أروع أشعار الحب لنزار قباني
كتب الشاعر الكبير نزار قباني العديد من القصائد الرائعة التي تجسد مشاعر الحب، ومن أبرزها:
قصيدة “كتاب الحب”
في قصيدته “كتاب الحب”، يتأمل نزار قباني في مشاعر الحب من خلال الأبيات التالية:
ما دمتِ يا عصفورتي الخضراء
حبيبتي
إذن.. فإن الله في السماء
تسألني حبيبتي
ما الفرق بيني وبين السماء؟
الفرق بينكما
هو أنه إن ضحكتِ، يا حبيبتي
أنسى السماء
الحب، يا حبيبتي
هو قصيدة جميلة مكتوبة على القمر
الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر
الحب منقوش على ريش العصافير، وحبات المطر
لكن أي امرأة في بلدي
إذا أحبّت رجلاً
ترمى بخمسين حجر
حين سقطتُ في الحب
تغيرت
تغيرت مملكة الرب
صار الدجى ينام في معطفي
وتشرق الشمس من الغرب
يا رب، قلبي لم يعد كافياً
لأن من أحبها.. تعادل الدنيا
فضع بصدري واحداً غيره
يكون في مساحة الدنيا
ما زلت تسألني عن عيد ميلادي
سجل لديك إذن.. ما أنت تجهله
تاريخ حبك لي هو تاريخ ميلادي
لو خرج المارد من قمقمه
وقال لي: لبيك
دقيقة واحدة لديك
تختار فيها كل ما تريده
من قطع الياقوت والزمرد
لاخترت عينيك.. بلا تردد
ذات العينين السوداوين
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبداً من ربي
سوى شيئين
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيد بأيامي يومين
كي أكتب شعراً
في هاتين اللؤلؤتين
لو كنتِ يا صديقتي
بمستوى جنوني
لرميت ما عليك من جواهر
وبعت ما لديك من أساور
ونمت في عيوني
أشكوك إلى السماء
كيف استطعتِ، كيف، أن تختصري
جميع ما في الكون من نساء
لأن كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشق
أحبك فيها.. بلا كلمات
أنا عنك ما أخبرتهم.. لكنهم
لمحوك تغتسلين في أحداقي
أنا عنك ما كلمتهم.. لكنهم
قرأوك في حبري وفي أوراقي
للحب رائحة.. وليس بوسعها
أن لا تفوح.. مزارع الدراق
أكره أن أحب مثل الناس
أكره أن أكتب مثل الناس
أود لو كان فمي كنيسة
وأحرفي أجراس
ذوبت الأقلام في غرامك
حتى انتهى الكلام
علقت حبي لك في أساور الحمام
ولم أكن أعرف يا حبيبتي
أن الهوى يطير كالحمام
عد على أصابع اليدين، ما يأتي
فأولاً: حبيبتي أنت
وثانياً: حبيبتي أنت
وثالثاً: حبيبتي أنت
ورابعاً وخامساً
وسادساً وسباعاً
وثامناً وتاسعاً
وعاشراً.. حبيبتي أنت
حبك، يا عميقة العينين
تصوف
عبادة
حبك مثل الموت والولادة
صعب أن يعاد مرتين
عشرين ألف امرأة أحببت
وعشرين ألف امرأة جربت
وعندما التقيتِ فيك، يا حبيبتي
شعرت أنني الآن قد بدأت
لقد حجزت غرفة لثنائي في بيت القمر
نقضي بها نهاية الأسبوع، يا حبيبتي
فنادق العالم لا تعجبني
الفندق الذي أحب أن أسكنه هو القمر
لكنهم هنالك، يا حبيبتي
لا يقبلون زائراً يأتي بغير امرأة
فهل تجيئين معي
يا قمري.. إلى القمر
لن تهربي مني، فأني رجل مقدر عليك
لن تخلصي مني.. فإن الله قد أرسلني إليك
فمرة.. أطل من أرنبتي أذنيك
ومرة أطل من أساور الفيروز في يديك
وحين يأتي الصيف، يا حبيبتي
أسبح كالأسماك في بحرتي عينيك
لو كنتِ تذكرين كل كلمة
لفظتها في فترة العامين
لو أفتح الرسائل الألف.. التي
كتبت في عامين كاملين
كنا في آفاق الهوى
طرنا حمامتين
وأصبح الخاتم في
إصبعك الأيسر.. خاتمين
لماذا.. لماذا.. منذ صرتِ حبيبتي
يضيء مدادي.. والدفاتر تعشب
تغيرت الأشياء منذ عشقتني
وأصبحت كالأطفال.. بالشمس ألعب
ولست نبياً مرسلاً، غير أنني
أصير نبياً.. عندما أكتب عنك..
