الأشعار المؤثرة
الأشعار المؤثرة هي تلك التي يعبر من خلالها الشاعر عن مشاعره وأحاسيسه، والتي قد تتنوع بين الحزن والمحبة. إنها تعكس ما يختلج في قلب الإنسان والتي قد تكون مشاعر غير قادرة على البوح بها بسهولة. وقد قدم الشعراء أساليب متعددة للتعبير عن هذه المشاعر من خلال كتابة أشعار عميقة تعكس معاناتهم، حيث كتب العديد منهم قصائد في مجالات الحب والعشق والعتاب والحزن، مما جعل تأثير تلك الأشعار واضحًا على ما يحيط بهم.
غلبت علي لبعدكم أشجاني
يُعرف الشاعر والمؤرخ الأندلسي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن القضاعي البلنسي بـ “ابن الأبار”، وُلِد عام 1199 ميلادي في إسبانيا، ومن أبرز أعماله “تحفة القادم” و”المعجم في التراجم”. عُرف أيضًا ببراعته في فن الخط العربي، وتوفي عام 1260 ميلادي نتيجة إعدامه حرقاً.
غَلَبَتْ عَلَيَّ لِبُعْدِكُمْ أَشْجانِي
وَجَفا الكَرَى مِنْ بَعْدِكُمْ أَجْفانِي
وَتَضَرَّمَتْ بَيْنَ الجَوَانِحِ لَوْعَةٌ
إِطْفاؤُها أَعْيَا عَلى الطُّوفانِ
هَيْهاتَ يَدْنُو الصّبْرُ مِنِّيَ بَعْدَهَا
وأَنَا البَعيدُ الأَهْلِ والأَوْطَانِ
لَوْ أنَّ ثَهْلاناً تَحَمَّلَ بَعْضَ ما
حُمِّلْتُهُ خَرَّتْ ذُرَى ثَهْلانِ
أَسْرٌ وقَسْرٌ لا قَرَارَ عَلَيْهِما
وَتَغَرُّبٌ عَنْ أسْرَتِي ومَكَانِي
هَذا وَكَمْ أَثْناء هَذا مِنْ أَسىً
فَضَح العَزَاء ومِنْ هَوىً وَهَوانِ
ويَهُونُ ذَلِكَ لِلْفِراقِ وطَعْمِهِ
إنَّ الفِراق هُوَ الحِمامُ الثَّانِي
المسافة
عُرف الشاعر عمر عبد الرحمن محمد الخاجة، وُلِد عام 1959، بكتابة العديد من الأعمال الفنية المسرحية والتلفزيونية التي تُقدم في دبي وأبو ظبي والشارقة. درس في جامعة الأزهر عام 1980، ومن أعماله الأناشيد الوطنية والإنسانية والاجتماعية والرياضية، بما في ذلك نشيد دورة الخليج السادسة لكرة القدم في أبو ظبي عام 1982.
