يختاره. لا يُشترط أن يُرى ذلك في المنام كما يعتقد البعض، وقد جاء في الحديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: “إذا همَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب…”).

صلاة التطوع المطلق

تُمثل صلاة التطوع المطلق قدرة المسلم على أداء ما يشاء من صلوات في الليل أو النهار، بعيدًا عن الأوقات المحدودة، باستثناء أوقات النهي. ومن المستحسن عندما يرغب المسلم في التطوع اختيار الأوقات الفاضلة، مثل الثلث الأخير من الليل، حيث يُعد وقت استجابة. يمكن أداؤها ركعتين ركعتين أو كصلاة متصلة، ويجوز أن تُصلى قائمًا أو جالسًا، ولكن يُعتبر الأجر المُخصص أقل عند الصلاة جالسًا بدون عذر.