العِلم بعلامات الساعة الكبرى والصغرى كاملة يُعزز في قلب المؤمن الزُهد في الدنيا والعمل للآخرة؛ لأن المؤمن عندما يعلم اقتراب الأجل ودنوه منه، يسعى جاهدًا لإصلاح علاقته بربه ويكُفّ عن ارتكاب الذنوب والمعاصي ويتوجه إلى الله عز وجل بقلبه، ويمكن معرفة أشراط قيام الساعة من خلال موقع سوبر بابا.
علامات الساعة والصغرى كاملة
تتفاوت علامات الساعة وأشراطها، وتدل تلك العلامات على قُرب قيام الساعة وقد تقع في مكان دون مكان، ومنها ما وقع في زمن ماضي، ومن العلامات ما يظهر في العصر الراهن مثل كثرِة الفِتن ونحوه، ومنها ما لم يظهر بعد.
علامات الساعة هي الإمارة التي تدُل على قيام الساعة وتأتي قبلها بفترة، وعلامات الساعة الكبرى هي الأقرب لقيام الساعة من الصغرى.
فتوجد العديد من علامات الساعة الكبرى والصغرى لا حصر لها، وقد ثُبِت بعضها بالدليل شرعي وثبت تواليها وتتابعها، وهناك علامات أخرى لا دليل على ترتيبها وقد يسبق أي منها الآخر.
أولًا: علامات الساعة الصغرى
تُعد تلك الأشراط إمارات على قيام الساعة، ولكنها تأتي قبلها بزمن، حتى اعتداد الناس حدوثها ووقوعها وأقبلوا على الدنيا بقلوبهم لا يلتفتون لغيرها، وتتعدد إلى أكثر من نوع:
- علامات حدثت زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وانتهت.
- هناك ما وقعت قبل ذلك وأخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
- علامات لم تقع بعد.
1- انشقاق القمر
تُعد من المعجزات التي تدل على ثبوت نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلامة من علامات قيام الساعة الصغرى، حيث طلب مشركو مكة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آية على صدق نبوته، فوقعت تلك المعجزة وانشق القمر فلقتين على مرأى الجميع.
قد بيّن الله -عز وجل- أنها من علامات يوم القيامة، حيث قال تعالى في سورة القمر: “اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2)”.
كما ورد في الحديث المروي عن عبد الله بن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “بيْنَما نَحْنُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بمِنًى إذَا انْفَلَقَ القَمَرُ فِلْقَتَيْنِ، فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اشْهَدُوا” (صحيح مسلم).
2- بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته
فقد أخبر النبي أن من علامات يوم القيامة هي بعثته إلى الأمة، فقد ورد في الحديث الذي رواه سهل بن يعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بُعِثْتُ أنا والسَّاعَةَ كَهذِه مِن هذِه، أوْ: كَهاتَيْنِ وقَرَنَ بيْنَ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى” (حديث صحيح).
3- فتح بيت المقدس
يعتبر فتح بيت المقدس من علامات يوم القيامة، والتي حدثت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها من أشراط الساعة وعلامتها الصغرى.
فقد جاء في الحديث الذي رواه عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ…” (صحيح)
4- خروج النار العظيمة من الحجاز
اختص الله -عز وجل- الحجاز بكونها أقدس مكان على وجه الأرض، وجعل من أشراط الساعة حدوث بركان عظيم فيها يُنبئ بقيام الساعة، وقد وقعت تلك العلامة في منتصف القرن السابع الهجري، وقيل إنها لُبِثَت نحو 50 يومًا.
حيث جاء فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى”.
5- ولادة الأمَة ربّتها
فقد ورد أنها من علامات يوم القيامة، والدليل على ذلك أن سيدنا جبريل قد أخبر النبي عنها، حيث جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها…” (صحيح)
ذكر العلماء العديد من التأويلات حول معنى ولادة الأمة ربّتها، فقيل هي أن تلد الجارية ولدًا حرًا من سيدها، وقيل المقصود اتساع رِقعة الإسلام، وقيل: كثرة العقوق حتى يضرِب الابن والدته ويضربها.