تسللتُ من خارطات الكآبهْ
لأبدأ في ناهديك السَّهَر
رأيتك في كل حرفين غابه
وما بين سطر وسطر (حياه)
هو الوعد رغم الزنازن
رغم المجوسي
رغم ابن ملجم
يبدأ من مقلتيك إلى القلب درباً
تمر عليها خيولُ الصحابه
رأيتك ضعف السنين التي شردتني
تطلّين من جبهة النسمة العابره
ومن أغنيات المنافي
ومن ضحكة الجمرة الثائره
تطلين من عرس قانا الجليل
لنمشي نفس الطريق الجليل
ولو كان يفضي إلى الجلجله
هو الوعد لا الدؤليُّ يشكِّلنا
لنشكل بالحب وجه الكتابه
هو الوعد – ليس ابنُ عاصم علَّمنا
كيف نسمع شجو الحروف
إذا نقطة لمعت
تحت باء السحابه
رأيتك والعيس تتبع حادي النجوم
وهودجك الكوكب المنتشي
في سمَات السماء
وخدِّ الصحارى
وهودجك المشترَى
لازمته العيون وأقمارنا الساهرهْ
فلا ترقبي موعداً لانكساري
ولا تحسبي رِدَّة للورود التي
فتَّحتها بروضي وفودُ الغرابهْ
تطلين سيدتي
والفصول الجديدةُ
تأبى التأقلم في خاطري
أعيذك بالرحمن
جميل بن المعمر، وُلِد في الجزيرة العربية، وهو واحد من أشهر عشاق العرب. كانت تتمثل أبرز صفاته في فصاحته وبلاغته العالية، ومن أبرز أعماله “ديوان شعر جميل بن معمر”، واشتهر باسم “جميل بثينة”. بدأ مسيرته الشعرية برواية شعر “هدبة بن خشرم” وتوفي في مصر. من أجمل قصائده ما يلي:
أَلا نادِ عيراً مِن بُثَينَةَ تَرتَعي
نُودِّع عَلى شَحطِ النَوى وَتُوَدِّعِ
وَحُثّوا عَلى جَمعِ الرِكابِ وَقَرِّبوا
جِمالاً وَنوقاً جِلَّةً لَم تَضَعضَعِ
أُعيذُكِ بِالرَحمَنِ مِن عَيشِ شِقوَةٍ
وَأَن تَطمَعي يَوماً إِلى غَيرِ مَطمَعِ
إِذا ما اِبنُ مَلعونٍ تَحَدَّرَ رَشحُهُ
عَلَيكِ فَموتي بَعدَ ذَلِكَ أَو دَعي
مَلِلنَ وَلَم أَملَل وَما كُنتُ سائِماً
لِأَجمالِ سُعدى ما أَنَخنَ بِجَعجَعِ
أَلا قَد أَرى إِلّا بُثَينَةَ هَهُنا
لَنا بَعدَ ذا المُصطافِ وَالمُتَرَبَّعِ
رسائل حب
عبد العزيز هو شاعر مصري وُلِد في محافظة البحيرة عام 1961. درس في جامعة الإسكندرية عام 1983، وحصل على شهادة البكالوريوس في الزراعة. يُعرف الشاعر عبد العزيز بأسلوبه الفريد في التعبير عن مشاعره، ويعتبر شاعراً عاطفياً يجيد استخدام أدواته الشعرية. أطلق ديوانه الأول بعنوان “لا تعشقيني” عام 1992، ومن أبرز قصائده ما يلي:
لا تَحسَبي أني أُحبُّكِ مثلما
تتصوَّرينَ مَشاعري فوقَ الورقْ
أنا شاعرٌ في كلِّ شيءٍ إنما
عندَ الكتابةِ عن هوانا ..
أحتَرِقْ
لا تَحسَبي أن الكتابةَ عن هوانا عَبَّرَتْ
هي ليسَ إلا بعضَ دُخَّانٍ قَلقْ
إن المشاعرَ لا تُقاسُ بنظرةٍ أو لمسةٍ
أو ما بهِ يومًا لسانٌ قد نَطَقْ
فرقٌ كبيرٌ بينَ ما نُخفي ونُعلِنُ
في العواطفِ ، والعواصفِ ، والأرَقْ
حتى السكوتُ حبيبتي
لغَةٌ تُعبِّرُ في الهوى
فإذا سَكتْنا ..
فاعلمي أنَّا على وَشْكِ الغرقْ
أنا كلُّ ما سطَّرتُهُ مِن فِتنَةٍ
هو ليسَ إلا ذَرَّةً
مِن وَحيِ كَونٍ في جَوانحِنا خُلِقْ
كلُ الحساباتِ التي
في العشقِ تُفرَضُ دائمًا..
