الحزن يثير القلق والجمال يخفف الألم
كما قال المتنبي:
- الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ
وَالدَمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ
يَتَنازَعانِ دُموعَ عَينِ مُسَهَّدٍ
هَذا يَجيءُ بِها وَهَذا يَرجِعُ
النَومُ بَعدَ أَبي شُجاعٍ نافِرٌ
وَاللَيلُ مُعيٍ وَالكَواكِبُ ظُلَّعُ
إِنّي لَأَجبُنُ مِن فِراقِ أَحِبَّتي
وَتُحِسُّ نَفسي بِالحِمامِ فَأَشجَعُ
وَيَزيدُني غَضَبُ الأَعادي قَسوَةً
وَيُلِمُّ بي عَتبُ الصَديقِ فَأَجزَعُ
تَصفو الحَياةُ لِجاهِلٍ أَو غافِلٍ
عَمّا مَضى فيها وَما يُتَوَقَّعُ
وَلِمَن يُغالِطُ في الحَقائِقِ نَفسَهُ
وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فَتَطمَعُ
أَينَ الَّذي الهَرَمانِ مِن بُنيانِهِ
ما قَومُهُ ما يَومُهُ ما المَصرَعُ
تَتَخَلَّفُ الآثارُ عَن أَصحابِها
حيناً وَيُدرِكُها الفَناءُ فَتَتبَعُ
لَم يُرضِ قَلبَ أَبي شُجاعٍ مَبلَغٌ
قَبلَ المَماتِ وَلَم يَسَعَهُ مَوضِعُ
كُنّا نَظُنُّ دِيارَهُ مَملوءَةً
ذَهَباً فَماتَ وَكُلُّ دارٍ بَلقَعُ
الحزن يرفض نسيان المصائب المؤلمة
كما قال الشاعر الفرزدق:
- أَبى الحُزنُ أَن أَنسى مَصائِبَ أَوجَعَت
صَميمَ فُؤادٍ كانَ غَيرَ مَهينِ
وَما أَنا إِلّا مِثلُ قَومٍ تَتابَعوا
عَلى قَدَرٍ مِن حادِثاتِ مَنونِ
وَلَو كانَتِ الأَحداثُ يَدفَعُها اِمرُؤٌ
بِعِزٍّ لَما نالَت يَدي وَعَريني
هو الحزن الذي لا يماثله حزن
كما قال الشاعر اللواح:
- هو الحزن حتى ما يماثله حزن
لفقدان عقل خانه الخبل والأفن
فيا عجباً حيا وأرثيه ميتاً
دفيناً وحاشا ما حوى جسمه دفن
هو السيف واليافوخ والقلب جفنه
متى يكسر القرضاب لم ينفع الجفن
إذا العقل فات الجسم فالجسم صورةٌ
جفاها النهي والسمع والنطق والذهن
تقول رجال أنت ذمر وعاقل
وضد الذي قالوا بوصف الذي يعنو
وهل عاقل مرتاد للذنب مثل ما
يرود دليل الحي مذ هطل المزن
إذا العقل لم يقتدك للعلم والتقى
هو الحجة العظمى عليك لما تجنو
أنا المجتري في اللَه بالذنب عامداً
وهيهات لا إنس كمثل ولا جن
الحزن الذي يراقب ما أعانيه من كروب
كما كتب الشاعر ابن جبير الشاطبي:
- رأى الحُزنُ مَا عِندِي مِنَ الحزنِ والكَربِ
فَرُوِّعَ مِن حَالِي فَلم يَستَطِع قُربِي
وأظهَرَ عَجزاً عَن مُقَاوَمَة الأسَى
وأيقن أنَّ الخَطبَ أعظَمُ مِن خَطبي
وقال التَمِس غَيرِي لِنَفسِكَ صَاحِبا
وَقُل لِلرَّدى حَسبي بَلغت المَدى حسبي
فَقُلتُ وَهَل يَكفِينيَ الوَجدُ صَاحِبا
وكَيفَ وَمَا بي قَد تَعَدَّى إِلى صَحبي
فَلمّا انتَهَت بي شِدَّتي في مُصِيبَتي
وَبَرَّحَ بِي يَأسي رَجَعتُ إِلى رَبِّي
فاستَنشِقن رَوحَ الرِّضَى بِقضَائِهِ
فَنَادَيتُ يَا بَردَ النَّسِيمِ عَلى قلبِي
إِلى الله أشكُو بِالرَّزَايَا وَفِعلِها
فَقَدُ كَدَّرَت شِربِي وقَد رَوَّعَت سِربِي
سَلِ اللَّيلَ عَنِّي هَل أمِنتُ إِلى الكَرَى
فَكَيفَ وَأجفَانِي مَعَ النَّومِ في حَربِ
لقاءك أزال ما أحمله من الحزن
كما قال الشاعر ابن دنينير:
- أزال لقياكَ ما ألقى من الحزنِ
فاليوم لا أشتكي من حادث الزمن
ولا أرى لليالي في تقلبّها
من بعد قربك غير الفضل والمنن
غادرتني بعد ما قد كنت في دعةٍ
