قصيدة أنبئت أن دما حراما نلته
يقول أوس بن حجر:
أُخبرتُ بأن دماً حراماً قد أصابك
فقد سُكب في ثوبٍ مزينٍ لديك
أُخبرتُ أن بني سُحيمٍ قد أدخلوا
أشعارهم في قلب المُنذر الغاضب
فلا بأس بما اكتسبه ابن عمرو مع قومه
شمّر وكان المسمع والمنظر له
يزعم ابن سُليمٍ مرارة أنه
هو مأوى السواقط دون آل المُنذر
منع اليمامة حزلاً وسهلاً
من كل من له تاج حضاري كريم
إن كان ظني في ابن هند صادقاً
فليست وعاء الأسير الزمن الأوفر
حتى يُدثّر نخلهم وزُرعهم
لهبٌ كأنصِيَة حصانٍ أشقر.
قصيدة عذري إن عذلت في خلع عذري
يقول ابن زيدون:
عذري إذا عذلت في خلع عذري
غصنٌ أثمرت رؤوسه ببدر
هزّت منه الصبا فقوَّمَ شطراً
وتجافت عن الوشاح بشطر
رشأٌ قصد الجوانح بقصدٍ
عن جفونٍ كحلت عمداً بسحر
كُسِيَ الحسنَ فهو يفتن فيه
ساحباً ذيل برده المسبكر
تحت ظل من الغرارة فينا
وورق من الشبيبة نضر
برز الجيد في غلايل بيضٍ
وجلا الخدّ في مجاسد حمر
وتثنت بعطفه إذ تهادى
خُطرهٌ تمزج الدلال بكِبر
زارني بعد هجعة وثريا
راحةٌ تقدّر الظلام بشبر
والدجى من نجومه في عقودٍ
يتلألأن من سماك ونسر
تحسب الأفق بينها لازورداً
نُثر فوقه دنانير تبر
فراشفت الرضاب أعذب رشفة
وهصرت القضيب ألطف هصر
ونعمنا بلف جسمٍ بجسمٍ
للتصافى وقرع ثغرٍ بثغر
ياله من ليلة تجلّى دجّاها
من سنا وجنتيه عن ضوء فجرٍ
قصر الوصل عمرها وبودي
أن يطول القصير منها بعُمري
من عذيري من ريب دهرٍ خؤونٍ
كل يومٍ أراعه منه بغدر
كلما قلتُ حاك فيه ملامي
نهستني منه عقارب تسري
وترتني خطوبه في صفٍّ
فاضلٍ ناب بالأمر وجرير
بان عني وكان روضة عيني
فغدا اليوم وهو روضة فكري
فكهٌ يبهج الخليل بوجهٍ
ترد العين منه ينبوع بشر
لو ذعني إن يبلغه الخبر يوما
أخجل الورود عن خوالق زهر
وإذا غازلته مقلّة طرفٍ
كاد من رقة يذوب فيجري
يا أبا القاسم الذي كان ردائي
وظهيري على الزمان وذخري
يا أحق الورى بممحوض إخلاصي
وأولهم بغايتي شكري
طرق الدهر ساحتي من تنائكَ
كالجهم من الحوادث نكر
ليت شعري والنفس تعلم أن لي
سبي مجدٍ على الفتى ليت شعري
هل لخالي زماننا من رجوعٍ
أم لماضي زماننا من مكرِ
أين أيامنا وأين ليالٍ
كرِياضٍ لبست أفواها زهر
وزمانٌ كأنما دب فيه
وسنٌ أو هفا به فَرطُ سكرٍ
حين نغدو إلى جدائل زُرقٍ
يَتَغَلغَلن في حدائق خُضر
في هضابٍ مجلوّة الحسن حمرٍ
وبوادٍ مَصقولة النبت عُفرٍ
نتعاطى الشمول مُذهبة السر
بال والوضع في مطارف غبر
في فتوة توشّحوا بالمعالي
وتردّوا بكل مجدٍ وفخرٍ
وضاحٍ تجلّت الغياهب منهم
عن وجوه كالمصابيح غُرِّ
كل خرقٍ يكاد ينهل ظرافةً
زان قبر بأكرم خبر
وسجايا كأنهن كؤوسٌ
أو رياض قد جايدها صُوبُ قطرٍ
يتلقّى القبول مني قبولٌ
كلما راح نفحها اِرتاح صدري
