قصائد عن الحب والمشاعر الرومانسية

قصيدة لا تتركيني

يقول الشاعر محمود درويش:

وطني جبينكِ، فاسمعيني، لا تتركيني خلف سياجكِ كعشبة برية، كيمامة مهجورة، لا تتركيني قمراً تعيساً، كوكباً متسولاً بين الغصون. لا تتركيني حراً بحزني وأحبسيني في يد تصبّ الشمس فوق كوى سجوني، وتعودي أن تحرقيني، إن كنت لي شغفاً بأحجاري بزيتون، بسباكي، بطيني. وطني جبينكِ، فاسمعيني، لا تتركيني.

قصيدة سبتمبر

يقول نزار قباني:

الشعر يأتي دائماً مع المطر، وجهك الجميل يأتي دائماً مع المطر، والحب لا يبدأ إلا حينما تبدأ موسيقى المطر. إذا أتى أيلول يا حبيبتي، أسأل عن عينيكِ كل غيمة، كأن حبي لكُم مربوط بتوقيت المطر. مشاهد الخريف تستفزني، شحوبك الجميل يستفزني، والشفة المشقوقة الزرقاء تستفزني، والحلق الفضي في الأذنين يستفزني، وكنزة الكشمير والمظلة الصفراء والخضراء تستفزني. جريدة الصباح، مثل امرأة كثيرة الكلام تستفزني، رائحة القهوة فوق الورق اليابس تستفزني.

ما الذي أفعله؟ بين اشتعال البرق في أصابعي وبين أقوال المسيح المنتظر؟ ينتابني في أول الخريف إحساس غريب بالأمان والخطر، أخاف أن تقتربي، أخاف أن تبتعدي. أخشى على حضارة الرخام من أظافري، أخشى على منمنمات الصدف الشامي من مشاعري. أخاف أن يجرفني موج القضاء والقدر. هل شهر أيلول الذي يكتبني، أم أن من يكتبني هو المطر؟ أنت جنون شتوي نادر، وليتني أعرف يا سيدتي علاقة الجنون بالمطر، سيدتي التي تمر كالدهشة في أرض البشر، حاملة في يدها قصيدة وفي اليد الأخرى قمر.

يا امرأة أحبكِ، تفجر الشعر إذا داست على أي حجر، يا امرأة تحمل في شحوبها جميع أحزان الشجر، ما أجمل المنفى إذا كنا معاً، يا امرأة توجز تاريخي وتاريخ المطر.

قصيدة أبثينَ إنكِ ملكتِ فأسجحي

يقول الشاعر جميل بثينة:

أبثينَ إنكِ ملكتِ فأسجحي، وخذي بحظّكِ من كريمٍ واصل، فلربما عارضةٍ علينا وصلَها بالجد تخلطه بقول الهازل. فأجبتها بالرفق بعد تسترٍ: حبي بثينة عن وصالكِ شاغلي، لو أنّ في قلبي كقدر قلامةٍ فضلاً وصلتكِ أو أتتكِ رسائلي. ويقلنَ: إنكِ قد رضيتِ بباطلٍ منها فهل لكَ في اعتزال الباطل؟ ولَباطلٌ ممن أحبّ حديثه أشهى إليّ من البغيض الباذل.

لأزلنَ عنكِ هواي ثم يصلني، وإذا هويتُ فما هواي بزائل، صادت فؤادي يا بثينَ حبائلكِ يومَ الحجون، وأخطأتكِ حبائلي، منّيتني فلوَيتِ ما منّيتيني. وجعلتِ عاجلَ ما وعدتِ كآجل، وتثاقلت لما رأت كلفي بها. أحبّ إليّ بذاكَ من متثاقل، وأطعتِ فيّ عواذلاً فهجرتني، وعصيتُ فيكِ وقد جهدنَ، عواذلي، يحاولنني لأبتَّ حبلَ وصالكِ مني، ولستَ وإن جهدنَ بفاعل.

فرددتهنّ وقد سعينَ بهجرك، لما سعينَ له بأفوق ناصل، عَضَضْنَ من غَيْظٍ عليّ أناملاً، ووددتُ لو يعضضنَ صمّ جنادل. ويقلنَ إنكِ يا بثينَ بخيلة، نفسي فداؤكِ من ضنينٍ باخل.

قصيدة أُحِبُّكِ

يقول نزار قباني:

أُحِبُّكِ.. حتى يتم انطفائي، بعينين، مثل اتساع السماء، إلى أن أغيبَ وريداً.. وريداً، بأعماق مُنجدِلٍ كَستَنائي، إلى أن أُحِسَّ بأنكِ بعضي، وبعضُ ظُنوني.. وبعضُ دمائي.

أُحِبُّكِ.. غيبوبةً لا تفيقُ، أنا عطشٌ يستحيل ارتوائي، أنا جعدَةٌ في مطاوي قميصٍ، عَرَفْتُ بنَفْضَاتِهِ كبريائي، أنا -عفواً عينيكِ- أنتِ كلانا، ربيعُ الربيعِ.. عطاءُ العطاء.