حِيَلٌ تُقالُ وما لهُنَّ أساسْ
قد نَستطيعُ تتبُّعَ الزلزالِ ،
نرصدُ قوَّتَهْ
لكننا لا نَستطيعُ بأيِّ حالٍ
نَرصدُ الإحساسْ
نبضُ القلوبِ حنينُها
أشواقُنا ، آلامُنا
شيءٌ مُحالٌ في الوجودِ يُقاسْ
فقلوبُنا مثلُ اللآلئِ مُنيتي
وعلى القلوبِ تُخَيَّرُ الحُراسْ
فهناكَ قلبٌ مِن حَجرْ
وهناكَ قلبٌ قِطعةٌ مِن ماسْ
إيَّاكِ أن تتصوَّري
أن القلوبَ تَشابهَتْ
إلا إذا
يومًا تَشابَهَ شكلُ كلِّ الناسْ
فالعمرُ يُحسَبُ بالسنينِ حبيبَتي
لكننا في العشقِ نَحسُبُ
حُرقَةَ الأنفاسْ
لا تَحسَبي أن الكلامَ حبيبتي
لغةٌ تُدارُ بعالَمِ العُشاقْ
فالصمتُ مِن لغةِ الهوى
وبها يَبوحُ العاشقُ المشتاقْ
بيني وبينَكِ أبحُرٌ، ومنازلٌ ، وعوازِلٌ
لكنَّ إحساسي يُسافرُ
يَعبُرُ الآفاقْ
إنَّا معًا في كلِّ وقتٍ مُنيتي
ومعًا نُقاسي لوعةَ الأشواقْ
سنموتُ في يومٍ معًا محبوبتي
لكنَّ موتي لن يَكونَ فِراقْ
في سَكرَةِ الموتِ التي تَنتابُنا
قد تَعرفينَ حبيبتي
أنا كم أُعاني عندَما أشتاقْ
في كلِّ طَيفٍ يا حياتي ألمحُكْ
بالرَّغمِ مِن صَخَبِ الوجودِ،
وهذه الضوضاءْ ..
نَغَمًا جَميلاً يَستَبيحُ مَسامعي ،
نَبعًا تَفجَّرَ أغرقَ الصحراءْ
تأتي طيورُكِ كي تَحطَّ بأعيُني
وعلى شِفاهي تَعزفُ الأصداءْ
ما كنتُ أعرِفُ كيفَ إحساسٌ بَرَقْ
أو أنْ أُخاطِبَ زهرةً حسناءْ
حتى نَزَلتِ بكلِّ حبِّكِ داخلي
فنطقتُ باسمِكِ أوَّلَ الأسماءْ
طوفي علىَّ وزَمِّليني داخِلَكْ
أنا قادمٌ مِن ألفِ ألفِ شِتاءْ
رَجْعُ الصقيعِ بداخلي يَغتالُني
عَصْفُ الرياحِ ، مَرارةُ الأشياءْ
لا تُغلِقي الأبوابَ إني قادمٌ
طيفًا يَضُمُّكِ في كِيان كِياني
عجزي عنِ التعبيرِ ليسَ جِنايةً
أغلى الحديثِ إذا مَنعتُ لساني
يا بُؤرةَ الضوءِ النَّديَّةَ حاولي
لو مرَّةً أن تَسكني شِرياني
ذوبي بهِ ..
سيري بِدمِّي طفلةً
في داخلي البَدَنُ العليلُ الفاني
أرجوكِ لا تتمهَّلي ، وتأمَّلي
كي تَرقُبي مِن داخلي بُركاني
وتَحسَّسِي في داخلي ظَمئي ،
شعوري ، وَحشَتي ، حِرماني
كلُ الذي أخشاهُ في دنيا الهوى
هو أنَّ قلبَكِ مرَّةً يَنساني
أنا لي خِيارٌ واحدٌ
هو أن أظلَّ مُحاصرًا بينَ الفصولِ الأربعَةْ
شيءٌ بديعٌ أن أظلَّ محاصرًا
في قلبِ مُلهِمةٍ بِحقٍّ رائعَةْ
إن تُطلِقي يومًا سراحي فاعلمي
سيموتُ قلبي في الطريقِ ومَن معَهْ
أنا حينَ قررتُ القتالَ حبيبتي
قررتُ وحدي خوضَ أعنفِ مَعمعَةْ
وَجهًا لوجهٍ قد تلاقينا معًا
في نَظرةٍ
سَقطَتْ جميعُ الأقنعَةْ
أنا واثقٌ مِن أن هذي الحربَ لَكْ
بل واثقٌ مِن أن قلبي سوفَ يَلقَى مَصرعَهْ
هذي جيوشي قد أتكتِ حبيبتي
هُم يَرغبونَ ..
