قصائد شعرية تتغنى بجمال اللغة العربية

قصيدة اللغة العربية للشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب

إنها لغة القرآن، شمس الهداية،

حفظك الرحمن من مكر الأعداء.

هل يمكن أن نجد على وجه الأرض لغة

أحدثت صدىً في أذان الزمن؟

كما فعلت في عوالم

لا يعرف عنك شيئًا أبدا.

فقد أخذت بيدك وأصبحت عالماً،

استند إليك فأفتيت وغنيت بلا انقطاع.

وعلى ركنك أرسى معرفته،

تأكيد الخبر بعد المبتدأ.

أنت التي علمت من أدرك أن العقل

هو جوهر الإنسان، لا ما أفسدته الأهواء.

وضعت الاسم والفعل، ولم

تتركي الحرف حراً وعلنياً.

أنت من قومت ألسنة لا تعرف متن اللغة،

وتؤذي السند الذي يجب أن يُحفظ.

بك نحن الأمة الفاضلة، التي

توجز القول وتقدم الجيد.

في خباياك أغلى جوهرة،

تغنى بها الشادين وتفتن القلوب.

بيانٌ واضحٌ، يضيء كفي ضياء الشمس،

منه استعدى عليك الرّعد.

نحن علمنا الناس الهدى بواسطتك،

وبك اخترنا البيان المتميز.

وزرعنا بك مجداً خالداً،

يتحدى العظماء في الخلود.

على مساحات الفضاء تتردد أصداؤه،

وبك غنى التاريخ وأنشد.

ما اختارك الله فينا عبثاً،

ولا اختارك للدين عبثاً.

أنت من عدنان، نور وهدى،

وأنت من قحطان، بذل وفداء.

لغةٌ اختار الله أن يُنزل بها

بينات من لدنه وهدى.

لو لاها لما غنت أشعار الليل،

بصوت المُدجّجين.

صرير الخيل من أصواتها،

وصوت المدافعين عن الأرض.

كنت أخشى من شبا أعدائك،

لكن اليوم لا أخشى الأعداء.

ما أخشاه هو شبا الجهلاء،

من يسير في الظلام ويبتعد عن الرشاد.

يا ولاة الأمر، هل من مستمع

عندما أدعو لهذا النداء؟

هذه الفصحى، التي نتغنى بها،

ونُحيي من ألحانها الفرح.

إنها روح العرب من يحفظها،

يحفظ الروح والجسد.

إذا أردتم لغة خالصة تُعيد

معاني الماضي العظيم، والمستقبل،

فليختاروا من يُؤتمن على الأمر،

فمن يتحدث عنها يبدع.

وأتى بالقول من جوهره،

ناصعاً كالألماس في الحياة.

يا وعاء الدين والدنيا معاً،

فكفى بك القرآن حفظاً وأداءً.

بلسان عربي، ينبع

من الفرات العذب أو من بردى.

كلما قادك شيطان الهوى

للهلاك، فقد أنقذك سلطان الهدى.

قصيدة للشاعر حافظ ابراهيم

عدت إلى نفسي فاتهمت أجزائي

وناديت قومي فاحتسبت حياتي.

اتهموني بالعقم في شبابي، وليتني

عقمت فلم أجزع لقواعد عداتي.

وُلِدتُ ولم أجد لعرائسي

رجالاً ورفقاءً يُدافعون عن بناتي.

وسعني كتاب الله لفظاً وغايةً،

وما ضقتُ بآياته وعظاته.

فكيف لي أن أضيق اليوم بوصف آلة

وتنسيق الأسماء لمخترعات.

أنا البحر في أحشائه الدرّ الكامن،

فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟

فيا ويحكم، أبلى وتبلى محاسني،

وإن عزّ عليكم الدواء أساتي.

فلا تكلوني للزمان، فإنني

أخاف عليكم أن تحين وفاتي.

أرى لرجال الغرب عزة ومنعة،

وكم عَزَّ أقوام بعزّ لغات.

أتوا بأهلهم بالمُعجزات تفنناً،

فيا ليتكم تأتون بكلمات.

أيُطربكم من جانب الغرب ناعبٌ

ينادي بهوادي في ربيع حياتي؟

ولو زجرتم الطير يوماً علمتم

ما تحتها من عثرات وشّتات.

سقى الله في بطن الجزيرة أعظماً

يَعِزُّ عليها أن تلين قناتي.

حفظت ودادي في البلى وحفظته

لهنّ بقلب دائم الحسرة.

فاخرتم أهل الغرب، والشرق مطرقٌ

حياء برقع تلك الأعظم النخرات.

أرى كل يوم في الجرائد مزلقاً

من القبر يدنيني بغير أنات.

وأسمع للكتّاب في مصر ضجّة،

فأعلم أن الصائحين نعاتي.

أيُهجُرني قومي، عفا الله عنهم،

إلى لغة لم تتصل برواة.