فهو يسري محملاً من سجايا
كنسيماً يزهي بأفواح عطرٍ
يا خليليّ وواحدي والمعلّى
من قذاحي والمستبد ببري
لا يضع ودّي الصريح الذي أَر
ضاكَ منه استواء سري وجهري
وتوالي أذمة نظمتنا
نظم عقد الجمان في نحر بكرٍ
لا يكن قصرُك الجفاء فإنّ الودّ
إن ساعدت حياتي قصري
وأعد بالجواب دولة أنسٍ
قد تقضت إلا عُلالَة ذكرٍ
واكسُ متن القرطاس ديباجة لفظٍ
يبهِر الفكر من نظيم ونثرٍ
غررٌ من بدايع لا يشك الدهر
في أنها قلائد دارٍ
تتوالى على النفوسِ دِراكاً
عن فتى موسر من الطبع مثرِ
شدّ في حلبة البلاغة حتى
بان فيها عن شأو سهل وعمرِ
وإذا أنت لم تعجّل جوابي
كان هذا الكتاب بيضة عقرٍ
فابقَ في ذمة السلامة ما انجلى
بعن الإفك عارض متسحرٍ
وعليك السلام ما غنت الورق
وقامت بها ذوائب سدرٍ.
قصيدة ألوت بعتاب شوارد خيلنا
يقول حبيب الهلالي:
ألوت بعتاب شوارد خيلنا
ثم انثنت لكتائب الحجاج
لأخي ثمود فربما أخطأنه
ولقد بلغنا العذر في الإدلاج
حتى ترَكن أخا الضلال مسهدًا
متمانعًا بحوائط ورُتاج
ولعمر أم العبد لو أدركنه
لسقيناه صرفًا بغير مزاج
ولقد تخطأت المنايا حوشبًا
فنجا إلى أجل وليس بناجٍ.
قصيدة قالت سليمى إنني لا أبغيه
يقول أبو محمد الفقعسي:
قالت سليمى إنني لا أبغيه
أراه شيخًا عاريًا تراقيه
محمرة من كبر مآقيه
ترعية قد ذرئت مجاليه
رأت غلامًا جاهلا تصابيه
يقلي الغواني والغواني تقليه
أحب ما اصطاد مكان يخليه
ذو ذنبان يستطيل راعيه
في هجمة يرديها وتلهيه
حتى إذا ما جعلت إيه إيه
وجعلت لجتها تغنيه
فصبحت بغيبغا تغاديه
ذا عرمض يخضر كف عافية
جاءت ولا تسأله بما فيه.
قصيدة لعمري إني يوم بصرى وناقتي
يقول عروة بن حزام:
لعمري إني يوم بصرى وناقتي
لمختلِف الأهواء مصطحبان
فلَو تركتني ناقتي من حنينها
وما بي من وجدٍ إذاً لكفاني
متى تجمعي شوقي وشوقك تفدحي
وما لكِ بالعِبءِ الثقيل يدان
فيا كبِدينا من مخافة لوعةِ
الفراق ومن صرف النوى تجفان
وإذ نحن من أن تشحَطَ الدار غُربَةً
وإن شقّ للبَيْنِ العَصا وجلالين
يقول لي الأصحاب إذا يعذلونني
أهو شوق عراقي وأنت يماني
وليس يمانٍ للعراقي بصاحبٍ
عسى في صروف الدهر يلتقيان
تَحَمّلتُ من عفرة ما ليس ليبِهِ
ولا للجِبالِ الرّاسيات يَدَان
كأن قطاةً عُلّقت بجناحها
على كبدي من شدة الخفقان
جعلت لعراف اليمامة حكمته
وعراف حجرٍ إن هما شفياني
فقالا نعم نشفي من الداء كله
وقاما مع العوّاد يبتدريان
نعم وبلى قالا متى كنت هكذا
ليستخبراني قلت منذ زمان
فما تركا من رُقيةٍ يَعلمانها
ولا شربةٍ إلا وقد سقَياني
فما شفا الداء الذي بي كُلّه
وما ذَخَرَا نُصْحاً ولا ألواني
فقالا شفاك الله والله ما لنا
بما ضُمِّنَت منك الضّلوع يَدان
فرحت من العرّاف تسقط عِمتي
عن الرأس ما التاثُها ببنان.