محفورة أنت على وجه يدي
كأسطرٍ كوفية
على جدار مسجد
محفورة في خشب الكرسي.. يا حبيبتي
وفي ذراع المقعد
وكلما حاولتِ أن تبتعدي
دقيقة واحدة
أراك في جوف يدي
لا تحزني
إن هبط الرواد في أرض القمر
فسوف تبقين بعينيّ علامة
أحلى قمر
حين أكون عاشقاً
أشعر أنني ملك الزمان
أمتلك الأرض وما عليها
وأدخل الشمس على حصاني
حين أكون عاشقاً
أجعل شاه الفرس من رعيتي
وأخضع الصين لصولجاني
وأنقل البحار من مكانها
ولو أردت، أوقف الثواني
حين أكون عاشقاً
أصبح ضوءاً سائلاً
لا تستطيع العين أن تراني
وتصبح الأشعار في دفاتري
حقول ميموزا وأقحوان
حين أكون عاشقاً
تنفجر المياه من أصابعي
وينبت العشب على لساني
حين أكون عاشقاً
أغدو زمانا خارج الزمان
أحبك عندما تبكينا
وأحب وجهك غائماً وحزيناً
الحزن يصهرنا معاً وذيبنا
من حيث لا أدري ولا تدرينا
تلك الدموع الهاميات أحبها
وأحب خلف سقوطها تشرينا
بعض النساء وجوههن جميلة
وتصبح أجمل حين يبكينا
أخطأتِ، يا صديقتي، بفهمي
فما أعاني عقدة
ولا أنا أوديب في غرائزي وحلمي
لكن كل امرأة أحببتها
أردتُ أن تكون لي
حبيبتي وأمي
من كل قلبي أشتهي
لو تصبحين أمي
جميع ما قالوه عني صحيح
جميع ما قالوه عن سمعتي
في العشق والنساء قول صحيح
لكنهم لم يعرفوا أنني
أنزف في حبك مثل المسيح
يحدث أحياناً أن أبكي
مثل الأطفال بلا سبب
يحدث أن أسأم من عينيك الطيبتين
بلا سبب
يحدث أن أتعب من كلماتي
من أوراق من كتبي
يحدث أن أتعب من تعبي
عيناك مثل الليلة الماطرة
مراكبي غارقة فيها
كتابتي منسية فيها
إن المرايا ما لها ذاكرة
كتبت فوق الريح
اسم التي أحبها
كتبت فوق الماء
لم أدر أن الريح لا تحسن الإصغاء
لم أدر أن الماء لا يحفظ الأسماء
ما زلت يا مسافرة
ما زلت بعد السنة العاشرة
مزروعة
كالرمح في الخاصرة
كرمال هذا الوجه والعينين
قد زارنا الربيع هذا العام مرتين
وزارنا النبي مرتين
أهطل في عينيك كالسحابة
أحمل في حقائبي إليهما
كنزاً من الأحزان والكآبة
أحمل ألف جدول
وألف ألف غابة
وأحمل التاريخ تحت معطفي
وأحرف الكتابة
أروع ما في حبنا أنه
ليس له عقل ولا منطق
أجمل ما في حبنا أنه
يمشي على الماء ولا يغرق
لا تقلقي، يا حلوة الحلوات
ما دمت في شعري وفي كلماتي
قد تكبرين مع السنين.. وإنما
لن تكبرين أبداً.. على صفحاتي
ليس يكفيك أن تكوني جميلة
كان لابد من مرورك يوماً
بذراعي
كي تصيري جميلة
وكلما سافرت في عينيك يا حبيبتي
أحس أنني راكب سجادة سحرية
فغيمة وردية ترفعني
وبعدها.. تأتي البنفسجية
أدور في عينيك يا حبيبتي
أدور مثل الكرة الأرضية
كم تشبهين السمكة
سريعة في الحب.. مثل السمكة
قتلت ألف امرأة.. في داخلي
وصرت أنت الملكة
إني رسول الحب
أحمل للنساء مفاجآتي
أجمل ما فيك هو الجنون
أجمل ما فيك، إذا سمحت
وأنا اليوم لا أريدك إلا
أن تكوني.. إشارة استفهام
وكلما انفصلت عن واحدة
أقول في سذاجة
سوف تكون المرأة الأخيرة
والمرة الأخيرة
وبعدها سقطت في الغرام ألف مرة
ومت ألف مرة
