ما لا تعرفه عن اتجاه القبلة يضمن لك الوصول إلى أبرز المعلومات عن القبلة، فهي أحد أهم أركان الصلاة التي لا تتم إلا بها، والتي يُمكن التوصل إليها بالكثير من الوسائل، فتجد أنها من الأمور الدينية التي كانت محل اهتمام الفُقهاء فاختلفوا في بعض أحكامها واتفقوا في أخرى.. ويُوفر لك موقع سوبر بابا أبرز الأحكام المُتعلقة باتجاه القبلة.
ما لا تعرفه عن اتجاه القبلة
إن قِبلة المُسلمين هي بيت الله الحرام “الكعبة” وهي وجهة جميع المُسلمين في الصلاة، قال تعالى: “قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ
وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ” (سورة البقرة: 144)، فقد يكون هُناك الكثير مما لا تعرفه عن اتجاه القبلة، لذا يلزم معرفة أبرز المعلومات عنها.
- تتوقف صحة الصلاة على اتجاه القبلة؛ فلا تصح إلا بها.
- لا يجوز أن يكون اتجاه القبلة يمين المُصلي أو خلفه.
- يُمكن ألا يتمكن المُصلي من تحديد اتجاه القبلة بدقة فينحرف عنها بعض الشيء، وهُناك حالات مُتعددة للانحراف عن القبلة.
- فإذا كان الانحراف عنها بسيطًا فلا يوجد ضير من ذلك وتصح الصلاة.
- أما إذا كان الانحراف كبيرًا فتبطل الصلاة ويجب على المُصلي الإعادة عند التوصل إلى الاتجاه الصحيح لها
اقرأ أيضًا: أخطاء شائعة في الصلاة يقع فيها الكثيرون مع تصحيحها
تحويل اتجاه القبلة
هل كانت الكعبة هي القبلة الأولى للمُسلمين؟ أم أنه قد تم تغييرها؟ عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله يصلي وهو بمكة نحو المسجد الأقصى والكعبة بين يديه) رواه أحمد، يُبين الحديث أمرًا ما لا تعرفه عن اتجاه القبلة، وهو أن أول قبلة للمُسلمين كانت المسجد الأقصى.
فقد ظلت وجهة المسلمين لسنوات طويلة امتثالًا لما أمر الله به، وقد كان الرسول يرجو أن تتحول القبلة إلى الكعبة لأسباب عدة، أولها أنها الوجهة التي كان يستقبلها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- واختصاص المسلمون بقبلة دون غيرهم ممن سبقوهم من الأمم، إلا أنه لم يكُن ليُخالف أمر ربه، فكان يستقبل القبلتين معًا.
يُعد الأمر الذي أحزن الرسول بعدما هاجر إلى المدينة أنه لم يُكن يتمكن من استقبال القبلتين معًا، حتى أتاه سيدنا جبريل بالبُشرى، والتي تمثلت في تحويل القبلة إلى البيت الحرام، وذلك بنزول قوله تعالى: “فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره” (سورة البقرة: 144).
كما كان تحويل القبلة أمرًا يختبر به الله العباد؛ حيث تباينت ردود الأفعال بين التعجب من الفعل والتردد في تحويل القبلة، وبين غيرهم ممن يمتثلون لما أمر الله به ورسوله؛ فلم يترددوا لحظة في تحويل القبلة، لقوله تعالى: “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله” (سورة البقرة: 143).
الاجتهاد في تحديد اتجاه القبلة
مما لا تعرفه عن اتجاه القبلة أنه يجب عليك الاجتهاد في تحديدها إذا كُنت أهلًا لذلك، فإن تركها مع القُدرة على تحديدها يُبطل الصلاة، وهُناك العديد من طُرق تحديد القبلة التي تُحدد لك الاتجاه الصحيح لها.
هُناك بعض الحالات التي يصعب فيها الاجتهاد في تحديد القبلة؛ وذلك بأن يكون المُصلي في راحلة مُتنقلة على طريق سفر، فما اللازم حينها؟ في تلك الحالة يُمكن الصلاة دون السؤال أو تحديد القبلة، لفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك ويختص الحُكم بصلاة النافلة.
أما في حالة صلاة الفرض فلا بُد من الالتزام باتجاه القبلة؛ فإذا لم يستطع ذلك فينوي الجمع بين الصلوات إما جمع تقديم أو تأخير، وفي كلتا الحالات لا يلزم استقبال القبلة عينها بل يكفي الالتزام بجهة الكعبة.
اقرأ أيضًا: فضل الصلاة على النبي في استجابة الدعاء
كيفية تحديد اتجاه القبلة
هُناك العديد من الوسائل التي يُمكن من خلالها تحديد القبلة، فلم يُحدد الإسلام كيفية مُعينة؛ وهي من الأمور التي يُمكن الاجتهاد فيها؛ وفقًا لبعض المعايير والشروط المُعينة.
1- الاستدلال عليها من بالنجوم والكواكب
أجمع العُلماء على جواز الاستدلال على اتجاه القبلة من خلال الشمس أو القمر أو النجوم أو الكواكب، حيث إن كُل أمر يُحقق المطلوب “اتجاه القبلة” فهو مطلوب، وتتعدد الأدلة على ذلك.