أُحِبُّكِ.. لا تسألي أيّ دعوى، جَرَحْتُ الشُمُوسَ أنا بادّعائي، إذا ما أُحِبُّكِ.. نفسي أُحِبُّ، فنحن الغناء.. ورجع الغناء.

قصيدة أحبك جداً

يقول نزار قباني:

أحبك جداً، وأعلم أن الطريق إلى المستحيل طويل، وأعرف أنك ست النساء وليس لدي بديل، وأعرف أن زمان الحنين انتهى، ومات الكلام الجميل. لست النساء ماذا نقول. أحبك جداً.. أحبك جداً وأعلم أني أعيش بمنفى وأنت بمنفى، وبيني وبينك ريحٌ وغيمٌ وبرقٌ ورعدٌ وثلجٌ ونار. وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ، وأعرف أن الوصول إلي كانتحار.

ويسعدني أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية، ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية، يا من غزلتِ قميصك من ورقات الشجر، يا من حميتك بالصبر من قطرات المطر. أحبك جداً وأعلم أني أسافر في بحر عينيكِ دون يقين، وأترك عقلي ورائي وأركض، أركض، أركض خلف جنوني.

يا امرأة تمسك القلب بين يديها، سألتك بالله لا تتركيني. لا تتركيني، فماذا أكون أنا إذا لم تكوني؟ أحبك جداً وجداً وجداً، وأرفض من نار حبك أن أستقلا، وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا؟ وما همني إن خرجت من الحب حياً، وما همني إن خرجت قتيلاً.

قصيدة أنتِ لي

يقول نزار قباني أيضاً:

يروون في ضيعتنا.. أنت التي أرجح، شائعةٌ أنا لها مصفقٌ. مسبح وأدعيها بفمٍ مزقه التبجح. يا سعدها روايةً ألهو بها وأمر. حيكُونها.. فللسفوح السكر والترنح. لو صدقت قولتهم.. فلي النجوم مسرح، أو كذبت.. ففي ظنوني عبقٌ لا يمسح.

أنت لي.. أروقة الفجر مداي الأفسح، لي أنت.. مهما صنف الواشون، مهما جرحوا. وحدي .. أجل وحدي .. ولن يرقى إليك مطمح. لي ميسة الزنار .. والخاصرة الموشح، وكل ما فتح في الصدر .. وما يفتح. لي ميسة الزنار .. والخاصرة الموشح، والخال لي.. والشال لي.. والأسود المسرح.

وكل ما فتح في الصدر.. وما يفتح، أنت.. ويكفيني أنا الغرور والتبجح.

قصيدة اثن عنان القلب وأسلم به

يقول الشاعر أحمد شوقي:

إثنِ عنانَ القلبِ وسلّم به، من ربرَبِ الرملِ ومن سربِهِ، ومن تثنّي الغيدِ عن بانِهِ، مرتجّةَ الأردافِ عن كُثبِهِ. ظِباؤُهُ المُنكَسِراتُ الظُبا، يغلبن ذا اللُبِّ على لُبِّهِ. بيضٌ رِقاقُ الحُسنِ في لمحةٍ، من ناعمِ الدُرِّ ومن رطبِهِ.

ذوابِلُ النرجسِ في أَصلِهِ، يوانعُ الوردِ على قضبِهِ. زِنَّ على الأرضِ سماءَ الدُجى، وزدنَ في الحُسنِ على شهبِهِ. يمشينَ أسراباً على هينةٍ، مشيَ القَطا الآمِنِ في سربِهِ. من كلِّ وسنانٍ بغيرِ الكرى، تنتبهُ الآجالُ من هُدبِهِ.

جفنٌ تلقّى ملكاً بابلٍ، غرائبَ السحرِ على غربيهِ. يا ظَبْيةَ الرملِ وُقيتِ الهَوى، وإن سَمِعَتْ عَيناكِ في جَلبِهِ، ولا ذَرَفتِ الدمعَ يوماً وإن أَسرَفتِ في الدمعِ وفي سكبِهِ.

هَذي الشَواكي النُحلُ صِدْنَ اِمرأً، مُلقى الصِبا أَعزَلَ مِن غَربِهِ. صَيّادَ آرامٍ رماهُ الهَوى، بشادِنٍ لا بُرءَ مِن حُبِّهِ. شابٌَ وفي أَضلُعِهِ صاحِبٌ، خِلوٌ مِن الشَّيبِ ومِن خَطبِهِ.

واهٍ بجنبي خافقٌ كُلّما، قلتُ تَناهى لَجَّ في وَثبِهِ. لا تَنثَني الآرامُ عَن قاعِهِ، ولا بناتُ الشَوقِ عَن شِعبِهِ. حَمَّلتُهُ في الحبِّ ما لَم يَكُن، ليحملَ الحبُّ على قلبِهِ.

ما خَفَّ إِلّا للهَوى والعُلا، أو لجلالِ الوفدِ في رَكبِهِ. أَرْبَعَةٌ تَجمَعُهُم هِمَّةٌ، يَنقُلُها الجيلُ إِلى عَقبِهِ.

