جبران خليل جبران
جبران خليل جبران هو شاعر ورسام وكاتب لبناني بارز من أدباء المهجر، وُلِد في بلدة بشري بشمال لبنان. هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في صباه رفقة عائلته، حيث بدأ رحلته في دراسة الأدب وبدأ الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية. انطلق في عوالم الأدب مع إصدار كتابه الشهير “النبي” عام 1923، حيث ترك بصمة كبيرة في الأدب البشري. توفي جبران في نيويورك في 10 أبريل 1931 عن عمر يناهز 48 سنة، بسبب مرض السل وتليف الكبد. كان لديه رغبة قوية في العودة إلى وطنه ودفنه في لبنان، وقد تحققت هذه الأمنية في عام 1932 عندما نُقلت رفاته إلى هناك ودفن في ما يُعرف اليوم بمتحف جبران.
الخير في الناس مصنوع إذا جبروا
تتألف قصيدة “الخير في الناس مصنوع إذا جبروا” من ستة مقاطع، حيث يتناول كل مقطع ثلاث مراحل. المرحلة الأولى تتعلق بالموضوع كما هو في الواقع، بينما تدخل المرحلة الثانية في رؤية الكاتب جبران خليل جبران:
الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبِرُوا
وَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبِرُوا
وَأَكثَرُ الناسِ آلاتٌ تُحرّكُها
أَصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكَسِرُ
فَلا تَقولَنّ هَذا عالمٌ عَلمٌ
وَلا تَقولَنّ ذاكَ السَّيدُ الوَقرُ
فَأَفضَلُ الناسِ قطعانٌ يَسيرُ بِها
صَوتُ الرُّعاةِ وَمَن لَم يَمشِ يَندَثِرُ
أيقر همتك البعيدة
قصيدة “أيقر همتك البعيدة” هي عمل بارز لجبران خليل جبران، وقد صُنّفت من قبل القارئ كقصيدة عمودية تنتمي إلى الشعر الفصيح:
أيقر همتك البعيدة
أنتبلغ الدنيا الجديدة
يا ناشدا للعلم تضرب
في البلاد لتستفيده
أحسنت يا زين الإمارة
هكذا الشيم الحميدة
يا ليت للأقيال أجمع
مثل خطتك الرشيدة
لو أنهم فعلوا لعاد
الشرق سيرته العهيدة
اشقيق عباس العزيز
وركن دولته الوطيدة
لا غرو أن سرت أما ركيا
بزورتك الفريدة
بطواف ذي الفخر الصيل
يرى عجائبها الوليدة
متنكر فيها وتعرف
فضله المقل الشهيدة
يخفي إمارته المجيدة
بين سوقتها المجيدة
مستكفيا بخلاله
ولها أمارتها الكيدة
وبعزة هي في طباع
الملك لا تعدو حدوده
وكياسة ذكت دم الشرقي
من مدد مديده
وشمائل غرر تريك
الجد حيث ترَى حفيده
مولاي للنسب الرجوح
وخاب من يبغي جحوده
لكن ثمة أمة
عظمت بنشأتها العتيدة
أرأيت معجزة الحديد
بها وصولتها لاشدة
والبرق سخرت العقول
قواه مسكته رعوده
أرأيت ماردة المباني
والدعامات العنيدة
من كل صرح حافل
كمدينة جمعت نضيده
تلك اللباق الأربعون
أقلها بيتا قصيدة
لولا الزمان لطاولت
أهرامنا الشم الشميدة
أرأيت ثم رأيت ما
تأبى المنى أو تستزيده
من غر يات المعارف
والصناعات المفيده
ونتائج العزم الصحيح
تروضه الفكر الشديده
وطرائف العقل الذكي
تجيبه الأيدي المجيده
هذي مفاخرهم
وليسست بالخافات الزهيده
للشرق في استكمالها
أثر يحج به حسوده
قد أحكمته عشيرة
إن تدع لم تك بالعقيده
جمعت بها نخب الشآم
إلى النهى بأسا وجوده
هي ملة سعدت بشكرك
عن شقيقتها البعيدة
حفظت صنيعك حفظ من
بروفائه يغلي وجوده
ذكرت لهذا القطر حسن
ولائه ورعت عهوده
حيث ممثله
وأعلت في مهاجرها بنوده
فعلت كما يوحي الإخاء
لنفس ليست كنوده
وكذا التضامن بيننا
لا تحصر الدنيا حدوده
مولاي عيدك عندهم
وجد التكافل فيه عيده
فسرورهم في حكمه
وسرورنا حال وحيده
أنى يكونوا أو نكن
فالشكر واجدنا عبيده
فليهنأوا بك زائرا
وتطب نفوسهم الودوده
أمسوا شهود سناك في
آن وأضحينا شهوده
بعيونه وقلوبنا
نرعى من العقد الفريده
جذلين تنعم في صبيحتنا
وليلكم سعيده
فخار للكنانة أن تكوني
وُلِد جبران خليل جبران في 6 يناير عام 1883م، وله العديد من المؤلفات والقصائد، منها قصيدته “فخار للكنانة أن تكوني” التي صنفها القارئ كقصيدة عامة وعامودية:
فخار للكنانة أن تكوني
رئيسة الاتحاد العربي
وإن تتبوئي أسمى مكان
بندوة الاتحاد العالمي
بفضلك في بلاد الضاد هبت
عقائلها تجاهد بسعد لأي
ونور هداك نهضتهن تمت
على قدر ولم توصم بغي
وآنت في الحياة سبيل صدق
لينتصف الضعيف من القوي
نساء الشرق سرن مباريات
نساء الغرب في السنن السوي
وفي هذا التنافس آل خير
ويرجى للحضارة والرقي
بمؤتمر النساء جلوت وجها
يقر بنظرة منه المحيي
وأبديت الذي أوتيت خلقا
وخلقا من آمال عبقري
فلسطين المصابة ذدت عنها
من الإبهام والكيد الخفي
وللأم المباحة آنت أقوى
مؤازرة على الدهر العتي
إذا قيل السلام وذاك لفظ
لله معناه فهو أجل شي
وإلا فهو تضليل يلهي
به الباكون في آن شقي
لقد بينت ما نهج التصافي
بأبلغ حجة وأسد رأي
وقالت فيه صاحبتاك قولا
أصاب مكامن الداء الدوي
فأهلا بالتي آبت بفوز
يكللها بإكليل سني
إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده
في قصيدته الشهيرة “إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده”، يُظهر الشاعر جبران خليل جبران التفاؤل والإجتهاد في جميع مجالات الحياة، حتى لو لم نحصل على العدالة التي تستحقها جهودنا:
إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده
فإن له فضلا بقدر اجتهاده
توخ عظيمات المنى وانح نحوها
برأي يضيء الدهر وري زناده
وثابر تصب فوزا فما الفوز للفتى
بإسرافه في الجهد بل باقتصاده
بنا حاجة النسر المهيض جناحه
إلى جوه العالي ورحب مراده
أيرقى إلى أوج الكمال مصعد
ويعدوه دون الوج نقصان زاده
يقال الرضى بعض الغنى قلت كله
ولكن لجسم المرء لا لفؤاده
نفينا من الأنغام ما ليس مفضيا
إلى ذل من يهوى ومنح قياده
جعلنا جميع اللحن شجوا وأنه
لدل حبيب معرض أو عناده
ولا عيد إلا للأسى في قلوبنا
أما مله قلب لفرط اعتياده
سكارى يكاد الصوت يوقر هامنا
إذا ما علا عن رتبة في انطياده
ألا طرب يا قوم في جأر مغضب
لأمته أو عرضه أو وداده
ألا طرب والجيش يحدوه معزف
شديد الوغى يوري اللظى في جماده
ألا طرب والبحر في ثورانه
يصور إيقاع جلال امتداده
ألا طرب والنهر تهوي سيوله
إلى قاعه مصطكه بصلاده
ألا طرب والقفر كالقبر ساكن
لناء شجته حمحمات جواده
ألا يوم مشهود ألا فوز حافل
ألا رهط يعلو صوته باتحاده
أما للفتى قول كبير لنده
ولا صيحة في فخره واعتداده
الا رعد هداد ألا برق خاطف
لاعارض تجري الربى في اشتداده
ألا نغم إلا إذا حيت الصبا
غريب حمى طالت ليالي بعاده
تصوغ أقل اللحن دون أجله
ونهوى انتقاص الفن دون ازدياده
ولا وصف إلا أن يمثل حالة
من النفس لم تبلغ بديهة باده
لها لمعان النصل بين استلاله
إلى وشك أن يعرى وبين اغتماده
نحب من الإنشاد كل مكرر
بلحن جمود الفكر من مستفاده
وتنبو بنا الآذان عن مستجده
فكل عتيق فهو من مستجاده
ومهما يعد في صيغة بعد صيغة
مقاربة لم نشك من مستعاده
بنا حاجة النسر المهيض جناحه
إلى جوه العالي ورحب مراده
أيرقى إلى أوج الكمال مصعد
ويعدوه دون الوج نقصان زاده
بني وطني إن نلتمس لرقينا
عتادا فهذا الفن بعض عتاده
إذا نحن أحكمناه أعلى همومنا
وأنجى سوادا هالكا من سؤاده
وحرر قوما صاغرين فردهم
كبار المساعي والمنى والمشاده
متى يغد منا الجيش يستقبل الردى
ويسمع مسرورا نشيد بلاده
هو اليوم لن أنساه ما ظلت باقيا
لدى جبران خليل جبران مجموعة من المؤلفات، مثل “دمعة وابتسامة”، “عرائس المروج”، “الأجنحة المتكسرة”، و”العواصف”، وأيضًا “المواكب” و”النبي”. ومن بين قصائده الجذابة:
هو اليوم لن أنساه ما ظلت باقيا
إذا آب ألفاني وما زلت بائيا
أخير شباب العصر نبلا وهمة
طفرت العيا إلى العليا فجزت المراقيا
بروحي ذاك الوجه كالبدر مشرقا
وذاك القوما اللدن كالرُمح عاليا
مضت أربع لم تبتسم ضحواتها
ولم تكن الأيام إلا لياليا
وما نظرت عيني معاهد أنسنا
سأبكي وأستبكي عليك القوافيا