إن أعراض الاكتئاب، القلق، والخوف قد لا تؤدي إلى انهيار الشخص المصاب بها، لكنها تسبب له شعورًا دائمًا بالاضطراب والخوف من العديد من جوانب حياته. هذا الأمر أثار اهتمام الأطباء النفسيين في جميع أنحاء العالم. في هذه المقالة، سنتناول تعريف مرض الاكتئاب وأعراضه.
أعراض الاكتئاب والقلق والخوف
قبل التطرق إلى أعراض الاكتئاب والقلق والخوف، يجدر بنا أولًا فهم مفهوم الاكتئاب وأنواع القلق والتوتر.
مفهوم الاكتئاب
الاكتئاب هو اضطراب نفسي شائع يؤثر سلبًا على مشاعر الفرد، أفكاره، حالته الجسدية والنفسية، وطريقة تفاعله مع الآخرين.
يسبب الاكتئاب شعورًا بالحزن، القلق، التوتر، وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تثير حماسه سابقًا.
قد يؤدي الاكتئاب إلى مجموعة من المشكلات الجسدية والنفسية، حيث يستنزف الطاقة ويقلل من القدرة على العمل.
كما يمكن أن يتسبب في فقدان الشهية والوزن، بالإضافة إلى مشكلات النوم والأرق.
في بعض الحالات، قد يؤدي الاكتئاب إلى نوبات من النوم المفرط، مما يترتب عليه شعور بالتعب الجسدي والذهني المتزايد.
كذلك، قد يخلق الاكتئاب مشاعر انعدام القيمة، والتفكير في الموت أو الانتحار.
تشير التقديرات إلى أن شخصًا واحدًا من كل 15 بالغًا قد يصاب بالاكتئاب، حيث يمكن أن يحدث في أي فترة زمنية، لكنه يظهر بشكل بارز في مرحلة المراهقة المتأخرة، من 20 إلى 25 سنة. تُظهر الدراسات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، حيث يصاب ثلثهن به في جميع أنحاء العالم.
كما يمكن أن يتوارث الاكتئاب بين الأقارب في الدرجات الأولى.
أنواع القلق والتوتر
تنوعت أنواع القلق والتوتر بحسب الأفراد، ومن أمثلة هذه الأنواع:
- الخوف من الأماكن المزدحمة، مثل الميادين والحدائق العامة، والمعروف باسم “أغروفوبيا”.
- القلق من الإصابة بمشكلة صحية معينة، الأمر الذي تسبب في معاناة المريض سابقًا وقد يستمر معه.
- اضطراب القلق المعمم الذي يضع المريض في حالة من الانطواء والقلق المفرط من القيام بالنشاطات اليومية.
- اضطراب الهلع الذي يشعر فيه المريض بضيق التنفس ووجع في الصدر نتيجة خوف شديد يعود في فترات قصيرة.
- الصمت الاختياري الذي قد يعوق المريض عن التحدث في الكثير من المواقف، مما قد يستمر لفترة طويلة.
- الرهاب الاجتماعي، الذي يُعرّف بالخوف من التفاعلات الاجتماعية والارتباط بالناس، بسبب ضعف الثقة بالنفس والخجل.
أعراض الاكتئاب والقلق والخوف
تمثل أعراض الاكتئاب والقلق والخوف ظواهر طبيعية تمر بها جميع البشر. لكن حين تستمر هذه الأعراض لأمد طويل حتى تتسبب في تغير تدريجي في حياة الفرد، يمكن اعتبارها علامة على الاكتئاب والاضطرابات النفسية التي تعوق سير الحياة الطبيعي.
يتسم الاكتئاب بصعوبة تحديده في بداياته، كما لا يظهر بشكل جلي على الشخص المصاب. ومع ذلك، يمكن أن تظهر بعض الأعراض التي تتفاوت من مريض لآخر، مثل العصبية المفرطة، التوتر، وصعوبة التركيز.
