في فضاء الحب
لقد كانت لديك مكانة خاصة، وكعبة على الأرض، يقصدها الناس من شتى الأماكن.
لقد صغت عشقك إلى لحن خلاب،
يتراقص مثل شعاع من الأمل.
كم احتضنتك عيناي في شوق،
وكم حملتك ذراعي في عشق.
وكم كانت ظلال قلبي تميل نحوك.
وفي عينيك، غاصت شراعي في عوالم الرغبة.
عدت إلى كعبتي، لكنني وجدت قبرا،
وزهور حوله ترقص الأفاعي.
عبدتك في الحب لفترة طويلة،
لكنني اليوم أهرب من ضياعي.
في عينيك أغنيتي
قالت: ستنساني،
ستنسى أنني يوما،
وهبتك نبض مشاعري،
وعشقت موجة أخرى،
وابتعدت عن دفء شطآني.
ستعود كما كنا،
لتسمع بعض ألحاني،
ولا تهتم بأحزاني.
ولسوف يزول اسمي،
وسيتلاشى عنواني.
هل ستقول يا عمري،
هل كنت تهواني؟!
فأجبت: حبك هو إيماني،
مغفرتي وعصياني.
أتيت إليك بالأمل،
والذكريات تحتضنني.
ربيعٌ ميتٌ فيه كل شيء،
بين أنقاض بستان.
رياح الحزن تضغط علي،
وتسخر بين وجداني.
أحبك واحةً تهدأ،
تحتضن جميع أحزاني.
أحبك نسمة تكيّف،
تنشر ألحاني في صمت الناس.
أحبك نشوة سرمدية،
تشعل نيران بركاني.
أحبك أمل في حياتي،
كضوء الصباح يستقبلني.
أمات الحب عشاقا،
ولكن حبك أحياني.
وإن خُيّرت بين الأوطان،
سأقول حبك هو وطني.
وإن نسيتك يا عمري،
فقلبي لن ينسى.
إذا ضعت في درب،
ففي عينيك سأنجد عنواني.
في رحاب الحسين
في الأفق تذرف دمعتان،
وقلبي يخفق بين أشلائي، فتسري آهتان.
وحبيبتي وسط الزحام طائرٌ حمامة،
مهزومة بالأشواق.
غصن أسقطته الريح في رحلة الزمان،
الأرض ضاقت حولنا،
ما عاد للعشاق مكان في هذه الدنيا.
قلبي يحتضن أشلاء الأمل،
همست فيه بحسرة: هل ما زلت تحتضن الأمل؟!
حلم مفقود تاه منا في فصل الخريف،
لا يعرف اليأس كيف يواجه الطريق المخيف.
وحبيبتي نورٌ حزين خلف قضبان الظلال،
وربيعها المهزوم مُنهك الأنفاس في ظلام الضلال.
عمرٌ يتعثر فوق درب الحزن،
حلمٌ يختبئ خلف المجهول.
حملت قلبي بصمت،
والدمع نارٌ في الجفون.
الحلم مقطوع الأجنحة،
وأنا أتحمل الدمعتين.
همست عيون حبيبتي:
هيا لنشكو للحسين.
أنا في رحابك عندما يضيق الزمان،
أو يضيع مني الصبر أو يتلاشى الأمان.
هل تراني رأيت حبيبتي؟!
جئنا إليك لنشتكي الأحزان في زمن الهوان.
كل ما نريده هو بيت يجمع شتات الطريق.
في كل درب تنتحر الأحلام، يسقط البريق.
ويضيع العمر بين أيدينا في الطرقات.
نسأل يا زمان الجهل العميق،
بالله أخبرنا متى ستفيق؟!
جئنا لنشتكي،
فوق الطريق ينام عشاق المدينة.
ينبت الأبناء كالأعشاب في عمق السنين.
على الطريق ننام، مشغولين بالآلام والفراق الحزين.
وعلى دموع الطريق نمدّ الأسى.
ما أطول الأحزان في عمر الحيارى الضائعين.
أقدارنا جاءت بنا،
لا نملك تغيير مصيرنا.
