يا قرة العين، إن العين تهواك
- يقول ابن الأبار البلنسي:
يا قُرَّةَ العَيْن إنَّ العَينَ تَهْوَاكِ
فلا تشبعين إلا من رؤياكِ
للَّهِ عيوني أصبحت لا تشوقها
سوى نوركِ وجمال مغناكِ
لقد أحرَجَت الشمس بأن الشمس غاربةٌ
ومنذ أن رأيتِ لم تغرب ملامحكِ
لا تتكلفي لي في زينةٍ وثيابٍ
فالحُسن قد غطى ما زينكِ وحلاكِ
يا شغفَ عيني إذا لم أخشَ منكِ فراقاً
وشغلي قلبي إذا لم أرجُ لقياكِ
لا أستطيع للكرمى أن تنسيني
وقد سقطت سكراً من حماكِ
سُميتِ بالحُسن لأنك خُصصتِ به
فطابق اسمكِ يا حسنُ مسماكِ
لا وأخذ الله إلا من يؤنبني
على هواكِ اعتداءٌ وهو يهوىكِ
أخشى غضبكِ كما أرجوكِ راضيةً
فكم أرجوكِ يا هذي وأخشىكِ
أبكي لبينكِ إن لم يُسدل الكرى حزناً
يا من كَلَفَت عيناي بعينَاكِ
ما أدهش الدهر أن يرتجي أن يُنسيني
هواكِ جهلاً ولا والله أنساكِ
وكيف أنسى عهوداً في محياكِ
لا صبر لي عند ذِكراكِ وذكراكِ
وكم من ليالٍ قضيناها بحديثٍ
نجوى وشكوى بما يلقاه مُضناكِ
كدتُ أظهر سركِ خوف عاذلةٍ
وعاذلٍ فأذاع المُسك مسراكِ
غنى الوشاح على خصركِ من طربٍ
فأصغى لما عدَّتكِ حِجلاكِ
وقد عرضتُ لمقداري بآيةٍ ما
بدَلْتِ طوعاً فلم أعرض له فاكِ
واهاً لهيمان يواجه الأُسدَ الضاريةً
يوم النزال وينبو حين يلقاكِ
شاكٍ السلاح ويشكو من مُحجبٍ
عزْلاءَ فرَعِب واحكم لشاكي قد غدا شاكِ
غنى الوشاح على خصركِ من طربٍ
فأصغى لما عدتكِ حِجلاكِ
وقد عرضتُ لمقداري بآيةٍ ما
بدَلْتِ طوعاً فلم أعرض له فاكِ
واهاً لهيمان يواجه الأُسدَ الضاريةً
يوم النزال وينبو حين يلقاكِ
شاكٍ السلاح ويشكو من مُحجبٍ
عزْلاءَ فرَعِب واحكم لشاكي قد غدا شاكِ
الورد في وجنتيه
- يقول أبو فراس الحمداني:
الوردُ في وجنتيه
والسحرُ في مقلتيه
وإن عصاه لساني
فالقلب طوع يديه
يا ظالماً لست أدري
أدعو له أم عليه
أنا إلى الله مما
دُفعتُ منك إليه
حبه والسماء والطارق
- يقول القاضي الفاضل:
أحبّه والسماء والطارق
حباً عفيفاً ما اسمي به عاشق
ما ثَمَّ إلا عينٌ أُنعّمُها
وقولُ سبحان ربي الخالق
فلا يعق عني خاطري عذلٌ
ولا يكن عن عبادتي عائق
ويا حبيباً في مسمعي ملقٌ
منه وفي العينِ خلب البارق
طرفُكِ مردودةٌ شهادتهُ
وما أجازوا شهادة الفاسق
سرقتَ قلبي وعينكِ اعترفت
ما تكتُمُ العينُ ريبَةَ السارق
ما لي إليك سوى النسيم رسول
- يقول بلبل الغرام الحاجري:
ما لي إليك سوى النسيم رسول
يخبر بصبابات الهوى ويقول
من دون قربك للذوابل مشرعٌ
والبيض وردٌ والجياد صهيل
كلي إليك حشاشة مقروحة
ما تنطفئ وأن يبلل غليل
أيام قربك لو تباع شريتُها
بدمى وذلك في هواك قليل
ولئن تقاصر عن هناك ساعدي
جزعاً فلي أسفٌ عليك طويل
ملأت محاسنك القلوب فلاحمى
إلا وفيه من هواك قتيل
بي كلما حدثت باسمك لوعهٌ
ما بين أحنائي الضلوع تجول
سمّوك معتدل القوام لعلمهم
