أشعار رائعة عن الطفولة
- قصيدة ملتقى ذكريات الطفولة للشاعر إبراهيم المازني:
رعى الله أيام الطفولة، فإنها
على جهلها، تحمل الحلاوة والبهجة في القلب
ليالي كنت أظن الكون إرثاً لي، وأنني
أعير النجوم الزهر نوراً باهراً
وأحسب بطن الأرض والبحر والدجى
مثوى للجن المخيف والوحشة
تفيض العين بما تأخذ وتغرف
وأعيش بها شعوراً يجسد الحياة
إذا جُرحت نفسي، صرخت ولم أبل
وداويت نفسي بحنين البكاء
لم أكن أعلم طعم الهموم وكيف هي
ولا كان شيء عازباً عن أمالي
لم أكسي نفسي بفستان المخاوف
وأدفعها من حيث تنشطر الأماني
يبسم ثغري لكل فم يتودد
ويظهر حناناً من يراني شاكياً
ويقابلني الناس بالفرحة كأنما
أعطاني الله من كل القلوب فؤاداً
ولي نصيب من كل لهو وكأنما
تنافس الخلق لي ومدد مرادي
فيا رب، أوزعني على ما سلبتني
وأبدلتني صبراً يتناسب مع مصابي
لأن الأيام قد تجاوزتني
وقد هدمت أيدي الزمان ما بنيتُ
وغمرني في لج من بعد لج من
اليأس، دهر لا يعترف ببلائي
وهذه روح الشباب قد تأفل
فإذا ما خبت، لم أجد في الزمان وطناً
وضعتني همومي وأقعدتني، فما
أتمكن من رفع بصري إلى سمائي
لا زلت محروما كما تبلى الأطلال، وهل ترى
عنت الأيام يا قلبي، ناجياً؟
- قصيدة “طفولة الغيم” للشاعر إدريس علوش:
نبض الفرح كفراشة
كإيقاع القلب
توازن على اجتياح النحل
وغيمة تتدلى كطفولة الوقت
تسافر السفن نحو أبراج الحدائق
فتقترب البجع الحزينة
من شواطئ المحار
لتعلن عرس الطحلب الجميل!
يأتي المساء مشبعاً بشجني
بالحبق والسوسن
كلما اجتاحتني
دموع حارقة
غنيت للبحر آيته
وللطفل عناده
طفلاً كنت ولا أزال
أداعب السراب أحياناً
وأحياناً أبحث عن ريشة قديم
كي أبكي ذكرى
الوقت.
قصيدة ذكريات الطفولة
- تقول الشاعرة نازك الملائكة:
ما زال مجلسي على تلة الرمل
يستمع إلي أناشيد الأمس
لم أزل طفلة، لكنني
صرت بجهل أكبر عن عمري ونفسي
ليتني لم أزل كما كنت قلباً
لا يحمل سوى النقاء والأمل
كل يوم أبني أحلامي.
وأسفاً يا حياة، أين أصبحت رمالي
وقصوري؟ كيف ضاعت ظلالي؟
يا تل الرمل، ماذا ترى قد
بقي لي من مدينة الأحلام؟
أين أبراجها العالية، هل قد
ذهبت إلى أوهام الزمان؟
ذهب الهناء، لم أعد طفلة
تستقبل كل صباح بشغف
لم أعد أرى الحياة كما كانت
عذبة كمشروب يتلاشى في كأسي
لم أعد أحن إلى الحمامة التي تغني
ولا ألهو على ضفاف الغدير
كم زهور جمعتها وأطياف
سرقتها مني الحياة ولم تبق شيئاً
كم أملاً صغته أذوب في ذكراه
كنت عرشي بالأمس يا تل الرمل
والآن لم تعد سوى تلة
كان ربما كان هذا الوجود مملكتي
يا ليت الأيام تعود لي
ليت تلة الرمل تسترجع الأسرار والجمال الطري.
