قصائد قصيرة من العراق

قصيدة سمار حقل عراقي

  • يقول الشاعر خالد الحسن:

انثر عيونك فوق كحلي وارسم يقينك فوق جهلي.

أنا نجمة أضاءت بجلباب السماء وأنت ظلي.

أنا غيمة صعدت من الأفكار قرب سماء طفلي.

وطني هو جنازات من الأشجار والأنهار التي تغلي.

وطني سماء والنجوم كأهلي والأفق عائلتي.

أراه مئذنة تنوح بحزنها والآه مثلي.

نجمي يصلي والسماء توضأت في نهر كحلي.

نوافذي صودرت بماء يشتهيه واحتضر رملي.

والزقزقات تنفست ألوانها وتوزعت الياقوت حولي.

حقلي غيوم والشموش تجره من شعر نخلي.

حقلي نيران للذين تجرؤوا في ليل حقلي.

أنا نخلة سقطت عيون التمر في نكبات طلّي.

وجعي وجرحي نخلتان تحتفلان ببداية شتلي.

وتركت سراً اشتهى ملكوته وقتلت قولي.

ورأيت شمساً في عيون مدينتي وأضأت كلي.

أنا كل هذا التيه في قلبي سيشبه بعض شكلي.

كم مسكت ضفاف غيمات الدعاء لكي أصلي.

وأموت نذراً في سموات الضحايا لتكن لي.

انثر حروفي وارتديني عابثاً كسر بقفلي.

فأنا أحبك منذ بداية حكاتي وحديث نملي.

قصيدة يا شراعًا وراء دجلة يجري

  • يقول الشاعر أحمد شوقي:

يا شراعًا وراء دجلة يجري،

في دمعي تجنبتك العوادي.

سِر على الماء كالمسيح رويداً،

وأجر في اليم كالشعاع الهادي.

وأتِ قاعًا كرفرف الخلد طيباً،

أو كفردوسه بشاشة وادي.

قف، تمهل، وخذ أمانًا لقلبي،

من عيون المهاء وراء السواد.

والنواسي والندامة؛ أأمنهم،

سمرٌ يملأ الدجى أو ناد.

خطرت فوقه المهارة تعدو،

في غبار الآباء والأجداد.

أمة تنشئ الحياة وتبني،

كبناء الأبوّة الأمجاد.

تحت تاج من القرابة والملك على فرق أريحي جواد.

ملك الشط والفراتين والبطحاء، أعظم بفصيل والبلاد.

قصيدة أحمامة في جنب دجلة غردت

  • يقول الشاعر وديع عقل:

أحمامة في جنب دجلة غردت،

الشرق مستمع إليك فزيدي.

هاتي لنا السجالات المبكية فما،

غير البكاء يطيب للمنكود.

هاتي النواح على العراق فنجمه،

محقته عادية الليالي السود.

قد روعوك فطرت عن أملوده،

تبغين أيها الهادي الأملود.

لا تتعبي فالشرق مغرس دوحه،

رمس مثار عواصف ورعود.

لا تتعبي فالشرق لا وطن به،

للحر في الشرق أرض عبيد.

قصيدة حب إلى سيف عراقي

  • تقول الشاعرة سعاد الصباح:

أنا امرأة عازمة على حب العراق،

وأن أتزوج منه أمام عيون القبيلة.

منذ طفولتي كنت أؤكد عيني بليل العراق،

وأحني يدي بطين العراق.

وأترك شعري طويلاً ليشبه نخل العراق.

أنا امرأة لا تشبه أي امرأة.

أنا البحر والشمس واللؤلؤة.

مزاجي أن أتزوج سيفًا،

وأن أتزوج مليون نخلة،

وأن أتزوج مليون دجلة.

مزاجي هو أن أتزوج يومًا،

صهيل الخيول الجميلة.

فكيف يمكن أن أبني علاقة حب،

إذا لم تعمد بماء البطولة؟

وكيف تحب النساء رجالاً بلا رجولة؟

أأنا امرأة لا أزيف نفسي،

وإن مسني الحب يوماً فلست أجامل.

أنا امرأة من جنوب العراق،

فبين عيوني تبيت حضارات بابل.

وفوق جبيني تمر شعوب وتمضي قبائل.

فحينًا أنا لوحة سومرية،

وحينًا أنا كرمة بابلية،

وطورًا أنا راية عربية.

وليلة عرسي هي القادسية،

زواجي جرى تحت ظل السيوف وضوء المشاعل،

ومهري كان حصانًا جميلاً،

وخمس سنابل.

