أداري العيون الفاترات السواجيا لأحمد شوقي
أُداري العيونَ الفاتراتِ السَواجيا
وَأَشكو إليها كَيدَ إنسانِها ليا
قَتَلنَ ومَنَّينَ القَتيلَ بألسُنٍ
مِنَ السِحرِ يُبدِلنَ المَنايا أمانيا
وَكَلَّمنَ بالأَلحاظِ مَرضى كَليلَةٍ
فَكانَت صِحاحًا في القُلوبِ مَواقِفا
حَبَبتُكِ ذاتَ الخالِ والحُبُّ حالَةٌ
إِذا عَرَضَت لِلمَرءِ لَم يَدرِ مَا هيّا
وَإِنَّكِ دُنيا القلبِ مَهما غَدَرتِهِ
أَتى لَكِ مَملوءًا مِنَ الوَجدِ وافِيا
صُدودُكِ فيهِ لَيسَ يَألوهُ جارِحًا
وَلَفظُكِ لا يَنفَكُّ لِلجُرحِ آسِيا
وَبَينَ الهَوى والعَذلِ لِلقلبي مَوقفٌ
كَخالِكِ بَينَ السيفِ والنارِ ثاوِيا
وَبَينَ المُنى واليَأسِ للصَبرِ هِزَّةٌ
كَخَصرِكِ بَينَ النَهدِ والرِدفِ واهِيا
وَعَرَّضَ بِي قَومي يَقولونَ قَد غَوى
عَدِمتُ عَذولي فيكِ إِن كُنتُ غاوِيا
يَرومونَ سُلوانًا لِقَلبي يُريحُهُ
وَمَن لي بِالسُلوانِ أَشريهِ غالِيا
وَما العِشقُ إِلّا لَذة ثُمَّ شِقوةٌ
كَما شَقِيَ المَخمورُ بِالسُكرِ صاحِيا
راهبتان في دير الجمال
يقول حمد العصيمي في الجمال:
يلجأنَ دائمًا للبكاء إذا ..
دنى وقت الرحيل…
شرر يطير من العيون..
وأدمع حرى تسيل..
هو إرثُهن من الغرام…
ومن بُثين ومن جميل..
وأنا أريدكِ غيرهن..
فلا بكاء ولا عويل..
كوني الأنيقة والجميلة والأميرة..
عندما يأتي الرحيل..
وقفي ووجهكِ للسماء كمثل..
أشجار النخيل…
ولترتدي فستانكِ الوردي..
والشال الطويل..
وضعي على شفتيكِ لونًا…
قرمزيًا لا يزول..
كوني كمثل القطة البيضاء..
كالجوزاء..
كالعنقاء..
كالريم اللعوب…
كوني النساء جميعهن إذا…
أضاعتنا الدروب..
فالشمس أجمل ما تكون..
إذا أتى وقت الغروب..
إني أريدكِ غيرهن …
فهل طلبت المستحيل؟!!
عيناكِ أكبر ملجأٍ عرفتهُ…
أزمنة الحروب..
وأنا المشرد في كهوف الأعين..
الزرقاء من أرض الجنوب..
عيناكِ راهبتان في دير الجمال..
نقيتان من الذنوب..
وأنا لجأت إليهما لتساعدانيَ..
كي أتوب..
فلذا أريدكِ غيرهن فلا بكاءَ..
ولا عويل..
فقفي ووجهكِ للسماء..
كمثل أشجار النخيل..
فأنا أريدكِ أن تكوني هكذا..
عند الرحيل.
تلك الطبيعة قف بنا يا ساري
- قصائد مختارة من قصيدة (تلك الطبيعة قف بنا يا ساري) التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي عند زيارته لإسطنبول، يتحدث عن جمال طبيعتها:
تلك الطبيعة قِف بنا يا ساري
حتى أُريكَ بديع صُنْع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزَّتا
لروائع الآيات والآثار
من كل ناطقة الجلالة، كأنها
أم الكتاب على لسان القاري
دَلَّت على ملك الملوك فلم تَدَع
لأدلَّة الفقهاء والأحبار
من شك فيه فنظرةٌ في صُنعه
تَمحو أَثيم الشك والإِنكار
كَشَفَ الغطاء عن الطُرول وأشرَقت
منه الطبيعة غيرَ ذاتِ ستارِ
شَبَّهتُها بلقيس فوق سَريرها
في نظرة ومواكبٍ وجواري
أو (بِابن داوود) وَواسع مُلكِهِ
ومَعَالمٍ للعِز في كِبارِ
هوج الرياح خواشع في بابهِ
والطَير فيه نواكس المنقار
قامَت على ضاحي الجنان كأنها
رَضوان يُزجي الخُلْد للأبرار
كَم في الخمائل وهي بعض إمائيها
مِن ذات خِلخال وذات سِوارِ
وَحَسيرَةٍ عَنْها الثياب وبَضَّةٍ
في الناعمات تَجر فَضلَ إزارِ
وضحكِ سنٍ تملأ الدنيا سَنَا
وغَريقةٍ في دمعِها المِدرارِ
وَوحيدةٍ بالنَجد تشكو وحشةً
وكثيرة الأتراب بالأغوار
ولقد تَمُر على الغدير تخالهُ