أجمل الأشعار عن الأطفال
- يقول الشاعر أودنيس:
في السرير الدافئ القلق حبٌ
يستفيق؛
هو تراتيل للناس، وطرق للشمس.
للطفولة،
تشرق الشمس بخجل؛
في خطواتها يضيق الكون الكبير
ويضيق الأبد،
فلها الأرض غطاءً سرمديًا،
ولها الدنيا سرير.
أنا بالأمس، كانت لي الآهات بيتاً
وكان لي الفقر سراجًا والدم النازف زيتاً.
كنت كالظل، يدور به الفقر
قدمي ليل وأجفاني نور.
يا طفولة،
يا ربيع الزمن المتقدم وآذار الحياة
وهَوَى ماضٍ وآتي
في غد، أنت صراعٌ لا ينتهي
وطموحٌ لا يرد.
وغدًا أنت ميادين بطولها
تُجدد الكون وتُظهر وتعيد.
فيغنيك الكفاح
وتغنيك الجراح
ويغنيك الدم البكر الجديد.
يا طفولة،
يا هَوى ماضٍ وآتٍ
يا ربيع الزمن المتقدم وآذار الحياة.
- يقول الشاعر قاسم حداد:
أولئك الأطفال الكثر
الذين يتراكضون في الفضاءات
هل اخترت أسماءً لهم
أم أنكِ ستعتمدين على الحدائق؟
أولئك الأطفال الخُضر
هل سيصعدون من الأعماق
أم سيهبطون من الأعالي؟
أولئك الأطفال الصغار جداً
إني أراهم الآن كالأسمال الملونة
في زجاجة الفضاء
وأنتِ ماؤهم.
- يقول الشاعر حافظ إبراهيم:
هذا صبيٌ هائمٌ
تحت الظلام، حائرٌ
أعياه الشقاء
وتمزقت منه الأظافر
فانظري إلى أسماله
لم يبق منها ما يواريه
هو لا يريد فراقها
خشية البؤس والهموم
لكنها قد فارقته
فراق معذور وعاذر.
إني أعد ضلوعه
تحت وطأة الليل العاتم
أبصرت هيكل عظمه
فتذكرت سكان المقابر
فكأنه ميتٌ
أحياه عيسى بعد عازر.
كان يهدده النسيان
وكاد تدور به الأعاصير
وترى من فرط الأهوال
تتفتت قواه.
عجباً، أيفرسه الجوع
في قلب حاضرة الحضارة؟
وتغمره بؤسٌ وتلقى عليه
رحمة الأطفال ساهرة.
كم من مثله تحت الليل
أسوان بادي الضّر.
- تقول الشاعرة نازك الملائكة:
ودموع الأطفال تجرح لكن
ليس منها مفرّ، فيا للشقاء
هؤلاء الذين منحوا الحسّ
وما يملكون غير البكاء
منحتهم كف الطبيعة قلباً
بشرياً يستشعر الآلام
ورمتهم في كفة القدر الغامض
جسد لا يستطيع الكلام
فإذا ما بكوا، فأدمع خرس
ربما كان خلفها ألف معنى
وربما كان خلفها الألم القاتل
أو رغبة مع الريح تنتهي.
ربما، ربما وما ينفع الظنّ
ونوح الأطفال ملء الحياة
ولدوا صارخين في أحضان القهر
فليصرخوا ليوم الممات
علهم يدركون ما لم نقف نحوه من ظلمة الأسرار
ويرون الحياة ليلاً من الشرّ
تتدلى على حواف النار.
فهم يصرخون من ألم الفقد
أو يندبون ما قد أضاعوا
أو لم يقبلوا في ظلمة الحياة
حيث المحيا أسى وصراع.
لم يزل في نفوسهم أثر الماض
ضياء النقيّ الجميل أو ذكراه
عندما كانوا في عالم عبقري
كل حي على ترابه إله.
عالم غير عالم البشر القاسي
بعيد عن اليأس والفناء.
ليس فيه أسى عنيف ودمع
وقبور تلفت بالخفاء.
