لماذا سميت غزوة الخندق بهذا الاسم

لماذا سميت غزوة الخندق بهذا الاسم

لماذا سميت غزوة الخندق بهذا الاسم؟ ولماذا سُمِيت بالأحزاب؟ بعد أن عادت قريش تجر أذيال الخيبة في غزوة أحُد وانتصار المُسلمين عليهم، ووجود الشر الكامن في نفوس المُشركين والمضمر في نفوسهم جاءت تلك الغزوة، وسنتطرق للحديث عنها من خلال موقع سوبر بابا.

لماذا سميت غزوة الخندق بهذا الاسم؟

تعود جذور الغزوة إلى السنة الخامسة من الهجرة، حيث كان المسلمون على أهبة الاستعداد لقِتال اليهود، فبادر المسلمون بتقديم الاقتراحات لرسول الله؛ ليتمكنوا من هزيمة اليهود هزيمة ساحقة.

بُناءً عليه أشار سلمان الفارسي على رسول الله بحفر الخندق، لذلك سميت الغزوة بهذا الاسم، وكلف الرسول كُل عشرة رجال أن يحفروا أربعين ذراعًا، فاقترح الرسول مكان الحفر في شمال المدينة، والذي من المتوقع أن تدور المعركة فيه.

فقد أخذ الرسول على كاهلهِ تلك المُهمة، فساعدهم بنقل التراب، واستغرق حفر الخندق شهرًا، فأخذوا يحفرون الخندق طوال النهار، ثم يرجعون إلى أهلهم بالليل.

لماذا سُميت بالأحزاب؟

تجلت مكائد اليهود أيضًا للمسلمين حين حرضوا قبائل غطفان للمشاركة في الحرب ضد المُسلمين، واستجاب لهم عدد من القبائل، ومنها: “قبيلة بني فزارة بقيادة عُيينة بن حصن وعددهم ألف، وبني مُرّة بقيادة الحارث بن عوف وعددهم أربعمائة، وبني أشجع بقيادة مسعر بن زُخيلة وعددهم أربعمائة”.

فكانت الغزوة تجمع عدة أحزاب أو أطراف متآمرين ضد المسلمين، وتضُم بين طياتها أحزاب مؤلفة من قريش ومن تبعها من مشركي قبائل العرب، واليهود ممّن يَقطُن في المدينة كبني قريظة، أو خارجها كيهود خيبر.

بالإضافة إلى المنافقين، لذا يرجع تسمية غزوة الخندق بغزوة الأحزاب نسبةً إلى اتحاد وتكاتف كل هذه القوى ضد المسلمين.

اقرأ أيضًا: لماذا سميت غزوة أحد بهذا الاسم

المعجزات النبوية أثناء حفر الخندق

عانى الصحابة أثناء تلك المهمة من الجوع الشديد، فربط الصحابة -رضي الله عنهم- الحجارة على بطونهم لكيلا يشعروا بالجوع، وكذلك فعل النبي، فبات صيامهم متواصلًا لعدة أيام، فحين يشعُر الرسول بالجوع أو العطش كان يُطعمه الله ويُسقيه.

واجه الصحابة صخرًا ضخمًا وصلبًا أثناء حفرهم للخندق، فضربه النبي بمعولًا ثلاث مرات حتى صار كالرمال المفتتة بين يديه.

أسباب غزوة الخندق            

ترجع جذور الغزوة إلى إخفاق قريش في تحقيق ما ترجوه، ألا وهو تأمين منافذها وطرقها التجارية إلى الشام من المسلمين، فكان هدفها التخلُص من المسلمين عن طريق الاستعانة بالقبائل الأخرى.

في الوقت الذي أخرج فيه رسول الله نفر من يهود بني النضير وأبعدهم من المدينة المنورة إلى خيبر، فكان كنانة بن الربيع، سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن اخطب، وسلام بن مشكم منهم.

كان يهود بنو النضير يحملون غلًا وحقدًا في قلوبهم تجاه المسلمين بعدما أخرجهم الرسول من ديارهم، فكان هدفهم استماله قريش لهم ليكونوا قوة ضخمة؛ ليتمكنوا من هزيمة المسلمين.

فنزلت لعنة الله عليهم، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: “أٌولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)”. 

فباتت الأسباب مختلفة من طرف لآخر، فالدافع الرئيسي للمسلمين لمحاربتهم هو أنهم نقضوا عهدهم مع رسول الله وحاولوا قتله، فتلك الأسباب ليست بهينة، فتوجه الرسول بجيشه وحاصرهم ثم أخرجهم من ديارهم.

