قصائد رومانسية للشاعر فاروق جويدة

قصيدة لأنني أحبك

تعالي أحبك قبل فوات الأوان،

فما تبقى من العمر إلا اليسير.

دخلنا الحياة بحلمٍ نقي،

لكن مرت بنا أيامٌ قاسية.

حلمنا بأرضٍ تلتقي فيها الأحلام،

وتحتضن الطيور وتغذي النخيل.

رأينا الربيع كخيوطٍ من الرماد،

ولاحت لنا الشمس كذكرى جميلة.

حلمنا بنهرٍ عشقناه كخمر،

شهدناه يومًا كدماء تتدفق.

فإن جف العمر في كفي،

فحبك عندي بمثابة الظلال والماء.

وما زلتِ كالسيف تغذية لكبريائي،

تكبّل أحلامي في قفص حقير.

وأنا ما زلت أعرف وجهتي،

وإن كان الطريق نحو الأماني طويلاً.

تعالي ففي هذه الحياة حلمٌ يصعب إنهاؤه،

فأنا ما زلت أحلم بالمستحيل.

تعالي، فما زال ضوء الصباح يُشرق،

وفي الليل تبتسم لنا البدر الجميلة.

أحبك والعمرُ حلمٌ نقي،

أحبك رغم أن اليأس يثقُل الصدر.

وتبقين وحدكِ شمسًا في عيني،

إن ضللتُ طريقي، فأنتِ الدليل.

قصيدة مدينتي بلا عنوان

الحب يعني أن نجد الأمان مع الأمنيات،

ألا يهاجمنا الزمن ويتعبنا في ظلمه،

ألا تمزقنا الحياة بخوفٍ دائم،

أن نشعر بأنسانيتنا المتزايدة،

أن نجعل الأيام طيفًا مريحًا،

أن نغرس أحلامنا كما نزرع البساتين،

ألا يعاني أبناؤنا من الجوع في المستقبل،

ألا يضيق المرء بحرمانه.

قصيدة في رحاب الحب

جعلتك كعبة على الأرض يأتي إليك الناس،

من كافة البقاع، وقدمت عشقك من خلال نشيدٍ للحياة،

ترقص حالماً مثل الشعاع،

وكم ضمتك عيناي بشوق.

وكم حملتك في ذراعي بحبٍ عميق،

وكم هامت عليك ظلال قلبي،

وفي عينيك كم سبحت شراعي.

رجعت لكعبتي فوجدت قبرًا،

وزهرًا حوله تلهو الأفاعي،

عبدتك في الهوى برهة طويلة،

أما اليوم، فأنا أهرب من ضياعي.

قصيدة حبيبتي .. تغيرنا

تغير كل شيء بداخلنا.. تغيرنا،

تغير لون بشرتنا،

تساقط زهر بستاننا،

تهاوى سحر ماضينا،

تغير كل شيء فينا.. تغيرنا.

زمان قَد كان يُسعدنا..والآن يؤلمنا،

وحبٌ كان يسري في دمنا..تسرب بين أيدينا.

وشوقٌ كان يُحلق بنا.. فتُسكرنا أمانينا،

ولحن كان يُحيينا.. أصبحت أغانيه ميتة.

تغيرنا.. تغير كل شيء فينا،

وأتعجب من حكايتنا.. تكسر نبضها في قلوبنا.

كهوف الصمت تجمعنا.. وطرق الخوف تلقينا،

وصرتِ حبيبتي طيف شيء كان في صدري،

عشنا أعمارنا بالسعادة.. والآن نمضي في الحزن.

غدونا بعده كالأموات.. فمن يا قلبي يُحيينا.

قصيدة وعادت حبيبتي

يا ليل، لا تعتب عليّ إن رحلت مع النهار،

فقد عاد النورس الحيران إلى أرضه.. ولم يعد يهفو للبحار.

وأنامل الأيام تحتضن نبضها،

حتى دموع الأمس من فرحي تشعر بالغيرة.

فمي يعانق ابتسامات غابت عن العمر، حتى إنني،

لم أكن أحسبها.. تحن إلى الزيارة.

فالضوء لاح على ظلال العمر فانبثق النهار،

يا ليل، لا تعتب عليَّ،

فلقد نزفت رحيق عمري في يديك.

وشعرت بالألم العميق يُهزني بين ذراعيك،

وشعرت أنني دائمًا ألقت بأحزاني عليك،

الآن أرحل عنك بآمال جديدة،

كم عاشت الآمال تتراقص في خيالي.. من بعيد.

عشت عقودًا كطفلٍ،

يشتاق عيدًا.. أي عيد.

