قصائد تعبر عن حب الأم وتقديرها

قصيدة الأم للشاعر كريم معتوق

أوصى الله بك كما أوصت الصُحفُ

والشعر يأتي بخوف ثم ينصرفُ

ما نطقتُ والله، يا أمي، بقافيةٍ

إلا وكان مقاماً فوق ما أصفُ

يخضر حقل حروفي حين تحملها

غيم لأمي عليه الطيب يُقتطفُ

والأم مدرسة، كما قالوا وقُلتُ بها

كل المدارس ساحاتٌ لها توقفُ

ها جئت بالشعر لأقربها لقافيتي

كأن الأم في اللاوصف تتصفُ

إن قلت في الأم شعراً قام معتذراً

ها قد أتيتُ أمام الجمع، أعتذرُ

قصيدة إلى أمي للشاعر محمود درويش

أحن إلى خبز أمي

وقهوة أمي

ولمسة أمي..

وتكبر فيَّ الطفولةُ

يوماً على صدر يومٍ

وأعشق عمري لأنني

إذا متّ،

أخجل من دمع أمي

خذيني، إذا عدت يوماً

وشاحاً لهُدْبكِ

وغطّي عظامي بعشبٍ

تعمَّد من طهر كعبك

وشُدّي وثاقي..

بخصلة شعر..

بخيطٍ يلوّح في ذيل ثوبك..

عساني أصير إلهاً

إذا ما لمستُ قرارة قلبك!

ضعيني، إذا ما رجعتُ

وقوداً بتنور ناركِ…

وحبل غسيل على سطح داركِ

لأني فقدت الوقوف

بدون صلاة نهاركِ

هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة

حتى أشارك

صغار العصافير

درب الرجوع …

لعش انتظارك!

قصيدة في بيت أمي للشاعر محمود درويش

في بيت أمي صورتي ترنو إليّ

ولا تكف عن السؤال:

أأنتَ، يا ضيفي، أنا؟

هل كنتَ في العشرين من عمري،

بلا نظارة طبيةٍ،

وبلا حقائب؟

كان ثقبٌ في جدار السور يكفي

لكي تعلّمك النجوم هواية التحديق

في الأبدي…

[ما الأبدي؟ قلتُ مخاطباً نفسي]

ويا ضيفي… أأنتَ أنا كما كنا؟

فمَن منّا تنصّل من ملامحه؟

أتذكُرُ حافر الفرس الحرون على جبينكَ

أم مسحتَ الجرح بالمكياج كي تبدو

وسيم الشكل في الكاميرا؟

أأنت أنا؟ أتذكُرُ قلبكَ المثقوبَ

بالناي القديم وريشة العنقاء؟

أم غيّرتَ قلبك عندما غيّرتَ دربك؟

قلت: يا هذا، أنا هوَ أنت

لكني قفزتُ عن الجدار لكي أرى

ماذا سيحدث لو رآني الغيبُ أقطفُ

من حدائقِهِ المُعلقة البنفسجَ باحترامٍ…

ربما ألقى السلام، وقال لي:

عُدْ سالماً…

وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى

ما لا يُرى

وأقيس عمق الهاويةْ

قصيدة خمس رسائل إلى أمي للشاعر نزار قباني

صباح الخير يا حلوة

صباح الخير يا قديسي الحلوة

مضى عامان يا أمي

على الولد الذي أبحر

برحلته الخرافية

وخبأ في حقائبه

صباح بلاده الأخضر

وأنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمر

وخبأ في ملابسه

طرابين من النعناع، والزعتر

وليلكة دمشقية..

أنا وحدي..

دخان سجائري يضجر

ومني مقعدي يضجر

وأحزاني عصافيرٌ..

تفتش –بعد- عن بيدر

عرفت نساء أوروبا..

عرفت عواطف الإسمنت، والخشب

عرفت حضارة التعب..

وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر

ولم أعثر..

على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر

وتحمل في حقيبتها..

إلي عرائس السكر

وتكسوني إذا أعرى

وتنشلني إذا أعثر

أيا أمي..

أيا أمي..

أنا الولد الذي أبحر

ولا زالت بخاطره

تعيش عروسة السكر

فكيف.. فكيف يا أمي

غدوت أبا..

ولم أكبر؟

صباح الخير من مدريد

ما أخبارها الفلة؟

بها أوصيك يا أماه..

تلك الطفلة الطفلة

فقد كانت أحب حبيبةٍ لأبي..

يدللها كطفلته

ويدعوها إلى فنجان قهوته

ويسقيها..

ويطعمها..

ويغمرها برحمته..

.. ومات أبي

ولا زالت تعيش بحلم عودته

وتبحث عنه في أرجاء غرفته

وتسأل عن عباءته..

وتسأل عن جريدته..

وتسأل –حين يأتي الصيف-

عن فيروز عينيه..

لتنثر فوق كفيه..

دنانيراً من الذهب..

سلاماتٌ..

سلاماتٌ..

إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة

إلى أزهارك البيضاء.. فرحة “ساحة النجمة”

إلى تختي..

إلى كتبي..

إلى أطفال حارتنا..

وحيطانٍ ملأناها..

بفوضى من كتابتنا..

إلى قططٍ كسولاتٍ

تنام على مشارقنا

وليلكةٍ معرشةٍ

على شباك جارتنا

مضى عامان.. يا أمي

ووجه دمشق،

عصفورٌ يخربش في جوانحنا

يعض على ستائرنا..

وينقرنا..

برفقٍ من أصابعنا..

مضى عامان يا أمي

وليل دمشق

فل دمشق

دور دمشق

تسكن في خواطرنا

مآذنها.. تضيء على مراكبنا

كأن مآذن الأموي..

قد زرعت بداخلنا..

كأن مشاتل التفاح..

تعبق في ضمائرنا

كأن الضوء، والأحجار

جاءت كلها معنا..

أتى أيلول يا أماه..

وجاء الحزن يحمل لي هداياه

ويترك عند نافذتي

مدامعه وشكواه

أتى أيلول.. أين دمشق؟

أين أبي وعيناه

وأين حرير نظرته؟

وأين عبير قهوته؟

سقى الرحمن مثواه..

وأين رحاب منزلنا الكبير..

وأين نعماه؟

وأين مدارج الشمشير..

تضحك في زواياه

وأين طفولتي فيه؟

أجرجر ذيل قطته

وآكل من عريشته

وأقطف من بنفشاه

دمشق، دمشق..

يا شعراً

على حدقات أعيننا كتبناه

ويا طفلاً جميلاً..

من ضفائره صلبناه

جثونا عند ركبته..

وذوبنا في محبته

إلى أن في محبتنا قتلناه…

من قصيدة أمي للشاعر عبدالله البردوني

تركتني ها هنا بين العذاب

ومضت، يا طول حزني واكتئابي

تركتني للشقا وحدي هنا

واستراحت وحدها بين التراب

حيث لا جور ولا بغي

تنبي وتنبي بالخراب

حيث لا سيف ولا قنبل

حيث لا حرب ولا لمعة حراب

حيث لا قيد ولا سوط ولا

ألم يطغى ومظلوم يحابي

خلّفتني أذكر الصفو كما

يذكر الشيخ خيالات الشباب

ونأت عني وشوقي حولها

الماضي وبي – أوه – ما بي

ودعاه حاصد العمر إلى

حيث أدعوها فتعيا عن جوابي

حيث أدعوها فلا يسمعني

غير صمت القبر، والقفر اليباب

موتها كان مصابي كله

وحياتي بعدها فوق مصابي