قصيدة أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحين
يقول الشاعر عمرو بن كلثوم:
ألا هُبّي بصحنك فاصبحينا
ولا تَبقي خُمور الأندرينا
مُشَعشَعَةً كأنّ الحصّ فيه
إذا ما الماء خالطها سخينا
تجورُ بذي اللُبانة عن هواهُ
إذا ما ذاقها حتى يَلينا
ترى اللحيز الشحيح إذا أمرت
عليه لماله فيها مُهيناً
صبنتِ الكأسَ عنا أمَّ عمرو
وكان الكأسُ مجراها اليَمينا
وما شرّ الثلاثة أمَّ عمرو
بصاحبك الذي لا تَصبَحينا
وكأسٍ قد شَرِبتُ بلبّكٍ
وأخرى في دمشق وقاصرين
وإنّا سوف تُدركنا المنايا
مُقدّرةً لنا ومقدّرينا
قِفْ قبل التَفَرّقِ يا ضَعين
نُخبّرِك اليقين وتُخبرينا
قِفْ نَسألك هل أحدثت صَرماً
لِوشك البين أم خُنتِ الأَمينا
بيوم كريهةٍ ضَربًا وطَعن
أقرّ به مواليكِ العيونا
وإنّ غداً وإن اليومَ رهنٌ
وبَعد غدٍ بما لا تَعلَمينَ
تُريكَ إذا دخلتَ على خَلاءٍ
وقد أَمِنَت عُيون الكاشحينَ
ذراعَي عَيطَل أدماء بكِرٍ
هجانات اللون لم تقرأ جَنينا
وثديًا مثل حُقِّ العاج رخص
حصاناً من أكُفِ اللامسينا
ومتني لدنةً سَمَقت وطالت
روادفها تنوء بما ولينا
ومأكَمَةً يضيق الباب عنها
وكشحًا قد جُنِنتُ به جنوناً
وساريتي بلنتٍ أو رخامٍ
يرنّ خشاشُ حليّهما رنينا
فما وجدت كوجد أمّ سقبٍ
أضلّته فَرَجعتِ الحنينَا
ولا شَمطاء لم يترك شقاها
لها من تسعةٍ إلا جَنينا
تذكرت الصبا واشتقت لمّ
رأيتُ حمولَها أُصُلاً حَدينا
فأعرضت اليَمامة واشمخرّت
كأسيافٍ بأيدٍ مُصلتينا
أبا هند فلا تعجل علينا
وانظرنا نخبرك اليقينا
بأنّا نورِدُ الرايات بيضًا
ونُصدِرُهُنَّ حُمراً قد رَويْنا
وأيامٍ لنا غُرٍ طِوالٍ
عصينا الملك فيها أن ندينا
وسيدَ معشرٍ قد توَّجوهُ
بتاج الملك يحمي المِحجرين
تركتنا الخيل عاكِفةً عليه
مُقلّدةً أعنتها صفونا
وأنزلنا البيوت بذِي طلوحٍ
إلى الشامات تنفي الموعِدينا
وقد هَرّت كِلاب الحي منّا
وشذّبنا قَتادةً مَن يَلينا
متى ننقل إلى قومٍ رحان
يكونوا في اللقاء لها طحيناً
يكون ثفالها شَرقيَّ نجدٍ
ولهواتها قُضاعَةَ أجمَعينا
نزلتم منزَلَ الأضياف منّا
فأعجلنا القرى أن تشتُمونا
قرَيّناكُم فعجّلنا قِراكُم
قبيل الصُبح مرداةً طحونا
نَعُمُّ أناسَنا ونَعِفُّ عنهم
ونحمل عنهم ما حملونا
نُطاعِنُ ما تَراخى الناس عنّا
ونضرب بالسيوف إذا غشينا
بسمرٍ من قنا الخطيٌّ لُدنٍ
ذاوابل أو ببيضٍ نختلينا
كأنَّ جماجم الأبطال فيه
وُسوقٌ بالأمعَز يرتمينا
نشُقُّ بها رؤوس القوم شقّ
ونخلّيها الرِقاب فتختلينا
وإن الضغنَ بعد الضغن يبدو