حتى رأيت القلب ينبض من جديد،

لو كنت تعلم أنها مثل النهار،

يوماً ستلتقى معي..

سترى أنني لم أخنك، وإنما

قلبي يحن.. إلى النهار.

يا ليل، لا تعتب عليّ..

أنت تعرف شدة ما تعذبني خيالاتي،

وتضحك في غباء.

كم قلت لي إن الخيال جريمة الشعراء،

وما كنت أظن أننا سنبقى أصدقاءً دائمًا.

أنا زهرة تلعب بها الأيام،

ورحيق عمري تاه مثلما تاهت في الفضاء.

يا ليل، لا تعتب عليّ،

أترى تعرف شوق الأشواق؟

وأنفاس الحزن تنهدت قائلة بألم:

أنا أول العشاق،

فلقد منحت الشمس عمري كله،

وغرست حب الشمس في أعماقي،

لكن الشمس خانتني وذهبت للقمر،

ورأيتها يومًا تحدق في الغروب حلمًا بالسهر.

قالت: عشقت البدر، فلا تعتب

على من خان أو توارى.

فالحب معجزة القدر.

قصيدة غداً.. نحب

جاء الرحيل، حبيبتي، جاء الرحيل..

لا تنظري إلى الشمس في أحزانها،

فغداً سيضحك ضوءها بين النخيل.

ولتتذكري كل يوم حينما

يشتاق قلبك للأصيل.

وستشرق الأزهار رغم حزنها،

وتعود ترقص كما كانت على الغصن الجميل.

ولتتذكري كل عام متىما

همس الربيع بشوقه نحو الزهرة،

أو كلما جاء المساء جريحًا،

كي يسكب الأحزان تحت ضوء القمر.

عودي إلى الذكرى، كانت حديقة،

نثر الزمن زهوراً على لياليها.

إن كانت الشمس الحزينة قد توارت دفؤها،

فغدًا يعود الدفء ليملأ بيتنا،

والزهر سيتراقص من حولنا.

لا تظني أن الهوى سيموت حزنًا بعدنا،

فالحب جاء مع الوجود وعاش قبلنا.

وغداً نحب كما بدأنا منذ سنوات.. عشقنا.

قصيدة عذرًا حبيبي

في كل عام، كنت أحمل زهرة،

تشتاق إليك،

في كل عام كنت أقطف بعض أيامي،

وأنثرها جواهرًا بين يديك.

في كل عام كانت الأحلام بستانًا،

تزين مقلتي.. ومقلتيك.

في كل عام، كنت ترحل يا حبيبي في دمي،

وتدور ثم تعود في قلبي لتسكن قلبيك.

لكن أزهار الشتاء بخيلة،

بخلت على قلبي كما بخلت عليك.

عذرًا حبيبي،

إن أتيت بدون أزهاري،

لألقي بعض أحزاني لديك.

قصيدة لا أنت أنت.. ولا الزمان هو الزمان

أنفاسنا حائرة في الأفق،

تبحث عن مكان.

جثث السنين تنام بين ضلوعنا،

فأشم رائحة شيء قد مات في قلبي.

ودمعتيّ تسقطان.

العطر عطرك، والمكان هو المكان،

لكن شيئًا قد تحطم بيننا.

لا أنت أنت، ولا الزمان هو الزمان،

عيناك تهربان من ثأرٍ قديم.

في الوجه سردابٌ عميق،

وتلال أحلام وحلم زائف.

ودموع قنديل تبحث عن بريق.

عيناك كتمثال يروي قصة مضت،

ولا يدري الكلام.

وعلى شواطئها بقايا من حطام.

فالحلم رحل منذ زمان،

والشاطئ ينتظر المسافرين ليعودي.

وشواطئ الزمان سئمت كهوف الانتظار،

والشاطئ يشعر بالدوار.

لا تسأليني،

كيف ضاع الحب منا في الطريق،

يأتي إلي اب الحب ولا ندري لماذا جاء،

قد يمضي ويتركنا رمادًا من حرائق.

فالحب أمواج، وشطآن، وأعشاب،

ورائحة تفوح من الغريق.

العطر عطرك، والمكان هو المكان،

واللحن هو ذات اللحن.

أسكرنا وعربد في جوانحنا،

فذابت مهجتان،

لكن شيئًا من رحيق الأمس تلاشى،

حلم تراجع! توبة فاسدة! ضمير مات!

ليل في دروب اليأس يلتهم الشعاع،

الحب في أعماقنا كطفل تشرد كصورة ضائعة.

نعيش وداعًا دون أن نفكر في الوداع.