قصائد مختارة من شعر الخليل بن أحمد الفراهيدي

عيش الأمل

في هذه الأبيات، يحذر الخليل الفراهيدي من التسويف وطول الأمل، حيث يقول:

يعيشُ الإنسان في أملٍ

يُردده إلى الأبدِ

يؤمل ما يؤمل من

صنوف المال والولدِ

ولا يدري لعل الموتَ

يأتي دون موعد غدِ

فلا يبقي والدِه

ولا يبقي على ولَدِ

الله ربي والنبي محمد

تتضمن هذه الأبيات ثناءً من الخليل الفراهيدي على النبي وآل بيته، حيث يقول:

الله ربي والنبي محمدُ

حيَّاي الرسالةَ وبيّنَ الأسبابِ

ثم الوصي وصي أحمدَ بعده

كهف العلوم بحكمة وصوابِ

فاق النظيرَ ولا نظيرَ لقدْره

وعلا عن الخلّان والأصحابِ

بمناقب ومآثر ما مثلها

في العالمين لعابدٍ تواب

وبنوه أبناء النبي المرتضى

أكرم بهم من شيخةٍ وشبابِ

ولفاطم صلّى عليهم ربنا

لمغفرته لأحمدَ ذا النُّهَى الأواب

قبل أن يأتي الأجل

في هذين البيتين، يحض الخليل الفراهيدي على الزهد والاستعداد للرحيل، حيث يقول:

وقبل أن يأتي المريضَ الطبيبُ

فعيش المريض ومات الطبيبْ

كن مستعدًا لمدعو الفناءِ

فإنَّ ما هو آتٍ قريبْ

يا جنة تفوق الجنان

هنا، يعبّر الخليل الفراهيدي عن حبه لبلدٍ أقام فيه، ويمجد جمال مياهه وسفنها:

يا جَنَّةً فاقت الجنان فما

تَبلُغُها قيمةٌ ولا ثمنُ

ألفيتُها فاتخذتُها وطنًا

إن فؤادي لحبها وطنُ

زُوّجت حيتانُها الضبابَ بها

فهذه كِنةٌ وذا خَتنُ

انظر وفكر فيما تطيفُ به

إن الأريبَ المفكّر الفطِنُ

من سفنٍ كالنُّعامة مُقبِلَةٍ

ومن نعامٍ كأنّها سفنُ

ما بقيت من اللذات إلا

في هذين البيتين، يشكو الخليل الفراهيدي من قلة الرجال ذوي العقول في عصره:

وما بقيت من اللذات إلا

محاورة الرجال ذوي العقولِ

وقد كانوا إذا عدوا قليلًا

فقد صاروا أقلّ من القليلِ

ما هي إلا ليلة ثم يومها

تذكر هذه الأبيات سرعة الحياة وتُحذر من الغفلة:

وما هي إلا ليلة ثم يومُها

وحول إلي حول وشهر إلى شهرِ

مطايا يُقرّبن الجديد إلى البلى

ويُدنينَ أشلاء الكريم إلى القبرِ

ويتركن أزواج الغيورِ لغيرهِ

ويقسمن ما يحوي الشحيح من الوفرةِ

إذا ضيقت أمرًا زاد ضيقًا

هنا، ينصح الخليل الفراهيدي بالصبر وعدم تضخيم الأمور الصغيرة:

إذا ضيقت أمرًا زاد ضيقًا

وإن هَوَّنتَ الأمر هانًا

فلا تَجزع لأمرٍ ضاقَ شيئًا

فكم صعب تشدد ثم لا

وفيت كل صديق ودّني ثمنا

توضح هذه الأبيات أن الخليل الفراهيدي سيخيب آمال الشامتين به:

وفيت كل صديق ودّني ثمنا

إلا المؤمل دولاتي وأيامي

فإني ضامن ألا أُكافئه

إلا بتسويق فضلي وإنعامي

لا تقبلن الشعر ثم تعقه

هذه الأبيات تنصح الشعراء بعدم التخلي عن الشعر وتصفهم بالعاقين له:

لا تقبلن الشعر ثم تعقه

وتنام والشعراء غير نيامِ

واعلم بأنه إذا لم يُنصفوا

حكموا لأنفسهم على الحكامِ

وجناية الجاني عليهم تنقضي

وعتابهم يبقى على الأيامِ

ليس المسيء إذا تغيب سوءه

تعبّر هذه الأبيات عن مقت الخليل الفراهيدي للمسيء إليه في غيابه:

ليس المسيء إذا تغيب سوؤه

عنّي بمنزلة المسيء المعلنِ

من كان يُظهر ما أحب فإنّه

عندي بمنزلة الأمين المحسنِ

والله أعلم بالقلوب وإنما

لك ما بدا لك منهم بالألسنِ

ألا ينهاك شيبك عن صباكا

في هذين البيتين، يعاتب الخليل الفراهيدي قلب العاشق الذي شاب:

ألا ينهاك شيبك عن صباكا

وتترك ما أضلّك من هَواك

أترجو أن يطيعك قلب سَلْمى

وتزعم أن قلبكَ قد عصاكا

إن لم يكن لك لحم

هذه أبيات تدعو إلى الزهد والرضا بالقليل:

إن لم يكن لك لحم

كفاك خل وزيتُ

أو لم يكن ذا وهذا

فكِسرة وبيتُ

تظل فيه وتأوي

حتى يجيئك موتُ

هذا عفاف وأمنٌ

فلا يغرَّك ليتُ

عش ما بدا لك فإن الموت قصرٌ

هذه الأبيات تدعو الخليل الفراهيدي إلى الحذر من زخارف الدنيا، حيث تفنى:

عش ما بدا لك فإن الموت قصرٌ

لا مَرحلٌ عنه ولا فواتُ

بينما غنى بيتٍ وبهجتُهُ

زال الغنى وتَقوّضَ البيتُ

يا ليت شعري ما يُرادُ بنا

ولقد قلما تغني إذًا ليتُ

صلب الهجاء على امرئ من قَومنا

يمرر الخليل الفراهيدي بازدراء لرجل من قومه:

صلُب الهجاء على امرئ من قومنا

إذ حاد عن سنن السبيل وحادَا

أعطى قليلاً ثم أقلع نادمًا

ولربما غلِط البخيل فجادا

نزلوا مركز الندى وذراه

هنا، يمدح الخليل الفراهيدي قومًا لعلوّ منزلتهم:

نزلوا مركز الندى وذراه

وعدتنا من دون ذاك العوادي

غير أن الرُبى إلى سُبُل الأنعامِ

أدنى والحظ حظ الوِهادِ

تكثر من الإخوان ما استطعت فإنهم

يشجع الخليل الفراهيدي على كثرة الأصدقاء للاعتماد عليهم في الأوقات الصعبة:

تكثّر من الإخوان ما استطعتَ إنهم

بطونٌ إذا استنجدتهم وظهورُ

وما بكثيرٍ ألفُ خِلٍّ لعاقلٍ

وإن عدوًا واحدًا لكثيرُ

أنست بوحدتي ولزمت بيتي

هنا، يذكر الخليل الفراهيدي فوائد انفراده عن الناس:

أنست بوحدتي ولزمت بيتي

فطاب الأنس لي ونما السرورُ

فأدبني الزمان فلا أُبالي

هجرت فلا أُزار ولا أزورُ

ولست بسائل ما دمت حيًّا

أشار الجيش أم ركب الأميرُ

إذا كنت لا تدري ولم تك بالذي

تسخر هذه الأبيات من الجاهل الذي يتظاهر بالعلم:

إذا كنت لا تدري ولم تكن كالذي

يشاور من يدري فكيف إذن تدري

جهلتَ فلم تدري بأنكَ جاهلٌ

وأنكَ لا تدري بأنكَ لا تدري

ومن أعظم البلوى بأنكَ جاهلٌ

فمن لي بأن تدري بأنكَ لا تدري

ربَّ امرئ يجري ويدري بأنهُ

إذا كان لا يدري جهولٌ بما يجري

كتبت بخطي ما ترى بدفاتري

في هذين البيتين، يصف الخليل الفراهيدي ما سجلته كتبه من معرفة:

كتبتُ بخطّي ما ترى في دفاتري

عن الناس في عصري وعن كل غابرِ

ولولا عَزائي أنّه غير خالدٍ

على الأرض لاستودعتُه في المقابرِ

بطل النحو الذي جمعتم

يمدح الخليل الفراهيدي كتابي عيسى بن عمر النحوي:

بطل النحو الذي جمعتُمُ

غير ما ألّف عيسى بن عمرْ

ذاك إكمال وهذا جامعٌ

وهما للناس شمس وقمرْ

هذا عمرو يستعفي من

تحذير من عواقب الظلم في هذه الأبيات:

هذا عمرو يستعفي من

زيد عند الفضل القاضي

فانهوا عمرو إني أخشى

صول الليث العادي الماضي

ليس المرء الحامي أنفًا

مثل المرء الضيم الراضي

ورد العفاة المعطشون فأصدروا

تعكس هذه الأبيات استهجان الخليل الفراهيدي من أمير أو شخص ذي مكانة:

ورد العُفاة المعطشون فأصدروا

ريًّا فطاب لهم لديك المكْرَعُ

ووردتُ حوضكَ ظامئًا متدفّقًا

فرددتَ دلوي شَنيها يتقعقعُ

أراكَ تمطر جانبًا من جانبٍ

وفناء أرضي من سماكَ بلقعُ

أبحسن منزِلتي تُؤخِرُ حاجتي

أم ليس عندكَ لي خيرٌ مطمعُ

كفاك لم تخلقا للندى

تذم هذه الأبيات الخليل لرجل بزخه الشديد:

كفّاك لم تُخلَق للندى

ولم يكن بُخلهما بدعةْ

فكفٌ عن الخير مقبوضةٌ

كما نقصت مئةٌ سبعَةْ

وكفٌ ثلاثةُ آلافِها

وتسعُ مئيتها لها شرعةْ

نصحتك يا محمد إن نصحي

يظهر في هذين البيتين عتاب الخليل الفراهيدي لصديق لم يلتزم بنصحه:

نصحتك يا محمد إن نصحي

رخيصٌ يا رفيقي للصديقِ

فلم تقبل وكم من نُصح وُدٍّ

أضيعَ فحاد عن وضح الطريقِ

وهذا المال يرزقه رجال

تناقش الأبيات توزيع الرزق بين العباد كأمر مقدر من الله:

وهذا المال يُرزَقُه رجالٌ

مناديل إذا اختُبروا فسولُ

ورزق الخلق مجلوبٌ إليهم

مقادير يُقَدّرها الجليلُ

كما تُسقى سباخ الأرض رياً

وتصرف عن كرائمها السيول

فلا ذو المال يرزقه بعقل

ولا بالمال تُقسم العقولُ

أبلغ سليمان أني عنه في سعة

تسليط الضوء على عدم الحاجة لشخصية ذات سلطة:

أبلغ سليمان أني عنه في سعةٍ

وفي غنىً غير أني لست ذا مالِ

سخّى بنفسي أني لا أرى أحدًا

يموت هزلاً ولا يبقى على حالِ

وإن بين الغنى والفقر منزلةً

مخطومةً بجديدٍ ليس بالبالي

الرزق عن قدرٍ لا الضعف ينقصه

ولا يزيدك فيه حول محتالِ

إن كان ضَنَّ سليمان بنائله

فالله أفضل مسؤولٍ لسؤالِ

والفقر في النفس لا في المال نعرفه

ومثل ذاك الغنى في النفس لا المالِ

والمال يغشى أناساً لا خلاقَ لهم

كالسيل يغشى أصول الدندنة البالي

كل امرئٍ بسبيل الموت مرتهنٌ

فاعمل لنفسك إني شاغل بالي