- قال تعالى: “وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ” (سورة النحل: 16)
- قوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” (سورة الأنعام: 97)
- قال تعالى “هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” (سورة يونس: 5)
2- الاستدلال على القبلة بالعوامل الطبيعية
تتمثل العوامل الطبيعية المُستخدمة في تحديد القبلة في الرياح والأنهار، فما حُكم الاستدلال بهما؟ تُعد الرياح أحد العوامل التي يُمكن الرجوع إليها في تحديد اتجاه القبلة، ويُستدل على جوازها بإجماع العُلماء والمذاهب الأربعة على ذلك.
أما بالنسبة إلى الأنهار خاصةً الكبيرة منها، مثل: “نهر النيل والفرات”، فأجمع العُلماء على جواز الاستدلال بها أيضًا.
3- الاستدلال على القبلة بالأجهزة
هُناك العديد من الأجهزة والوسائل الحديثة التي يُمكن من خلالها الاستدلال على القبلة؛ فقد يكون ما لا تعرفه عن اتجاه القبلة هو جواز الاستدلال عليها بواسطة الأجهزة والتطبيقات التي تُتيح ذلك.
4- الاستدلال على القبلة بالسؤال
في حالة عدم القدرة على التوصل إلى اتجاه القبلة يُمكن الاستعانة بالسؤال والخبر؛ ويُشترط أن يكون المُجيب عدلًا مؤهلًا لتحديد اتجاه القبلة.
- عن ابنِ عُمرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهما-، قال: (بينما الناسُ بقُباءٍ في صلاةِ الصُّبحِ إذ جاءَهم آتٍ فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أُنزِلَ عليه اللَّيلةَ قرآنٌ، وقد أُمِر أن يَستقبلَ الكعبةَ فاستَقْبِلوها، وكانتْ وجوهُهم إلى الشامِ، فاستداروا إلى الكعبةِ).
- إجماع المذاهب الأربعة.
الحكمة من اتجاه القبلة
تُعد الكعبة هي الوجهة الوحيدة للصلاة، فما الحكمة من كونها كذلك؟ قال تعالى: “وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ” ويُعد السبب الرئيسي في استقبال الكعبة هو الامتثال لأوامر الله.. فهي من أسمى الوجهات التي جعلها الله لنا منجى، فنتوجه إليها لمُناجاته في الصلاة.
اقرأ أيضًا: كيفية الصلاة على النبي وفوائدها
ما حكم الخطأ في تحديد اتجاه القبلة؟
يُعد استقبال القبلة أحد الشروط الأساسية لصحة الصلاة، فيلزم كُل مُسلم أن يتحرى اتجاهها قبل البدء في الصلاة، والاجتهاد في ضبطها بدقة باستخدام أي وسيلة مُمكنة، فما الحكم إذا أخطأ المسلم في تحديد القبلة وصلى وفقًا لاجتهاده؟ اختلف العُلماء في المذاهب الأربعة في حكم ذلك.
1- الشافعية في تحديد اتجاه القبلة
إذا اجتهد المُصلي في اتجاه القبلة وصلى، فتبيّن أنه أخطأ فهُناك قولان، الأول: يلزم عليه الإعادة؛ نظرًا لتوافر الأدلة والعلامات التي تدل يقينًا على الخطأ.
أما الثاني: فلا يجب عليه الإعادة فهي من الأحكام الشرعية التي يُمكن الاجتهاد فيها، فلا يلزم عليه الإعادة، فهي جهة يجوز الصلاة باتجاهها؛ وذلك في حالة عدم التيقن من الاتجاه الصحيح.
أما إذا صلى وكان الاتجاه الصحيح للقبلة في جهة اليمين أو الشمال قليلًا، لا يلزم إعادة الصلاة؛ حيث إن الانحراف اليسير جهة اليمين أو الشمال لا خلاف في عدم نقضه للصلاة؛ فتكون الصلاة صحيحة.
2- رأي الحنفية في تحديد اتجاه القبلة
يجب أن يتحرى المُصلي اتجاه القبلة الصحيح فإذا علم بها أو لم يعلم؛ فتكون صلاته صحيحة، قال تعالى: “لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها”.. وقال: “فأينما تولوا فثم وجه الله”، فتكون أي جهة يتحرى عنها ويجتهد فيها قبلة.
إذا تغير رأي المُصلي في اتجاه القبلة بعد الدخول إلى الصلاة فيجب عليه التوجه نحوها إذا كانت العلامات ظاهرة.
3- الحنابلة في تحديد اتجاه القبلة
إذا صلى المُصلي باستقبال اتجاه القبلة الخاطئة وعلم بعدها الخطأ فلا يجب الإعادة، أما إذا صلى دون اجتهادٍ منه أو سؤال ذي علمٍ ثُم تبين خطأه فيجب عليه الإعادة.
4- رأي المالكية في تحديد اتجاه القبلة
في حالة استقبال القبلة وفقًا للاجتهاد، ثُم اتضح الخطأ فيما بعد.. فإذا كان التحري خاطئًا رغم دلالة العلامات على اتجاه القبلة الصحيح فيجب عليه إعادة الصلاة.
أما إذا لم تكُن العلامات ظاهرة فلا إعادة.
تتعدد الأحكام المُتعلقة بالصلاة؛ فهُناك أركان واجبة لا تصح الصلاة إلا بها، كاستقبال القبلة والوضوء.. وأخرى مُستحبة، ويجب على المُسلم الاطلاع على جميعها للإلمام بأركان فرائضه.