تعد migraines والصداع العام من الأعراض الشائعة للقلق، بالإضافة إلى صعوبة التنفس والإحساس بالتوتر.
كذلك، قد يعاني المرضى من صعوبة في النوم والأرق، فضلاً عن الارتباك أثناء الحديث، والمتاعب الجسدية كالأسهال وآلام البطن والتعرق الشديد.
يمكن أن تظهر هذه الأعراض بشكل متباين لدى كل فرد، ولا يتطلب الأمر أن يعاني المريض منها مجتمعة. ويمكن لأي شخص أن يتعرض لمثل هذه الأعراض بمختلف الأشكال دون أن يكون مصابًا بالاكتئاب.
تؤثر هذه الأعراض على الصحة النفسية للفرد وقد تسبب له توترًا دائمًا، حتى أن مرضى الاكتئاب غالبًا ما يجدون صعوبة في تذكر متى كانت آخر مرة شعروا فيها بالراحة.
هل يختلف الاكتئاب عن الحزن؟
نعم، هناك فرق واضح بين الاكتئاب والحزن. فقد يتسبب حدث صادم مثل وفاة أحد الأقارب في شعور عميق بالحزن. رغم أن الحزن يمكن أن يتحول إلى اكتئاب، إلا أنه يعد تجربة طبيعية يمكن أن يمر بها أي إنسان.
تتقارب أعراض الاكتئاب مع مشاعر الحزن مثل الانطواء وعدم التفاعل مع الأنشطة الاجتماعية. ومع ذلك، قائمة الأعراض الاكتئابية تشمل الشعور الدائم بالاكتئاب والقلق، وتفكير محبط بالأفكار المظلمة.
الحزن عرضي، حيث يمكن أن يتسبب في ذكريات مؤلمة ولكنه لا يؤدي بالضرورة إلى مشاعر قوية من انعدام القيمة أو التفكير في الانتحار، وهو ما يُحَدِّد الفرق بين الحالة النفسية الطبيعية والاكتئاب.
ما هو السيروتونين وعلاقته بالاكتئاب؟
السيروتونين هو ناقل عصبي في الدماغ مسئول عن نقل الإشارات العصبية. يلعب السيروتونين دورًا مهمًا في ربط خلايا الدماغ ببعضها البعض، وانخفاض مستوياته يُعتبر مزعجًا للغاية، مما قد يسفر عن الاكتئاب.
يؤثر السيروتونين على الحالة النفسية والمزاجية للفرد، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل حرارة الجسم، النوم، الشهية، وصحة العظام. تحتوي الأدوية المضادة للاكتئاب على مكونات من السيروتونين لتعويض النقص وتحسين توازن كيمياء الدماغ.
كيف يتم علاج الاكتئاب؟
يُعتبر الاكتئاب من الأمراض النفسية السهلة العلاج، حيث يستجيب 90% من مرضى الاكتئاب للعلاج بصورة فعالة. يقوم الأطباء بإجراء تقييم شامل لحالات المرضى قبل وصف العلاجات.
قد يتطلب الأمر أيضًا بعض التحاليل والفحوص الطبية للتأكد من عدم وجود أسباب جسدية للاكتئاب، مثل مشكلات الغدة الدرقية أو نقص الفيتامينات.
يقوم الأطباء أيضًا بتقييم التاريخ الطبي للعائلة لمعرفة ما إذا كان الاكتئاب وراثيًا أو لا، بالإضافة إلى مراجعة الأدوية التي يتناولها المريض لتحديد تفاعلاتها مع العلاج.
قد يقوم الأطباء بوصف أدوية مضادة للاكتئاب تدعم حالة المريض، وقد تتطلب الأدوية عدة شهور لتحقيق تأثيرها الكامل، بينما يشهد البعض تحسنًا سريعًا في غضون أسبوع.
في حال عدم استجابة المريض للعلاج، يجب عليه المتابعة مع طبيبه لتعديل الجرعة أو اختيار أدوية بديلة.