أروع الأبيات الشعرية الحزينة للشاعر قاسم حداد
- يقول الشاعر:
أبثّكِ في الصورة المشتهاة.
في انبثاقة الفجر.
أصطادكِ في السناجب وجندب العشب الطازج.
أنتخب سطراً لك وسطراً لي.
أجلس بين يديك.
حوذياً يُحرّر الفرسَ من اللجام والسرج ويطلقها في حرية السهوب.
أروزُكِ بشباكِ الشبق.
وأخلع ركائز السور.
لئلا يَحُول دونك الخشبُ.
تقعين في حضني.
في موجة الخضرة الذهبية.
نشتبك بلا رَوّية.
لا نكاد ندرك مَنِ الطريدةُ مَنِ الصائدُ مِنْ أينَ يبدأُ القنصُ.
وكيف تقع الضحية في سقيفة الندم.
مَنْ لها؟
يا قلبي ما الجدوى؟
هذه الخريطة ضاق واسِعُها.
والبوصلات كثيرةُ الشكوى.
من أينَ بابُ البيت؟
ليستْ صدفةٌ أن يُستعانَ لجمرة التأجيج
بالفتوى.
يدي في مستحيل فاتن
كغزالة مذعورةٍ في موجةٍ نشوى.
قلبي ضائعٌ في الحب
مثل سفينةٍ في الغيم.
كان لها
نجمٌ يضللها.
فنارات ورعشة ضائعين لها.
وميناء السكارى والقراصنة الخرافيين.
والإعصار، كان لها
كي يستقيم الموج.
حقٌ في اندلاع العشقِ
في بحّارةٍ متباسلين.
يُفَزِّزون النارَ في الفوضى.
عراةُ الصدر.
يسقون الصواري نخبهم.
يتجاسرون إذا طغى المعنى
وضاعَ دليلهم.
ويكابرون إذا بكت مرآتُهم.
وارتاعَ ربان السفينة ساعةَ النجوى.
فما الجدوى؟
من السفر الطويل وجنةٌ في البيت.
يا بيتَ الصديق القلب،
طاشَ الموجُ بي.
وتساءلت روحي.
وهام الشوق بالفحوى.
فمن يبكي إذا طالَ الرحيل؟
ومن يفسّر محنة الأسفار؟
من يقوى؟
وما الجدوى
إذا فكرتَ .. في الجدوى.
- ويقول أيضاً:
كم سوف يبقى من العمر كي أسأل الله أن يجمع الأصدقاء ويرسم حبّ العدوّ لهم ويؤلفهم في الكتاب الجديد بما يمسح الحقد من قلبهم ثم يسعى
بهم للبعيد القريب من الناس يستوعبون الجراحَ ويَحنون أعناقهم للصديق.
كم يا تُرى سوف يكفي من العمر نرجو السناجبَ كي لا تقوّض هيكلنا في الطريق إلى الله يبقى من الله فينا قليلاً نؤجل أخطاءنا ونحضّ
السماء على العفو كي لا يزيد الطغاةُ من العسف في بيتنا ليتنا نسأل الله في غفلةً أن يكفَّ الدعاة إلى الموت باسم الكتاب العتيق.
كم سوف يكفي من الدم كي نحتفي بالضغينة وهي تزول من النص يبقى من العمر وقت نؤدي به حاجة الروح بعد النقائض قبل الحريق.
كم سوف يحتاج ترميم أرواحنا بعدما هشمتها الشظايا فهل من بقايا من الشمس تكفي لمستقبلٍ عاطلٍ في المحطات قبل البريق.
يا رب هاتِ الأحباء يستقبلون معي غدهم في الحقول البعيدة عن عتمات المعابد هات الندى في القلوب الحسيرة.
قل هو الوقت يكفي ففي الحب بوصلة للطريق.
من أجمل قصائد الشاعر حافظ ابراهيم الحزينة
- يقول الشاعر:
حبسَ اللسانَ وأطلقَ الدمعا.
ناعٍ أصمَّ بنعيكَ السمعا.
لكَ مِنّةٌ قد طوَّقت عنقي.
ما إِن أريدُ لطوقِها نزعاً.
ماتَ الإمامُ وكان لي كنفاً.
وقضيتَ أنتَ وكنتَ لي درعاً.
فليشمَتِ الحُسّادُ في رجلٍ.
أمست مُناهُ وأصبحت صرعى.
ولتَحمِلِ الأيامُ حملتَها.
غاضَ المعينُ وأجدَبَ المَرعى.
إني أرى من بعدهِ شَلَلاً.
بيدِ العُلا وبأنفها جدعاً.
