صيام المرأة الحائض والنفساء
يتوجب على المرأة الصيام عند بلوغها سن الحيض، ويعدّ الطهارة من الحيض والنفاس شرطًا أساسيًا لصحة الصيام. فلا يجوز للحائض أو النفساء أن تصوم، وعليهما قضاء ما أفطرتاه خلال شهر رمضان. وإذا صامت المرأة لفترة من النهار ثم طرأ عليها الحيض أو النفاس، فإنها تفطر وعليها التعويض عن ذلك، وفي حال صامتا فإن صيامهما يعد باطلًا؛ حيث إن الفطر يكون واجبًا ويعتبر الصيام محرمًا في حقهما.
طهارة الحائض قبل أو بعد الفجر
إذا طهرت المرأة من الحيض قبل الفجر، يمكنها أن تصوم بشرط أن تعقد النية لذلك، ويكون صيامها صحيحًا حتى لو تأخرت في الاغتسال إلى ما بعد الفجر. ولا تعتبر آثمة إلا فيما يتعلق بتأخير صلاة الفجر، الأمر الذي يتطلب منها التوبة وأداء الصلاة. أما إذا انقطع الحيض بعد الفجر حتى ولو للحظة واحدة، فتفطر ذلك اليوم وعليها قضاؤه، ويجب عليها الاغتسال لأداء الصلوات وغيرها من العبادات. كما قال ابن قدامة -رحمه الله-: “متى وُجد الحيض في جزءٍ من النهار، فسد صوم ذلك اليوم سواء وُجد في أوله أو في آخره”.
للاطلاع على المزيد، يمكن قراءة المقالة: ((متى يجب الصوم بعد الحيض)).
الطهارة خلال نهار رمضان من الحيض والنفاس
تباينت الآراء بين أهل العلم بشأن حكم إمساك الحائض والنفساء لبقية اليوم في حال طهرا أثناء النهار، وجاءت الآراء كالتالي:
- القول الأول: قال المالكية والشافعية والحنابلة بعدم ضرورة إمساك من طهرت خلال النهار لبقية اليوم.
- القول الثاني: قال الحنفية بوجوب إمساك الحائض والنفساء بقية اليوم إذا طهرتا.
أما بالنسبة لاستحباب الإمساك بالنسبة لمن لم يروا وجوبه، فقد استحب الشافعية والحنابلة الإمساك لبقية اليوم، بينما ذهب المالكية إلى عدم استحباب ذلك والسماح بالأكل.
للحصول على تفاصيل إضافية حول أحكام الدورة الشهرية والصيام، يُمكن الاطلاع على المقالة: ((أحكام الدورة الشهرية والصيام)).
حكم صيام المُرضع والحامل
أجمع العلماء على جواز إفطار الحامل أو المُرضع خلال رمضان إذا كان هناك مخاوف على صحتهما أو على ولديهما. ورجّح الشافعية وجوب إفطار الحامل والمُرضع في حال الخوف من الضرر الذي لا يمكن احتماله أو تفاديه.
للمزيد عن حكم صيام الحامل، يمكن قراءة المقالات التالية:
- ((حكم إفطار الحامل في رمضان)).
- ((شروط إفطار الحامل في رمضان)).
مسائل تتعلق بأحكام الصيام للنساء
حكم استخدام المستحضرات التجميلية والطبية أثناء الصيام
اتفق العلماء على أن الصيام لا يفسد بما يدخل الجسم عبر مسام الجلد، كما يتضح من ما ورد في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كان النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ جُنُبًا في رَمَضَانَ مِن غيرِ حُلْمٍ، فَيَغْتَسِلُ ويَصُومُ). ومن هذا، نستنتج أن اغتسال النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم لا يفسد صيامه، وهذا ينطبق أيضًا على استخدام الدهون والكريمات، إذ لا تعتبر مفطرة. وبالتالي، فلا يؤثر استخدام المراهم أو المعقمات على صحة الصيام.