سرى لُوثَةُ الأفرنج فيها كما سرى

لُعابُ الأفاعي في مجرى الفرات.

فجاءت كالثوب، ضمَّ سبعين رُقعة،

مشكلة الألوان المختلفة.

إلى معشر الكتاب، والجمع حافلٌ،

بسطتُ رجائي بعد بسطة شكاتي.

فإما حياة تبعث الميت في البلى،

وتنبت في تلك الرُمُوسِ رفاتي.

وإما ممات لا قيامة بعده،

مماتٌ لعمري لم يُقَس بممات.

لغة الضاد للشاعر صباح الحكيم

أنا لا أكتب حتى أشتهر،

ولا أكتب كي أرقى إلى القمر.

أنا لا أكتب إلا لغة

تسكن فؤادي منذ الصغر.

لغة الضاد، وما أجملها،

سأغنيها حتى أندثر.

سأسير في رباها عاشقاً،

أنحت الصخر وحرفي يزدهر.

لا أبالي بمن يجرحني،

بل أرى فيه فكراً نضراً.

أتحدى كل من يمنعني،

فإنه صاحب ذوق مغرور.

أنا جندي وسيفي قلمي،

وحروف الضاد فيها تستقر.

سيخوض الحرب حبري،

لا يهاب الموت أو يخشى الخطر.

قلبي المفتون فيكم أمتي،

ثمل في ودّكم حتى السحر.

في ارتقاء العلم لا أستحي،

أستمد الفكر من كل البشر.

أنا كالطائر أغني ألمي،

وقصيدتي عازف لحن الوتر.

لغتي الجميلة للشاعر عدنان النحوي

ما لي خَلعتُ ثيابي وانطلقتُ إلى

سواي، أسأله الأثواب والحُلَل.

قد كان لي حُللٌ أزهو ببهجتها،

عزاً ويزهو بها من حلّ وارتحل.

أغنى بها، وتمدّ الدفء في بدني،

أمناً وتطلق مني العزم والأملا.

تموج فيها اللآلي من مآثرها،

نوراً وتبعثُ من لآئها الشعلاء.

حتى أفاءت شعوب الأرض تسألها،

ثوباً لتستر منها السوء والعِلا.

مدت يد الجود كنزاً من جواهرها،

فزينتهم وكانوا قبلها عُطلاً.

جادَت عليهم وأوفَت كل مسألة،

بِرًّا تتابع، وأوفت كل من سأل.

هذا البيان، وقد صاغته معجزةً،

تمضي مع الدهر مجداً ظلَّ متصلاً.

تكسو من الهدي، من إعجازه حُلَلًا،

أو جوهراً زين الأعطاف والعُطَل.

نسيجه لغة القرآن، جوهره

آيات من الله حقاً جَلَّ وعَلا.

نبعٌ يفيض على الدنيا فيملؤها،

رياً ويطلق من أحواضه الحفلا.

أو أنه الروض يُغني الأرض من عبقٍ

ملء الزمان نديّاً عودهُ خضِلا.

ترفُّ من هديه أنفاء خافقةٍ

مع البكور، تمد الفَيءَ والظُلا.

وكل من لوّحته حر هاجرةٍ

أوى إليه ليقلى الريّ والبلا.

عجبت، ما بال قومي أدبروا وجروا؟

يرجون ساقطة الغايات والهَملاً.

لم يأخذوا من ديار الغرب مكرمةً،

من القناعة أو علمًا نما وعلا.

لكنهم أخذوا لي اللّسان وقد

حباهُمُ الله حسناً معتدلاً.

يا ويحهم، بدلوا عيابهم بفصحهم،

وبالبيان الغني استبدلوا الزلل.

إن اللغة غذاء الفكر، يحملها

عِلماً وفناً صواباً كان أو خطأ.

يظل ينسل منه الزاد في فطر،

تلقى به الخير أو تلقى به الزلل.

الأعجمي لسان، وزاده عجبٌ،

تراه يخلط في أوشابه الجذل.

لم يحمل الهدى نوراً في مصادره،

ولا الحقيقة إلا كانت الوشلة.

فحسبنا من لسان الضاد أنه

فيضٌ من النور أو نبعٌ صفا وجلا.

وأنه اللغة الفصحى نمَت وزهَت،

تنزلت وبلاغاً بالهدى نزلت.

وأنه، ورسول الله يُبَلِّغُه ضمّ

الزمان وضُمَّ الآيات والرسل.

وأنه الكنز لا تفنى جواهره،

يغني الليالي ما أغنى به الأول.

يظل يُطلق من لآئه درراً

على الزمان، غنيّ الجود متصلاً.

فعُد إلى لغة القرآن صفية،

تجلو لك الدرب سهلاً كان أو جبلا.

تجلو صراطاً سوياً لا ترى عوجاً

فيه ولا فتن تَلْقَى ولا خَللا.

تجلو سبيلاً تراه واحداً أبداً،

وللمضلّين تلقي عندهم سُبُلاً.