وأرى الندى مستوحشاً قلقاً.
وأرى المروءة أقفرت ربعا.
قد كانَ في الدنيا أبو حسنٍ.
يولي الجميلَ ويُحسنُ الصُنعا.
إن جاءَ ذو جاهٍ بمحمَدةٍ.
وتراً شاهُ بمثلها شفعا.
فإذا نظرتَ إلى أنامِلِهِ.
تندى حسبتَ بكفّهِ نبعا.
سلني فإنّي من صَنائِعِهِ.
واسَلِ المعارفَ كم جنت نفعا.
قد أخصبت أمُّ اللغاتِ به.
خصباً أدَرَّ لأهلها الضَرعا.
تَاللَّهِ لولا أن يُقالَ أتى.
بدعاً لطُفتُ بقبرهِ سبعاً.
قد ضِقتُ ذرعاً بالحياةِ ومن.
يفقد أَحبَّتَهُ يَضِق ذرعاً.
وَغَدَوتُ في بلدٍ تَكَنَّفَني.
فيهِ الشرورُ ولا أرى دَفعاً.
كَم مِن صديقٍ لي يُحاسِنُني.
وكأن تحت ثيابِهِ أفعى.
يسعى فيُخفي لينَ مَلمَسِهِ.
عني مساربَ حَيَّةٍ تسعى.
كَم حاوَلَت هَدمي مَعاوِلُهُم.
وأبى الإلهُ فزادَني رَفعا.
أصبحتُ فرداً لا يُناصِرُني.
غيرُ البيانِ وأصبحوا جمعاً.
ومناهم أن يحطِّموا بيَدي.
قَلَماً أَثارَ عَلَيهِمُ النَقعا.
وَلَرُبَّ حُرٍّ عابَهُ نَفَرٌ.
لا يصلحونَ لنعلِهِ شِسعا.
مَن ذا يُواسيني وَيَكلَأُني.
في هَذِهِ الدنيا ومن يَرعى.
لا جاهَ يَحميني وَلا مَدَدٌ.
رَعَنّي يَرُدُّ الكَيدَ وَالقَذَعا.
بكَ كُنتُ أَدفعُ كُلَّ عادِيَةٍ.
وأجيبُ في الجُلّى إذا أُدعى.
وأُقيلُ عَثرَةَ كُلِّ مُبتَئِسٍ.
وأفي الحُقوقَ وأُنجِحُ المَسعى.
حتى نعى الناعي أبا حسنٍ.
فَوَدَدتُ لَو كُنتُ الذي يُنعى.
غيظُ العِداةُ فَحاوَلوا سَفَهاً.
مِنهُم لِحَبلِ وِدادِنا قَطعا.
راموا له بَتّاً وقد حَمَلوا.
ظُلماً فكانَ لِوصلِهِ أَدعى.
يا دَوحَةً للبر قد نَشَرَت.
في كُلِّ صالحةٍ لها فرعا.
ومَنارةً للفضل قد رُفِعَت.
فوق الكنانةِ نورُها شَعّا.
ومثابةً للرّزقِ أحمَدُها.
ما رَدَّ مِسكيناً وَلا دَعّا.
إني رَثَيتُكَ والأَسى جَلَلٌ.
والحزنُ يَصدَعُ مُهجَتي صَدعا.
لا غَروَ إن قَصَّرتُ فيكَ فَقَد.
جَلَّ المُصابُ وَجاوَزَ الوُسعا.
سَأَفيكَ حَقَّك في الرِثاءِ كَما.
ترضى إِذا لَم تُقدَرِ الرُجعى.
- ويقول أيضاً:
أبكي وعينُ الشرقِ تبكي معي.
على الأريب الكاتبِ الألمعي.
جَرى عَصِيُّ الدمعِ من أَجلِهِ.
فزادَ في الجودِ على الطيّعِ.
نقصٌ من الشرقِ ومن زهوهِ.
فقدُ اليَراعِ المُعجِزِ المُبدعِ.
ليسَ لمصرٍ في رِجالاتِها.
حظٌّ ولا للشامِ في أروعِ.
مُصابٌ صَرّوفٌ مُصابُ النُهى.
فليَبكِهِ كلَّ فؤادٍ يعي.
كُرِّمَ بالأمسِ وأكفانُهُ.
تنسجُها الأقدارُ للمَصرَعِ.
يا صائِغَ الدُرِّ لتكريمِهِ.
صُغهُ لمنعاهُ من الأدمعِ.
قد زَيَّنَ العلمَ بأخلاقهِ.
فَعاشَ مِلءَ العَينِ والمَسمَعِ.
