قصائد تعبر عن الحب والحنين

قصيدة ما هاج شوقك من بلى الأطلال

يقول جميل بثينة:

ما هاج شوقك من بلى الأطلال

بالبرق مر صبا ومر شمال

لعبت بجدتّها الشمال وصابها

نؤُ السماك بمُسبل هطّال

جرت بها هوج الرياح ذيولها

جرّ النّساء فواضل الأذيال

فصرن عن دهم تقادم عهدها

وبقين في حقبٍ من الأحوال

وذكرت ربعا حلّ أهلونا به

إذ نحن في حلَق هناك حلال

نقف الحديث إذا خشينا كاشحا

ونلط حين نخاف بالأمثال

حتى تفرّق أهلنا عن نيّةٍ

قذَفٍ وآذن أهلنا بزوال

بانوا فبان ناعمٌ مثل الدمى

بيض الوجوه يمسَن في الأغيل

قصيدة يعلمني الحب ألا أحب

يقول محمود درويش:

يعلمني الحب ألا أحب وأن أفتح النافذة

على ضفّة الدرب هل تستطيعين أن تخرجي من نداء الحبق

وأن تقسّيني إلى اثنين أنت وما يتبقّى من الأغنية

وحب هو الحب في كل حب أرى الحب موتاً لموت سبق

وريحاً تعاود دفع الخيول إلى أمها الريح بين السحابة والأودية

ألا تستطيعين أن تخرجي من طنين دمي كي أهدّه دهذا الشبق

لكي أسحب النحل من ورق الوردة المعدية

وحب هو الحب يسألني كيف عاد النبيذ إلى أمه واحترق

وما أَعذب الحب حين يعذب حين يخرب نرجسة الأغنية

يعلمني الحب أن لا أحب ويتركني في مهب الورق

قصيدة أم الملائك والبدور

يقول أحمد شوقي:

أم الملائك والبدور

أهلاً بهودجك الطهور

لما أقلّك فاض من

نور الزيارة والمزور

عطر الستور كأنما

قد صيغ من تلك الستور

الله أكبر إذ طلع

ت على المدائن والثغور

أقبلت كالرزق الكرم وكالشفاء وكالسرور

الشمس تزهر في السماء وأنت أزهر في الخدور

وممالك ابنك تزدهي ورعية ابنك في حبور

في موكب جمل السنا والعز مكي العبير

لفت الزمان جلاله بين التخطر والسفور

الناس فوق طريقه كزحامهم يوم النشور

يمشون نحوكِ بالمصاحف والذبائح والنذور

فكأنما قد بشروا بالطهر عائشة البشير

طافوا بهودجها اغتناما للمثوبة والأجور

يتساءلون عن العناية كيف منّت بالظهور

وعن السعادة هل تجرّ الذيل في الجم الغفير

ولقد أشرتِ براحتيك فكبّروا ليد المشير

قال اليتيم عرفتها وسما لها بصر الفقير

هلا مددت يد النوال الجم للقبل الكثير

يا بنت إلهامي الذي بهر الخلائق بالمهور

وبراحة فوق السحاب وفوق مقدرة البحور

كان المعضم في الخواقين الأميرَ على الصدور

أما العزيز محمد فثناؤه نور العصور

ضربت به الأمثال في فضل وفي كرم وخير

وفتاكِ عند الحاثات أقرّ حلما من ثبير

الدين والدنيا له فضل من الله القدير

ملء المحافل ملء عين زمانه ملء السرير

نسب خطير زانه ما نلتِ من حسب خطير

أمن الشموس حفيدتاك البرتّان أم البدور

أم من كريمات الحسيين صباحه يوم النقور

فتحية وعطية نور يسير بجنب نور

قصيدة أحبك حتى ترتفع السماء

يقول نزار قباني:

أحبك حتى ترتفع السماء

وعافية كلماتي

وأخرج من حزام التلوث

الذي يلف قلبي

فالأرض بدونك كذبةٌ كبيرة

وتفاحةٌ فاسدة

حتى أدخل في دين الياسمين

وأدافع عن حضارة الشعر

وزرقة البحر

واخضرار الغابات

أريد أن أحبك حتى أطمئن

لا تزالين بخير

ولا تزال أسماك الشعر التي تسبح في دمي

بخير

أريد أن أحبك حتى أستعيد تفاصيل بيتنا الدمشقي

غرفةً غرفة، بلاطةً بلاطة، حمامةً حمامة

وأتكلم مع خمسين صفيحة فلكما يستعرض الصائغ

أريد أن أحبك يا سيدتي

في زمنٍ أصبح فيه الحب معاقًا

واللغة معاقة، وكتب الشعر معاقة

فلا الأشجار قادرةٌ على الوقوف على قدميها

ولا العصافير قادرةٌ على استعمال أجنحتها

ولا النجوم قادرةٌ على التنقل

أريد أن أحبك من غزلان الحرية

وآخر رسائل المحبين

وتشنق آخر قصيدة مكتوبة باللغة العربية

أريد أن أحبك قبل أن يصدر مرسومٌ فاشستي

وأريد أن أتناول فنجانًا من القهوة معك

وأريد أن أجلس معك لدقيقتين

قبل أن تسحب الشرطة السرية من تحتنا الكراسي

وأريد أن أعانقك

قبل أن يلقوا القبض على فمي وذراعي

وأريد أن أبكي بين يديك

قبل أن يفرضوا ضريبةً جمركيةً على دموعي

أريد أن أحبك يا سيدتي

وأغير التقاويم

وأعيد تسمية الشهور والأيام

وأضبط ساعات العالم على إيقاع خطواتك

ورائحة عطرك التي تدخل إلى المقهى

قبل دخولك

إني أحبك يا سيدتي

دفاعًا عن حق الفرس في أن تصهل كما تشاء

وحق المرأة في أن تختار فارسها كما تشاء

وحق الشجرة في أن تغير أوراقها

وحق الشعوب في أن تغير حكامها متى تشاء

أريد أن أحبك حتى أعيد إلى بيروت رأسها المقطوع

وإلى بحرها معطفه الأزرق

وإلى شعرائها دفاترهم المحترقة

أريد أن أعيدلتشايكوفسكي بجعته البيضاء

ولبول إيلوار مفاتيح باريس

ولفان كوخ زهرة دوار الشمس

ولأرا غون عيون إلزا

ولقيس بن الملوح أمشاط ليلى العامرية

أريدك أن تكوني حبيبتي

حتى تنتصر القصيدة على المسدس الكاتم للصوت

وينتصر التلاميذ وتنتصر الوردة

وتنتصر المكتبات على مصانع الأسلحة

أريد أن أحبك حتى أستعيد الأشياء التي تشبهنيو

والأشجار التي كانت تتبعني

والقطط الشامية التي كانت تخرم

والكتابات التي كانت تكتبني

أريد أن أفتح كل الجوارير التي كانت أمي تخبئ فيها

خاتم زواجها ومسبحتها الحجازية

بقيت تحتفظ به من يوم ولادتي

كل شيء يا سيدتي يدخل في الكوما

فالأقمار الصناعية انتصرت على قمر الشعراء

والحاسبات الإلكترونية تفوقت على نشيد الإنشاد

وبابلو نيرودا

أريد أن أحبك يا سيدتي

قبل أن يصبح قلبي قطعة غيارٍ تباع في الصيدليات

فأطباء القلوب في كليفلاند يصنعون القلوب بالجملة

كما تصنع الأحذية

السماء يا سيدتي أصبحت واطئة

والغيوم العالية أصبحت تتسكع على الأسفلت

وجمهورية أفلاطون وشريعة حمورابي

ووصايا الأنبياء صارت دون مستوى سطح البحر

ومشايخ الطرق الصوفية أن أحبك

حتى ترتفع السماء قليلاً

قصيدة زارَ الخيالُ خيالُ عبلة في الكَرى

يقول عنترة بن شداد:

زارَ الخيالُ خيالُ عبلةَ في الكَرى

لمتيم نشوانَ محلول العرى

فنهضتُ أشكُو ما لقيتُ لبعدها

فتنفّست مسكًا يخالط عَنْبَرا

فضَممتُها كيما أقبّل ثغرَها

والدَّمعُ من جفني قد بلّ الثرى

وكشفتُ برقعها فأشرقَ وجهها

حتى أعاد الليل صبحًا مُسفِرًا

عربيةٌ يهتزُّ لين قوامها

فيخالُه العشاق رُمحًا أسمرا

محجوبةٌ بصوارمٍ وذوابل

سمرٌ ودونَ خبائها أسدُ الشرى

يا عَبلَ إنّ هَواكِ قد جازَ المدى

وأنا المعنى فيكِ من دون الورى

يا عَبلَ حبُّك في عظامي مع دمي

لمّا جرت روحي بجسمي قد جرَى

ولقد عَلِقْتُ بذَيل مَنْ فَخُرتْ به

عبسٌ وسيفُ أبيهِ أفنى حميرا

يا شأْسُ جرني من غرام قاتلٍ

أبداً أزيد به غرامًا مشعلا

يا ساشُ لولا أن سلطان الهوى

ماضي العزيمة ما تملك عنترا

قصيدة على مقلتيكِ ارتشفتُ النجوم

يقول بدر شاكر السياب:

على مقلتيكِ ارتشفتُ النجوم

وعانقتُ آماليَ الآيبة

وسابقتُ حتى جناحَ الخيال

بروحي إلى روحكِ الواثبة

أطلَّت فكانت سنًا ذائبًا

بعينيكِ في بسمةٍ ذائبة

أنتِ التي ردَّدتْها مُناي

أناشيدَ تحت ضياءِ القمر

تغني بها في ليالي الربيع

فتحلُم أزهاره بالمطر

يمضي صداها يهزُّ الضياء

ويغفو على الزورقِ المُنتظر

خُذي الكأس بُلّي صداكِ العميق

بما ارتجَّ في قاعها من شراب

خُذي الكأس لا جفَّ ذاك الرحيق

ولم يبقَ إلا جنونُ السراب

وإلا صدًى هامسٌ في القرار

ألا ليتني ما سقيت التراب

خُذي الكأس إني زرعتُ الكرومَ

على قبر ذاك الهوى الخاسر

فأعراقها تستعيدُ الشراب

وتشَتَفه من يدِ العاصف

خذي الكأس إني نسيتُ الزمان

فما في حياتي سوى حاضِر

وكان انتظارًا لهذا الهوى

جُلوسي على الشاطئ المُقفِر

وإرسالُ طرفي يجوبُ العباب

ويرتدُّ عن أفقه الأسمَر

إلى أن أهَلَّ الشراع الضحوك

وقالت لكِ الأمنيات: انظري

أأنكرتِ حتى هواكِ اللجوج

وقلبي وأشواقَكِ العارمة؟

وضلَّلتِ في وهدةِ الكبرياءِ

صداها فيا لكِ من ظالمة

تجنَّيْتِ حتى حسبتِ النعاس

ذبولًا على الزهرةِ النائمة

أتنسَينَ تحت التماعِ النجوم

خُطانا وأنفاسَنا الواجفة

وكيف احتضنَّا صدًى في القلوب

تغنِّي به القُبلةُ الراجفة

صدًى لج قبل احتراقِ الشفاه

وما زال في غَيهبِ العاطفة

ورانَتْ على الأعيُن الوامقات

ظلالٌ من القُبلةِ النائية

تُنادي بها رغبةٌ في الشفاه

ويمنعها الشكُّ والواشية

فترتجُّ عن ضغطةٍ في اليدين

جمعنا بها الدهر في ثانية

“شقيقةُ روحي ألا تذكرين”

نداءً سيبقى يجوبُ السنين

وهمسًا من الأنجُم الحالمات

يهزُّ التماعاتها بالرنين

تسللَ من فجوةٍ في الستار

إليكِ وقال: ألا تذكُرين؟

تعالَيْ فما زال في مقلتَيَّ

سنًا ماجَ فيه اتِّقاد الفؤاد

كما لاح في الجدول المُطمئنِّ

خيال اللظى والنجوم البعاد

فلا تزعمي أن هذا جليد

ولا تزعمي أن هذا رماد

قصيدة أراها بدت تختال في حلل الخزّ

يقول صالح مجدي بيك:

أراها بدت تختال في حلل الخزّ

مهفهفة صادَت فؤادي بالغَمز

وصالت على العُشاق منها بقامة

هي الرمح في حسن اعتدال وفي وخز

وحاولت العذال مني سلوةً

فباتوا على نار من الهَمز واللَمز

وأضحوا بما نالوا من الخزي في لظىً

يسعّرها ما في القلوب من الأَزِّ

خليليَّ إني قانع من وصالها

ولو زاد وجدي بالإشارة والرَمْز

وإني لأعدو خلفها في مَهامهٍ

بها الريم يطوي الأرض بالوثب والأبز

فما حيلتي في القرب منها وإنَّها

على ما بها من خالص الودّ في حَجز

وفي خدرها أُسدُ الشرى يحرسونها

بيض وسمر لا تردّ عن الحفز

وحول حِماها ألف واشٍ تجرّدوا

بألسنة شبه الأسنة في النَخز

ولكنهم لا يقدرون بجمعهم

ولو أقبلوا بالمرهفات على فزّ

أنا المغرم الولهان أول عارف

بما في الهوى العذري من الحلو والمِزِّ

وما ليَ عنه شاغل غير خدمتي

لدولة إسماعيل جوهرة الكنز

لدولة إسماعيل خير مملك

على العرب أرباب البراعة والأرز

مليك بنصر الله عاد مؤيداً

إلى مصر من دار الخلافة في حرز

فزاد بتوفيق المهيمن رفعة

تدوم لها منه بِهمة مُعتز

وسادت على الأمصار في ظل عدله

بحزم هزبرٍ وافر العزم في الوَكز

ومدت به نحو المعارف باعَها

بقوة تحصيل تُصان عن العجز

ففازت بسبق في ميادين حكمة

كَساها بها بردًا قشيبا من البز

وحسبك منها بالرعاية رَأفةً

صدور مراسيم التعادل بالفَرز

ولاحت به للناظرين كأنّها

عروس كنوز في الملاحة والطرز

ولما بدا من آستانة أشرقت

بأنوارها الأرجاء في السهل والوَفز

وكان على الأيام وعد فأنعمت

على الوطن المألوف مذ آب بالنّجز

وأنشد مجدي في القدوم مؤرخاً

أتى مصر إسماعيل بالسعد في عز