قصائد شعرية تعبر عن حب الأم

قصيدة الأم

يقول الشاعر كريم معتوق عن الأم:

أوصى بك اللهُ كما أوصت بك الكتبُ،

والشعر يتقدم بخوف ثم يتراجع.

ما قلتُ، بحق الله يا أمي بقافيةٍ،

إلا وكان مقاماً أعلى مما أنعت.

يخضر حقل حروفي حين تحملها،

غيمٌ لأمي عليه الطيب يقطف.

والأم مدرسةٌ، قالوا، وقلتُ فيها،

كل المدارس ساحاتٌ لها تقف.

ها جئت بالشعر لأقربها لقافيتي،

كأنما الأم في اللا وصف تُتصف.

إن قلتُ شعراً عن الأم اعتذرتُ،

ها قد أتيت أمام الجمع أعترف.

قصيدة صباح الخير يا حلوة

يقول الشاعر نزار قباني عن الأم:

صباح الخير، يا حلوة.. صباح الخير، يا قديستي الحلوة،

مضى عامان، يا أمي، على الولد الذي أبحر،

برحلته الخرافية، وخبأ في حقائبه

صباح بلاده الأخضر، ونجومها، وأنهارها، وكل شقيقها الأحمر،

وخبا في ملابسه طريقتين من النعناع والزعتر،

وليلكة دمشقية.. أنا وحدي،

دخان سجائري يضجر، ومقعدي يضجر،

وأحزاني عصافيرٌ.. تبحث عن بيدر.

عرفت نساء أوروبا، وعواطف الإسمنت والخشب،

وعرفت حضارة التعب.. وطفت الهند،

وطفت السند، وطفت العالم الأصفر،

ولم أعثر على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر،

وتحمل في حقيبتها إلي عرائس السكر.

أيا أمي.. أيا أمي.. أنا الولد الذي أبحر،

ولا زالت بخاطره تعيش عروسة السكر.

كيف.. فكيف يا أمي غدوت أبا ولم أكبر؟

صباح الخير من مدريد. ما أخبارها الفلة؟

بها أوصيك يا أماه.. تلك الطفلة.

فقد كانت أحب حبيبةٍ لأبي،

يدللها كطفلته، ويدعوها إلى فنجان قهوته،

ويغمرها برحمته…

ومات أبي، ولا زالت تعيش بحلم عودته،

وتبحث عنه في أرجاء غرفته،

وتسأل عن عباءته، وتسأل عن جريدته،

وتسأل حين يأتي الصيف عن فيروز عينيه،

لتنثر فوق كفيه.. دنانير من الذهب.

سلاماتٌ.. سلاماتٌ.. إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة،

إلى أزهارك البيضاء.. فرحة “ساحة النجمة”.

إلى تختي.. إلى كتبي.. إلى أطفال حارتنا،

وحيطانٍ ملأناها بفوضى من كتابتنا،

إلى قططٍ كسولةٍ تنام على مشارق،

وليلكةٍ معرشةٍ على شباك جارتنا.

مضى عامان.. يا أمي،

ووجه دمشق كعصفور يخربش في جوانحنا،

يعض على ستائرنا، وينقرنا برفقٍ من أصابعنا.

مضى عامان يا أمي،

وليل دمشق.. فل دمشقدور دمشقت،

تسكن في خواطرنا كمآذنها.. تضيء على مراكبنا.

كأن مآذن الأموي قد زرعت بداخلنا،

كأن مشاتل التفاح تعبق في ضمائرنا.

كأن الضوء، والأحجار جاءت كلها معنا.

أتى أيلول يا أماه.. وجاء الحزن يحمل لي هداياه،

ويترك عند نافذتي مدامعه وشكواه.

أتى أيلول.. أين دمشق؟ أين أبي وعيناه؟

وأين حرير نظرته؟ وأين عبير قهوته؟

سقى الرحمن مثواه.. وأين رحاب منزلنا الكبير.. وأين نعماه؟

وأين مدارج الشمشير تض laugh في زواياه؟

وأين طفولتي فيه؟ أجرجر ذيل قطة،

وآكل من عريشته، وأقطف من بنفساء.

دمشق، دمشق.. يا شعراً، على حدقات أعيننا كتبناه،

ويا طفلاً جميلاً.. من ضفائره صلبناه،

جثونا عند ركبته.. وذبنا في محبته،

إلى أن في محبتنا قتلناه.