وأنتِ دومًا في الحروبِ حبيبتي
مُتمَنِّعَةْ
فإذا ابتسمتِ انهارَ كلُّ كِيانِنا
أنتِ التي في عرشِ قلبي دائمًا مُتربِّعَةْ
سَلَّمتُ يا عمري لَكِ
هذا اعترافٌ بالهزيمةِ مُسْبَقٌ
إنَّ الهزيمةَ لا مَحالةَ واقعَةْ
وأمامَ جندي كلِّهِمْ
قد جئتُ ..
أُعلنُ أنني مستسلمٌ
ولكِ ..
رَفَعتُ القُبَّعَةْ
لا تَحسُبي عُمري بما قد عشتُهُ
أو بالذي في الغدِّ قد أحياهْ
للعاشقينَ حياتُهم ، أعمارُهم
فبكلِّ ثانِيَةٍ تَمُرُّ حياةْ
أنا كلما منكِ اقتربتُ أصابني
وَجَعٌ جميلٌ كيفَ لي أنساهْ
أنا كلما بَرَقَ الحنينُ بداخلي
أزوِي وحيدًا أرصدُ المرآةْ
يا هل تُرى هو ذا أنا أم أنني
بالعشقِ صِرتُ سِواهْ
مُتصوِّفًا في العشقِ جئتُكِ مُفعمًا
بالشوقِ أصرخُ داخلي : اللهْ
عجزي عنِ الكلماتِ ليسَ ترفُّعًا
لكنَّهُ عجزٌ يُفسِّرُ هولَ ما ألقاهْ
مَن لي أنا في الكونِ
غيرُ حبيبتي ؟
مَن لي أنا يا حاسدينَ سِواها ؟
أنا كلُّ إحساسٍ جميلٍ مَسَّني
ما كانَ إلا بعضَ بعضِ هواها
خَيَّرتُ قلبي عَشرَ مراتٍ وما
يَختارُ يومًا في الهوى إلاها
رِفقًا بها ، وبقلبِها ، وبحُبِّها
أخشى عليها مِن جنونِ أساها
هي نعمةُ اللهِ التي لو لستُ أملِكُ غيرَها
قَسَمًا بِربي ما طلبتُ سِواها
مَلَّكْتُها قلبي فتلكَ مَليكتي
أسعى ، ويَسعى .. كي ننالَ رضاها
أنا لا أظُنُّ بأنها ماءٌ وطينٌ مثلُنا
هي قبضةٌ مِن نورِهِ سوَّاها
نامي بصدري أنتِ أروعُ طِفلةٍ
نامي بصدري وارصُدِي أحلامي
في كلِّ حُلمٍ تَسكُنينَ حبيبتي
في كلِّ حرفٍ أنتِ في أيامي
في كلِّ نبضٍ في فؤادي فاسكُني
في نِنِّ عيني ، في نُخاعِ عِظامي
هَيَّا ارقُبيني حينَ أكتُبُ مُنيَتي
حتى تَرَيْ ما سِرُّ إلهامي ؟
لو أنني أفنَى ، ولا يَبقى أثَرْ
سيفوحُ طِيبُكِ مِن حُطامِ حُطامي
آمنتُ أن قصائدي خُلِقتْ
لأنكِ دائمًا بحياتي
هي بعضُ ما تركَ الحنينُ بداخلي
هي لحظةٌ فيها أُعانِقُ ذاتي
أنا لا أُطيقُ البعدَ عنكِ للحظةٍ
فإذا ابتعدتُ تَقارَبَتْ مأساتي
ما كنتُ يومًا في هواكِ محايدًا
صوتُ التحيُّزِ في صدى كَلماتي
أُخفي عليهِم كيفَ يا محبوبتي
قمرُ الحنينِ يُطلُّ مِن نظراتي
أنا لستُ أعرِفُ كيفَ أختِمُ ما بدأْ
فهلِ الخِتامُ يكونُ بعدَ مماتي