ما هي الآية التي ورد فيها اسم الذباب في سورة الحج؟ وما تفسيرها؟ يجب على كل مسلم معرفة إجابة كل تلك الأسئلة؛ فالهدف من سماع آيات القرآن أن نتدبرها ونأخذ منها العبرة، ونستلهم منها البلاغة، ونتأمل عظمة خلق الله ووصف كتابه وبلاغته، ومن خلال موقع سوبر بابا نتناول الحديث عن تلك الآية بسورة الحشر.
ما هي الآية التي ورد فيها اسم الذباب في سورة الحج؟
عندما يضرب الله عز وجل مثلًا في آيات القرآن يجب أن نعلم أن هذا المثل هو الأقرب لفهمنا وهو الأعظم من الناحية البلاغية، كذلك هو الأعمق في المعنى لمن يتدبرون القرآن.
قد ورد ذكر الذباب في سورة الرعد الآية 73 حيث قال جل في علاه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)} سورة الحج.
أولًا: القصد من الآية الكريمة
اسم الذباب في سورة الحج كان المقصد منه الحديث إلى الكفار الذين وما يعبدون من أوثان من حجر لا تضر ولا تنفع، ولو اجتمعت لك الأصنام ليخلقوا أي مخلوق من مخلوقات الله وحتى لو كانت ذبابة، فلن يستطيعوا لسوف يستحيل الأمر عليهم، وأن هذا الذباب لو دخل مع نزاع مع الأصنام التي يتخذونها آلهة فلن يستطيعوا هزيمته أو اللحاق به.
ثانيًا: التفسير اللغوي للآية
قد تحمل اللغة العربية الكثير من المعاني للفظ الواحد، كما جاء اسم الذباب في سورة الحج، لذلك تأتي أهمية تفسير القرآن لبيان المقصود منها بشكل أوضح وفهم مدلولاتها بشكل أعمق لما يقول الله عز وجل في كتابه الكريم.
- (يا أيها الناس جعل لله مثل): القصد من لفظ جعل أي ضرب، فيكون معنى الآية أن الله جعل تشبيهًا هامًا فانتبهوا له.
- (إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا): الذين تزعمون أنهم آلهة لا يقدرون على صناعة وإيجاد حشرة ضئيلة.
- (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا): لا يستطيع الآلهة التي تزعمونها أن تأخذ من أصغر الحشرات شيء.
- (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ): اختلف العلماء في التفسير اللغوي والاصطلاحي لتلك العبارة العظيمة، فرأي البعض الطالب يقصد بها الآلهة أما المطلوب فالمقصود بها الذباب، وقال بعض الفقهاء أن الطالب هو المشرك والمطلوب الحاجة التي يطلبها من صنمه.
اقرأ أيضًا: سورة الفاتحة للزواج من شخص معين
ثالثًا: الإعجاز بذكر حشرة الذباب بسورة الحج
تمكن البحث العلمي المعاصر من الوصول إلى سر من أسرار القرآن التي لا تعد ولا تحصى الموجودة في تلك الآية، حيث إن حشرة الذباب وإن تبدو ضئيلة جدًا وليس لها أهمية إلى أنها معقدة للغاية في تكامل السلسلة الغذائية على كوكب الأرض بالإضافة إلى دورها في تكاثر وتلقيح الكثير من النباتات.
تتميز الذبابة بتصميم هندسي بالغ الدقة صممه المصمم الأعظم لهذا الكون، فعندما حللها العلماء تحليلًا دقيقًا وجدوا أنه إذا وقف الذباب على الطعام فنجد أن هذا المشهد تافهًا ومتكررًا، لكن حقيقة الأمر أن هناك الكثير من العمليات البيولوجية والكيميائية التي تحدث في هذا المشهد الذي يبدو بسيطًا، حيث توصل العلماء بعد تشريح الذبابة وبعض الحشرات المشابهة أنه ليس لديها معدة.
من المعروف أن المعدة هي محور الجهاز الهضمي وهي الوعاء التي يتحلل فيه الغذاء عند معظم الكائنات الحية، فعندما درس العلماء حشرة الذباب وجدوا أنه إذا وقف على الفاكهة مثلاً يبدأ في إفراز بعض المواد الكيميائية التي جعل لها الله مصنعًا داخل جسمه الضئيل.
ليتمكن من امتصاص المواد الغذائية الكربوهيدراتية لتبدأ بعدها تلك المواد بالتحلل إلى مواد بسيطة التركيب لأن هذا المخلوق لا يملك جهازًا هضميًا، يقوم الذباب بعمل ما يسمى علميًا بالهضم الخارجي، حيث تفرز العصارات الهاضمة على المادة المستهدفة ثم تدخل إلى الأنبوب الهضمي ليدخل جزء منها مباشرة في الدورة الدموية.