ولم أزل أقول
“تلك المرة الأخيرة”
عبثاً ما أكتب، سيدتي
إحساسي أكبر من لغتي
وشعوري نحوك يتخطى
صوتي .. يتحطم حنجرتي
عبثاً ما أكتب.. ما دامت
كلماتي .. أوسع من شفتي
أكرهها كل كتاباتي
مشكلتي أنك مشكلتي
لأن حبي لك فوق مستوى الكلام
قررت أن أسكت… والسلام
قصيدة “حب بلا حدود”
ينقلنا نزار قباني في قصيدته “حب بلا حدود” إلى عالم من المشاعر الفريدة، عبر أبيات مثل:
يا سيدتي:
كنت أهم امرأة في تاريخي
قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهمّ امرأة
بعد ولادة هذا العام..
أنت امرأة لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأة..
صنعت من فاكهة الشعر..
ومن ذهب الأحلام..
أنت امرأة.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوام..
يالمغزولة من قطن وغمام.
يا أمطاراً من ياقوت..
يا أنهاراً من نهوند..
يا غابات رخام..
يا من تسبح كالأسماك بماء القلب..
وتسكن في العينين كسرب حمام.
لن يتغير شيء في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أظلّ على دين الإسلام..
لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأة تبقى امرأة في كل الأوقات.
سوف أحبك..
عند دخول القرن الواحد والعشرين..
وعند دخول القرن الخامس والعشرين..
وعند دخول القرن التاسع والعشرين..
وسوف أحبك..
حين تجف مياه البحر..
وتحترق الغابات..
أنت خلاصة كل الشعر..
ووردة كل الحريات.
يكفي أن أتهجى اسمك..
حتى أصبح ملك الشعر..
وفرعون الكلمات..
يكفي أن تعشقني امرأة مثلك..
حتى أدخل في كتب التاريخ..
وترفع من أجلي الرايات..
يا سيدتي
لا تضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد.
لن يتغير شيء منّي.
لن يتوقف نهر الحب عن الجريان.
لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان.
لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران.
حين يكون الحب كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحول هذا الحبّ
لحزمة قشّ تأكلها النيران…
ليس هنالك شيء يملأ عيني
لا الأضواء..
ولا الزينات..
ولا أجراس العيد..
ولا شجر الميلاد.
لا يعني لي الشارع شيئاً.
لا تعني لي الحانة شيئاً.
لا يعنيني أي كلام
يكتب فوق بطاقات الأعياد.
لا أتذكر إلا صوتك
حين تدق النواقيس.
لا أتذكر إلا عطرك
حين أنام على ورق الأعشاب.
لا أتذكر إلا وجهك..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلج..
وأسمع طقطقة الأحطاب..
ما يفرحني، يا سيدتي
أن أتكوّم كالعصفور الخائف
بين بساتين الأهداب…
ما يبهرني، يا سيدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبر..
أعانقه..
وأنام سعيداً كالأولاد…
ما أسعدني في منفاي
أقطِّر ماء الشعر..
ما أقواني..
حين أكون صديقاً
للحرية.. والإنسان…
كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير..
وفي عصر التصوير..
وفي عصر الروّاد
كم أتمنى لو قابلتك يوماً
في فلورنسا.
أو قرطبة.
أو في الكوفة
أو في حلب.