قصيدة نادى حشا الأم بالطفل الذي اشتملت

يقول الشاعر أبو العلاء المعري عن الأم:

نادى حشا الأم بالطفل الذي اشتملت،

عليه، ويحك لا تظهر ومُت كمدًا.

فإن خرجت إلى الدنيا لقيت أذىً،

من الحوادث بلح القَيْظ والجمد.

وما تخلص يومًا من مكارهها،

وأنت لا بد فيها بالغٌ أمدًا.

ورُب مثلٌ وافاها على صغرٍ،

حتى أَسنَّ فلم يحمد ولا حمدًا.

لا تأمن الكف من أيامها شللاً،

ولا النواظر كفًا عني أو رمَدا.

فإن أبيت قبول النصح مُعتديًا،

فاصنع جميلًا، ورعِ الواحد الصمدا.

فسوف تلقى بها الآمالَ واسعةً،

إذا أجَزت مَدًى منها رأيت مدى.

وتركب اللُجَّ تبغي أن تفيد غنىً،

وتقطع الأرض لا تَلفي بها ثمدًا.

وإن سعدت فما تنفك في تعبٍ،

وإن شقيت فمن للجسم لو هَمَدا.

ثم المنايا فإما أن يقال مضى،

ذميم فعلٍ وإما كوكبٌ خَمدًا.

والمرء نصل حسامٍ، والحياة له،

سلٌ ومصون للهندي أن غُمِدا.

فلَو تكلّم ذاك الطفل قال له:

إليك عنّي فما أُنشئتُ مُعتمدًا.

فكيف أَحمِل عتبًا إن جرى قدرٌ،

عليّ أدرَكَ ذا جدٍ ومن سَمَدا.

إلى أمي

يقول الشاعر محمود درويش عن الأم:

أحنُّ إلى خبز أمي،

وقهوة أمي،

ولمسة أمي.. وتكبر فيَّ الطفولةُ،

يوماً على صدر يومِ.

وأعشَقُ عمري لأني،

إذا متُّ، أخجل من دمع أمي!

خذيني، إذا عدتُ يوماً،

وشاحاً لهُدْبِكِ،

وغطّي عظامي بعشبتعمَّد من طهر كعبك،

وشدّي وثاقي..بخصلة شعر..

بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..

عساني أصير إلهًا.. إلهًا أصير،

إذا ما لمستُ قرارة قلبك!

ضعيني، إذا ما رجعتُ،

وقودًا بتنور نارك،

وحبل غسيل على سطح دارك.

كلأني فقدتُ الوقوف،

بدون صلاة نهارك،

هَرِمْتُ.. فردّي نجوم الطفولة

حتى أُشارك صغار العصافير

درب الرجوع.. لعُشِّ انتظارِك!

قصيدة في بيت أمي

كما يقول الشاعر محمود درويش عن الأم:

في بيت أمي صورتي ترنو إليّ،

ولا تكفُّ عن السؤال: أأنت، يا ضيفي، أنا؟

هل كنتَ في العشرين من عمري،

بلا نظّارة طبيةٍ، وبلا حقائب؟

كان ثقبٌ في جدار السور يكفيكِ،

تعلّمك النجومُ هواية التحديق

في الأبدي.. [ما الأبدي؟ قلتُ مخاطباً نفسي]

ويا ضيفي… أأنتَ أنا كما كنا؟

فمَنْ منا تنصّل من ملامحِهِ؟

أتذكرُ حافر الفرس الحرونِ على جبينكَ،

أم مسحتَ الجُرحَ بالمكياج كي تبدو

وسيمَ الشكل في الكاميرا؟

أأنتَ أنا؟ أتذكرُ قلبكَ المثقوبَ

بالناي القديم وريشة العنقاء؟

أم غيّرتَ قلبك عندما غيّرتَ دربك؟

قلت: يا هذا، أنا هوَ أنت،

لكني قفزتُ عن الجدار لكي أرى

ماذا سيحدث لو رآني الغيبُ، أقطفُ

من حدائقِهِ المُعَلّقة البنفسجَ باحترامٍ.

ربما ألقى السلام، وقال لي: عُدْ سالماً،

وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى

ما لا يُرى، وأقيسَ عمقَ الهاوية.