نحيا.. ونحب.. نزرع الأحلام في أرض الأمنيات.
ننسى نهاراتنا أمام حبنا.
ونقابل الفرح الجديد على مشارف بيتنا.
ومع ابتسامة أجمل الأيام يسقط حلمنا.
وإذا سألت الناس يوما عن قصة عمرنا،
قالوا في همس الخوف:
أقدارنا جاءت بنا.
أقدارنا جاءت بنا.
جئنا نسأل ربنا،
لماذا كتبت الحب يا ربي
إذا كان الفراق يعبث دوماً بيننا؟
ما عاد في الدنيا مكان يجمع شتات القلب،
يمنحنا الأمان أو الأمل.
جئنا إليك لنشتكي.
هل نشتكي أقدارنا،
أو أوطاننا،
أم نشتكي أحلامنا،
أم نشتكي أيامنا؟
أم نشتكي.. أم نشتكي.. أم نشتكي؟
صوت ينادي من بعيد،
وحبيبتي كالنور تسأل: هل تراني أرى خبراً سعيداً؟
هل نجمع شتات الحب المفقود؟
ما زلت أحلم رغم اليأس ببيت جديد.
الصوت يعلو في الضريح،
شيخٌ ينادي،
هيا، قد انتهى وقت الزيارة،
الصوت يعلو في الضريح،
هيا، قد حان وقت الوداع في الضريح.
الحلم بين يدي ممتلئ بالحزن،
الحلم بين يدي ذبيح!
وعطرُك ما زال يحوم
وإن صرت ليلا كئيب الظلال،
فما زلت أعشق فيك ضوء النهار.
وإن مزقتني رياح الجحود،
فما زالت روائحك بمثابة المحطة لي.
أدور بقلبي على كل بيت،
ويرفض قلبي كل الديار.
فلا الشاطئ لجأ لجراح الليالي،
ولا القلب هائم بسحر البحار.
فما زلت أعشق فيك ضوء النهار.
عيناك أرض لا تخون
ما زلت أبحث عن عيونك حيث يكون الأمل وليداً.
أنا شاطئ ألقت عليه جراحها،
أنا زورق الحلم البعيد.
أنا ليلة مشوبة بسحرها،
عمر الحياة يقاس بلحظات السعادة.
ولتسألي عينيك، أين بريقها؟
ستقول في ألم: توارى، صار شيئًا من جليد.
وأظل أبحث عن عيونك خلف قضبان الحياة،
ويظل في قلبي سؤال حائر.
إن ثار الغضب تغلقه الشفاه.
كيف انتهت أحلامنا؟
قد تخنق الأقدار حبنا يوماً،
وتفرق الأيام شملنا.
أو تعزف الأحزان لحنًا،
من بقايا جرحنا.
ويمر عام.. ربما عامان،
تغلق عنا الأزمان.
ويظل في عينيك موطننا القديم،
حيث نلقي وراءنا متاعب الحياة في زمنٍ عقيم.
عيناك موطننا القديم، وإن عادت أيامنا،
ليلاً يختبئ في الضوء.
سيظل في عينيك شيء من الرجاء،
إلى أن يعود الإنسان إنساناً،
يغطي العري، يغسل روحه يوماً ويرجع للنقاء.
عيناك موطننا القديم،
وإن غدونا كأشباح بلا وطن.
فيها عشقت العمر، آلامًا وأفراحًا،
ضياعًا أو سكنًا.
عيناك في شعري خلود،
يعبر الآفاق، يعصف بالزمن.
عيناك عندي في الزمان،
وقد أصبحت بلا زمن.
قد نلتقي يوماً
أترى يعود لنا الربيع، ونلتقي؟
ونعيش (مارس) بين حلم مشرق؟
قد نلتقي يا حبي المجهول، رغم وداعنا،
لنزرع الآمال، تنشر ظلها.
وستنبت الآمال بين دموعنا.
لا تجزعي،
إذا كانت الأيام قد عصفت بنا.
فغداً يعود لنا اللقاء،
وتعود أطيار الربى،
سكرى تحلق في السماء.