قواعد وأحكام غسل الجثمان بعد الوفاة

حكم غسل الميت

يعتبر غسل الميت فرض كفاية حسب رأي العديد من العلماء؛ أي أنه إذا قام به بعض الأفراد فإنه يسقط عن الباقين. يستند هذا الحكم إلى قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “اُغسلوه بماءٍ وسدرٍ”. وفي حديث آخر، ورد قوله -عليه الصلاة والسلام-: “اغسلوا ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك، بماءٍ وسدرٍ”. هذا الأمر يدل على الوجوب، ولا توجد أي دلائل تشير إلى أنه مجرد استحباب. كما أن عمل المسلمين على هذا منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحتى الوقت الحاضر يشير إلى وجوبه.

وتجدر الإشارة إلى أن الغسل الواجب يتطلب غسل الميت لمرة واحدة بحيث يعم الماء جسده بالكامل. أما تكرار الغسل بعدد فردي فهو سُنة متفق عليها. أما بخصوص حكم غسل الميت، فإنه يسري على كافة المسلمين بغض النظر عن الجنس أو العمر، سواء كان الميت ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، حراً أو عبداً. يُستثنى من ذلك الشهيد الذي يُقتل في ساحة المعركة خلال قتال الكفار.

شروط غسل الميت

توجد عدة شروط يجب توافرها لغسل الميت، نذكرها فيما يلي:

  • يجب أن يكون الميت مسلماً، حيث لا يُستحب غسل الميت غير المسلم، بل يعتبر ذلك محرماً حسب رأي الجمهور. بينما يرى الشافعية أن الغسل لغير المسلم لا يُحرم لأنه للنظافة وليس للتعبد.
  • أن يكون الميت غير سقط، أي أنه يجب أن يكون قد وُلد حياً لفترة ما قبل الموت؛ حيث لا يُغسل السقط إلا إذا كانت هناك إشارات تؤكد حياته مثل حركة أو صراخ.
  • وجود جسد الميت أو معظم جسده عند الحنفيّة؛ بينما يرى المالكية أنه يجب وجود أكثر الجسد، أو نصفه مع الرأس، أو ثلثي الجسد مع الرأس، وإلا فإن غسل الميت يكون مكروهاً. أما الشافعية والحنابلة فليس لديهم شرط الوجود المطلوب.
  • أن لا يكون الميت شهيداً قُتل في معركة لنصرة الدين، حيث يُفترض أن الشهيد لا يُغسل ولا يُكفّن ولا يُصلى عليه.

الميت الذي لا يتم تغسيله

توجد عدة حالات يُستثنى فيها الميت من حكم وجوب التغسيل، نذكر منها:

  • الشهيد: اتفق الفقهاء على أن الشهيد لا يُغسل، حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: “ادفنهم بدمائهم وثيابهم”. هذا الحكم ينطبق على الشهيد سواء كان بالغاً أم غير بالغ.
  • السقط: يذهب الجمهور إلى أنه إذا مات الجنين وكان عمره أقل من أربعة أشهر، فلا يتم غسل، بينما يُغسل الجنين الذي وُلد حيّاً ثم مات بعد ذلك، وإذا أكمل أربعة أشهر فيُغسل ويُكفّن.
  • غير المسلم، المرتد، وتارك الصلاة؛ فلا يتم غسلهم، ولا تكفينهم، ولا يُصلى عليهم.

حالات يُنتقل فيها إلى التيمم للميت

توجد بعض الحالات التي يتم فيها التيمم للميت، منها:

  • عند موت رجل بين نساء غير محارم له.
  • عند موت امرأة بين رجال غير محارم لها.
  • عند موت الخنثى المشكل.
  • عند فقدان الماء.
  • عند الخوف من إلحاق الضرر بجسد الميت من خلال استعمال الماء.
  • إذا كانت الجثة متهتكة أو مشوهة، يُغسل باقي الجسد ويُيمم العضو المصاب.

من يتولى التغسيل

يُستحب أن يقوم بأعمال غسل الميت أولى الناس به من أقاربه، إذا كان مُلماً بكل من الصلاة والغسل. ويجوز أيضاً أن تقوم الجهات المختصة بغسل الميت، وذلك في حال عدم مقدرة أقاربه على القيام بهذه المهمة. كما يُسمح للزوج بأن يغسل زوجته، حيث ذكرت الآية القرآنية: “ولكم نصف ما ترك أزواجكم”.

يشترط أن يكون من يغسل الميت من نفس جنسه، حيث لا يحق للرجال غسل النساء والعكس، باستثناء الزوجة كما تم ذكره. أما الأطفال الصغار دون السبع سنوات، يجوز غسلهم من قبل الرجال والنساء على حد سواء. وفيما يلي شروط المغسل:

  • الإسلام.
  • العقل.
  • الثقة والأمانة.
  • استقامة وستر وحفظ أسرار الميت.
  • وجود الخبرة في كيفية الغسل ومعرفة الأحكام الشرعية المتعلقة به.

صفة غسل الميت

يشترط أن يكون الماء المستخدم في غسل الميت طاهراً ومباحاً، فضلاً عن درجة حرارته المناسبة. نظراً لأن الغسل الواجب يكون مرة واحدة، فإنه يتضمن تعميم الماء على جسم الميت بعد إزالة النجاسات، وها هي الخطوات المتبعة في غسل الميت:

  • يُوضع الميت على سرير مخصص لسحب الماء والنجاسات.
  • يتم تغطية العورة وستره.
  • يُغسل الميت بالماء مع استخدام السدر، وإذا لم يكن متوفرًا يُستخدم الصابون.
  • تُغسل عورة الميت برفق، ويُوضأ. ثم يُغسل الرأس واللحية بالسدر أو الصابون.
  • يجب أن يُدخل المغسل أصابعه في فم الميت لتنظيف الأسنان دون فتح الفم.
  • تُغسل الشقة اليمنى ثم الشقة اليسرى، ويتبعه صب الماء النظيف.
  • يُستحب الرفق بالميت خلال الغسل، ويُحرم حلق الشعر أو الأخذ منه.
  • إذا وُجدت جروح، يجب تنظيفها وتعقيمها بشكل مناسب.
  • يجب حماية يدي المغسل باستخدام قفازات، وعدم لمس جسد الميت مباشرة.

أمور يُندب فعلها عند غسل الميت

يوجد العديد من الأمور المستحبة أثناء غسل الميت، منها:

  • سترهما بشكل كامل في حال كان أحد الزوجين يغسل الآخر.
  • استخدام السدر والصابون في الغسلات، والكافور في الغسلة الأخيرة.
  • ينبغي أن يكون عدد الغسلات وتراً، مثل ثلاثة أو خمسة أو سبعة.
  • عصر بطن الميت برفق أثناء الغسل.
  • الإكثار من صب الماء على مناطق المخرجين وتجفيف الجسد لتفادي البلل في الكفن.
  • يجب أن لا يتواجد خلال الغسل أي شخص غير ذي حاجة.
  • التوقيت المناسب في الغسل، بحيث تبدأ بالشق الأيمن قبل الأيسر.
  • خضاب لحية الرجل ورأس المرأة بالحناء.
  • يضع الحنوط والكافور على مواضع السجود تكريماً لها.
  • ضفر شعر المرأة.