تَواضُعٌ والكِبرُ دَأبُ الفتى.
خلا من الفَضلِ فلم ينفعِ.
تَواضُعُ العِلمِ له رَوعَةٌ.
يَنهارُ مِنها صَلَفُ المُدَّعي.
وحُلةُ الفَضلِ لها شارَةٌ.
أزهى من السيفَينِ والمدفعِ.
يُشبِعُ من حَصَّلَ من عِلمِهِ.
وهوَ من التحصيل لم يشبعِ.
مُبَكِّرٌ تحسبُهُ طالِباً.
يُسابِقُ الفَجرَ إلى المطالعِ.
قد غالتِ الأَسقامُ أَضلاعَهُ.
والرأسُ في شُغلٍ عَنِ الأَضلُعِ.
ماتَ وفي أَنمُلِهِ صارِمٌ.
لم يَنبُ في الضربِ عَنِ المَقطَعِ.
صاحَبَهُ خَمسينَ عاماً فلم.
يَخُنْ لَهُ عَهداً ولَم يَخدَعِ.
مُوَفَّقاً أَنّى جَرى مُلهَماً.
ما ضَلَّ في الوِردِ عَنِ المَشرعِ.
لم يَبرِه بارٍ سِوى رَبِّهِ.
وَلَم يَحُزهُ جاهِلٌ أَو دَعي.
في النَقلِ والتصنيف أَربى على.
مدى ابنِ بحرٍ ومدى الأَصمعي.
أَيَّ سبيلٍ للهُدى لم يَرِد.
وَأَيُّ بابٍ مِنهُ لم يَقْرَعِ.
يَقتَطِفُ الزَهرَ ويَختارُهُ.
كَالنَحلِ لا يَعفو عَنِ الأَينَعِ.
فتحسبُ القُرّاءَ في جَنَّةٍ.
عُقولُهُم في رَوضِها تَرتَعي.
صَرّوفُ لا تَبعُد فَلَستَ الَّذي.
يَطويهِ طاوي ذَلِكَ المَضجَعِ.
أَسكَتَكَ المَوتُ وَلَكِنَّهُ.
لم يُسكِتِ الآثارَ في المَجمَعِ.
ذِكراكَ لا تَنفَكُّ مَوصولَةً.
في مَعهَدِ العِلمِ وفي المَصنَعِ.
قصيدة جرحان
- يقول الشاعر قاسم حداد:
تجلى ليَ العِلمُ.
أنِّي أموتُ جُزافاً على الدربِ
بين التآويل والعاصفة.
تراءتْ ليَ النزهةُ المشتهاة.
كأنَّ الحياة
كما السير في موكب العائدين
من الموت بالحجّة الخائفة.
بدا ليَ أنَّ المعزِّينَ يأتونَ مبتهجين
لأنَّ الذي ماتَ
ضَحْى بهم في الكتابة والمعرفة.
غنّى بجرحينِ
كي يُوْلِمَ الحفلَ والمائدة
بالقوى السائدة.
وأنَّ الذي خَطَّهُ في الدفاتر
أخطاءه المنتقاة
قبيل الممات.
ولم يستعنْ، كي يموتَ سريعاً،
بما يشغلُ البعضَ في الربح والفائدة.
بدتْ للرواة الحقيقةُ
قبل اكتمالِ الحكاية.
لم ينتبه أحدٌ،
أخفقوا في التفاسير.
باتوا على حزنهم والتهوا بالجنازة
عن مستثار الرؤى الرائدة.
قصيدة في رثاء الأخ
- تقول الخنساء:
أَعَينَيَّ جودا وَلا تَجمُدا
أَلا تَبكِيانِ لِصَخرِ النَدى؟
أَلا تَبكِيانِ الجَريءَ الجَميلَ
أَلا تَبكِيانِ الفَتى السَيِّدا؟
طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ
سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا.
إِذا القَومُ مَدّوا بِأَيديهِمِ
إِلى المَجدِ مَدَّ إِلَيهِ يَدا.
فَنالَ الَّذي فَوقَ أَيديهِمِ
مِنَ المَجدِ ثُمَّ مَضى مُصعِدا.
يُكَلِّفُهُ القَومُ ما عالُهُم
وَإِن كانَ أَصغَرَهُم مَولِدا.
تَرى المَجدَ يَهوي إِلى بَيتِهِ
يَرى أَفضَلَ الكَسبِ أَن يُحمَدا.
وَإِن ذُكِرَ المَجدُ أَلفَيتَهُ
تَأَزَّرَ بِالمَجدِ ثُمَّاِرتَدى.