ليس فيه معذبون حيارى
وثكالى تحت الليل ويتامى.
ليس فيه ظلم أو تعذيب.
ليس فيه نزاع على الخبز;
ولا في صفائه مأساة.
يا جموع الأطفال، يا مرهفو الحسّ
كفاكم تفجعاً وبكاء.
لم تزالوا في أول العمر المرير
ولأيا ستعرفون الشقاء.
لا تنوحوا على الذي قد فقدتم
من جمال ومتعة وسمو.
من أجمل الأشعار عن الطفولة وحب الأبناء
- يقول الشاعر بدوي الجبل:
وسيم من الأطفال، لولاه لم أخف
على الشيبد أن أنأى وأن أتغرب
تود النجوم الزهر لو كانت دمى
ليختار منها المترفات ويلعبا
وعندي كنوز من حنان ورحمة
نعيمي أن يغري بهن وينهبا
يجور وبعض الجور حلو محبب
ولم أر قبل الطفل ظلمًا محببًا
ويغضب أحياناً ويرضى وحسبنا
من الصفو أن يرضى علينا ويغضب
وإن ناله سقم، تمنت أنني
فداءً له، كنت السقيم المعذب
ويختصر في ما يشتهي، وكأنّه
بإيجازه كالأشعار يعود ويتسهب
يزف لنا الأعياد عيداً إذا خطا
وعيداً إذا ناغى وعيداً إذا حبا
كزغب القطا لو أنه راح صادياً
سالت عيناي وقلبي ليشربا
وأود أن يروى ويشبع ناعماً
وأظمأ في النعمى عليه وأسغبا
وأقبل في داج من الخطوب ثغره
فأقطف منه كوكبًا ثم كوكبًا
ينام على أشواق قلبي في مهده
حريراً من الوشي اليمني ذهباً
وأسدل أجفاني غطاءً يظلّه
يا ليتنا رحت أكثر حناناً
وحمّلتني أن أتحمل الضيم صابراً
وأرغب بتوجع عليه وأرهبا
فأعطيت أهواء الخطوب أعنتي
كما اقتدت فحلاً معرق الزهو مصعبا.
تأبى طويلاً أن يقاد.. وراضه
زمناً من فرخي من جماح وأصحبا
تدلّهت بالإيثار كهلاً ويافعاً.
فدلّلته جداً وأرضيته أبا
وتخفق في قلبي قلوب عدة
لقد كان شعباً واحداً فتشعبا
يا ربّ، من أجل الطفولة وحدها
أفض بركات السلام شرقًا ومغربًا
وردّ الأذى عن كل شعب، وإن يكن
كفورًا، وأحببهم وإن كانوا مذنبين
وصن ضحكة الأطفال، يا رب، إنّها
إذا غردت في موحش الرمل أعشبا
ملائك لا الجنات أنجبن مثلهم
ولا خطأهم أستغفر الله، فحبب
كل طفل فلا ير رؤية ملتفة
وهيئ له في كل قلب صبابة
وفي كل لقاء مرحبا ثم مرحبا
ويا رب، إن القلب ملكك إن تشأ
رددت محيل القلب ريّان مخصبا
- ويقول الشاعر الأخطل الصغير:
يا قطعةً من كبدي، فداكِ يومي وغدي
وداد، يا أنشودتي البكر ويا شعري الندي
يا قامة من قصب السكر، رخص العقد
حلاوة مهما يزد عليها، تزد
توقّدي في خاطري وصفيقي وغرّدي
تستيقظ الأحلام في نفسي وتسقيها يدي
عشرون قُلِ للشمس لا تبرح وللدهر اجمِدِ
عشرون، يا ريحانةً في أناملي مبعدِ
عشرون، هلّل يا ربيع للصبا وعيدِ
وبشِّر الزهر بأخت الزهر واطرب وأنشدِ
وانقل إلى الفرقد ما لم نمده عن فرقِدِ
يا قطعةً من كبدي فداكِ يومي…. وغدي.