قِطارُهُم كالقَطرِ هَزَّ الثَرى، وزادهُ خِصباً على خِصبِهِ. لَولا استِلامُ الخَلقِ أَرسانَهُ، شبَّ فنالَ الشمسَ مِن عُجبِهِ.

كُلُّهُمُ أغيَرُ مِن وائِلٍ، على حِماهُ وَعَلى شَعبِهِ. لو قَدَروا جاؤوكُم بِالثَرى، مِن قُطبِهِ مُلكاً إِلى قُطبِهِ.

وما اعتِراضُ الحَظِّ دونَ المُنى، من هَفوَةِ المُحسنِ أَو ذَنبِهِ. وليسَ بالفاضِلِ في نَفسِهِ، مَن يُنكِرُ الفَضلَ عَلى رَبِّهِ.

ما بالُ قَومي اختَلَفوا بَينَهُم، في مِدحَةِ المَشروعِ أَو ثَلبِهِ. كَأَنَّهُم أَسرى أَحاديثُهُم، في لَيّنِ القَيدِ وفي صُلبِهِ.

يا قَومِ هذا زَمَنٌ قَد رَمى، بالقَيدِ واستَكبَرَ عَن سَحبِهِ. لَو أَنَّ قَيداً جاءَهُ مِن عَلِ، خشيتُ أن يَأتي عَلى رَبِّهِ.

وهَذِهِ الضَجَّةُ مِن ناسِهِ، جنازةُ الرِقِّ إِلَى تُربِهِ. مَن يَخلَعُ النيرَ يَعِش بُرهَةً، في أَثَرِ النيرِ وَفي نَدبِهِ.

يا نَشأَ الحَيِّ شَبابَ الحِمى، سُلالَةَ المَشرِقِ مِن نُجبِهِ. بَني الأُلى أَصبَحَ إِحسانُهُم، دارت رَحى الفَنِّ عَلى قُطبِهِ.

موسى وعيسى نَشَآ بَينَهُم، في سَعَةِ الفِكرِ وفي رُحبِهِ. وعالَجا أَوَّلَ ما عالَجا، مِن عِلَلِ العالَمِ أَو طِبِّهِ.

ما نَسِيَت مِصرُ لَكُم بِرَّها، في حازِبِ الأمرِ وَفي صَعْبِهِ. مَزَّقْتُمُ الوَهمَ وَأَلِفتُمُ، أَهِلَّةَ اللَهِ عَلى صُلبِهِ.

حَتّى بَنَيتُم هَرَماً رابِعاً، مِن فِئَةِ الحَقِّ وَمِن حِزبِهِ. يَوْمٌ لَكُم يَبقى كَبَدرٍ عَلى، أَنصارِ سَعدٍ وَعَلى صَحبِهِ.

قَد صارَتِ الحالُ إِلى جِدِّها، وانتبهَ الغافِلُ مِن لُعبِهِ. اللَيثُ وَالعالَمُ مِن شَرقِهِ، في هَيبَةِ اللَيثِ إِلى غَربِهِ.

قضى بِأَن نَبني عَلى نابِهِ، مُلكَ بَنينا وَعَلى خِلبِهِ. ونَبلغُ المَجدَ عَلى عَينِهِ، ونَدخُلُ العَصرَ إِلى جَنبِهِ.

ونَصِلَ النازِلَ في سِلمِهِ، ونَقطعَ الداخِلَ في حَربِهِ. ونَصرفَ النيلَ إِلى رَأيِهِ، يقسِمُهُ بالعدلِ في شِربِهِ.

يُبيحُ أو يَحمي عَلى قُدرَةٍ، حَقَّ القُرى والناسُ في عَذبِهِ. أَمرٌ عَلَيكُم أو لَكُم في غَدٍ، ما ساءَ أو ما سَرَّ مِن غَبِّهِ.

لا تستقلّوه فَما دَهرُكُم، بِحاتِمِ الجودِ وَلا كَعبِهِ. نَسمَعُ بِالحَقِّ وَلَم نَطَّلِع، عَلى قَنا الحَقِّ وَلا قُضبِهِ.

يَنالُ باللينِ الفَتى بَعضَ ما، يعجَزُ بالشِدَّةِ عَن غَصبِهِ. فَإِن أَنِستُم فَلْيَكُن أُنسُكُم، في الصَبرِ لِلدَهرِ وَفي عَتبِهِ.

وَفي اِحتِشامِ الأُسدِ دونَ القَذى، إِذا هِيَ اِضطُرَّت إِلى شُربِهِ. قَد أَسقَطَ الطَفرَةَ في مُلكِهِ، مَن لَيسَ بِالعاجِزِ عَن قَلبِهِ.

يا رُبَّ قَيدٍ لا تُحِبّونَهُ، زمانُكُم لَم يَتَقَيَّد بِهِ. ومَطلبٍ في الظَنِّ مُستَبعَدٍ، كالصُبحِ لِلناظِرِ في قُربِهِ.

واليَأسُ لا يَجمُلُ مِن مُؤمِنٍ، ما دامَ هَذا الغَيبُ في حُجبِهِ.