فوائد فعل الخير في الإسلام كثيرة، ولا يقتصر مفهوم فعل الخير على الإعانة وإعطاء الصدقات، بل يتمثل في مصلحة المجتمع بشكل عام، وسنتعرف أكثر على هذا الموضوع من خلال موقع سوبر بابا.
فوائد فعل الخير في الإسلام
يوجهنا الإسلام للكثير من الأمور الأخلاقية التي يجب القيام بها، وحثنا رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بالكثير من الأمور الخيرة والأخلاقية التي من واجبنا القيام بها.
- عمل الخير في الإسلام يؤدي إلى تقدم الأمم ونهضتها، ففعل الخير عنوان لرقي الأمة وتحضرها، وإذا غابت تلك الصفات من الأمة يحل عليها الفقر.
- يرضا الله عن صاحب الخير، ويوفقه في حياته ويقرب منه العباد، ففعل الخير يرفع من شأن الإنسان المؤمن ويزيد من حسناته.
- تساعد الأعمال الخيرة على تلاشي الأمراض من المجتمع مثل الفقر، فتعاطي المخدرات، وانتشار الجرائم والسرقة.
- يُعد سببًا في تفريج الهموم وسعة الرزق، فالله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.
- يستجيب الله للدعاء، فحب الخير والسعي لفعله سبب في قبول الدعاء، قال تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) سورة الأنبياء.
- استثمار طاقة الشباب في إصلاح المجتمع، حيث يحدث استقرار في البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا، عندما يُساعد الناس الفقراء والمساكين ويتكفلون بهم، وسيشعر الناس بالأمان في المجتمع ولن يقلقوا من وقوع مصيبة بهم، فهم في مجتمع يساعد بعضه البعض.
- تقوية العلاقات بين الناس وبعضهم، وتنشئة رابطة أخوة ومحبة خالصة.
- تربية الناس على العطاء والابتكار.
- تنشئة أجيال صالحة مُدركة لمعنى فعل الخير.
- حفظ ماء وجه الفقراء والمحتاجين، بإعطائهم دون أن يحتاجوا للسؤال.
اقرأ أيضًا: اللهم اكتب لي الخير حيث كان
أثر العمل الخيري على النفس
يعتمد التعرف على فوائد عمل الخير في الإسلام الاهتمام بالتعرف على أثرها، فكل فعل يقوم به الإنسان يؤثر على نفسه سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، ويؤثر العمل الخيري كذلك في نفسه.
- التخلص من نوايا الناس السيئة، ففعل الخير بأنواعه يُساعد في تنقية نفوس الناس من كل حقد وكراهية ومن كل الصفات التي يمكن أن تُهدد استقرار المجتمعات.
- يشعر الإنسان بالسعادة وهو يقوم بأي عمل خيري، فالسعادة ناجمة عن العطاء والكرم، حيث ينتج الدماغ الإندورفينات التي تولد الشعور بالراحة والسعادة، فتعد مثل طريقة ليُكافئ بها الجسد صاحبه على كرمه وعطائه.
- يتخلص الإنسان من ضغوطاته النفسية، حيث أثبتت الدراسات النفسية أن الجسم يستهلك المشاعر المكبوتة في توليد مشاعر إيجابية عند مساعدة الآخرين، لذلك فإن أعمال الخير تُخلص الإنسان من القلق والتوتر ويزيد نسبة الأوكسيتوسين، الذي يعمل على خفض ضغط الدم والتوتر ويرفع من نسبة الشعور بالهدوء والراحة.
الرياء في فعل الخير
الرياء يعتبر حرامًا بإجماع، وهو أقبح أنواع الرياء المتعلق بالإيمان فهو شيم المنافقين، ويعد من الاستهواء برب العالمين، ومن الممارسات الخاطئة التي يفعلها بعض الناس أنه يتصدق على مجموعة معينة بهدف الحصول على منفعة من وراء ذلك، فهذا لا ثواب له في الآخرة.
لأن فعل ذلك يكون للحصول على شيء في الدنيا وليس خالصًا لوجه الله، ولكن إذا فعل شيئًا وكان في قصده أنها لله ثم عُرض عليه قصد دنيوي فشرك في نيته، فهذا صدقته لا تبطل ولكن يُنتقص من ثوابها لأنه لم يخلصها لله.
بعض الأغنياء نجدهم يوزعون زكاتهم بمجرد الرأي المرتجل ولا يرى ما هو الأصلح شرعًا ويتبع الشروط والضوابط التي تُتبع في توزيع الزكاة، والرجوع للعلماء الفاهمين لأحكام الزكاة، فتراه يُحدد المستحقين ويلزمهم بأمور وغيرها من الأشياء كأنه يتصرف في ماله الخاص وليست زكاة.
لكن يجب عليهم الرجوع للفقهاء ومشاورتهم في الأمر ومعرفة مصلحة الأمة، وتعيين الصدقات والزكاة والوصايا، فتصدق الغني على شخص ما أو الإحسان إليه بغرض الثناء أو المكافأة لا يصح، بل يجب أن يكون في نيته أنها خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.
حيث قال تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) سورة الإنسان، قال القرطبي: (ومتى أنفق ليريد من المنفق عليه جزاء بوجه من الوجوه فهذا لم يرد وجه الله فهذا إذا أخلف ظنه فيه من بإنفاقه وآذى).
كذلك الشخص الذي يتصدق بهدف الدعاء له فهذا يعتبر طلبًا للمعاوضة ولم يخلص لله والواجب عليه أن يكون قلبه خالصًا لله ولا ينتظر شيئًا في المقابل.