فكان جيش اليهود يضم حشدًا هائلًا من القوات؛ أملًا في هزيمة المسلمين، وبعد هزيمة قريش في غزوة أحد أخذوا يدسون المكائد لوقيعة المسلمين، فتحالف اليهود وقريش وبدأوا بتحريض القبائل في أنحاء الجزيرة العربية؛ للتآمر ضد المسلمين.

فاستجابت بعض القبائل لدعوتهم ومنها قبيلتي تهامة وكنانة بقيادة أبي سفيان وكان عددهم 4,000، ومعهم 300 فرسٍ و1500 بعيرٍ، وبني سُليم بقيادة سفيان بن عبد شمس وعددهم 700، وبني أسد بقيادة طليحة بن خويلد.

اقرأ أيضًا: عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك

نتائج غزوة الخندق

كانت تلك الغزوة من أقوى وأحسم المعارك في تاريخ الإسلام والمسلمين، باتت نتائجها مرضية للمسلمين، فلم تكن الخسائر فادحة بالنسبة للمسلمين واليهود، فقد كان عدد القوات التي قتلت ضئيل جدًا.

فكان ستة من المسلمين وعشرة من المشركين، وقد أنزل الله العديد من الآيات في سورة الأحزاب والتي تخاطب وتصف هؤلاء المنافقين والمشركين وكذلك المؤمنين في تلك الغزوة، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)﴾.

آلت نتائج الغزوة إلى إنهاء التحالف بين المشركين واليهود على إثر محاربة المسلمين، ثم عادت تلك الأحزاب إلى حيثُ أتت، ولكن محملين بالخيبة واليأس ومكبلين بالغيظ لأنهم لم يحققوا مسعاهم.

فأيد الله المؤمنين بجنود من الملائكة تبث الرعب في قلوب أعدائهم، لقوله تعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)، فتلك الرياح كانت قوية وشديدة ملأت قلوبهم رعبًا وهلعًا وهدمت خيامهم.

اقرأ أيضًا: غزوة أحد أسبابها ونتائجها

الدروس المستفادة من غزوة الخندق

لا شك أن الإنسان بحاجة دائمًا للتعلُم من أخطاء وعبر الآخرين، لذلك سنبادر بالحديث عن أوجه الاستفادة من تلك الغزوة، وأبرزها:

  • كان الرسول خير قدوة يُقتدى بها المسلمين، حيث كان خير معلم ومعين على النصر، فمن دون توجيهات وإرشادات الرسول لِما تحقق النصر والذي بدوره يؤكد أهمية الإذعان إلى القائد إن كان على حق، لاسيما إن كان القائد هو أشرف الخلق رسول الله.
  • التحمل والصبر على البلاء والدفاع عن الإسلام والمسلمين في كل الأحوال، وإن كان نتيجته الموت، ولكنه ليس بموت عادي وإنما قتال في سبيل الله؛ دفاعًا عن عزة الإسلام والمسلمين فيكون من الصديقين والشهداء.
  • أيد الله المؤمنين بنصر من عنده، حيث مد الله الرسول والمؤمنين بجنود لا يعلمها إلا الله، ووضع الله الرعب والذعر في قلوب أعدائهم ففروا من أمامهم، وأطلق عليهم الريح تنذرهم وتعدهم بالرحيل، في حين أن الله ثبت المسلمين وقوى عزيمتهم وأمن ذريتهم ونساءهم، وحفظهم بحفظه رغم وجودهم بجوار اليهود دون أسلحة تأمنهم.
  • إعانة الله للمسلمين، حيث قال في سورة الأحزاب: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)”.
  • تبين من بعض المواقف في الغزوة المؤمن والمنافق، حيث قال تعالى في سورة الأحزاب: “هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11(“.
  • حسن الظن بالله، وذلك تبين حينما حاصر المشركين المسلمين من جهتي المشرق والمغرب وظنوا بالله الظنون، فجاءت الآيات حيث قال تعالى: “إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)“.
  • تقبُّل الرأي الآخر دون تكبر، فالرسول بالرغم من عظمة مكانته أخذ برأي سلمان الفارسي بحفر الخندق، وذلك يدل على المرونة.
  • كراهية الغدر والخيانة، نكاد نجزم أن لها دور واضح في إثارة الدماء.

سميت غزوة الخندق بهذا الاسم لأن فكرتها لم تكن سائدة حينذاك، والتي تدل على عبقرية المسلمين في القتال، وعلى المسلمين في كل بقاع الأرض الفخر لانتمائهم لذلك الدين الحنيف.