حكم الصيام عند إجراء الفحص الطبي
يفسد صيام المرأة حال إجراء عملية تتطلب إدخال جسمٍ إلى رحمها خلال نهار رمضان. يفضل تجنب مثل هذه الإجراءات إلا لضرورة، وفي حال إجرائها فعليها الإمساك لبقية اليوم وقضاء ما أفطرته بعد شهر رمضان. أما فيما يتعلق بالفحوصات الطبية مع إدخال أدوية أو تحميلة، فقد تباينت آراء العلماء على النحو التالي:
- القول الأول: الحنفية والشافعية يرون أن المرأة تُفطر بإدخال الأدوية أو التحاميل، قياسًا على الإفطار بالموائع.
- القول الثاني: المالكية والحنابلة يرون أن دخول الأدوية والتحاميل لا يفسد الصيام، وأن ما يُفطر هو الجماع فقط أو ما يصل إلى المعدة.
حكم تناول حبوب منع الحيض أثناء الصيام
يعتبر صيام المرأة صحيحًا إذا تناولت حبوب منع الحيض دون أن يظهر عليها الدم. ومع ذلك، يفضل عدم تناول هذه الحبوب إلا في حالات الضرورة، وتصبح محظورة إذا كانت تشكل خطرًا على صحتها حتى وإن كان هذا الخطر محتملًا. ينبغي للمرأة استخدام دواء موثوق لوقف الحيض مع الحرص على عدم تأثيره سلبًا على صحتها، وتجدر الإشارة إلى أن فترة انقطاع الحيض تُعتبر فترة طهارة.
للحصول على مزيد من المعلومات حول تناول حبوب تأخير الحيض أثناء الصيام، يمكن قراءة المقالة: ((حكم تناول حبوب منع الحمل في رمضان)).
حكم تذوق الطعام أثناء الصيام
ليس هناك حرج في تذوق الصائم للطعام عند الحاجة، بشرط ألا يصل هذا إلى الجوف، ويبقى صيامه صحيحًا. إلا أن الأفضل هو تجنبه تجنبًا لدخول أي شيء إلى الحلق. وفيما يتعلق بآراء العلماء، فهي كما يلي:
- القول الأول: يجيز جمهور العلماء من الحنابلة والشافعية والحنفية تذوق الطعام للصائم عند الحاجة، مثل التحقق من مستوى ملوحة الطعام أو نضجه، بشرط تطهير الفم بعد التذوق.
- القول الثاني: الإمام مالك يكره تذوق العسل أو الملح أو ما شابه، حتى لو لم يصل شيء إلى الحلق، وكذلك يمقت مضغ الطعام دون بلعه.
حكم القيء أثناء الصيام
يُعتبر صيام من تقيأ عمدًا مفسدًا، ويجب عليه قضاء ذلك اليوم دون كفارة. أما من غلبه القيء وخرج دون إرادة منه، فصيامه صحيح بشرط ألا يبتلع شيئًا منه، بينما يفسد صيامه إذا ابتلع.
صيام المستحاضة
يتعين على المرأة المستحاضة الصيام، ولا يحق لها الإفطار إلا بعذر مثل المرض أو السفر. يجب التفريق بين دم الحيض ودم الاستحاضة حيث يُعتبر الدم النازل خلال توقيته الخاص حيضاً، وتطبق عليها أحكام الحائض. بمجرد انتهاء فترة الحيض المعتادة، تعتبر المرأة مستحاضة حتى لو استمر نزول الدم، وعليها الاغتسال والصيام والصلاة. كما ورد في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالت: يا رسول الله، إنّي امرأة أُسْتَحَاضُ فلا أطهر أأدَعُو الصلاةَ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي، ثم توضئي لكل صلاة حتى يأتي ذلك الوقت).
للمزيد من المعلومات حول الاستحاضة، يُمكن الاطلاع على المقالة: ((ما هي الاستحاضة)).