قصيدة “الرجل والمرأة” لإيليا أبو ماضي
يا ربّ قائلة وجمال القول بادٍ
فما كان من غادة حتى ولو كان كذبا
إلى محتقر الغادات بين ظنونكم
وهنّ في الكون أرقى منكم رتبا
كنتم سبباً لكلّ مكرمة
وكنتم في شقاء المرأة السّببا
زعمتم أنّهنّ خاملات عقول
ولو شهدت لغيرت الثّرى إلى ذهبا
فقلت: لو لم يكن في الآراء غانية
لهاج عند الرّجال سخط وصخبَا
لم تنصفينا وقد كنّا نأمل أن
لا تنصفينا، لذا لا نرى عجبا
هيهات أن تُعدل حسناء إذا حكمت
فالظلم طبع تغلّب على الغادات قد غلبا
يحارب الرّجل الدنيا فيستسلم
ويفزع الدّهر مذعوراً إذا غضبا
ينظر فتضطرب الأسود خائفة
فإن رنت حسن، ظلّ مضطربا
فإن تشأ أودعت أحشاءه بردا
وإن تشأ أودعت أحشاءه لهبا
يمضي الليالي في همّ وتعب
احذر أن تشكي من دهرها تعبا
ولو درى أنّ هذه الشهب تزعجها
أصبح يروع في أفلاكها الشّهبا
يشقى لتصبح ذات الحلى ناعمة
ويحمل الهمّ عنها راضياً طربا
فما الذي منحته الغانيات سوى
العذاب الذي في عينه عذبا؟
هذا هو المرء يا ذات العفاف فمن
ينصفه لا شكّ فيه ينصف الأدبا
عنفته وهو لا ذنب جناه سوى
أنه لا يرضى بأن يكون لها ذنبا
وطن الرجال لعبدالله عبدالوهاب نعمان
لمّا أحسست بأن في أرضي جمال
لمّا رأيت أنه ليس في وطني لمقمط مجال
وأرى بأن الخير قد قتل الأفاعي والصلال
وأرى الهداية فيه قد حفرت مدافن للضلال
لمّا رأيت أن الثعالب قد رجعت إلى الحُبَال
والمُهملات به تخاف السحق من وطء النعال
قنعت بمأواها ولم تعد تطل من السلال
وأرى بأن الماقدين الخير قد شدّوا الرحال
والقادمين من الرمال إليه عادوا للرمال
لمّا رأيت الأفواه قد لفظت لجم البغال
وأواجه الكلمات لا تجد المخافة أن تُقال
لمّا أشاهد أن في وطني وفي أرضي رجال
لمّا رأيت وطني به يعلو الزئير على السعال
لمّا رأيت الرعشات زالت والرجولة لا تزال
وأرى به ركب الفحول وقد نشطوا من العقال
وأرى الساحات زاخرة بقاماتٍ طوال
سمينت حميتها وفيها الخوف مات من الهزال
لمّا رأيت كلمتي وأحرفها تطول ولا تُطال
وأرى بأن الصدق مرهوب الجوانب لا يُنال
وأرى بأن الحق يُؤخذ دون ذل أو سؤال
لمّا أحسست بأن في وطني رجال
لمّا رأيت الإنسان قدساً لا يُهان ولا يُذال
وأرى كرامته تسير بلا سقوط وابتذال
سيتيم بي حسي وأعلو فوق أجنحة الخيال
وتطير بي نفسي وتنزلني بقيمات الجبال
لأرى على الرحبات من دمهم على الرحبات سال
لأرى أبي
وأرى أخي
بين الذين تسربلوا معهم سرابيل الجلال
وأتوا بها فوق الرؤوس
ومشوا بها تحت الشموس
مغسولةً بدمٍ تطيب منه خضراء التلال
وتذرّه السنوات عِطراً في السنابِل والغلال
لأرى بها الشهداء متكئين في فيء الضلال
يتأملون رفات طغيان تدثّر بالزوال
ويرون ما من أجله سقطوا بأشداق النكال
خيراً يَضمُّ حنانه قلب الجنوب إلى الشمال
لمّا أرى هذا سألبس كل أجنحة الخيال
وأطير مرتفعاً وأنزل فوق هامَات الجبال
لأقول شعري شعر وجدان كأروع ما يقال
يمشي على الدنيا يقول بأن في أرضي جمال
ويقول أنني كبرتُ
وأن في وطني رجال
قصيدة لنور الدين السالمي
خير الرجال فتى في الهول قد ثبتا
ولم يفه عند خطب جازعاً بمتى
يرى المقادير حتماً وهو منشرح
عند النوائب لا يخشى أتى وأتى
ثبت الجنان على رغم العدو له
في الخضم ضرب يذيب الشامخ الصلتا
تربأ به نفسه من أن يرى كسلا
أو أن يرى سهمه في الرمي منفلتا
يرضى الحروب إذا لاقى الكماة وقد
ضاق الفضاء وغير السيف قد صمتا
فيوسع الدهر صبراً إن بلي ببلا
وإن ولي ظفراً بالخصم ما شمتا
يجزي المسيء بعفو والصديق عطا
وللمصر بما كفاه قد جنتا
أكرم به رجلا حاز العلا شرفا
ولم يخف خطراً فيها ولا عنتا
ولم يقر على ذل يعاينه
وليس ممن على ضيم العلى سكتا
لم يكن من أناس إن دعوت فتى
منهم تقبل وجه الأرض أو نكتا
وإن يقل قائل يا للرجال ترى
أقواهم في اللقا بأسا وقد بهتا
لكنه من أناس ظل مجدهم
في الناس ينشر منه العز قد نبتا
إذا دعوت فتى منه لمكرمة
أجاب فوراً إليها فهو نعم فتى
يمسي ويصبح في عز وفي شرف
وفي علاء ببيض الهند قد نحتا
وليس يدعى أخا مجد وذا شرف
من نام عن نوب الأيام أو كبتا
لكنه من إذا خطب عنا رجلا
أتى ليدفع ذاك الخطب كيف أتى
أما الجبان فكل الدهر يصحبه
ضيم العداة وإن خلت الفتى سمتا
فكم سموت أخي حلم وذي أدب
يبيت منتصبا في ليلة قنتا
يرضى الدناة لدين الله فهو على
كد العبادة ممن بالهوى مقتا
فقل لذي خور إن الزهادة مع
ترك الحمية أمر بالهوى نعتا
إن الحمية للإسلام قد شرعت
ومدحها في كتاب الله قد ثبتا
فكن أخا أنفة مقرونة بهدى
تزاول الدهر حرباً إن طغى وعتا
لله در فتى يمسي ويصبح في
أثواب عز عليه المجد قد نبتا
شعر عن الرجال
- يقول علي بن أبي طالب:
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم
والمُنكرون لكل أمرٍ منكرِ
وبقيت في خلفٍ يزين بعضهم
بعضاً ليأخذ معورٌ من معورِ
سلكوا بنيات الطريق فأصبحوا
متنكبين عن الطريق الأكبر
- يقول محمود سامي البارودي:
ألا إن أخلاق الرجال وإن نمت
فأربعة منها تفوق على الكلَّ:
وقارٌ بلا كبرٍ، وصفحٌ بلا أذىً
وجودٌ بلا منّ، وحلمٌ بلا ذلّ
- يقول الإمام الشافعي:
ومن هاب الرجال تهيبوه
ومن حقّر الرجال فلن يهابا
ومن قضت الرجال له حقوقاً
ومن يعصِ الرجال فما أصابا