من عيشتي راكبا في المركب الخشن
إذ أنت في حلب روح وكيف ترى ال
حياة بعد فراق الروح للبدن
يا ابن النبيّ وأحسان الزمان بكم
شيء تعلمه من فعلك الحسن
يا مشمحرة العلا إن حلّ غيركمُ ال
وهاد لم نزلوا إلا على القنَنِ
إني استنترت بظل من جناحكمُ
فناظر الخطب في الحالات لم يرني
هل من تكرار لعادتي في الحزن؟
كما قال الشاعر الفرزدق:
- أَلا مَن لِمُعتادٍ مِنَ الحُزنِ عائِدي
وَهَمٍّ أَتى دونَ الشَراسيفِ عامِدي
وَكَم مِن أَخٍ لي ساهِرِ اللَيلِ لَم يَنَم
وَمَستَثقِلٍ عَنّي مِنَ النَومِ راقِدِ
وَما الشَمسُ ضَوءَ المُشرِقينِ إِذا بَدَت
وَلَكِنَّ ضَوءُ المُشرِقينِ بِخالِدِ
سَتَسمَعُ ما تُثني عَلَيكَ إِذا اِلتَقَت
عَلى حَضرَمَوتٍ جامِحاتُ القَصائِدِ
أَلَم تَرَ كَفَّي خالِدٍ قَد أَدَرَّتا
عَلى الناسِ رِزقاً مِن كَثيرِ الرَوافِدِ
وَكانَ لَهُ النَهرُ المُبارَكُ فَاِرتَمى
بِمِثلِ الزَوابي مُزبِداتٍ حَواشِدِ
فَما مِثلُ كَفَّي خالِدٍ حينَ يَشتَري
بِكُلِّ طَريفٍ كُلَّ حَمدٍ وَتالِدِ
فَزِد خالِداً مِثلَ الَّذي في يَمينِهِ
تَجِدهُ عَنِ الإِسلامِ مِن خَيرِ ذائِدِ
الحزن منتشر والصبر متفرق
كما قال الشاعر أبو فراس الحمداني:
- الحُزنُ مُجتَمِعٌ وَالصَبرُ مُفتَرِقُ
وَالحُبُّ مُختَلِفٌ عِندي وَمُتَّفِقُ
وَلي إِذا كُلَّ عَينٍ نامَ صاحِبُها
عَينٌ تَحالَفَ فيها الدَمعُ وَالأَرَقُ
لَولاكِ يا ظَبيَةَ الإِنسِ الَّتي نَظَرَت
لَما وَصَلنَ إِلى مَكروهِيَ الحَدَقُ
لَكِن نَظَرتُ وَقَد سارَ الخَليطُ ضُحىً
بِناظِرٍ كُلُّ حُسنٍ مِنهُ مُستَرَقُ
خلطت قلبي هموم وحزن
كما عبر الشاعر الأعشى:
- خالَطَ القَلبَ هُمومٌ وَحَزَن
وَاِدِّكارٌ بَعدَما كانَ اِطمَأَنّ
فَهوَ مَشغوفٌ بِهِندٍ هائِمٌ
يَرعَوي حيناً وَأَحياناً يَحِنّ
بِلَعوبٍ طَيِّبٍ أَردانُها
رَخصَةِ الأَطرافِ كَالرِئمِ الأَغَنِّ
وَهيَ إِن تَقعُد نَقاً مِن عالِجٍ
وَإِذا قامَت نِيافاً كَالشَطَن
يَنتَهي مِنها الوِشاحانِ إِلى
حُبلَةٍ وَهيَ بِمَتنٍ كَالرَسَن
خُلِقَت هِندٌ لِقَلبي فِتنَةً
هَكَذا تَعرِضُ لِلناسِ الفِتَن
لا أَراها في خَلاءٍ مَرَّةً
وَهيَ في ذاكَ حَياءً لَم تُزَن
ثُمَّ أَرسَلتُ إِلَيها أَنَّني
مُعذِرٌ عُذري فَرُدّيهِ بِأَن
لا تحزن ولا تضعف أمام الحزن والألم
كما قال الشاعر ابن المعتز:
- لا تَحزَنَنَّ وَقيتَ الحُزنَ وَالأَلَما
وَلا عَدِمتَ بَقاءً يَصحَبُ النِعما
أَلَيسَ قَد قيلَ فيما لَستَ تُنكِرُهُ
في مَكرُماتِ الفَتى تَقديمُهُ الحُرَما
يا شَمِتاً بِبَني وَهبٍ وَقَد فُجِعوا
لا تَفرَحَنَّ بِنَقصٍ زادَهُم كَرَما
آلام القلب والحزن
كما عبر الشاعر اللواح:
- كوى قلبي الأسى والحزن كيا
وأجرى في المدامع مقلتيا
وأظهرت الرزية سوء حالي
وفتش مدمعي السر الخفيا
ومن ذا لائمي إن عشت أبكي
عليك محمد ما دمت حيا
لقد أحوجتني لدموع عيني
أكفكفها وقد كنت الغنيا
أخي محمد مذ بنت عني
فبان الصبر عندك يا أخيا
وبت أراقب الجوزا سهادا
ودمعي بات نوءاً عقربيا
وأصبح كالخلال ضنى وسقما
أجاوب في الأساء الجوزليا
لئن بكت الحمام على هديل
بكيت فتى منيباً أصمعيا
فيا حزني عليه وأي حزن
يرد الفائت الماضيعليا