عليك ويخرج الداء الدفينَ
ورثنا المجد قد علمت معدٌّ
نُطاعِنُ دونه حتى يبينا
ونحن إذا عمادُ الحي خَرّت
عن الأُنقاض نمنع من يَلينا
نجذّ رؤوسهم في غير بِرٍّ
فما يدرون ماذا يتقونا
كأنَّ سيوفنا فينا وفيهم
مَخاريقٌ بأيدي لاعبيينا
كأنَّ ثيابَنا منّا ومِنهم
خضِبَت بأرجوانٍ أو طَلينا
إذا ما عَيَّ بِالإِسنافِ حيٌّ
من الهول المُشبح أن يكونا
نصَبنا مثل رهوَةَ ذاتَ حَدٍّ
مُحافظةً وكُنّا السابِقينا
بشبانٍ يرَون القتلَ مجدًا
وشيبٍ في الحروب مُجرّبينَا
حُدَيّا الناسِ كلِّهم جميع
مُقارَعَةً بنيهِم عن بنيينا
فأما يوم خشينّا عليهم
فتصبح خيلنا عُصبهً ثُبينا
وأما يوم لا نخشَى عليهم
فنُمعن غارةً مُتلبّبينا
برأسٍ من بني جُشَم بن بكرٍ
نَدُقُّ به السهولةَ والأحزانا
ألا لا يعلم الأَقوامُ أنّ
تَضعضعنا وأنّا قد وَلينا
ألا لا يجهَلَن أَحدٌ عَلينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
بأيّ مشيئةٍ عَمرو بن هندٍ
نكون لقليلكم فيها قَطينا
بأيِّ مشيئةٍ عمرو بن هندٍ
تطيعُ بنا الوُشاةَ وتزدريينا
تهدَّدنا وأوعِدنا رويداً
متى كنا لأمِّكَ مقضينا
فإن قناتَنا يا عمرو أعيَت
على الأعداءِ قبلَكَ أن تلينا
إذا عضّ الثقافُ بها اشمأزّت
وولَّتهم عشوزنةَ زبونا
عَشَوزَنةً إذا انقلبت أرنّت
تشُجُّ قفا المثقفِ والجِبينا
فهل حُدّثتَ في جُشَم بن بكرٍ
بنقصٍ في خُطوب الأوّلينا
ورثنا مجد علقمة بن سيفٍ
أباح لنا حصونَ المجد دينا
ورثتُ مُهَلَهِلاً والخير منهُ
زُهَيرًا نعِمَ ذخرُ الذاخرينا
وعتابًا وكلثمًا جميع
بهم نِلنا تُراثَ الأكرمينا
وذا البُرة التي حُدِّثتَ عنهُ
به نُحمى ونَحمي المُحجرينا
ومنا قبله الساعي كُلَيبٌ
فأيُّ المجد إلا قد ولينا
متى نَعقد قرينتنا بحبلٍ
تَجزُ الحبلَ أو تقصُّ القرينا
ونجد نحن أمْنَعهم ذِمار
وأوفاهم إذا عقدوا يميناً
ونحن غداة أُوقِدَ في خزاى
رفَعنا فوقَ رِفدِ الرافِدينا
ونحن الحابسون بِذي أُراطى
تسُفُّ الجلّة الخور الدَرينا
ونحن الحاكمون إذا أُطِعنا
ونحن العازمون إذا عُصينا
ونحن التاركون لما سَخِطنا
ونحن الآخذون لما رضينا
وكُنّا الأيمَنينَ إذا التَقينا
وكان الأيسَرين بَنُو أبينا
فصالوا صولةً فيمن يليهم
وصلنا صولةً فيمن يَلينا
فآبوا بالنِهابِ وبالسَباي
وأُبنا بالمُلوك مُصَفَّدينا
إِلَيكُم يا بَني بكرٍ إِلَيكُم
أَلَمّا تَعْرِفوا مِنّا اليَقينا
أَلَمّا تَعْرِفُوا مِنّا وَمِنكُم
كتائبَ يطعنن ويَرتمينا
عَلَينا البيض واليَلَبُ اليمني
وأسيَافٌ يُقمن ويَنحَنينا