وماذا تريد النساء من الحب إلا،

قصيدة شعر ووقفة عز،

وسيفًا يقاتل.

وماذا تريد النساء من المجد،

أكثر من أن يكن بريقًا جميلاً،

بعيني مناضل.

سلام على ذكرياتي بشط العرب،

سلام على طائر الماء يرقص بين القصب،

سلام على الشمس تسقط فوق مياه الخليج،

كإسوارة من ذهب.

سلام عليه أبي وهو يهدي إلى بعيدي،

كتاب أدب.

سلام على وجه أمي الصبوح كوجه القمر،

سلام على نخلة الدار تطرح أشهى الثمر،

سلام على قهقهات الرعود،

سلام على قطرات المطر،

سلام على شهقات الصواري،

وحزن المراكب قبل السفر.

عراق، عراق،

إذا ما ذكرتك أورق في شفتي الشجر،

فكيف أستطيع إلغاء شعوري؟

وحبك مثل القضاء ومثل القدر.

قصيدة يابن داود يا فقيه العراق

  • يقول الشاعر ابن الرومي:

يابن داود، يا فقيه العراق،

أفتنا في قواتل الأحداق.

هل عليهن في الجروح قصاص،

أم مباحٌ لها دم العشاق؟

كيف يفتيكم قتيل صريع بسهم الفراق والاشتياق؟

وقتيل التلاقي أحسن حالاً،

عند داود من قتيل الفراق.

قصيدة شكوى العراق

  • يقول الشاعر أحمد الصافي النجفي:

ما للفرات يسيل عذبًا سائغًا،

عجبًا وشرب بني الفرات أجاج.

الفقر أحدق في بنييه وإنما،

ماء الفرات العسجد الشفاف.

جاءته حوت البحر ظامئةً له،

أو ما كفاها بحرها العجاج.

النفط شب بجوفه نارًا فهل،

يطفئ سناءه ماءنا الثجاج؟

النفط يجري في العراق وما لنا،

ليلاً سوى ضوء النجوم سراج.

قد أثقلوه من القيود بمهره،

وأحاط فيه من العداة سياج.

زعموا مختارًا وقد وضعت له،

تحت الصواريخ والقنا أوداج.

أيكُونه ذا رشد بعقد عهودهم،

وبغير ذاك لقيمٍ يحتاج؟

نم الخداع بما تكن صدورهم،

إن الخداع لدى اللبيب زجاج.

أسروا العراق فكم فدينا آنفًا،

عنه فهل لأسيرنا إفراج؟

إن الأدلة ليست تقرن طامعًا،

حتى يقرن بالدليل هيجان.

أضحى عراقي للمطامع كعبةً،

فيها لمختلف الورى حجاج.

لم ترحل الأفواج خصمًا حله،

إلا دهَته غيره أمواج.

حتى النعاج طمعت في استعمار،

ما حال من يطمعن فيه نعاج؟

داء المطامع إن تأصل لم يفد،

فيه سوى قطع الوريد علاج.

طعَنوا فؤادك في الصميم ولم تهج،

فبأي شيء يا هزبر تُهاج؟

ما صفقت أمواج نهرك عن هنا،

هزءًا عليك تصفق الأمواج.

لا يعرفونك إن حقولك أجدبت،

بل يعرفونك إذ يحين خراج.

كم من عدو بالتجنس داخلٍ،

بحشَى العراق وحكمه الإخراج.

كثر الخليط به فإن لم يبتعد،

أخلاطه لم يشفهن مزاج.

سوق السياسة كم تروج وهل ترى،

فيه لسوق التضحيات رواج.

لا يستقر على السياسة مبدأ،

إن السياسة زئبق رجراج.

هارون، قم وانظر بلادك والذي،

قد جرَّ فيه الظلم والإزعاج.

النبت صوح بالعراق وبدلت،

بالفقر منه تلكم الأفواج.

والنهر يجري كالجين،

الأرض ترب والسماء عجاج.

والجهل زُوّج بالنفاق فأولدا،

بؤسًا فبئس العرس والإنتاج.

لا تيأسن من اللجاج فإنما،

سبل النجاح شجاعة ولجاج.

الغرب سار وما عرفنا قصده،

ولنا على آثاره أدراج.

خير المدارس ما تخرج فتية،

ما بينها الحدّاد والنساج.

لا ما تخرج معشرًا كل لدى،

توظيفه لذبذبة محتاج.