قصيدة: وطني عليك تحيتي وسلامي
يقول الشاعر عبد الحميد الرافعي:
وطني، إليك أبعث تحيتي وسلامي
فاقف بجانب غُربتي ومقامي
وطني، أحن إليك في سفري وحضري،
أمام يقظتي وفي منامي.
وطني، لديك ما لم يكن بغيرك،
من كوثر عذب وديار سلام.
وطني، وإن نقلت شذاك للصبا،
تتجلى شجوني وأبدأ بالكلام.
وطني، تتجلى لي خطراتك،
تذكرني بالصبا ومراتع الآلام.
وطني، أدعو في ظلام الليل،
أن لا يبتليك الله بالظلام.
وطني، أرجو أن تدوم لك السعادة،
دوماً في ظل عدالة الحكام.
وطني، بروحي أفديك، إذا ملت
عنك الرّعاة وطاش سهم الحامي.
وطني، إذا شائت الأقدار مجدك،
فكأنّما هو يتسلل بعظامي.
وطني، إذا أساء لك مُسيء،
فأنا الغيور وعزتي الإسلام.
وطني العزيز، وفيك كل عواطفي،
إنه يراودني ويلهي ويسكرني.
وطني العزيز، وعنك بات أحاديثي،
تتردد في سمعي كابنة الجام.
وطني العزيز، إن كان الألم يلم بك،
فقد استقرّت الآلام في قلبي.
وطني العزيز، وأنت أجلّ ما كنتُ،
فيك أعدّ العيش من أيامي.
وطني العزيز، وأنت ما يُحلي بي.
غزلي وتشبيبي ونظم نظامي.
وطني العزيز، وأنت من أدعو له،
عقب صلاتي دوماً وصيامي.
وعلاك في الأوطان جلّ رغباتي،
ومآربي ومقاصدي ومرامي.
وإذا أخطأ الحظ قومك تلقاني،
أبكي بعيني عروة بن حزام.
وإذا تراجعوا عن نجاحك واقتنعوا،
بمرور الزمن تخيّب أحلامي.
أيها أبناء وطني، اقيموا عزّتكم،
إنّ الديار تعز بالأقوام.
أحيوا المعرفة، وعظّموا إن أردتم الفخر،
بعظمة أسلاف قد مضوا حتى الرمام.
فالمجد إنما تجددوه بجديتكم،
لا ذكر لأجداد قدّموا الكرام.
والعلم أصل للمفاخر كلها،
وبنوره تنكشف كل ظلام.
فيه الحياة لكل مجد قديم،
أو طارف، كالرّوح للأجسام.
قصيدة: لي وطن آليت ألا أبيعه
يقول الشاعر ابن الرومي:
لي وطن قررت ألا أبيعه،
وألا أرى غيري له مالكاً على مر الزمان.
عرفته في يفاعتي ونعمةً،
كنعمة قوم أصبحوا في حضنها.
وقد حبّب أوطان الرجال إليهم،
مآرب قضاها الشباب هناك.
إذا ذكرت أوطانهم، تذكرهم،
عهود الصبا فيها، فحنوا لذلك.
فقد ألفته النفس حتى كأنه،
جسد له، إن غاب، غامر بالهلاك.
وطني هو الأم، فإذا
عقّه الإنسان يوماً، كعقّ أمّه.
قصيدة: بلادي لا يزال هواك مني
يقول الشاعر خليل مطران:
بلادي، لا يزال هواك مني،
كما كان الهوى قبيل الفطام.
أقبل منك حيث رمى الأعداء،
رغاماً طاهراً دون الرغام.
وأفدي كل جلمود هُزِم،
وهوى بقنابل القوم اللئام.
لحى الله المطامع أينما حلت،
فتلك أشد آفات السلام.
قصيدة: الناس حساد المكان العالي
يقول أحمد سالم باعطب:
الناس حسّاد المكان العالي،
يرمونه بدسائس الأعمال.
ولأنتِ، يا وطني العظيم، منارة،
في راحتيك حضارة الأجيال.
لا ينتمي لك من يخون ولاء،
إن الولاء شهادة الأبطال.
يا قبلة التاريخ، يا بلد الهدى،
أقسمت أنك مضرب الأمثال.
قصيدة: ومن لم تكن أوطانه مفخرًا له
يقول الكاظمي:
ومن لم تكن أوطانه مفخراً له،
فليس له في موطن المجد مفخر.
ومن لم يبن في قومه ناصحاً لهم،
فما هو إلا خائن يتستر.
ومن كان في أوطانه حامياً لها،
فذكراه مسك في الأنام وعنبر.
ومن لم يكن من دون أوطانه حمى،
فذاك جبان بل أخس بل أحقر.
قصيدة: بلادي هواها في لساني وفي دمي
يقول مصطفى صادق الرافعي:
بلادي هواها في لساني وفي دمي،
يمجدها قلبي ويدعو لها فمي.
ولا خير فيمن لا يحب بلاده،
ولا في حليف الحب إن لم يتيم.
ومن تؤوه دار فيجحد فضلها،
يكن حيواناً فوقه كل أعجم.
ألم تر أن الطير إن جاء عشه،
فآواه في أكنافه يترنم.
وليس من الأوطان من لم يكن لها،
فداء وإن أمسى إليهنّ ينتمي.
على أنها للناس كالشمس لم تزل،
تضيء لهم طراً، وكم فيهم عمي.
