قصيدة ليس الصديق الذي تعلو مناسبه
- يقول الشاعر محمود سامي البارودي:
إن الصديق ليس من تعلو شأنه،
بل هو من تزكو سماته.
حينما يصيبك الدهر، لن تفشل عزائمه،
وإن زارك الهم، لن تخبو وسائله.
يعتني بك في حالتي البعد والقرب،
ولا تغيبُ عنك فضائله.
ليس كمن يدّعي الصداقة، وباطنه ملأى بالأحقاد،
فهو يغلي مكنوناته كالجمر.
يذمّ أفعال أخيه مُظهراً أسفه،
ليوهم الناس أن الحزن يشمل قلبه.
فاحذر منه، واعلم أن الله يخذله.
قصيدة لي صاحب أفديه من صاحب
- يقول الشاعر ابن سناء الملك:
لي صاحبٌ أفضّله على كل صاحب،
حلو التأني وجميل الحيلة.
لو أراد من رقة ألفاظه،
لا تأتلف بين الهداية والضلال.
يكفيك منه أنه ربما،
قادك إلى المهجور كطيف من الخيال.
قصيدة كم صديق عرفته بصديق
- يقول الشاعر البحتري:
كم صديقٍ عرفتُهُ بصديقٍ،
صارَ أكرمَ من الصديق العتيق.
ورفيقٍ رافقته في طريقٍ،
أصبح بعد الممرّ خير رفيق.
قصيدة مدح الأمير فتى شهابٍ خالد
- يقول الشاعر إبراهيم الأسود:
مدح الأمير، فتى شهاب خالد،
سأزين فيه قصائدي ما حييت.
متفرع من دوحة أنجبت،
أروع حر كريم ماجد.
من بيت مخزوم، وهم من نبغة،
قرشية تُعزى لخير محادث.
تمشي أواخرها على خطى ما،
ساد الأوائل من علو ومناقب.
يُذكرهم الزمان بأحاديثهم،
وهو الصحيح مهما أنكَرَ جاحد.
ورثوا الإمارة كابراً عن كابر،
والألمعية فريدة عن طالت.
إن كان في هذا العصر خالدهم، فكم،
فيهم فتى حافل الفخر كخالد.
سل عنه لبناناً، فكم من شاكر،
فيه صنائعه، وكم من حامد.
وإذا سألت البرلمان، فكم ترى،
منه على أخلاقه من شاهد.
يجلو بحكمته وصائب رأيه،
فيه ظلام مصادر وموارد.
أحببت منه كاللجين شمائلاً،
ومآثر كاللؤلؤ والفراقت.
قصيدة خلِيلي إن الهم قد يتفرج
- يقول الشاعر أبو العتاهية:
خلِيلي، إن الهم قد يتفرج،
ومن كان يبغي الحق، فالحق أبلج.
وذو الصدق لا يرتاب، والعدل قائم،
على طرقات الحق، والشر أعوج.
وأخلاق ذو التقوى وذي البر في الدجى،
لها سراج، بين عينيه، مسرج.
ونيات أهل الصدق بيض نقيّة،
وألسن أهل الصدق لا تتجلج.
وليس لمخلوق على الله حجة،
وليس له من حجة الله مخرج.
وقد درجت منا قرون كثيرة،
ونحن سنمضي بعدهن وندرج.
رويدك، يا ذا القصر، في شرفاته،
فإنك عنها مستخف وتزعج.
وإنك عما اخترته لمبعّد،
وإنك مما في يديك لمخرج.
ألا رُب ذي ضيم غدا في كرامة،
وملك، وتيجان الخلود مُتَوّج.
لعَمرك، ما الدنيا لديّ نفيسة،
وإن زخرَف الغادون فيها وزبّروا.
وإن كانت الدنيا إليّ حبيبة،
فإني إلى حظي من الدين أحوج.
قصيدة إن أطرب الأسماع مدح مهذب
- يقول الشاعر أحمد فارس الشدياق:
إن أطرب الأسماع مدح مهذب،
فمديح إسماعيل أعظم مطرب.
الصدق حليته، فكان جلاؤه،
الصديق يروي عنه طيب المنصب.
كم سامع عن نبله من مغرب،
ومعاين من فضله من معرب.
في مصر من آثاره ما طاول ال،
أهرام طولا في الزمان المجدب.
ففعاله كانت غناء لمعدم،
وبناء تلك لغير شي موجب.
وأحب عبدًا للمليك من انتحى،
نفع العباد بفرصة المترقب.
أمثال إسماعيل من تشدو له،
زمر المحافل بأثناء الطيب.
متفرد لله في معروفه،
ومن السيادة يغتدى في موكب.
من لا يخيب راجياً لنواله،
ولو أنه استجداه أبعد مطلب.
شهم ليوم كرّة وعرية،
كفؤ لقومي، مزبر أو مقضب.
تلقاه ما بين الصفوف مصاولا،
مثل الهصور ببزة لا مخلب.
ما قال لا إلا وآلت كالألي،
نفعاً لنفي محرم في المذهب.
كل القلوب على محبته انطوت،
فاللسن تنشر مدحه في الأحقب.
لو كنت حسان البلاغة لم أكن،
بعض الثناء عليه بالمستوعب.
أولاه سيدنا العزيز ولاية،
كبرى فقام بها قيام مجرب.
فأعد أعمال الفلاح لمتعب،
واجد آمال النجاح لمعتب.
وأبان عن حزم وعزم صادق،
فيما قضاه من الأمور مدرب.
حتى استوى في مدحه وثنائه،
كل الورى من حاضرين وغيب.
تلك المعالي لا ينال مرامها،
كم تعبت خلقاً ولما تكثب.
كالبدر تنظره قريبا حينئذٍ،
هو في التمام لمشرق ولمغرب.
تلك المكارم ليس يمكن حصرها،
أبدًا لمقول مطرى أو مطنب.
لا يزدهيه سودد عن ضارع،
كلا وليس بمعرض عن مسغب.
سالمت دهري بالأمير وباسمه،
فلقد كفاني العمر غاية ما ربي.
إن الذي نعش البلاد بعدله،
يحيي كذلك أهلها ويمر بي.
من ذا يصدق أن نفسًا حالكة،
يهدى إلى رائيه طلعة كوكب؟
فلأشكرن له أياديه التي،
روت عظامي بالنعيم الصيب.
ولأُنظمن من المدائح فيه ما،
إن قيل أطرب كل من لم يطرب.