6- ظهور الفِتن بين الناس
المراد بالفتن هي الأعمال التي يختلط فيها الحق والباطل بين المسلمين، فيصعب التفرقة بينهما، وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته على الإكثار من الأعمال الصالحة؛ من أجل مُداهمة تلك الفتن.
قد جاء عن أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بادروا بالأعمالِ فتَنًا كقطعِ اللَّيلِ المظلمِ، يصبحُ الرَّجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا يبيعُ أحدُهم دينَهُ بعرضٍ منَ الدُّنيا”.
بيّن أنها لِعظمها تُبدِل العبد من حال لحال فيصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، وحذر منها وأمر بمواجهتها بفعل الأعمال الصالحة والإيمان بالله عز وجل.
7- ضياع الأمانة
المقصود بها التكليف بالعبادات والفرائض، الذي تحدث عنها القرآن أن الإنسان حملها، فقد قال تعالى في سورة الأحزاب: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72(“.
فتضييع الإنسان لتلك الأمانة بالبُعد عما أمر وارتكاب ما نهى الله عنه، فهو دليل على قيام الساعة، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وأخبر أن من علامات الساعة أن الأمانة تُنزَع من قلوب العباد، فيُصبح الصالح من أهل الخيانة؛ لزوال الخشية من قلبه.
فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ” (حديث صحيح).
8- كثرة الزنا وشرب الخمر
فانتشار الزنا وشُرب الخمر من أعظم العلامات، وذلك بأن يشيع الزنا بين الخلق وتفسد الذمم فلا يرون فيه بأسًا، وتنتشر الخمور بين الناس ويستحلّها الناس ويعتادون عليها، وهذا ما بدأ يظهر في هذا الزمان.
قد روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنَّ من أشراطِ السَّاعةِ أن يذهبَ العلمُ ويظهرَ الجهلُ ويُشربَ الخمرُ ويَفشُوَ الزِّنا ويَقِلَّ الرِّجالُ وتَكثرَ النِّساءُ حتَّى يكونَ قيِّمَ خمسين امرأةٍ رجلٌ واحدٌ“.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “يَشرَبُ ناسٌ من أُمَّتي الخَمرَ، ويُسمُّونَها بغَيرِ اسْمِها“، فبين رسول الله أن من كثرة استحال الناس لها يسمونها بغير اسمها.
9- انتشار الربا
فمن علامات قيام الساعة أن يكثر الربا بين الناس، فلا يتحرى أحدٌ الرزق الحلال، ولا يُبالي بأكل المال الحرام، فتُفسد الذِمم ويضعف الدين وتضيع الضمائر.
هذا ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: “لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ”.
10- كثرة اقتراف القتل
معلوم أن القتل من الكبائر التي حذرت الشريعة من ارتكابها، وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن كثرة القتل هي إمارة من إمارات يوم القيامة، حيث يكثر استباحة الدماء وتراق بغير وجه حق.
فقد ورد عن أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ“، والمراد من القتل هو كثرة قِتال المسلمين بعضهم لبعض دون اعتبار دين أو قرابة أو نسب.
11- ظهور الكاسيات العاريات
المراد به النساء اللاتي خلعن ثوب الحياء والعفة عن أنفسهن، يرتدين الرقراق من الثياب، أو يتسترن ببعض الثياب ويكشفن باقي جسدهن، ويمتنعن عن اللباس الشرعي الذي أوجبه الله عليهن، فهنّ كاسيات في الحقيقة إلا أنهن كالعاريات.
قد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهنّ لا يدخلنّ الجنة، وأن كثرة ظهورهن علامة من علامات الساعة.
فقد جاء عن أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا“.