والنبت مِرآةً زَهَت بإطارِ
حُلو التسلسُل مَوْجه وجَريرهُ
كَأنامِلٍ مَرَّت على أوتارِ
مدّت سَواعدُ مائِه وتألّقت
فيها الجَواهر مِن حصى وجِمارِ
ينساب في مُخضَلّة مبتلةٍ
مَنسوجة مِن سُندس ونُضارِ
زهراء عون العاشقين على الهوى
مُختارة الشُعراء في آذارِ
قام الجليد بها وسال كأنَّهُ
دمع الصبابة بل غُصن عذارِ
وترى السماءَ ضُحى وفي جُنحِ الدُجى
مُنشقَّةً مِن أنهُرٍ وبحارِ
في كُل ناحية سَلَكتَ ومذهَبٍ
جَبَلانِ مِن صخرٍ وماءٍ جاري
مِن كُل مُنهَمِرِ الجوانبِ والذُرى
غَمَرِ الحضيضِ مُحلَّلٍ بِوقارِ
عَقَدَ الضَريب لَهُ عِمامَةَ فارِعٍ
جَمِّ المَهَابَةِ مِن شُيوخِ نِزارِ
ومُكَذّبٍ بالجِنِ ريعَ لصوتِها
في الماء مُنحَدرًا وفي التَيّارِ
مَلَأَ الفضاء عَلَى المَسَامِعِ ضَجَّةً
فَكَأنَّما مَلَأَ الجِهاتِ ضَواري
وَكَأَنَّما طوفان نوحٍ ما نَرى
وَالفُلك قَد مُسِخَت حَثيثَ قِطارِ
يجري عَلَى مَثَلِ الصِراط وَتارةً
ما بين هاويةٍ وجُرفٍ هاري
جابَ الممالِكَ حَزنَها وسهولَها
وَطَوى شِعابَ الصِربِ والبلغارِ
حتى رمى بِرِحالِنا ورجائِنا
في ساحة مَأمولٍ عزيزِ الجارِ
مَلِكٌ بِمَفْرَقِهِ إِذا استَقبَلتَهُ
تاجان تاج هُدىً وتاج فخارِ
سَكَنَ الثُرَيّا مُستَقَرَّ جَلالِهِ
وَمَشَت مَكارمُهُ إلى الأمصارِ
فالشَرق يُسقى ديمَةً بِيَمينهِ
وَالغَرب تُمطِره غُيوثُ يَسارِ
ومَداين البَرَّينِ في إِعظامِهِ
وَعَوالِم البحرينِ في الإكبارِ
اللَهُ أَيَّدَهُ بِآساد الشَرى
في صورة المتَدَجِّج الجَرَّارِ
الصاعِدينِ إلى العدوِّ عَلَى الظُبى
النازِلين عَلَى القَنا الخَطّارِ
المُشتَرِين اللَه بِالأَبناءِ وَال
أَزواجِ والأموالِ والأعمارِ
القائِمينَ عَلَى لِواء نَبِيِّهِ
المُنزلينَ منازلَ الأَنصارِ
لا تقل عن لغتي أم اللغات
- قصيدة للشاعر وديع عقل يدافع فيها عن اللغة العربية ويظهر جمالها:
لا تقل عن لغتي أم اللغاتِ
إنها تبرأ من تلك البنات
لغتي أكرمُ أمٍ لم تلد
لذويها العرب غير المكرمات
ما رأت للضاد عيني أثرًا
في لغات الغربِ ذات الثغثغات
إن ربي خلق الضاد وقد
خصها بالحسنات الخالدات
وعدا عادٍ من الغرب على
أرضنا بالغزوات الموبقات
ملك البيتَ وأصبح ربَه
وطوى الرزق وأودى بالحياة
هاجم الضاد فكانت معقلاً
ثابتاً في وجهه كل الثبات
معقلٌ ردّ دواهيهِ فما
باءَ إلا بالأماني الخائبات
أيها العرب حمى معقلكم
ربكم من شر تلك النائبات
إن يومًا تجرح الضاد به
هو والله لكم يوم الممات
أيها العرب إذا ضاقت بكم
مدن الشرق لهول العاديات
فاحذروا أن تخسروا الضاد ولو
دحرجوكم معها في الفلوات
قصيدة كلمات لنزار قباني
يسمعني.. حين يراقصني
كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذني من تحت ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات
والمطر الأسود في عيني
يتساقط زخاتٍ.. زخات
يحملني معـه.. يحملني
لمساءٍ وردي الشرفات
وأنا.. كالطفلة في يده
كالريشة تحملها النسمات
يحمل لي سبعة أقمـارٍ
بيديـه وحزمة أغنيات
يهديني شمسًا.. يهديني
صيفًا.. وقطيع سنونوات
يخبرني.. أني تحفتـه
وأساوي آلاف النجمات
وأنني كنـزٌ… وبأني
أجمل ما شاهد من لوحات
يروي أشيـاء تدوخـني
تنسيني المرقص والخطوات
كلماتٍ تقلب تاريخي
تجعلني امرأةً في لحظـات
يبني لي قصرًا من وهمٍ
لا أسكن فيه سوى لحظات
وأعود.. أعود لطاولتي
لا شيء معي.. إلا كلمات