ومن يظلم الأوطان أو ينس حقها،
تجبه فنون الحادثات بأظلم.
ولا خير فيمن إن أحب دياره،
أقام ليبكي فوق ربع مهدم.
وقد طويت تلك الليالي بأهلها،
فمن جهل الأيام فليتعلم.
وما يرفع الأوطان إلا رجالها،
وهل يترقى الناس إلا بسلم.
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله،
على قومه، يستغن عنه ويذمم.
ومن يتقلب في النعيم شقي به،
إذا كان من آخاه غير منعم.
قصيدة: وطن ولكن للغريب وأمة
يقول القروي:
وطن ولكن للغريب وأمة،
ملهى الطغاة وملعب الأضداد.
يا أمةً أعيت لطول جهادها،
أسكون موت أم سكون رقاد؟
يا موطناً عاث الذئاب بأرضه،
عهدي بأنك مربض الآساد.
ماذا التمهل في المسير كأننا،
نمشي على حسك وشوك قتاد؟
هل نرتقي يوماً وملء نفوسنا،
وجلٌ المسوق وذلة المنقاد؟
هل نرقى يوماً وحشور رجالنا،
ضعف الشيوخ وخفة الأولاد؟
واهاً لآصفاد الحديد، فإننا،
من آفة التفريق في أصفاد.
قصيدة: أنا حر هذي البلاد بلادي
يقول إبراهيم المنذر:
أنا حر هذه البلاد بلادي،
أرتجي عزّها لأحيا وأغنم.
لست أدعو لثورة أو يزال،
لست أدعو لعقد جيشٍ منظّم.
لست أدعو إلا لخير بلادي، فهي
نوري إذا دجى البؤس خيّم.
إنما الخير في المدارس يرجى،
فهي للمجد والمفاخر سُلّم.
وحّدوها وعمّموا العلم فيها،
فدواء البلاد علم معمم.
إن من يبذل النّقود عظيم،
والذي ينشر المعارف أعظم.
لا أباهي بما أنا اليوم فيه،
نائباً يجابه الخطوب ويقحم.
قصيدة: صباح الفقر يا بلدي
يقول مصعب تقي الدين:
صباح الفقر يا بلدي،
صباح الدمع والمنفى.
صباح الجرح لو يحكي،
سيغرق أرضنا نزفاً.
صباح الموت، لا تسأل،
متى أو أين أو كيف.
طيور الموت مرسلة،
ورأس العبد لا يخفى.
وإن الشمس لو تدري،
لكفت ضوءها خوفاً.
من الحكام أن يجدوا،
كفيفاً يرفع الكف.
إلى الرحمن يسأله،
ليرسل جنده صفاً.
على الحكام قد وعدوا،
وكل وعودهم سوف.
تعالى سيدي الوالي،
ونحمده فقد أوفى.
أذاب الخوف في دمنا،
وأسكن روحنا سيفاً.
أحب الظلم يا بلدي،
أيهجره وقد ألف.
صباح الهم يا بلدي،
جراح أصبحت عرفاً.
يموت الحلم نقبره،
ونزرع بعده خوفاً.
قصيدة: سلمت يا موطن الأمجاد والكرم
يقول عبد الرحيم عجيب:
سلمت يا موطن الأمجاد والكرم،
يا موطني، يا رفيع القدر والقيم.
سلمت حاماً لهذا الدين، يا وطنٌ،
سما به المجد حتى حلّ في القمم.
لم تعرف الأرض أغلى منك، يا وطناً،
مشى عليه النبي الحق بالقدم.
يا مهبط الوحي، يا تاريخ أمتنا،
يا مشعل النور للأمصار في الظلم.
إليك تهفو قلوب الناس قاطبة،
وترتمي فيك حول البيت والحرم.
ومنك، يا موطني المعطاء، انطلقت،
جحافل تنشر الإسلام للأمم.
وتحمل الخير للدنيا فتنقذها،
من فتنة الكُفر والإلحاد والصنم.
علوت يا موطني وازددت مفخرة،
كلٌ يرَى المجد قد حلاك بالعظم.
أنت الذي في قلوب الشعب مسكنه،
أنت الذي في قلوب الناس لم ترم.
إليك حبي وأشواقي أقدمها،
مغروسة فيك، قد أسقيتها بدمي.
قصيدة: وطني يجاذبني الهوى
يقول نزار قباني:
وطني يجاذبني الهوى في مهجتي،
هو جنّتي، هو مرتعَي، هو مسرحِي.
آوي إليه وملء عيني غفوةٌ،
هو من أحلّق فوقه بجوانحي.
ما لا رأت عينٌ ولا سمعَت به،
فيه الحواري والملائكة تستحي.
أعنابه من كل داليةٍ دنت،
عسل يُداوي كل جرحٍ مُقرحٍ.
أنا مرسلٌ في غربتي بمهمة،
لا أرتجي إلا الرضا هو مطمحِي.
في غربتي أحببت فيه أحبتي،
كلٌ نسبحُ والحبيب بمسبحِي.
تسبيحه يعلو بروحي في السماء،
وذكره مزج الهوى بجوارحي.
إني غريب لا أبالي من أنا،
فأنا قد ذابت به في مطلحي.
يا جنّةَ الفردوس، كوني موطناً،
حقاً لكل موحدٍ أو مُفلحِ.