لا تحدث مرحلة الهضم عند الذبابة بالشكل التقليدي الذي عليه حال معظم الكائنات الحية لتجعل الطعام يبقى في معدة الكائن لفترة حتى تفرز العصارات بالداخل ويمتصها الجسم، وعند التشريح المعملي للذباب لإخراج المادة التي أكلها فلن نجد شيئًا؛ لأن الغذاء على شكله الطبيعي لم يدخل المعدة أصلًا فسبحان من خلق فأبدع.
الجزء الآخر يتحول إلى طاقة حتى يستطيع الكائن أن يطير ويمارس دورة حياته، كما أن للذباب دور هام في تحلل الكثير من المواد العضوية ولو لم يكن موجودًا لأصبح هذا الكوكب في كارثة.
اقرأ أيضًا: 6 أسرار مؤكدة عن معاني سورة الفاتحة وسبب نزولها
حشرة الذباب في حديث الرسول
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:(إذا وَقَع الذُبابُ في إناءِ أحَدِكم فَليغمسُه كلَهُ، ثم ليطَرحهُ، فإنَ في أحَدِ جنَاحيهِ الداء، وفي الآخَرِ شفاء). رواه البخاري ولقد ورد هذا الحديث في حوالي خمسين رواية كلها صحيحة، لأن البعض من ضعاف الإيمان يشكل في ذلك الحديث لغرابة معناه ويغفل عن أن رسول الله ما ينطق عن الهوى.
لفت هذا الحديث نظر نخبة من العلماء المسلمين البحث العلمي في الجامعات الإسلامية لإثبات هذا الحديث علميًا، كما قاموا بإجراء الكثير من البحوث المعملية والتجارب الدقيقة بأحدث الوسائل العلمية، وتمكنت مجموعة من باحثي قسم الأحياء بكلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز، كذلك أبحاث في معامل جامعة القاهرة منذ عدة أعوام.
كانت أهم تلك التجارب تحت عنوان (تأثر السقوط والغمس للذبابة المنزلية على مدى تلوث الماء والأغذية بالميكروبات والجراثيم) تتم هذه التجربة ثلاث مرات على ماء مقطر عادي، وآخر على معدل حموضة (( Ph4 درجة التي تعادل درجة حموضة المعدة، وقد جاءت نتائجها كما يلي:
أعداد الميكروبات والجراثيم النامية، في الأوعية الخاصة بالماء الملوث، عن طريق غمس الذبابة كاملة بداخل الإناء فكانت أقل تلوثًا من الإناء الذي تم منه نزع الذبابة مباشرة بعد السقوط، وتم تسجيل تلك النتائج بعد تكرارها على متوسط عدد كبير جدًا حتى وصل في بعضها إلى 50 مرة، جاءت تلك النتائج مؤكدة لحديث أشرف الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام.
اقرأ أيضًا: مجربات سورة الواقعة للرزق
الدروس المستفادة من الآية
تعتبر تلك الآية التي ورد فيها اسم الذباب في سورة الحج معجزة لغوية وعلمية بكل المقاييس، حيث أعجزت المشركين عند سماعها ولم يستطيعوا الرد عليها لا بالقول ولا العمل، كذلك أثبتت للكثير ممن يتشككون في أمر الوثنية من المشركين أن الأصنام لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئًا حتى لنفسها.
- عدم الاستخفاف بأي مخلوق من مخلوقات الله، فقد يكون له دور كبير في حياتنا وعظمة كبيرة في خلقه ونحن لا نعلم.
- التأمل في جميع خلق الله مهما كانت ضآلته، لأنه قد يحمل الكثير من المعجزات والدلالات على حكمة الله.
- عدم الجدال في أمور الدين والنقاش حول منطقيتها، وأخذ الفقه من أهله لأن الله يعلم ما لا نعلم ولأنه على كل شيء قدير.
- العلم يقاس على القرآن وليس العكس، لأن العلم لم يكتشف الكثير من الإعجاز في القرآن وهذا لا يعني نفيها، وعدم العلم لا يعني العلم بالعدم.
- الرد على غير المؤمنين بالله بالمنطق والحكمة والعلم، دون التراشق بالألفاظ لأن هذا ليس من خلق الإسلام.
الأمثلة التي ضربها الله في القرآن الكريم تهدف إلى زيادة الوعي والمعرفة وحسن التأمل في خلق الله لاكتساب الحكمة والمنطق.