أن لا لحسنك في الأنام عديل
وبمهجتي جذلان حسن قوامه
ورضابُه العسلُ والمعسول
حجبتُوك عني الشامتون وما دروا
أن الحشا لك مرتعٌ ومقيل
ورأوك غاية ما أريد فشمروا
للبين باعاً لا عداها شلول
غازلته من حبيب وجهه فلق
- يقول ابن خفاجة:
غازلتُهُ من حبيبٍ وجهه فلقٌ
فما عدا أن بدا في خده شفقٌ
واِرتجَّ يعثُرُ في أذيال خجلته
غصنٌ بعطفَيهِ من إسترِبَق ورقٌ
تخالُ خيلانهُ في نور صفحته
كواكباً في شعاع الشمس تحتَرِقُ
عجبتُ وعينُ ماءٌ والحشا لهبٌ
كيف التقت بهما في جنةٍ طرقٌ
ورامشة يشفي العليل نسيمها
- يقول ابن زيدون:
ورامِشَةٍ يشفي العليل نسيمها
مُضَمَّخَةُ الأنفاس طيِّبة النشر
أشار بها نحوي بنانٌ مُنعَّمٌ
لأغيَدَ مَكحول المدامع بالسحر
سرت نضرةٌ من عهدها في غصونها
وعلت بمسكٍ من شمائلها الزهر
إذا هو أهدى الياسمين بكفّهِ
أخذت النجوم الزهر من راحة البدر
له خلقٌ عذبٌ وخلقٌ محسنٌ
وظرفٌ كعرف الطيب أو نشوة الخمر
يُعَلِّلُ نفسي من حديثٍ تلذُّهُ
كمثل المنى والوصل في عقب الهجر
لها ناظر بالسحر في القلب نافث
- يقول ابن الرومي:
لها ناظرٌ بالسحر في القلب نافثٌ
ووجهٌ على كسبِ الخطيئات باعثٌ
وقدٌّ كغصن البان مُضطَمِرُ الحشا
تَنُوء به كثبانُ رمل أواعِثُ
يُجاذِبها عند النهوض وينثني
بأعطافها فرعٌ سُخامٌ جُثاجِثُ
كأن صباحاً واضحاً في قِناعها
أناخَ عليه جُنْحُ ليلٍ مُغالثٌ
وتبسُّمُ عن عِقدين من حَبِّ مزنةٍ
به ماثَ صفوَ الراحِ بالمسك مائثٌ
يغَصُّ بها الخَلخال والعاجُ والبُرا
وأثوابها بالخَصْر منها غَوارثٌ
ربيبة أتراب حِسان كأنها
بناتُ أَداحٍ لم يَشْنهنَّ طامثُ
غرائرُ كالغزلان حورٌ عيونها
رخيماتُ دَلٍّ ناعماتٌ خَوانثٌ
يَعِدنْ فما يُنجْزنَ وعداً لواعدٍ
وهن لميثاق الخليل نواكثٌ
غَنِيتُ بها فيهنَّ والشملُ جامعٌ
وأغصانُ عيشي مورقاتٌ أَثائثٌ
وللهو مُهتادٌ أنيقٌ وللصبا
مَغانٍ بِهنَّ الغانياتُ لوابثٌ
يُمنِّيننا منهنَّ نجحَ مواعدٍ
أكفٌ بحباتِ القلوب ضَوابثٌ
وأعيانُ غِزلانٍ مِراضٍ جُفونُها
لواحظُها في كل نفسٍ عوائثٌ
إذا هن قرَّبن الظما من نفوسنا
إلى الرّيِّ تُلقَى دون ذاك الهنَابثُ
ويحلفنَ لا ينقُضنَ في ذات بيننا
على الدهر معهوداً وهن حوانثُ
وإن نحن أبرمنا القوى من حبالنا
أبى الوصلَ دهرٌ بالمحبين عابثٌ
ومختلفاتٌ بالنمائمِ بيننا
نوابثُ عن أسرارنا وبواحثُ
يباكرنَ فينا نجعةَ العتبِ بيننا
كما انتجع الوِردَ العطاشُ اللواهثُ
فبدَّد منّا الشملَ بعد انتظامه
صروفٌ طوت أسبابنا وحوادثُ
وكلُّ جديدٍ لا مَحالةَ مُخلِقٌ
وباعثُ هذا الخَلْقِ للخلقِ وارثٌ
وهنَّ الليالي حاكِماتٌ على الورى
بنقضٍ ولا يبقى عليهن ماكثٌ
ومَن لم ينلْ مُلكَ المكارمِ باللُّهى
فأموالُهُ للشامتينَ مَوارثٌ
يسود الفتى ما كان حشوَ ثيابهِ
حِجاً وتُقىً والحلمُ من بعدُ ثالثٌ