في أي عهد تم فتح بيت المقدس؟ ولماذا اهتم المسلمون به لهذا الحد؟ فبيت المقدس ليس مجرد مسجد بالنسبة للمسلمين، فقد اعتبروه عرضًا لهم لا يجوز المساس به، وحتى يومنا هذا تجدهم يبكون دمًا حزنًا على ما أصابه، وعبر موقع سوبر بابا تتعرف على تاريخ فتحه.
في أي عهد تم فتح بيت المقدس؟
مرّ بيت المقدس بعدد من التغيرات، والكثير من الاستعمارات، إلى أن فتحه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في 13 رمضان 15هـ الموافق 18 أكتوبر 636م، ولم يكن هذا سريعًا، بل بُذلت الكثير من الأرواح في سبيل استعادته.
- عام 614م قبل الفتح الإسلامي كانت القدس ضمن المقاطعة البيزنطية، حيث غزا الساسانيون المدينة، ونهبوها وذبحوا من المدنيين 60 ألف مسيحي، ساعدهم اليهود في هذا كثيرًا.
- لكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتولى أبو بكر الصديق للخلافة، بدأ في الفتح الإسلامي، وكان هذا شرقًا جهة العراق، وغربًا الإمبراطورية الساسانية.
- بعد وفاة أبي بكر الصديق تولى عمر بن الخطاب الخلافة، وقتها أرسل هرقل حملة كبيرة كي يستعيد أراضيه المفقودة من المسلمين وكان هذا عام 636م، لكنه هُزم بالنهاية.
- حين انتصر عمر بن الخطاب، أمر أبو عبيدة خالدًا ابن الوليد أن يلحق بالروم، وقتها وأصلهم في حمص، ثم للشام، وبالنهاية قُسمت الشام إلى 4 مناطق.
- كان الجزء الأول ليزيد بن أبي سفيان على إمارة دمشق وما حولها، والثاني لعمرو بن العاص في فلسطين، وشرحبيل بن حسنة على الأردن، وكانت حمص تحت ولاية أبو عبيدة.
- حين فُتحت القدس أرسل أبو عبيدة إلى أهلها يدعوهم إلى عبادة الله.. فرفضوا ذلك، حينها ذهب إليهم في جنوده، وحاصرهم وطلب منهم الصلح.
- إلا أنهم قالوا إنه لن يفتحها إلا رجل معين، وعددوا لهم بعض الأوصاف، والتي كان يتضح جليًا أنها لعمر بن الخطاب.
- حينها ذهب عمر بن الخطاب إليهم متسلمًا مفاتيح القدس.
اقرأ أيضًل: قصة الكوفية الفلسطينية
تسلسل عمارة المسجد الأقصى
في العهد الذي فُتح به بيت المقدس.. حين أخذ عمر بن الخطاب مفاتيح بيت المقدس ودخله وجده خرابًا وقد انتهكت حرمته، فبدأ مع الصحابة يكنسون المسجد ويزيلون التراب عنه، ثم بعد هذا توالت العمارة والتجديد فيه.
1- عهد عُمر بن الخطاب
صعد رضي الله عنه إلى الصخرة المشرفة بعدما تم فتح بيت المقدس، وجلس يستشير أصحابه في مكان يبني فيه مسجدًا، فقال كعب الأحبار إنه يُفضل أن يكون وراء الصخرة، ولكن عُمر لم يوافق، ثم نهض ليُصلي في الموضع الذي اعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فيه ليلة الإسراء والمعراج.
بنى بعدها مسجدًا صغيرًا على نفس خط سور المسجد الأقصى من ناحية القبلة، وكان متواضعًا جدًا، حيث بُنيّ من عروق خشبية، ولكنه كان واسعًا من الداخل يمكن أن يسع 3 آلاف مُصلي.
2- في العهد الأموي
لم يتفق المؤرخون على من الي كان له اليد في إصلاح وترميم المسجد الأقصى وقتها، إلا أن أغلبهم قد أجمع على أن عبد الملك بن مروان قد أمر ببناء المسجد وترميمه، إلا أن الأمر لازال واقفًا حتى عهد الوليد بن عبد الملك، والذي أولاه اهتمامًا كبيرًا؛ لما رأى من مكانته لدى المسلمين آنذاك.
3- إصلاحات العهد العباسي
بعهد الخليفة أبي جعفر حصل زلزال، عام 138هـ وعلى إثره تضرر المسجد كثيرًا، وسقط من شرقه وغربه، لذا أمر الملك بترميمه، إلا أن هذا لم يدُم كثيرًا، حيث تعرض المسجد لهزّة أرضية أخرى بسنة 158هـ.
مما جعل الخلفية المهدي يذهب إلى بيت المقدس ويُشرف على بنائه مرة أخرى، ومن بعدها اهتم الخلفاء العباسيين كثيرًا بالمسجد والأرض المحيطة به، وبقيت آمنة لمدة طويلة، حتى أنه إذا ما سافر أحدهم مارًا به كان عليه أن يحمل ما يُثبت هويته وإلا كان يُزج به في السجن إلى أن يُستدل عليه.
4- العصر الفاطمي
أصيب المسجد بزلزال آخر عام 406هـ، وحين تولى الخلافة الظاهر لإعزاز دين الله، أصدر أمرًا بإصلاح المسجد وترميم ما تصدع بع، وتصدّع مرة أخرى عام 425هـ، وأمر بإصلاحه مرة أخرى.