أو في بيت من حارات الشام…
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلاد يحكمها الجيتار
حيث الحب بلا أسوار
والكلمات بلا أسوار
والأحلام بلا أسوار
لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتي
سوف يظل حنيني أقوى مما كان..
وأعنف مما كان..
أنت امرأة لا تتكرّر في تاريخ الورد..
وفي تاريخ الشعر..
وفي ذاكرة الزنبق والريحان…
يا سيّدة العالم
لا يشغلني إلا حبك في آتي الأيام
أنت امرأتي الأولى.
أمي الأولى
رحمي الأول
شغفي الأول
شبقي الأول
طوق نجاتي في زمن الطوفان…
يا سيّدة الشعر الأولى
هاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها..
هاتي يدك اليسرى..
كي أستوطن فيها..
قولي أي عبارة حب
حتى تبتدئ الأعياد
قصيدة “الحزن”
في قصيدته “الحزن”، يعبر نزار قباني عن مشاعر الفقد والحنين، كالتالي:
علمني حبك.. أن أحزن
وأنا محتاج منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن
لامرأة أبكي بين ذراعيها
مثل العصفور..
لامرأة.. تجمع أجزائي
كشظايا البلور المكسور
علمني حبك.. سيدتي
أسوأ عادات
علمني أن أفتح فنجاني
في الليلة آلاف المرات..
وأجرب طب العطارين..
وأطرق باب العرافات..
علمني ..أخرج من بيتي..
لأمشط أرصفة الطرقات
وأطارد وجهك..
في الأمطار وفي أضواء السيارات..
وأطارد طيفك..
حتى.. حتى ..
في أوراق الإعلانات..
علمني حبك..
كيف أهيم على وجهي.. ساعات
بحثا عن شعر غجري
تحسده كل الغجريات
بحثا عن وجه.. عن صوتٍ..
هو كل الأوجه والأصوات
أدخلني حبك.. سيدتي
مدن الأحزان..
وأنا من قبلك لم أدخل
مدن الأحزان..
لم أعرف أبداً..
أن الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسان..
علمني حبك..
أن أتصرف كالصبيان
أن أرسم وجهك..
بالطبشور على الحيطان..
وعلى أشرعة الصيادين
على الأجراس..
على الصلبان
علمني حبك..
كيف الحب يغير خارطة الأزمان..
علمني أني حين أحب..
تكف الأرض عن الدوران
علمني حبك أشياءً..
ما كانت أبداً في الحسبان
فقرأت أقاصيص الأطفال..
دخلت قصور ملوك الجان
وحلمت بأن تتزوجني
بنت السلطان..
تلك العيناها.. أصفى من ماء الخلجان
تلك الشفتاها.. أشهى من زهر الرمان
وحلمت بأني أخطفها
مثل الفرسان..
وحلمت بأني أهديها
أطواق اللؤلؤ والمرجان..
علمني حبك، يا سيدتي، ما الهذيان
علمني كيف يمر العمر..
ولا تأتي بنت السلطان..
علمني حبك..
كيف أحبك في كل الأشياء
في الشجر العاري..
في الأوراق اليابسة الصفراء
في الجو الماطر.. في الأنواء..
في أصغر مقهى..
نشرب فيه، مساءً، قهوتنا السوداء..
علمني حبك أن آوي..
لفنادق ليس لها أسماء
وكنائس ليس لها أسماء
ومقاهٍ ليس لها أسماء
علمني حبك..
كيف الليل يضخم أحزان الغرباء..
علمني.. كيف أرى بيروت
امرأة.. طاغية الإغراء..
امرأة.. تلبس كل مساء
أجمل ما تملك من أزياء
وترش العطر.. على نهديها
للبحارة.. والأمراء..
علمني حبك ..
أن أبكي من غير بكاء
علمني كيف ينام الحزن
كغلام مقطوع القدمين..
في طرق (الروشة) و (الحمراء)..
علمني حبك أن أحزن..
وأنا محتاج منذ عصور
لامرأة.. تجعلني أحزن
لامرأة.. أبكي بين ذراعيها..
مثل العصفور..
لامرأة تجمع أجزائي..
كشظايا البلور المكسور..