أبرز قصائد ابن خفاجة
يُعتبر ابن خفاجة أحد أبرز الشعراء في الأندلس، وُلِد في عام 450 هـ، وترك وراءه مجموعة متميزة من القصائد التي تُعدُّ من أجمل ما كتبه خلال حياته الأدبية. ومن أبرز هذه القصائد:
قصيدة: وخميلة قد أخملت سربالها
تحتوي هذه القصيدة على ستة أبيات، حيث يقول ابن خفاجة:
وَخَميلَةٍ قَد أَخمَلَت سِربالَها
كَفّا صَناعٍ تَستَهِلُّ هَتونِ
طَوَتِ السُرى وَالبَرقُ سَوطٌ خافِقٌ
بِيَدِ الدُجى وَالريحُ ظَهرُ أَمونِ
بُشرى تَهادى في وِشاحٍ مُذهَبٍ
قَلِقٍ وَتَسحَبُ مِن ذُيولٍ جونِ
طَبَعَت عَلى النُوّارِ بيضَ دَراهِمٍ
مَدَّت إِلَيكَ بِها بَنانُ غُصونِ
فَرَفَلتُ حَيثُ تَعَثَّرت بي نَشوَةٌ
في ثَوبِ وَشيٍ لِلرَبيعِ مَصونِ
وَالأَرضُ تَسفُرُ عَن وُجوهِ مَحاسِنٍ
بيضٍ وَتَنظُرُ عَن عُيونٍ عينِ
قصيدة: ألا سرت القبول ولو نسيما
في هذه القصيدة، التي تتكون من ثمانية عشر بيتًا، يُعبّر ابن خفاجة عن أفكاره ومشاعره:
أَلا سَرَتِ القَبولُ وَلَو نَسيما
وَجاذَبَني الشَبابُ وَلَو قَسيما
وَطالَعَني الظَلامُ بِهِ خَيالًا
فَأَقبَلَ ناظِري وَجهًا وَسيما
تَقَضّى غَيرَ لَيلٍ ماتَقَضّى
كَأَنَّ بِمَضجَعي فيهِ سَليما
أُصانِعُ طَرفاً قَد تَجافى
غِرارَ النَومِ أَو قَلباً أَليما
كَأَنّي ما أَلِفتُ بِهِ شَفيعًا
هُناكَ وَلا طَرِبتُ لَهُ نَديما
فَمَهما شاقَ مِن بَرقٍ مَليحٍ
أَرِقتُ لَهُ أُناجيهِ كَليما
وَأَسأَلُ هَل سَقى طَلَلاً بِحَزوى
عَفا قِدماً وَهلَ جادَ الغَميما
وَأَنشَقُ لَوعَةً لِعَرارِ نَجدٍ
صَبا نَجدٍ أُسائِلُها شَميما
وَكُنتُ رَجَوتُ أَن أَعتاضَ مِنهُ
زَعيمًا أَو عَليمًا أَو حَليما
وَلَمّا أَن نَظَرتُ مَعَ اللَيالي
فَلَم أَنظُر بِها إِلّا مُليما
عَباماً أَو كَهاماً أَو جَهاماً
لَئيماً أَو ذَميماً أَو زَنيما
شَدَدتُ عَلى القَوافي كَفَّ حُرٍّ
كَريمٍ لا يُسَوِّغُها لَئيما
فَما أُطري إِذا أَطرَيتُ إِلّا
حَمِيّاً أَو حَبيباً أَو حَميما
وَمَطروراً أُجَرِّدُهُ صَقيلاً
وَيَعبوباً أَُكَرِّبُهُ كَريما
إِذا أَقبَلتُهُ سُمرَ العَوالي
فَلَستُ أَرُدُّهُ إِلّا كَليما
وَقَد لَفَّ العَدُوَّ كَأَنَّ ريحاً
عَلى شَرَفٍ تَلُفُّ بِهِ هَشيما
يَشيمُ بِهِ وَراءَ النَقعِ بَرقًا
تَأَلَّقَ شُهبَةً وَصَفا أَديما
إِذا أَوطَأتُهُ أَعقابَ لَيلٍ
طَرَدتُ مِنَ الظَلامِ بِهِ ظَليما
قصيدة: طاف الظلام به فأسرج أدهما
يستعرض ابن خفاجة في هذه القصيدة التي تحتوي على ستة عشر بيتًا:
طافَ الظَلامُ بِهِ فَأَسرَجَ أَدهَما
وَسَما السِماكُ بِهِ فَأَشرَعَ لَهذَما
وَسَرى يَطيرُ بِهِ عُقابٌ كاسِرٌ
أَمسى يُلاعِبُ مِن عِنانٍ أَرقَما
زَحَمَ الدُجى مِنهُ بِرُكنَي هَيكَلٍ
لَو كانَ زاحَمَ شاهِقاً لَتَهَدَّما
في سُدفَةٍ يَندى دُجاها صَفحَةً
وَيَطيبُ رَيّاً ريحُها مُتَنَسِّما
فَتَكادُ ريقَةُ طَلِّها أَن تُحتَسى
رَشفاً وَمَبسِمُ بَرقِها أَن يُلثَما
مِن لَيلَةٍ غَنَّيتُ فيها أَنثَني
طَرَباً وَأَسعَدَني المَطِيُّ فَأَرزَما
وَسَرى الهِلالُ يَدِبُّ فيها عَقرَباً
وَاِنسابَ مُنعَطَفُ المَجَرَّةِ أَرقَما
وَتَلَدَّدَت نَحوَ الحِمى بي نَظرَةٌ
عُذرِيَّةٌ ثَنَتِ العِنانَ إِلى الحِمى
فَلَوَيتُ أَعناقَ المَطِيِّ مُعَرِّجًا
وَنَزَلتُ أَعتَنِقُ الأَراكَ مُسَلِّما
مُتَنَسِّماً نَفَسَ القُبولِ وَرُبَّما
أَورى زِنادَ الشَوقِ أَن أَتَنَسَّما
فَأَسَلتُ أَحساءَ الدُموعِ عَلامَةً
وَلَوَيتُ أَحناءَ الضُلوعِ تَأَلُّما
في مَنزِلٍ ما أَوطَأَتهُ حافِرًا
عُربُ الجِيادِ وَلا المَطايا مَنسِما
أَكرَمتُهُ عَن أَن يُنالَ بِوَطأَةٍ
وَلِمِثلِهِ مِن مَنزِلٍ أَن يُكرَما
دَمَعَت بِهِ عَينُ الغَمامِ صَبابَةً
وَلَرُبَّما طَرِبَ الجَوادُ فَحَمحَما
ما أَذكَرَتني العَهدَ فيهِ أَيكَةٌ
إِلّا بَكَيتُ فَسالَ واديها دَما
وَسَجَعتُ أَندُبُ لَوعَةً وَلَرُبَّما
صَدَحَ الحَمامُ يُجيبُني فَتَعَلَّما