12- قول الزور وكتمان الحق
فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن شهادة الزور من علامات قيام الساعة، فقد روى عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“بينَ يدَي السَّاعةِ: تسليمُ الخاصَّةِ، وفُشُوُّ التَّجارةِ حتَّى تُعينَ المرأةُ زوجَهَا علَى التَّجارةِ، وقَطعُ الأرحامِ، وفُشُوُّ القلَمِ، وظُهورُ الشَّهادةِ بالزُّورِ، وكِتْمانُ شَهادةِ الحقِّ.” (صحيح).
اقرأ أيضًا: علامات يوم القيامة الصغرى
ثانيًا: علامات الساعة الكبرى
تُعد من أقرب الإمارات لقيام الساعة، وتقع على غير المألوف وغير المتوقع وقد دلت على تلك الإمارات الآثار الواردة في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الاجتهادات الواردة عن أهل العلم من الفقهاء.
1- خروج المهدي المنتظر
فهو رجل صالح يحكم الإسلام، ويجدد للأمة دينها، ويبدل الجور والظلم الذي ملأ الأرض عدلًا، وتلك العلامة قد ثبتت في السنة، فقد روى عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
“لو لم يبقَ منَ الدُّنيا إلَّا يومٌ لطوَّلَ اللَّهُ ذلِكَ اليومَ حتَّى يَبعثَ فيهِ رجلًا منِّي – أو من أَهْلِ بيتي – يواطئُ اسمُهُ اسمي، واسمُ أبيهِ اسمُ أبي يملأُ الأرضَ قِسطًا وعدلًا، كما ملئت ظُلمًا وجَورًا“.
قد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من آل بيتِه عليه الصلاة والسلام فقد ورد في الحديث المروي عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ المهديُّ من عِتْرَتِي من ولَدِ فاطمة” (صحيح).
2- خروج المسيح الدجال
يُعد ذلك من أعظم العلامات، حيث إن خروجُه فتنة في الأرض لا ينفع فيها إلا من القابض على دينُه، فإنه رجل من بني آدم يُضلل الناس ويجعل الحق باطلًا، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة المسيح وبيّن أن ظهوره من العلامات الكُبرى لقيام الساعة.
فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ مَكْتُوبٌ بيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، ثُمَّ تَهَجَّاها ك ف ر يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِم” (صحيح).
اقرأ أيضًا: ثلاث علامات يرسلها الله قبل الموت
3- نزول عيسى عليه السلام
إن نزول سيدنا عيسى من أعظم الإمارات الدالة على قيام الساعة، وقد أخبر الله -عز وجل- عن تلك الإمارة في القرآن الكريم، حيث قال تعالى في سورة الزخرف: “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ..”
ذكر المفسرين أن المعنى: أن نزول سيدنا عيسى عليه السلام علامة على قيام الساعة، وأن نزوله علامة على فناء الدنيا والإقبال على الآخرة، وقال تعالى في سورة النساء: “وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159(“.. فالضميران هُنا يعودان على سيدنا عيسى عليه السلام.
4- خروج يأجوج ومأجوج
فقد بيّن الله -عز وجل- أنهم لن يخرجوا إلا آخر الزمان، حيث يأذن الله لهم بخرق السد والخروج بين الناس وبخروجهم تقوم الساعة، وقد جاء في الحديث الشريف: “وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه“.
أقرأ أيضًا: أين يقع السد يأجوج ومأجوج
5- طلوع الشمس من مغربها
تعد من العلامات غير المألوفة، وبخروجها لا ينفع فيها عمل ولا خير، فقد قال الله عز وجل في سورة الأنعام: “يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158(“.
6- خروج الدابة
حيث إنها من علامات الساعة والتي تكلم الناس حين خروجها وتميّز بين المؤمن والكافر، فقد قال الله تعالى في سورة النمل: “وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)“.
على العبد أن يُراقب نفسه ويُقوّمها نحو العبادة، ويبادر في التوبة والإقبال إلى الله قبل أن يأتي يوم تشخص فيه الأبصار.