حين تولى الخلافة المنتصر بالله عام 448هـ أمر بإصلاح الحائط الشمالي والأروقة المُتصدعة بكامل المسجد.
5- الاحتلال الصليبي
من عام 493هـ وقعت القُدس في أيديهم، وبقيت هكذا 90 عامًا، كانت مليئة بالقتل والإساءات، وبالنسبة للمسجد فقد حولوه إلى كنيسة، ووضعوا على قبته صليبًا، وجعلوا من الأقبية التي تحت المسجد اسطبلات.
6- العصر الأيوبي
أتى صلاح الدين عام 583هـ، وفُتح في عهده بين المقدس من جديد، وأُزيلت التماثيل والصلبان المُنتشرة بكل مكان، كما أحضر منبر السلطان نور الدين محمود وتركه في محراب المسجد.
توالت بعد هذا الإصلاحات العمرانية، والتي جعلت المسجد الأقصى بارع الجمال، من بينها قبة المعراج، والقبة النحوية، وأسبلة الماء.
7- العصر المملوكي
تولى الظاهر بيبرس سلطنة بيت المقدس، وكان هذا عام 661هـ، وكل ما وجده مهدومًا من أبنية المسجد التي تهدمت، وأنشأ أيضًا خانًا للتجار، ووقف عليه كثيرٌ من الأعيان، وجعل خمسة آلاف درهم للاهتمام بشؤون المسجد، ولم ينفك السلاطين بعدها عن الاهتمام بالمسجد.
8- العهد العثماني
بالقرن الثامن والتاسع عشر، كان التغييرات الكبيرة بالمسجد الأقصى، حيث كان أولها على يد السلطان سليمان القانوني، والذي بنى سور المدينة، والسلطان عثمان الثالث الذي قام بإصلاح سقف المسجد الأقصى من الخارج.
السلطان محمود الثاني وعبد الغزيز اهتما بإصلاح وترميم المسجد أيضًا، إلى أن أتى السلطان عبد العزيز وأضاف إلى المسجد الزجاج الملون.
حين أتى السلطان عبد الحميد، فرش المسجد بالبسُط المصنّعة في بلاد فارس، وسجاجيد من آسيا الوسطى، وعبد الحميد الثاني أضاف شمعدان الفضة الكبير، وقام بالعديد من التجديدات في سبيل قايتباي.
9- الانتداب البريطاني
قام بالعديد من الترميمات، من عام 1920م- 1948م، وقام بالعديد من الإصلاحات حين رأى عليه بعض علامات التصدع.
10- الاحتلال اليهودي
بعد عام 1967م توقفت تمامًا الإصلاحات والترميمات منذ أن جاء الاحتلال اليهودي، فقد كان هُناك عقبات كثيرة أمام المعمارين، إضافة لعمليات الحفر والتنقيب التي كان اليهود يقومون بها.
كانت أعمال الحفر بجوار المقدسات.. ما أدى لتصدعها، وانتهى بهم الأمر بحرقهم للمسجد عام 1969م، وتستمر هذه المؤامرات على المسجد إلى يومنا هذا.
لكن على الأقل بعد هذا الحرق بقيت أعمال الترميم للمسجد مستمرة، وقام المسلمون بالكثير من أعمال الترميم، والتي جعلته يُفتح للمصلين عام 1996م.
اقرأ أيضًا: أبيات شعر عن الكوفية الفلسطينية
لماذا اهتم المسلمون بالقدس؟
منذ العهد الذي فُتح فيه بيت المقدس وحتى يومنا هذا بلغت القدس مكانة كبيرة جدًا لدى المسلمين، مما جعلهم يحاولون استعادتها مرات كثيرة، وباستماتة كبيرة، فلماذا كان ذلك؟
- هي أرض المحشر والمنشر، والتي يُحشر فيها العباد جميعًا يوم القيامة، ومن ثم يبعثون.
- المنافقين فيها يموتون من الهم والغيظ والحزن.
- المسجد الثاني وضعًا بالأرض عقب المسجد الحرام.
- كانت هناك سعادة كبيرة وحث حقيقي على السكن بها منذ القدم.
- كان قبلة المسلمين الأولى لحوالي 6 أو سبعة أشهر قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة المُشرفة.
- فيها ينزل عيسى عليه السلام، ويموت المسيح الدجال.
- الصلاة فيه تُضاهي ثواب خمسمائة صلاة.
- سيدنا سليمان عليه السلام دعا لكل من صلى في هذا البيت بأن يغفر الله له.
- تُعد القدس مقام الطائفة المنصورة.
- تحضر بها الخلافة الإسلامية آخر الزمان.
- بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أن القدس ستعود بين يدي المسلمين، فكانت تحقيقًا لواحدة من معجزات النبوة.
- أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم منه، إذ يتواجد في أجل معجزات النبوة، قال تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (سورة الإسراء الآية 1)، كما أكدت الآية أنه مكان مُبارك، وكل ما حوله بركة.
- إذا ما صلح أهلها.. فهذا يعني أن الأمة كلها تصلح من بعدهم.
- إذا ما حلّت الفتن.. يكون مأوى للمؤمنين منها.
- أجمع العلماء على أنه تُشد الرحال إليه، حيث روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَسْجِدِ الأقْصَى” صحيح البخاري.
في العهد الذي فُتح به بيت المقدس، نعِم بالكثير من الأمان.. فتحت راية الإسلام ساد العدل والأمان، كيف لا وهو عهد الفاروق عُمر بن الخطاب؟