فوائد قيام الليل
لقد جعل الله -تعالى- قيام الليل عبادةً مؤكدةً للعباده في كل ليلة، لكن ثوابها يختلف بين الرسول -صلَى الله عليه وسلَّم- وبقية المسلمين. فقد غفر الله -تعالى- لرسوله ما سبق من ذنوبه وما تأخر، لذا فإن طاعة الرسول وعبادته تُعتبر نافلة، في حين أن قيام الليل لغيره من المسلمين يعدّ وسيلة لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات. كما يُعتبر قيام الليل أفضل الصلوات بعد الصلوات المفروضة. حيث ذكر أبو هريرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: (وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)، وقد ورد في القرآن الكريم: (ومن الليل فتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا). وفيما يلي بعض الآثار والفوائد لقيام الليل:
- زوال الخوف والحزن مع الحصول على الأجر العظيم.
- المساعدة لتحقيق الأهداف الدنيوية والأخروية، والتقرب إلى الله، وتكفير السيئات، فقيام الليل هو أفضل الصلوات بعد الصلاة المفروضة.
- محبة الله -تعالى- وحفظه للعبد، ودليل على صلاحه، كما أنه علامة من علامات المحسنين، حيث قال -تعالى-: (إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون).
- مغفرة الذنوب، واستجابة الدعوة، وحفظ الله لعبده من الفتن، والفوز بالجنة والنجاة من النار. كما أن الله -تعالى- قد فضل القائمين على غيرهم بقوله: (أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا و قائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب).
- تنشيط الجسم، فقد قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقد، يضرب كل عُقدة عليك ليلٌ طويل، فارتقِد، فإن استيقظ فذكر الله، انحلت واحدة، فإن توضأ انحلت عُقدة، فإن صلى انحلت عُقدة، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلاً)، وقد كره الرسول الأمة التي تنام كل الليل.
- وصية النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لابنته فاطمة وزوجها علي بالتزام قيام الليل، وحث جميع الأزواج على التعاون في ذلك، فقال: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلّى، وأيقظ امرأته فصلّت، فإن أبَت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلّت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء).
- تيسير الأمر للعبد الذي قام لله في الليل يوم قيامة حين يقف الناس بين يدي الله، وتيسير حياته وتوفيقه، قال -تعالى-: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين). وعند دخوله الجنة يعوّضه الله عما تركه في الدنيا، فيزوّجه من الحور العين، ويمتّعه برؤية وجهه الكريم.
- قيام الليل تساعد صاحبها على تجنب الفحشاء والمنكر، وتعزز عزيمته في ترك المعاصي.
- مجازاة الله لعباده القائمين بأجر لا يعلمه إلا هو سبحانه، حيث قاموا بهذه العبادة بخفاء دون أن يراهم أحد، قال -تعالى-: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون).
العوامل المعينة على قيام الليل
هناك العديد من العوامل التي تساعد المسلم على القيام بالليل، وإليكم بعض هذه العوامل:
- التعرف على مكانة القائمين عند الله، وما أعدّ لهم من أجر عظيم أضعف مكانتهم عن الآخرين، وأن قيام الليل يُعتبر من أسباب إدخالهم في زمرة عباد الله الصالحين الذين اكتمل إيمانهم.
- التعرف على مكر الشيطان وما يسعى لتحقيقه من سوء العاقبة للعباد، فقد ذكر ابن مسعود أن الرسول رأى رجلًا نام الليل كله، فقال: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه).
- تذكر الموت وقصر الحياة، مما يدفع إلى الاجتهاد والعمل الجاد والابتعاد عن الكسل، فقد قال ابن عمر: أخذ رسول الله بمنكبيّ فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
- السعي لاستغلال العبد صحته وفراغه في العبادات والنوافل حتى يُكتب له الأداء في زمن عجزه.
- الحرص على النوم بعد صلاة العشاء مباشرة وتجنب السهر، لأن النوم مبكرًا يمنح الجسم القوة للاستيقاظ مبكرًا لأداء قيام الليل، والمحافظة على آداب النوم مثل الوضوء، وصلاة ركعتين، وقراءة المعوذات، وغيرها من الآداب، مع مراعاة تجنب الاكثار من الطعام والذنوب، والاهتمام بالقيلولة خلال النهار.
- حب الله -تعالى-، سلامة الصدر، والتخلي عن متع الدنيا.
أفضل أوقات قيام الليل
تجوز صلاة القيام في بداية الليل أو وسطه، لكن أفضل أوقاتها تكون في الثلث الأخير، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه كان يعتاد الإفطار في الشهر حتى يتم الاعتقاد بأنه لن يصوم، ويصوم حتى يظن أن لا يُفطر شيئًا منه، وكان لا يمكن أن ترى إلا مصليًا أو نائمًا خلال الليل. وهذا يشير إلى اتساع الوقت والتسهيل على المسلمين. ويؤكد أيضًا أن أفضل أوقات القيام تكون في الثلث الأخير من الليل، حيث قال الرسول لعمرو بن عبسة: (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون من الذاكرين الله في تلك الساعة فكن). حيث إن ذلك الوقت هو وقت نزول الله -عز وجل- إلى السماء الدنيا، فيغدق رحمته وفضله. والأفضل في القيام أن يجمع العبد بين الصلاة والاستغفار، كما تختلف مدة الثلث الأخير حسب طول الليل أو قصره.