من العادات الشائعة أن الشخص المُتصدق يريد إظهار المنّة على من يعطيه، فيقوم بالعد له ويقول له أعطيتك وأعطيتك، سواء كان هذا الموقف فيما بينهم أو في مكان عام، فتبطل الصدقة ولا يؤجر عليها؛ لأنه لم يقصد الثواب لله وإنما لغرض لنفسه، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) سورة البقرة.
الذي يتصدق على مرأى من الناس بهدف السُمعة وأن يتحدث الناس عنه بالمدح، ويكون هذا الغرض غير مرئي لا يقبل الله منه عمله.
كالذي إذا أراد أن ينفق على مشروع ما، قام بعمل مؤتمر وأحضر الصحافة، وبعضهم لا يشارك في مشروع إلا إذا كان مكتوبًا عنه في الصحف والمجلات، وبعضهم يكرم الناس أفضل كرم في لقاءاته وتجمعاته مع الناس.
لكن إذا لجأ له فقير أو احتاجه أحد أقاربه امتنع عن المساعدة، يجب أن يعلم هؤلاء أن ما يفعلوه من رياء يبطل الصدقة كما في قوله تعالى: (كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) سورة البقرة.
أما إذا حتم عليه الجهر بالصدقة بسبب أمر ما وترتب عليها أشياء جيدة كإخبار الناس بأهمية مشروع ما أو للاقتداء به فليس عليه حرج ولا يعتبر من الرياء لأن مقصده كان خيرًا.
من المسائل الخطيرة أن ينحاز في صدقته، فلا يتحرى عن المستحق فيها فيعطيها لقريبه الذي لا يستحقها لينال رضاه ومدحه، أو يعطيها لناس يريد منهم مصلحة ما، أو يكون فقيرًا يدين له فيخصم الزكاة منه وهذا شيء خاطئ.
من الأكيد أن فوائد عمل الخير في الإسلام يمكن أن تأتي بتأثير مجتمعي جيد مع وجود الرياء، إلا أن العبد لا يحصل منها على أي حسنات تُفيده يوم العرض على الله.
اقرأ أيضًا: مفهوم العمل وحكمه الشرعي
شروط قبول العمل الخيري
إذا رغب العبد في حصد فوائد عمل الخير في الإسلام سيكون عليه أن يعلم أن هُناك شروط للقيام بالأعمال الخيرية، لأن أي خطأ سيقوم به سيضيع عليه ثواب العمل.
- أن يكون العمل خالصًا لوجه الله، أي لا يدخل على هذا العمل أي شكل من الرياء، وتكون النية خالصة لله تعالى، ولا يكون القصد منه هو التباهي أمام الآخرين، كمن يُساعد الفقراء فقط أمام الكاميرات والصحافة.
- الالتزام بالضوابط الشرعية، يجب أن تكون تلك الأعمال منضبطة بالضوابط الشرعية التي تم ذكرها في الأحاديث الشريفة والقرآن، وذلك لأن في حالة حدوث أي مخالفة لن يقبل الله عملك.
مجالات عمل الخير في الإسلام
عمل الخير في الإسلام هو كل ما يحبه الله عز وجل، وهناك العديد من المجالات للعمل الخيري لكي يتمكن الإنسان من فعله مهما كانت ظروفه.
- الإصلاح بين الناس، والعمل على تصفية قلوبهم تجاه بعض من كل ضغينة وكراهية، والإصلاح بين الأقارب والأهل، فالأقربون أولى بالمعروف، حيث قال تعالى: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) سورة النساء.
- تحرير رقبة، فإن لم يستطع فليشارك في ذلك حتى، فهي من أقرب الأعمال وأحبها لله عز وجل.
- تحضير الطعام وتقديمه للناس، فيأكل منه ميسور الحال ومعسور الحال، والصائم وغيره من الناس، فالصحابة كانوا يفضلون عملها ويعدونها من محاسن الأخلاق، ولا يتعارض هذا مع التصدق على المساكين.
- البر بكل أشكاله ومجالاته المختلفة، كإعطاء كل شخص حقه، البر مع الخالق يكون من خلال عبادته، وأن نتعامل مع الآخرين بهدوء ويسر ولين قلب.
- وقف المال في سبيل الله، فيُعد الموقف صدقة جارية في حياة فاعلها وحتى بعد مماته، ويطول نفعها، ومن أمثلة وقف المال: إنشاء دار للمسنين ليرعاهم، دور للأيتام، المشاركة في بناء مسجد، معالجة مريض غير مقتدر وإنشاء المدارس.
اقرأ أيضًا: السماحة في الإسلام
محفّزاتٌ تعين على فعل الخير
يوجد بعض الحوافز التي تساعد المسلم في فعل الخير والبدء فيه والاجتهاد، فالبعض يحتاج إلى داعم أو حافز للقيام بشيء ما.
- التنافس في فعل الخير، وليعلم الناس أن ذلك من صفات المؤمنين.
- التفكير في أن الحياة فانية، ويحتاج الإنسان لشيء ينفعه بعد مماته وهو الأعمال الخيرية.
- يحب الناس من يفعل الخير، ويذكرونه بعد موته باستمرار بالخير.
- فعل الخير أمر شرعي أمر به ربنا سبحانه وتعالى.
- الاقتداء برسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- حيث كان حريصًا دائمًا على فعل الخيرات.
- الاطلاع على سير السلف وكيف كانوا يتحسرون على فوات الأعمال الخيرية عليهم لما لها من أجر عظيم.
فائدة فعل الخير في الإسلام الأعظم أنه نوع من العبادة، وله آثار إيجابية كثيرة، فلا يجب أن نضيع ثوابه وفائدته، ونستهين بها.